أنزل الله -تعالى- القرآن الكريم، وجعل فيه نوراً وهدىً للناس، إذ بيّن لهم الصراط المستقيم الذي أفلحوا إن التزموه، ثمّ حذّرهم أن يتركوا الكتاب الكريم زاهدين فيه راغبين إلى سواه؛ لأنّ في ذلك خسرانٌ لهم وندمٌ، وإنّ ممّا لا شكّ فيه أنّ تطبيق القرآن وفهمه لا يكون إلّا في دراسته، وتلاوته، والإقبال عليه، ولقد حثّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين على تعلّم القرآن الكريم وتدبّره، وذلك في العديد من المواضع، فقال في موضعٍ: (خيرُكم مَن تعلَّم القرآنَ وعلَّمه)، ومرّةً قال: (مثَلُ المؤمِنِ الَّذي يَقرَأُ القرآنَ كمَثَلِ الأُترُجَّةِ؛ رِيحُها طيِّبٌ وطَعمُها طيِّبٌ، ومثَلُ المؤمِنِ الَّذي لا يَقرَأُ القرآنَ كمَثَلِ التَّمرَةِ؛ لا رِيحَ لها وطَعمُها حُلوٌ)، وذلك ترغيباً للمسلم أن يتعلّم القرآن ويطبّقه في حياته، وإنّ لمن تعلّم القرآن وأقبل عليه أجوراً عظيمةً، منها
تعدّدت تعريفات علم التجويد عند العلماء؛ أحد هذه التعريفات أنّه تلاوة القرآن الكريم على حسب ما أنزله الله -تعالى- على نبيّه محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، بإخراج كلّ حرفٍ من مخرجه، وإعطائه صفةً من الصفات مكملاً من غير تكلّفٍ، ولا تعسّفٍ، ولا إفراطٍ، ولا تفريطٍ، ولا ارتكاب ما يخرجه عن القرآن الكريم، ولقد عدّ علماء الأمة تعلّم أحكام التجويد فرض عينٍ على كلّ مسلمٍ، فالله -تعالى- يقول :(وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا)،وصحابة نبيّ الله -صلّى الله عليه وسلّم- أخذوا هذا الأمر بقوّةٍ، فقد سمع ابن مسعود رجلاً يقرأ قول الله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ)، مرسلةً؛ أي دون أحكامٍ أو مدودٍ، فأنكر عليه ذلك بأن النبيّ -عليه السلام- لم يُقرؤها لهم هكذا، ثمّ أعادها له كما أقرأهم إيّاها رسول الله -عليه السلام- بالمدّ وباقي الأحكام، ولقد كان جبريل -عليه السلام- يدارس نبيّ الله القرآن في السنة مرّةً واحدةً، إلّا في السنة الأخيرة، فإنّه أقرأه إيّاه مرتين، كان يقرأ فيها النبي القرآن بأحكامه كاملةً لا يترك منها شيئاً، وهذا هو الوجه الصحيح لتلاوة القرآن.
ورد تعريف الميم الساكنة على أنّها الميم التي تأتي ساكنةً في الوصل والوقف، وذلك كما في كلمتي: الحمْد، قمْتم، وقد تأتي الميم الساكنة في الاسم والفعل والحرف، وفي وسط الكلمة أو متطرّفةً في آخرها، ولا تأتي الميم الساكنة قبل حروف المدّ الثلاثة، وذلك منعاً لالتقاء الساكنين، وأحكام الميم الساكنة كما فصّلها العلماء ثلاثة أحكامٍ؛ هي: الإخفاء الشفوي، والإظهار الشفوي، وإدغام المثلين الصغير، وفي ما يأتي بيان ذلك مع الأمثلة على كلٍّ منهم:
موسوعة موضوع