تُعرّف الحساسية بأنّها ردّ فعل الجهاز المناعي عند التعرض لبعض المواد، وهي حالة صحية مزمنة تُرافق المصاب في الغالب طوال حياته، ولفهم الحساسية لا بُدّ من بيان أنّ الجهاز المناعي يلعب الدور الرئيس في حماية جسم الإنسان من أنواع العدوى المختلفة ومن الكائنات المُمرضة، وإذا أخطأ الجهاز المناعي فتعامل مع بعض المواد غير الضارة في الأصل على أنّها أجسام ممرضة فإنّه سرعان ما يُهاجمها، وذلك عن طريق إنتاج الأجسام المضادة التي تُعرف طبياً بالغلوبولين المناعي هـ (IgE)، وتكمن أهمية هذه الأجسام المضادة في تحفيز الخلايا لإفراز بعض المركبات الكيميائية بما فيها الهستامين (بالإنجليزية: Histamine)، وهذا ما يُسفر في نهاية المطاف عن حدوث التفاعل أو رد الفعل التحسسي، وفي الحقيقة تتراوح شدة الحساسية من حالات تُسبب الشعور بالانزعاج والاستياء إلى حالات قد تصل إلى مرحلة تهديد حياة المصاب، وإنّ التفاعل التحسسي الذي يُهدّد حياة المصاب يُعرف بصدمة الحساسية أو العوار (بالإنجليزية: anaphylaxis)، ومن الجدير بالذكر أنّ الأعراض التي تظهر على المصابين بالحساسية عادة ما ترتبط بالأنف، أو الحلق، أو الجيوب الأنفية، أو الرئتين، أو الجلد، أو الطبقة المُبطنة للمعدة.
وممّا يجدر التنويه إليه أنّ مناقشة الطبيب المختص حول الحساسية التي يُعاني منها المصاب أمر ضروري للغاية، وذلك لغرض وضع خطة علاجية ملائمة للتعامل مع الحالة، وممّا لا شكّ فيه أنّ تجنّب مُسبب الحساسية هو أفضل خيار وطريقة للتعامل مع حالات الحساسية كلها على اختلاف أنواعها.
في الحقيقة توجد عدة أنواع للحساسية، وتختلف هذه الأنواع فيما بينها بأمور عديدة، منها أنّ بعضها قد يقتصر ظهوره على فصول معينة أو أوقات محددة من العام، وبعضها الآخر قد يُرافق المصاب طوال العام، وفيما يأتي بيان أنواع الحساسية بشيء من التفصيل.
تُعرّف حساسية الدواء (بالإنجليزية: Drug Allergy) بأنّها الاستجابة غير الطبيعية للجهاز المناعي عند أخذ الدواء، وحقيقةً يمكن أن تظهر هذه الحساسية تجاه أي دواء، سواء كان يُباع بوصفة أو دون وصفة، أو حتى عند استخدام الأعشاب والمكملات الغذائية، ولكن توجد بعض الأدوية التي تُعدّ أكثر تسبباً بالحساسية مقارنة بغيرها، ويجدر التنويه إلى أنّ حساسية الدواء تختلف اختلافاً جذرياً عمّا يُعرف بالآثار الجانبية للدواء، وكذلك تختلف عمّا يُعرف بأعراض الجرعة الزائدة أو التسمم بالدواء، وعادة ما تتمثل أعراض حساسية الدواء بظهور الطفح الجلدي والإصابة بالحمى، وعلى الرغم من أنّ حساسية الدواء تظهر في الغالب عند أخذ الدواء لأول مرة، إلا أنّها قد تحتاج أن يأخذ الشخص المعني الدواء أكثر من مرة قبل حدوثها، ومن الجدير بالذكر أنّ الأشخاص جميعهم على اختلاف الفروقات بينهم عُرضة للمعاناة من حساسية الدواء، إلا أنّ هناك بعض العوامل التي تزيد هذه الفرصة، مثل: وجود تاريخ للإصابة بالحساسية مثل: حمى القش، أو حساسية تجاه أحد أنواع الأطعمة، أو وجود تاريخ عائلي للإصابة بحساسية الدواء، أو زيادة التعرض للدواء إمّا بسبب تناول جرعات عالية منه، وإمّا بسبب أخذه لفترة طويلة أو تناوله بشكل متكرر، أو المعاناة من بعض الأمراض أو المشاكل الصحية مثل: فيروس العوز المناعي البشري (بالإنجليزية: human immunodeficiency viruses).
