شهر رمضان هو الشهر التاسع من السنة الهجرية، حيث يأتي بعد شهر شعبان، وقبل شوال، ويبلغ عدد أيامه تسعة وعشرين أو ثلاثين يوماً، وتجدر الإشارة إلى أنّ تسمية شهر رمضان بهذا الاسم ترجع إلى القرن الخامس الميلادي، حيث توحّدت أسماء الأشهر القمرية في الأراضي العربية، وكان ذلك في عهد كلاب جد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتمّ اشتقاق الأسماء من معاني دلت عليها، وسميّ شهر رمضان نسبة لشدة الرمض، وهو الحر، حيث يُقال رمضت الفصال أي عطشت، ومن الجدير بالذكر أنّ شهر رمضان من الأزمنة الفاضلة في الإسلام، وقد ميّزه الله -تعالى- على غيره من الأشهر بالعديد من الخصائص، حيث جعله شهر نزول القرآن الكريم، وقراءته وتدبّر آياته، مصداقاً لقول الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ).
ومن خصائص شهر رمضان أنّ الله -تعالى- فرض صيامه على جميع المسلمين بشروطه المعتبرة، كما كتبه على الأمم السابقة، وفي ذلك دليلٌ على أنّ الصوم عبادةٌ لا غنى للمؤمنين عنها؛ لما يترتب عليها من فوائد عظيمة مصداقاً لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، حيث إنّه شهر الرحمة والمغفرة، فقد رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (إِذا دخل رمضانُ فُتِّحت أبوابُ الجنَّة، وغُلّقَت أبوابُ جهنَّم وسُلسلت الشَّياطينُ)، كما إنّ الملائكة -عليهم السلام- يستغفرون للصائمين في رمضان، فقد رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (خُلوفُ فم الصائم أطيبُ عند الله من ريح المسك وتستغفرُ له الملائكةُ حتى يُفطر).
تعدّ فريضة الصوم من العبادات المحددة بوقتٍ معينٍ، وهو شهر رمضان من كل عام، لذلك ينبغي معرفة الأحكام المتعلقة بدخول الشهر وخروجه لتأدية العبادة على الوجه الصحيح، ومن الجدير بالذكر أنّ دخول شهر رمضان يثبت بأمرين؛ أولهما: رؤية هلال رمضان، فقد قال الله تعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ), ومصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (صُومُوا لرؤْيته وأفطرُوا لرُؤْيته)، ويكفي لإثبات رؤية الهلال شهادة مسلمٍ، عاقلٍ، بالغٍ، عدلٍ، موثوق بخبرته وأمانته.
وفي حال عدم رؤية الهلال يُلجأ إلى الوسيلة الثانية لثبوت دخول شهر رمضان، وهي تمام شهر شعبان ثلاثين يوماً، لأنّ غاية الشهر القمري ثلاثين يوماً، ويستحيل أن يزيد عن ذلك، مصداقاً لما رُوي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (الشَّهر هكذا وهكذا وهكذا يعني: ثلاثينَ ثُمَّ قال: وهكذا وهكذا وهكذا -يعني تسعاً وعشرِين- يقولُ: مرَّةً ثلاثين، ومرَّةً تسعا وعشرِين)، وبعد تمام شهر شعبان ثلاثين يوماً يثبت دخول شهر رمضان، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (صُوموا لرؤْيَته وأفطروا لرؤْيَته، فإن غُبِّي علَيكُم فأكملُوا عدَّة شعبان ثلاثين).
فرض الله -تعالى- على عباده صوم رمضان لما فيه من الفوائد والفضائل العظيمة، وفيما يأتي بيانٌ لبعض هذه الفوائد:
موسوعة موضوع