يقول الحافظ ابن حجر في فتح الباري: بأنه قد اشتهر السؤال عن الحكمة في عدم التصريح بذكر الدّجال في القرآن، مع ذُكر عنه في الشر، وعظم الفتنة به، وتحذير الأنبياء منه، والأمر بالاستعاذة منه حتى في الصلاة، وأجيب بأجوبةٍ عدة منها:
1. أنه ذكر في قوله تعالى:”يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ” الأنعام:158.
2. وقعت الإشارة في القرآن الكريم إلى نزول عيسى ابن مريم عليه السلام، ففي قوله تعالى:”يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ” النساء:159. وقد صحّ أنه المسيح عيسى عليه السلام هو الذي يقتل الدّجال، فاكتفي بذكر أحد الضدين عن الآخر ولكونه يُلقب بالمسيح عيسى، لكن المسيح الدّجال مسيحٌ الضلالة، وعيسى، هو مسيح الهدى.
فإن اعتُرض بأن القرآن ذكر فرعون، وهو قد ادّعى الربوبية والألوهيةِ، فلماذا لم يذكر لم يذكر المسيح الدّجال وهو ممّن ادّعى الربوبية والألوهية كذلك، فيقال: إن أمر فرعون انقضى وانتهى، وذُكر عبرة للناس وعظة، وأما أمر الدّجّال، فسيحدث في آخر الزمان، فترك ذكره امتحاناً به، مع أن ادعاءهُ الربوبية أظهر من يُنبّه على بطلانه؛ لأن الدّجال ظاهر النقص، واضح الذم، أحقر وأصغر من المقام الذي يدعه، فترك الله ذكره، لما يعلم تعالى من عباده المؤمنين، أن مثل هذا لا يُخيفهم ولا يزيدهم إلا إيماناً وتسليماً لله ورسوله، كما يقول الشاب الذي يقتله الدّجّال ويجيبهُ.
والحديث في البخاري:” والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم”.