وأمّا بالنسبة لأكثر الأدوية التي شاع تسببها بالحساسية فيمكن إجمالها فيما يأتي:
تتمثل حساسية الطعام (بالإنجليزية: Food Allergy) باستجابة الجهاز المناعي لبعض أنواع البروتينات الموجودة في الأطعمة بطريقة غير صحيحة، بمعنى أنّ الجهاز المناعيّ يتعامل مع هذه البروتينات على أنّها أجسام ممرضة كما يتعامل مع الفيروسات والبكتيريا، فسرعان ما يُنتج أجساماً مضادة تُهاجم هذا النوع من البروتينات، وكلما تناول الشخص الطعام المُسبب للحساسية فإنّ الأجسام المضادة تؤدي المهمة ذاتها، وتُحفز الجسم لإطلاق مركب الهيستامين وبعض المركبات الكيميائية الأخرى، والتي تُسفر في نهاية المطاف عن ظهور أعراض حساسية الطعام، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأعراض التي تظهر في حال المعاناة من حساسية الطعام تختلف من شخص إلى آخر، وقد تشمل: الشعور بوخز في الفم، والشعور بحرقة في الفم والشفتين، والطفح الجلدي، والغثيان، والإسهال، وسيلان الأنف، والشعور بحكة في الجلد، وممّا يجدر التنويه إليه أنّه في بعض الحالات قد يُسبب الطعام ما يُعرف بصدمة الحساسية سالفة الذكر، وقد تظهر الأعراض في مثل هذه الحالات مباشرة أو تحتاج لبضع ساعات لتظهر، ومنها: هبوط ضغط الدم بشكل مفاجئ، والغثيان، ومواجهة مشاكل في التنفس، وتسارع ضربات القلب، وربما فقدان الوعي، والتقيؤ، وأمّا بالنسبة لأكثر الأطعمة تسبباً بالحساسية فهي: البيض، والسمك، والحليب، والبندق واللوز والجوز، والفول السوداني، والمحار، والروبيان، وسرطان البحر، والقمح.
على الرغم من احتمالية إصابة أي شخص بحساسية الطعام، إلا أنّه توجد بعض العوامل التي تجعل الشخص أكثر عُرضة لها، ومن هذه العوامل ما يأتي:
على الرغم من وجود بعض الحشرات في البيوت والبنايات طيلة فصول العام، إلا أنّ فصل الصيف من المعروف أنّه أكثر الفصول الذي تنتشر فيه الحشرات، ولذلك ترتفع احتمالية حدوث حساسية الحشرات في هذا الفصل، والجدير بالذكر أنّه لا يتطلب الأمر لدغ أو لسعة الحشرة للإنسان لتُسبب له الحساسية، فقد يكون وجودها كفيلاً بتحفيز التفاعل التحسسي لدى مرضى الربو أو المصابين بأنواع أخرى من الحساسية، ويمكن بيان أنواع الحشرات المُسببة للحساسية فيما يأتي:
توجد مادة اللاتكس (بالإنجليزية: Latex) في بعض المنتجات مثل: القفازات وبعض المعدات الطبية، ولذلك فإنّ حساسية اللاتكس قد تكون شائعة بعض الشيء بين الأشخاص العاملين في المجال الطبي، وعلى الرغم من احتمالية معاناة أي شخص من حساسية اللاتكس، إلا أنّ بعض الفئات قد تكون أكثر عُرضة لها، مثل: الأشخاص الذين يُعانون من اضطراب في خلايا نخاع العظم، أو المصابين بالإكزيما أو الربو أو حساسية من نوع آخر، أو الذين يستعملون القسطر البولي المصنوع من اللاتكس، الذين يعانون من مشاكل في المثانة البولية أو المسالك البولية عامة، وأمّا بالنسبة لأنواع حساسية اللاتكس فيمكن إجمالها أدناه:
يُعتبر العفن أحد أنواع الفطريات، ويتكاثر العفن بالأبواغ التي تنتقل عن طريق الهواء، وإنّ استنشاق البعض للهواء المُحمل بالأبواغ قد يُسبب تفاعلاً تحسسياً، وعادة ما يظهر هذا النوع من الحساسية في نهاية تموز حتى بداية الخريف، ومن الممكن أن ينمو العفن داخل البيوت حيث تتوافر الرطوبة، ولذلك أكثر ما يُلاحظ في بيوت الخلاء والمطابخ، وعادة ما تتمثل أعراض حساسية العفن بالعطاس، واحتقان الأنف، وسيلانه، والشعور بحكة فيه.
