مرض بهجت (بالإنجليزية: Behçet disease)، أو داء بهجت أو متلازمة بهجت أو مرض طريق الحرير، هو أحد الأمراض أو المتلازمات النادرة التي تتمثل بحدوث حالة من الالتهاب في عدد من أجزاء الجسم وإن هذه الأعراض التي تظهر في عدد من أجزاء الجسم ما هي إلا نتاج الالتهاب الذي يحدث في الأوعية الدموية، والجدير بالعلم أنّ أكثر الأوعية الدموية تأثرًا بهذا المرض هي الأوعية الصغيرة التي توجد في الفم والجلد والعينين والأعضاء التناسلية،ويجدر العلم أنّ الأعراض التي تظهر على المصاب قد تكون غير مرتبطة ببعضها البعض في بداية الأمر،والجدير بالتوضيح أنّ مرض بهجت تظهر أعراضه على شكل نوبات، بمعنى أنّ المصاب يمرّ بفترات من سكون الأعراض وأخرى من اشتدادها وظهورها، وقد تكون الفترة الزمنية الفاصلة بين النوبة والأخرى عدة سنوات،وإنّ أغلب الأعراض الشديدة تظهر بعد مرور سنوات على بدء ظهور الأعراض الأولية للمرض، ومن الأخبار السارة للغاية أنّه بالرغم من شدة الأعراض التي يُسببها مرض بهجت؛ إلا أنّ الالتزام بالعلاجات التي يصفها الطبيب (والتي قد تستهدف الأعراض للتخفيف منها، أو المضاعفات للحد من تطورها، أو للسيطرة على المرض عامة) يمكن للمصاب أن يعيش حياة جيدة، إضافة إلى أهمية أخذ القسط الكافي من الراحة وممارسة الرياضة المناسبة، فبالعلاج الفعال والمناسب يمكن تقليل عدد مرات ظهور نوبات المرض، بمعنى زيادة فترات هدوء المرض وسكونه، لذلك نهيب بأهمية الالتزام بالعلاج الذي يصفه الطبيب وضرورة الالتزام بتعليماته.
ولمعرفة المزيد عن مرض بهجت يمكن قراءة المقال الآتي: (ما هو مرض بهجت).
حقيقة تختلف الأعراض التي تظهر في حالات الإصابة بمرض بهجت بين شخص وآخر، فبعض الحالات قد تكون فيها الأعراض بسيطة للغاية، وفي حالات أخرى قد تكون الأعراض شديدة جدًا، ويجدر العلم أنّ الأعراض والعلامات التي تظهر على المصابين عامة تعتمد على الجزء الذي تأثر بالمرض، ويمكن بيانها بشيء من التفصيل فيما يأتي:
عادة ما تكون القروح الفموية أول أعراض مرض بهجت ظهورًا، إذ يسبق ظهورها ظهور باقي الأعراض والعلامات، وتظهر القروح الفموية عادة في الحنك، واللهاة، والشفة، واللثة، واللوزتين، والغشاء المخاطي للفم، والحنك، وفي الغالب يتراوح حجم هذه القروح ما بين 1-20 مم، وقد تظهر على شكل قروح منفردة أو قد تظهر على شكل تجمع من القروح، وقد تكون عميقة أو سطحية، ولكنّها مؤلمة، وقد يكون شكلها دائريًا أو بيضويًا، وأمّا لونها فقد يكون أبيض أو بقاعدة صفراء اللون تتخللها دائرة حمراء، والجدير بالعلم أنّ أغلب هذه القروح تُشفى خلال عشرة إلى عشرين يومًا من ظهورها دون أن تترك ندبًا أو آثار. وأمّا بالنسبة للقروح التي تظهر على الأعضاء التناسلية والتي تنجم عن مرض بهجت؛ فهي أقل شيوعًا أو ظهورًا من القروح الفموية، ولكنّها تكون أكثر عمقًا وأكبر حجمًا من القروح الفموية، ومع هذا فهي عادةً ما تُشفى وتكوّن ندبات، وبالنسبة لموقع ظهور القروح التناسلية تفصيلًا فبالنسبة للإناث قد تظهر القروح في منطقة الفرج عامة ولا سيّما المهبل، وقد تُصيب عنق الرحم كذلك، وأمّا بالنسبة لظهور القروح التناسلية لدى الرجال فهي تكون في العادة على كيس الصفن، وفي حالات قليلة قد تظهر على الجزء العلوي من العضو الذكري.
