إنّ الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، وتدلّ بدورها على عِظم الإسلام، ورعايته لشؤون معتنقيه؛ ففيها منفعةٌ للفقراء، وتقويةٌ للعلاقات بينهم وبين الأغنياء، ومن الجدير بالذكر أنّ الزكاة لا تكون إلّا في أربعة أصنافٍ، وهي: الذهب والفضة، والخارج من الأرض من الثمار والحبوب، وعروض التجارة، والسائمة من الأنعام، والزكاة تكون بعد أن بلوغ النصاب، وحولان الحول عليها، ونصاب الذهب عشرون مثقالاً؛ وهو ما يعادل اثنان وتسعون غراماً، ومقدار الزكاة فيها ربع العشر، ونصاب الخارج من الأرض من الحبوب والثمار خمسة أوسق؛ والوسق يساوي ستون صاعاً بصاع الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وهو ما يُقدّر بثلاثمئة صاعٍ نبويٍ؛ والصاع النبوي يُقدّر بأربع حفناتٍ بيدَي رجلٍ معتدل الخلقة، ويجب إخراج العشر من الزروع والثمار، إن كانت تسقى بغير كلفةٍ؛ كالتي تُسقى بمياه الأمطار، أو عيون المياه، أو الأنهار، بينما يجب نصف العشر في حال كانت تسقى بكلفةٍ؛ كالزروع التي تسقى بمياه السواقي، والآلات الرافعة، وغيرها.
ثمّة العديد من الفوائد المكتسبة من الزكاة، ومنها:
أجمع الفقهاء على وجوب زكاة الذهب والفضة في حال كانت نقوداً أو سبائك، ولكنّهم اختلفوا في وجوب الزكاة في حال كان الذهب والفضة حليّاً معدّة للزينة، ومن الجدير بالذكر أنّ الخلاف بين العلماء ينحصر في زكاة الحلي المصنوعة من الذهب أو الفضة المباحة شرعاً، والمعدّة للزينة، فلا بُدّ من النظر في ثلاثة نقاط أساسية في هذه المسألة، وهي:
فإذا كان الذهب مخصّصاً للزينة ومباحاً شرعاً، فهو داخل في خلاف الفقهاء، ويرجع السبب في الخلاف إلى عدم ورود دليل قطعي الثبوت والدلالة للفصل في مسألة زكاة الذهب المخصّص للزينة، وإنّما وردت بعض الأحاديث التي اختلف العلماء في ثبوتها، ودلالتها، بالإضافة إلى أنّ فريقاً من العلماء، وهم: الحنفية، وابن حزم الظاهري، وابن المنذر، والصنعاني، ومن المعاصرين: ابن باز، ابن عثيمين، واللجنة الدائمة للإفتاء؛ نظروا إلى الذهب المخصّص للزينة على أنّه المعدن الذي أمر الله -تعالى- بإخراج الزكاة عليه، فاعتبروه كالنقود والسبائك وأوجبوا الزكاة عليه، واستدلّوا على ذلك بالنصوص العامة الدالة على وجوب الزكاة على الذهب، ومنها قول الله تعالى: (وَالَّذينَ يَكنِزونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلا يُنفِقونَها في سَبيلِ اللَّهِ فَبَشِّرهُم بِعَذابٍ أَليمٍ)، بالإضافة إلى عدّة أحاديثٍ دلّت على وجوب زكاة الحلي، ومنها ما رُوي عن أم سلمة، حيث قالت: (كنتُ ألبَسُ أوضاحاً من ذَهبٍ، فقلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، أَكنزٌ هوَ؟ فقال: ما بلغَ أن تؤدَّى زَكاتُه فزُكِّيَ فليسَ بِكنزٍ)، ومنها ما رواه عبد الله بن عمرو أنّ امرأة دخلت على النبي -عليه الصلاة والسلام- وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لها: (أتُعطينَ زَكاةَ هذا؟ قالت: لا، قالَ: أيسرُّكِ أن يسوِّرَكِ اللَّهُ بهما يومَ القيامةِ سوارينِ من نارٍ)، وقال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع: (والآية عامّة في جميع الذهب والفضة، ولم تخصّص شيئاً دون شيء، فمن ادّعى خروج الحليّ المباح من هذا العموم فعليه الدليل)، بينما نظر جمهور العلماء من الحنابلة، والمالكية، والشافعية للذهب المعدّ للزينة على أنّه لا يشبه النقود؛ إذ إنّه محصورٌ في الاستخدام الشخصي والتزيّن، فأصبح كالثياب، والأثاث، وغيرها من الحاجات الشخصية التي لا زكاة عليها، وقالوا إنّ الأدلة العامة على وجوب الزكاة في الذهب والفضة إنّما هي للمضروب منه، ولا تشمل الحلي ، لأنّ لفظ: الرقة، أو الأواقي لا تطلق على الحليّ، بل على الذهب المضروب، وأمّا الأحاديث الواردة في وجوب الزكاة على الذهب المخصّص للزينة فيرون أنّها أحاديث ضعيفة، لا يُؤخذ بها، كما قال ابن الجوزي في كتاب التحقيق: (كلّها ضعاف)، وقال الترمذي في كتابه جامع الترمذي: (لا يصحّ في هذا الباب عن النبي -عليه الصلاة والسلام- شيءٌ).
موسوعة موضوع