يُعدّ الزغب الخاص بالحيوانات الجزء الناقل للمواد المُسببة للحساسية في الغالب، وعادة ما تكون هذه المواد قابلة للحمل عبر الهواء، بالإضافة إلى احتمالية التصاقها بالمفروشات والأثاث، الأمر الذي يجعل انتقالها إلى الإنسان سهلاً، وإنّ أكثر الحيوانات تسبباً بالحساسية القطط والكلاب الأليفة، وعادة ما تظهر أعراض الحساسية على شكل احمرار وحكة في العينين، بالإضافة إلى العطاس، ويمكن تفصيل حساسية القطط والكلاب فيما يأتي:
يوجد العديد من أنواع حبوب اللقاح، ولعلّ هذا ما يُفسر حساسية البعض عندما تُزهر الأشجار، بينما تظهر الحساسية عند البعض الآخر عندما تبدأ الأعشاب بالنمو، ومن الأمثلة على الأشجار التي تُسبب الحساسية: القَضْبَان أو التَّامُول، والأرز، والسنديان، ومن الأمثلة على الأعشاب المُسببة للحساسية: عشبة الرجيد، والدغل العشبي، والحَشيشة المُتدحْرِجَة.
تُعرف حساسية العيون أيضاً بالتهاب الملتحمة، وعادة ما تتمثل أعراضها باحمرار العينين، وتدميعهما، والشعور بحكة وحرقة فيهما، وفي بعض الحالات يمكن أن يحدث انتفاخ فيهما، ويجدر التنبيه إلى تشابه الأعراض التي تُرافق حالات حساسية العينين مع أعراض عدوى العنينين وبعض أمراض أومشاكل العين الأخرى، ولذلك تجدر مراجعة الطبيب المختص لتشخيص الحالة على الوجه الصحيح، وبشكل عام يمكن القول إنّ أعراض حساسية العينين تظهر نتيجة إفراز الجهاز المناعي لأجسام مضادة، وإنّ هذه الأجسام المضادة تُحفّز العينين لإنتاج الهيستامين وبعض المركبات الكيميائية الأخرى في الجسم، وحقيقةً قسم الباحثون حساسية العين إلى نوعين، الأول يُعرف بالحساسية الفصلية أو الموسمية، ومثل هذه الحساسية تحدث في العادة في بداية الربيع، أو خلال الصيف، أو في فصل الخريف، وأمّا النوع الثاني من الحساسية فيحدث على مدار السنة، ومثل هذه الحساسية تظهر عند التعرض لمُسبباتها كالغبار مثلاً، وعلى أية حال فإنّ المصاب في الغالب يستطيع تحديد المُسبب، وذلك بمراقبة تهيج الأعراض وهدوئها، ومن هنا يجدر تقديم النصيحة حول ضرورة تجنب المُحفّزات، والبقاء في المنزل في أوقات زيادة وجود المُهيّجات خارج المنزل، فضلاً عن ضرورة ارتداء النظارات الشمية أو الواقية عند الخروج منه، ويُنصح بتجنب فرك أو حكّ العينين، والاستعاضة عن ذلك باستخدام كمادات الماء الباردة بعض الشيء.
يُقصد بحساسية الجلد تهيّج الجلد نتيجة تحفيز الجهاز المناعي عند تعرضه لمُحفّز معين، ويمكن تصنيف أنواع حساسية الجلد كما يأتي:
يُطلق مصطلح الجيوب على التجاويف الفارغة في الجمجمة التي تقع خلف العينين، وفي الجبهة، وفي الخدّين، وإنّ هذه التجايف ترتبط بالأنف بأنابيب صغيرة كرؤوس الدبابيس، وإنّ دور الجيوب الأنفية يعتمد على موقعها في الجسم، فمثلاً تكمن أهمية الجيوب الأنفية في تدفئة وترطيب وتنقية الهواء الداخل إلى الأنف، ومن الممكن أن تتعرض الجيوب للانسداد أو الاحتقان، ومن المُسببات لذلك نزلات البرد ولحميات الأنف، والحساسية كذلك، وفي حال كانت الحساسية هي السبب الكامن وراء المعاناة من هذه المشكلة فإنّ الحالة تُعرف بالتهاب الأنف التحسسي (بالإنجليزية: Allergic Sinusitis)، وإنّ التهاب الأنف التحسسي قد يكون حاداً أو مزمناً، والفرق بينهما هو مدة الاستمرارية، فمثلاً تظهر أعراض التهاب الجيوب التحسسي الحاد لمدة لا تزيد عن ثلاثة أسابيع، في حين أنّ التهاب الجيوب التحسسي المزمن تظهر أعراض المعاناة منه لمدة تزيد عن ثلاثة أسابيع، ويمكن تفسير الرابط بين الحساسية والتهاب الجيوب بقولنا إنّ الحساسية تُسبب التهاباً مزمناً في الجيوب الأنفية، ولأنّ الجيوب الأنفية في الوضع الطبيعي تكون قادرة على مواجهة العدوى بما فيها البكتيرية، فإنّ إصابتها بالالتهاب تحول دون قدرتها على محاربة هذه العدوى، وهذا ما يؤدي في نهاية المطاف إلى المعاناة من التهاب الجيوب الأنفية البكتيري، فتظهر الأعراض.
ومن الأعراض والعلامات التي تدل على التهاب الجيوب التحسسي ما يأتي: