ما هي غزوة الفرقان

الكاتب: علا حسن -
ما هي غزوة الفرقان.

ما هي غزوة الفرقان.

 

نبذةٌ عن غزوة الفُرقان

وقعت غزوة بدر الكُبرى التي تُعرَف بغزوة الفُرقان في السابع عشر من رمضان من العام الثاني للهجرة، ولم تكن غزوةً عاديّةً كسائر الغزوات في ذلك الزمن، بل كانت فُرقاناً بين الحقّ والباطل؛ بين الإيمان والكُفر؛ حيث التقى أهل الحقّ القِلّةُ المُستضعَفون بأتباع الكُفر والباطل؛ أصحاب المَنَعة، والقوّة الماديّة، وكثرة الرجال والعتاد، فأيّد الله -تعالى- أهل الحقّ بعد أن تعلّقت قلوبهم به بنصرٍ حاسمٍ قُسِم به ظهر الباطل وأهله، لتصبح بعدها غزوة الفُرقان عقيدةً، وشِعاراً، ودستوراً للنصر والهزيمة على مَرّ العصور تتناقله الأجيال في كلّ مكانٍ وزمانٍ؛ فقد خلّد الله -تعالى- ذِكرها في القرآن الكريم، فقال: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّـهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)،وعلى الرغم من عدم اهتمام القوى العُظمى في ذلك الزمان لحدثٍ بسيطٍ من وجهة نظرهم؛ إذ لم يُعِر الفُرس ولا الروم اهتماماً لمعركةٍ بلغ عدد جنودها ثلاثمئة جنديٍّ مقابل ألف جنديٍّ في بُقعةٍ لا تُكاد تُرى على خريطة العالم، إلّا أنّ غزوة بدر الكُبرى كانت بداية تحوُّلٍ في موازين القُوى في العالم؛ فقد كان النصر المُؤزَّر بداية ولادة أمّةٍ راسخةٍ ثابتةٍ ذات رسالةٍ خالدةٍ، تحمل هَمّ هداية العالم أجمع، وما هي إلّا سنين بعد المعركة حتى أصبحت أمّة الإسلام خير أمّةٍ أُخرِجت للناس؛ قال -تعالى- (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)

 

سبب تسمية الغزوة بالفرقان

سُمِّيت معركة بدر الكُبرى بغزوة الفُرقان؛ لأنّ الله -تعالى- فرّق بها بين الحقّ والباطل، وبين عهد الاستضعاف والصبر والمُصابرة على أذى المشركين، وعهد القوّة والانطلاق والدعوة إلى الله -تعالى- ونشر الحقّ، وقد أعطى الله -تعالى- هذه المعركة مكانةً عظيمةً؛ إذ سمّاها في القرآن الكريم بالفُرقان؛ لقَوْله -تعالى-: (وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّـهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللَّـهِ وَما أَنزَلنا عَلى عَبدِنا يَومَ الفُرقانِ يَومَ التَقَى الجَمعانِ وَاللَّـهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ).

 

