ما هي مراحل تحريم الخمر

الكاتب: مروى قويدر -
ما هي مراحل تحريم الخمر

ما هي مراحل تحريم الخمر.

 

 

تعريف الخَمْر:

 

إنّ للخَمْر عدّة معانٍ لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • تعریف الخَمْر لغةً: مفردھا خَمر، والجمع منھا خُمور، وھي ما خامَرَ العقل فغطّاه أو خالطه، وتأتي خامرَ بمعنى خالطَ؛ أي خالطَ السُّكْر العقل.
  • تعریف الخَمْر اصطلاحاً: ھي كلّ مادة مُسّكرة مُذھبة للعقل، سواء أكانت من ثمار النّخیل، أو من عصیر العنب أو غیرھا من المواد المُسّكرة، والمُسّكر: ھو المادة أو الشّراب التي تُذھب عقل صاحبها فیصبح سكران، وھو خلاف الإنسان العاقل.
  • حُكْم شرب الخَمْر: جاءت الشّریعة الإسلامیّة بتحریم الخَمْر، لِما جاء من أمر الله -تعالى- باجتنابھا، حيث قال:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، وأمْر الله -تعالى- باجتنابھا یفید تحریمها، كما أنّھا مُسّكرة، وكلّ مسّكر یُحرم تناوله؛ لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:(كلُّ مُسكِرٍ خَمرٌ، وَكُلُّ خَمرٍ حرامٌ).

 

مراحل تحريم الخَمْر:

 

الإسلام هو دين التّوحيد، الذي بُعث به محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- للعالمين؛ ليُنير به عقول البشريّة، وينزعهم من حبّ الشّهوات والملذّات إلى حبّ الله تعالى، وليميّزهم بالعقل عن البهائم وسائر المخلوقات، فجاء الإسلام ليُحرّم ويجبّ عن النّاس كلّ ما لا ينفعهم ويضرّ بهم، فكان شُرب الخَمْرِ من الخبائث التي تعلّقت بها أرواح الصّحابة -رضي الله عنهم- قبل الإسلام وفي بداية الدّعوة، وشاء الله -تعالى- أن ينزعَ حبّ الخَمْر من النّفوس رويداً رويداً؛ ليُغرس حبّ الله -تعالى- -حبّ الإسلام في القلوب عِوضاً عن حبّ الخَمْر، فحرّمها الله -تعالى- على عباده على مراحل تتقبّلها عقولهم، وتنصاع لها قلوبهم، وبيان تلك المراحل فيما يأتي:

  • المرحلة الأولى: جاء في المرحلة الأولى لتحريم الخَمْر بيانُ الله -عزّ وجلّ- في مُحكم آياته بأنّ شُرب الخَمْر إثم كبير، ولم يُصرّح الله -تعالى- بالتحريم المباشر لشُرب الخَمْر الذي اعتاده النّاس، وكان صعباً فراقهم لها والانتهاء عن شربها؛ لكونها الملاذ والفخر لشاربها، فقال الله تعالى : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ).
  • المرحلة الثّانية: بدأ الإسلام مرحلةً جديدةً باستبدال ما في قلوب النّاس من حبّ الخَمْرِ بحبّ الله -تعالى- وخشيته والتقرّب إليه في الصّلاة، فجاء النّهيُ للنّاس بعدم قُرب الصّلاة في حالة السُّكْر، حيث قال الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا)، فانتزع الله -تعالى- من نفوس الكثير من النّاس حبّ الخَمْر، فالتقرّب من خالقِهم أعظم وأسمى في نفوسهم من حُبّ ملذّاتهم و شهواتهم، حتى قال عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- مناجياً ربّه :(اللهمّ بيّن لنا في الخَمْر بياناً شافياً).
  • المرحلة الثّالثة: جاء تحريم الَمْر في المرحلة الأخيرة، فأمر الله -تعالى-عباده بالتجلّي عمّا يُسفّه عقولهم، ويدفعهم لدنِيّة ذواتهم، وبغض بعضهم البعض، ويصدّهم عن عبادتهم، فما بُعث الإسلام إلّا لرفعتهم، حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ)، فانصاعت النّفوس والقلوب لخالقها بالامتثال والتسّليم لأمره.

 

الحِكمة من تحريم الخَمْر:

 

إنّ من أعظم نِعم الله -تعالى- على الإنسان العقل؛ ليستدلّ به إلى طريق الهدى، ويجُبّ عنه طرق الشّهوات والمُلهيات، ولمّا أدرك وسواس الهوى العقل الذي هو هبة الخالق لعباده في استقامتهم وهدايتهم، فكان شُرب الخَمْر هو السّبيل لإضلال العباد، وصدّهم عن ذكر خالقهم، فسلب منهم أثمن الأوقات، ونشر العداوة والبغضاء بين القلوب، وصدّهم عن الغاية الأسمى التي خُلقوا من أجلها وهي إعمار الأرض، والانشغال بذكر الله تعالى، والتقرّب إليه بالصّلاة والصّيام والقيام، فجاء الإسلام ليحفظ العباد ويصون عقولهم، فحُرّم الخَمْر تدريجيّاً؛ رِفقاً بالنّاس، حيث قال الله تعالى(إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ).

 

عقوبة شُرْب الخَمْر:

 

اتّفق فقهاء الأمّة على وجوب الحدّ على شارب الخَمْر، لِما ورد من أدلّة صحيحة تدّل على تحريمه في القرآن الكريم والسنّة النبويّة، والحدّ في شُرب الخَمْر يكون بالجَلْد، إلّا أنّ الفقهاء اختلفوا في مقدار الجَلْد، فجاء عن عليّ بن أبي طالب رضي اللَّه عنه، أنّه قال: (جلدَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- في الخَمْرِ وأبو بَكرٍ أربعينَ، وَكمَّلَها عمرُ ثمانينَ وَكلٌّ سُنَّةٌ)، فذهب الإمام الشافعيّ إلى القول بأنّ حدّ الشّرْب مقداره 40 جَلْدة، وذهب الإمام مالك وأبو حنيفة إلى القول بأنّ مقدار حدّ الشّرْب 80 جَلْدة

شارك المقالة:
95 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook