لم يرد في فضل الذكر يوم عرفة نصٌ مخصوصٌ ومقطوعٌ بصحّته، ولكن رُوي عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيُّون مِن قَبلي: لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ له الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ)، ومعنى الحديث صحيح وإنْ لم يصحّ عند جميع المحدّثين، ولا شكّ أنّ يوم عرفة يومٌ عظيمٌ؛ فهو أكثر أيام السنّة التي يعتق الله بها عباده من النار؛ لذا يستحبّ للمسلم أن يُكثر فيه من الدعاء، ويجتهد في سؤال الله -سبحانه- الجنة، والتعوّذ بالله من النار، وسؤال العفو، فالله عفوٌ يحب العفو، كما يحسُن بالحاجّ أنْ يدعو لنفسه ولإخوانه المسلمين في هذا اليوم العظيم، ويلحّ على الله -سبحانه- بالمسألة، كما يستحبّ في هذا اليوم أنْ يثني المسلم والحاجّ على الله -تعالى- بما هو أهله، ويُكثر من الصلاة والسلام على النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فإنّ ذلك من أسباب الإجابة.
ومن الخير الذي يفعله الحاج أن يُكثر من التلبية، ويرفع بها صوته، وله أن يأتي بشتى أنواع الذكر والدعاء، فمرّةً يدعو، وأخرى يُهلّل، وتارةً يُكبّر، وتارةً يلبِّي، ومن حقّ والديه وأقاربه وشيوخه وأصحابه ومن أحسن إليه أنْ يدعو لهم ولسائر المسلمين، ويجوز له الدعاء منفرداً أو مع جماعة المسلمين، ويحرص على أنْ يكون حاضر القلب وصافي الذهن.
يستحبّ صيام يوم عرفة لغير الحاجّ، وقد ورد في الصحيح حثّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على اغتنام هذا اليوم بالأعمال الصالحة، ومن ذلك ما رواه أبا قتادة -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- سُئل عن صوم يوم عرفة؛ فقال: (يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ)، والعمل الصالح في يوم عرفة لا يقف عند حدود الصوم، بل يتعدّاه إلى الإكثار من الذكر والدعاء وعموم العمل الصالح.
ذهب أهل العلم إلى أنّ أول وقت الوقوف بعرفة يبدأ من طلوع فجر يوم التاسع من ذي الحجّة، ويستمر إلى طلوع الفجر من ليلة النحر؛ أي يمتدّ إلى فجر يوم العاشر من ذي الحجة، وذهب الإمام مالك والإمام الشافعي إلى أنّ أول وقته يبدأ من زوال الشمس من يوم عرفة، ويجزئ الحاج أنْ يأتي على صعيد عرفاتٍ قائماً أو جالساً أو راكباً أو نائماً.
موسوعة موضوع