تُعدّ الأعراض الجلدية من الأعراض الشائعة لمرض بهجت كذلك، وهي عادة ما تتمثل بظهور حبوب الشباب، وكذلك حالة تُعرف علميًا باسم الحمامى العقدية (بالإنجليزية: Erythema nodosum)، والحمامى العقدية ما هي إلى عقيدات على شكل عملة معدنية تُسبب الشعور بألم عند لمسها، أو قد تظهر قروح سطحية أو عميقة مؤلمة، ويمكن أن يستدل الطبيب المختص على الإصابة بمرض بهجت بمراقبة الأعراض الجلدية، ومن ذلك إجراؤه للاختبار المُسمّى اختبار باثرجي (بالإنجليزية: Pathergy test)؛ حيث يتمّ خدش الجلد أو إحداث ثقب صغير فيه؛ فإذا ظهرت قرحة أو ندبة فذلك يعني أن نتيجة اختبار باثرجي موجبة
قد يُسبب مرض بهجت التهابًا في العينين، ومن أعراض ذلك: الشعور بألم في العين، يُصاحبه حساسية العينين من الضوء، وتدميعهما، إلى جانب احمرارهما والشعور بزغللة في النظر، ومن المؤسف أنّ مرض بهجت قد يُسبب حالة من فقدان النظر في بعض الحالات، وذلك في الحالات الشديدة للغاية، وإنّ فقدان النظر أكثر شيوعًا بين دول الشرق الأوسط واليابان مقارنة بالولايات المتحدة الامريكية.
قد يؤثر مرض بهحت في المفاصل ويُحدث أعراضًا مشابهة لأعراض التهاب المفاصل (بالإنجليزية: Arthritis)، مثل انتفاخ المفاصل والشعور بألم فيها وحدوث تيبس فيها إضافة إلى الإحساس بدفئها، وإنّ أكثر المفاصل تأثرًا بمرض بهجت هي مفاصل الرسغين والركبتين والكاحلين، إضافة إلى المفاصل الصغيرة الموجودة في اليدين، ومن الجيد ذكره أنّ الأعراض التي ترتبط بالمفاصل نتيجة الإصابة بمرض بهجت يمكن السيطرة عليها بنجاح إضافة إلى أنّها أعراض مؤقتة الحدوث، وليست دائمة كما هو الحال عند الإصابة بالأمراض الأخرى.
من الممكن أن يُسبب مرض بهجت التهابًا في الأمعاء والمعدة، الأمر الذي يُسبب ظهور أعراض مرتبطة بالجهاز الهضميّ مثل عسر اهضم، وفقدان الشهية، والشعور بألم في البطن، إضافة إلى الغثيان والإسهال الدمويّ، وفي حال ظهور الدم في البراز فإنّ ذلك قد يكون علامة على حدوث تلف في البطانة الداخلية للأمعاء.
من الممكن أن يؤثر مرض بهجت في الأوعية الدموية الخاصة بالرئتين، ومن ذلك الحالة التي تُعرف بتمدد الأوعية الدموية أو أم الدم أو أنيوريسم (بالإنجليزية: Aneurysms)، وذلك نتيجة لتعرض الأوعية الدموية للالتهاب، وهذا ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى حدوث نزف رئوي شديد.
قد يؤثر مرض بهجت في الجهاز العصبي المركزي (بالإنجليزية: Central Nervous system)، فقد يُصيب هذا المرض المادة أو الجزء الأبيض من الدماغ وجذع الدماغ (بالإنجليزية: Brainstem)، الأمر الذي يُسبب ظهور العديد من الأعراض مثل الصداع والارتباك وحدوث تغيرات على مستوى الشخصية، وقد يصل الأمر إلى حد الإصابة بالجلطة الدماغية، وفي حالات نادرة يُسبب الخرف، هذا ويجدر العلم أنّ مرض بهجت قد يُصيب الطبقات المغلفة للدماغ والتي تُعرف بالسحايا، الأمر الذي يُسبب التهابًا فيها، ويُعرف باسم التهاب السحايا العقيم (بالإنجليزية: Aseptic meningitis)، والسبب وراء هذه التسمية يُعزى إلى أنّ التهاب السحايا في هذه الحالة لا علاقة له بأي ميكروب كما هو الحال في أغلب الأحيان.
يُسبب مرض بهجت حدوث التهاب في الأوعية الدموية، بما في ذلك الشرايين والأوردة، الأمر الذي يُسبب احمرارًا في الأطراف وشعورًا بالألم فيها، وربما انتفاخها،وحقيقة قد تُسبب التهاب الأوعية الدموية المرافق لمرض بهجت حدوث تجلطات دموية، وأكثرها شيوعًا ما يُعرف بالخثار الوريدي العميق أو الدوالي (بالإنجليزية: Deep vein thrombosis)، واختصارًا DVT، ويُعرّف الخثار الوريدي العميق بأنّه تكون خثرة دموية في أحد الأوردة العميقة في الجسم، وغالبًا ما يكون في الساقين، ومن الأعراض التي قد ترافق هذه الحالة: الشعور بألم وانتفاخ في أحد الساقين، إضافة إلى دفء المنطقة المتأثرة بالدوالي واحمرارها والشعور بثقل فيها، وغالبًا ما يكون ذلك في الجزء الخلفي من الساق أسفل الركبة، والواقع أنّ دوالي الساقين لا تُشكل بحدّ ذاتها حالة حرجة مُهددّة لحياة المصاب، ولكنّ الخثرة الدموية الموجودة في الساق قد تنتقل عبر الأوعية الدموية فتصل إلى الأوعية الخاصة بالرئتين مُحدثة حالة تُعرف باسم الانصمام الرئوي (بالإنجليزية: Pulmonary embolism)، والانصمام الرئوي من المشاكل الصحية الخطيرة حقًا، ومن أعراضها: ألم الصدر الذي يزداد سوءًا عند أخذ النفس وظهور الدم في السعال، وقد تظهر هذه المشكلة بشكل فجائي أو تدريجي.
وفي سياق الحديث عن الجلطات الدموية الناجمة عن مرض بهجت يُشار إلى احتمالية حدوث ما يُعرف بالخثار الوريديّ المخّي (بالإنجليزية: Cerebral venous thrombosis)، ولكنّه نادر الحدوث، ويُعرّف بتكون خثرة دموية في الوعاء الدموي الذي يمرّ عبر الجيوب الوريدية الجافوية (بالإنجليزية: Dural venous sinuses) أو جيوب الجافية، وتوجد هذه الجيوب بين الطبقات الخارجية والداخلية للدماغ، وقد تُسبب الخثرة الدموية هذه بزيادة الضغط في الدماغ واضطراب مجرى الدم إليه، ومن أعراض هذه الحالة: الصداع الشديد الذي يُعرف بصداع الرعد، حيث يشعر المصاب بألم خافق شديد في رأسه، ويظهر هذا الألم بشكل مفاجئ، ومن الأعراض الأخرى: التشنجات العصبية، وفقدان السمع في إحدى الأذنين، وتلعثم الكلام، والرؤية المزدوجة، إضافة إلى ظهور أعراض مشابهة لأعراض الجلطة الدماغية مثل ضعف العضلات أو شللها، ولكن يكون كلا طرفي الجسم متأثرًا، وليس كما في السكتة الدماغية حيث يتأثر طرف واحد فقط.
قد يُسبب التهاب الأوعية الدموية الناجم عن مرض بهجت حدوث انتفاخ أو تمدد في الأوعية الدموية ضمن الحالة التي تُعرف بأم الدم كما أسلفنا، ولفهم هذه الحالة بشكل أوضح يجدر بيان أنّ الالتهاب الحاصل في الوعاء الدموي قد يُحدث ضعفًا في جداره، وعليه فإنّه عند مرور الدم عبر الوعاء الدموي يزيد الضغط المُحدث على جدار الأوعية الدموية الضعيفة، الأمر الذي يُسبب انتفاخ الجدار إلى الخارج، وحقيقة لا يُسبب تمدد الوعاء الدموي في العادة أي أعراض أو علامات، ولكن في حال كان الضعف في الوعاء الدموي المتأثر شديدًا للغاية، فإنّ الوعاء الدموي قد ينفجر مُسببًا نزفًا داخليًا، إضافة إلى احتمالية المعاناة من فشل الأعضاء، وبالنسبة للأعراض التي تظهر في حال حدوث انفجار في الوعاء الدموي؛ فحقيقة تختلف بحسب الجزء الذي انفجر فيه الوعاء الدموي، وبشكل عام يمكن تلخيص الأعراض المحتملة ب: الصداع، وحدوث الارتباك الذهنيّ، وضيق في التنفس، وفقدان في الوعي.
من الشائع أيضًا أن يُعاني المصابون بمرض بهجت من أعراض عامة أخرى، ومن هذه الأعراض الشعور بتعب وإعياء شديدين على غير العادة، وقد يكون هذا الإعياء جسديًا أو فكريًا، ومن المؤسف أنّ ذلك قد يؤثر في قدرة الشخص على ممارسة الأنشطة المختلفة.
تجدر مراجعة الطبيب في حال ظهور أي عرض أو علامة غير طبيعية، وذلك بالنسبة للأشخاص الذين لم تُشخّص إصابتهم بمرض بهجت، أمّا بالنسبة للمصابين ببهجت فعليهم مراجعة الطبيب بين الحين والآخر ولا سيّما إذا ظهرت أعراض جديدة.
العربية