عدد المسلمين والمشركين في غزوة الفرقان

لم يكن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ينوي قتال المشركين عندما خرج إلى موقع بدرٍ، إلّا أنّ الله -تعالى- قَدَّر اللقاء والقتال؛ لقوله -تعالى-: (إِذ أَنتُم بِالعُدوَةِ الدُّنيا وَهُم بِالعُدوَةِ القُصوى وَالرَّكبُ أَسفَلَ مِنكُم وَلَو تَواعَدتُم لَاختَلَفتُم فِي الميعادِ وَلـكِن لِيَقضِيَ اللَّـهُ أَمرًا كانَ مَفعولًاولذلك كان عدد المسلمين ثلاثمئة وخمسة مقاتلين، وكان ذلك أوّل خروجٍ للأنصار مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، أمّا المشركون فقد استعدّوا للقتال منذ البداية، وخرجوا بجيش قَوامه ألف مقاتلٍ،[٨] وقِيل إنّ عددهم كان بين التسعمئة والألف، إلّا أنّ الله -تعالى- قلّل أعدادهم في عيون المؤمنين؛ ليُثبّت قلوبهم، ويُقوّي عزائمهم؛ لقوله -تعالى-: (وَإِذ يُريكُموهُم إِذِ التَقَيتُم في أَعيُنِكُم قَليلًا وَيُقَلِّلُكُم في أَعيُنِهِم لِيَقضِيَ اللَّـهُ أَمرًا كانَ مَفعولًا وَإِلَى اللَّـهِ تُرجَعُ الأُمورُ)ورد عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال: (لقدِ قَلُّوا في أَعيُنِنا حتَّى قُلتُ لِرجلٍ إلى جَنبِي: أَتراهُم سَبعينَ؟ فقال: أَراهُمْ مِائَةً، حتَّى أَخذْنَا رَجلًا [مِنهُم] فَسألْنَاهُ فقالَ: كُنَّا أَلفًا

 

أحداث غزوة الفرقان

خروج المسلمين إلى أرض المعركة

بلغ رسولَ الله -صلّى الله عليه وسلّم- خبرُ تحرُّك قافلةٍ كبيرةٍ لقريش بقيادة أبي سفيان، وفيها أموالٌ عظيمةٌ، يحرسها ثلاثون أو أربعون مقاتلاً، فأرسل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- رجلاً من الصحابة يُدعى بسبس بن عمرو -رضي الله عنه-؛ لاستطلاع أمر القافلة، فلمّا رجع مُؤكّداً الخبر، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- للمسلمين: (هذه عيرُ قُريشٍ، فيها أموالُهم، فاخرُجوا إليها، لعلَّ اللهَ يُنفِلُكُموها)،وخرج -عليه الصلاة والسلام- بمَن تجهّز سريعاً من الصحابة -رضي الله عنهم-، فخرج معه مئة من المهاجرين، ومِئتان وبضعٌ من الأنصار، ولذلك لم يكن جيش المسلمين بكامل قوّته واستعداده، لا سيّما أنّهم خروجوا لأخذ القافلة لا لقتال قريش

الدروس والعِبر المُستفادة من غزوة الفُرقان

ضرب المسلمون في غزوة الفُرقان أروع الأمثلة في التضحية، والشجاعة، والطاعة، والجهاد في سبيل الله، وفيما يأتي بيان بعض الدروس والعِبر المستفادة من أحداث المعركة:

 

  • حُسْن التعامُل مع الظروف البيئيّة المُحيطة بأرض الغزوة؛ حيث اختار رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- موقعاً يخدم جيش المسلمين في القتال؛ بحيث تكون الشمس في ظهورهم، وفي عيون الكُفّار؛ فتؤثّر في رؤيتهم.
  • رَفع معنويّات الجنود في المعركة؛ فقد حَرِص رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على رَفْع الروح المعنوية لجنوده قبل المعركة؛ من خلال تبشيرهم بمَقتل زعماء الكُفر، وقوله حين انطلاق المعركة: (قُومُوا إلى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأرْضُ).
  • الإبداع والابتكار في الخطط العسكريّة؛ فقد ابتكر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في معركة بدر شكلاً جديداً للقتال لم يكن معروفاً عند العرب من قَبل؛ وهو القتال في صفوفٍ مُنظَّمةٍ.
  • مشاركة القائد آلام المعركة مع الجنود، ووقوفه في خندقهم؛ فقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقاتل الكفّار في أرض المعركة بنفسه، ولم يعزل نفسه عن الصحابة -رضي الله عنهم-، بل كان في الصفوف الأماميّة للقتال.
  • النصر من الله -تعالى-؛ فقد كانت غزوة الفُرقان درساً عبر الأجيال في بيان أنّ النصر من الله -تعالى-، وإن تأخّر النصر عن المسلمين في مكانٍ أو زمانٍ مُعيّنٍ فالسبب يكمن في عدم أَخْذهم بأسباب النصر.
شارك المقالة:
95 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook