جاء تسمية المغارة بـ«هرقل» بسبب الأساطير القديمة التي ارتبطت بالمكان، والتي أشارت أغلبها إلى أنها كانت مقرًا لهرقل، المشهور بمحاربة قراصنة البحر.
وتمتد سراديب المغارة الطويلة بمسافة 30 مترًا في باطن الأرض، وهي شاهدة على التقاء مياه البحر الأبيض المتوسط بمياه المحيط الأطلنطي في شمال المغرب، وتقع بالقرب من مضيق جبل طارق بمنطقة رأس سبارطيل.
وفي سنوات قبل الميلاد نحتت الطبيعة في مدينة طنجة نافذة على شكل القارة السمراء تطل على نظيرتها العجوز، وكانت فوهة تفصل إفريقيا عن إسبانيا بمسافة 14 كم، كما أنها تنتمي إلى مجموعة مغارات منطقة أشقار، التي كانت مأهولة بالسكان قبل أكثر من 5000 سنة قبل الميلاد.
يعود اكتشاف المغارة إلى عام 1906، فيما يرجع تاريخها إلى سنة 2500 قبل الميلاد، ورجح مؤرخون أن المكان كان مستغلًا كمعمل لصناعة كتل من الأحجار من الفترة الرومانية حتى العصر الحديث، ونُقل غالبيتها إلى منطقة ليكسوس بمدينة العرائش.
وصُنفت هذه المغارة ضمن قائمة التراث الوطني المغربي منذ فترة الاحتلال الفرنسي (1912 – 1956)، وهي تعد اليوم أحد أهم المغارات على الإطلاق في القارة الإفريقية، وأحد أكثر المعالم جذبًا للسياح في المغرب.
وللمغارة عدد من الأساطير المتداولة، ما جعلها مادة للحكي والسرد لإشباع شغف محبي المغامرات، فالأسطورة الأولى تقول إن القارة الإفريقية كانت متصلة بأوروبا، وفي لحظة غضب ضرب البطل الإغريقي الشهير هرقل الجبل خلال صراعه مع الوحش، لتنشق الأرض وتختلط مياه المتوسط بالأطلنطي، وتنفصل المنطقة التي تقع في نهاية إفريقيا عن بداية أوروبا.
وفي رواية أخرى لنفس الأسطورة، كان لأطلس بن نبتون (معبود في الميثولوجيا الإغريقية) ثلاث بنات يعشن داخل بستان يطرح تفاحًا ذهبيًا، ويحرسهن وحش معروف بهرقل، والذي زوج ابنه «سوفاكيس» بإحدى بنات خصمه نبتون، وأنجبا طفلة أطلقوا عليها اسم «طانجيس»، ومنها جاء اسم مدينة طنجة.
كان أطلس حسب التاريخ اليوناني حاكم الأرض الممتدة بين الجنوب والشمال، قبل أن ينتصر هرقل بفصل أوروبا عن إفريقيا.
بينما تمحورت الأسطورة الثانية حول الثقافة الإغريقية، فحسب سكان المدينة كان هرقل سجينًا في المغارة، وفي أحد الأيام قررالهروب من خلال ضرب الحائط، ليُحدث ثقبًا كبيرًا نتج عنه انفصال القارة الإفريقية عن نظيرتها الأوروبية.
تستقبل المغارة عددًا كبيرًا من السياح، فيكون أغلبهم من هواة الاستكشاف بغرض التعرف على تاريخ ذلك المعلم، بمن فيهم المغاربة أنفسهم، كما تمثل رمزًا ثقافيًا هامًا للمدينة، نتيجة تأكيدها على أهمية الحضارة التي عرفتها المنطقة خلال العصر الحجري الحديث.
وتُعتبر المغارة على الناحية الأخرى شاهدة على زيارات العديد من الشخصيات السياسية والفنية من مختلف بقاع الأرض، أبرزهم العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي يقضي عطلته باستمرار في قصره القريب من المغارة بمسافة أقل من كيلومتر واحد، فهو يداوم على زيارتها منذ أن كان وليًا للعهد، بحرصه على تسجيل حضوره مرتين أو 3 في السنة الواحدة.
كما يحرص الكاتب الأمريكي بول بولز، وهو صديق الروائي المغربي محمد شكري، على زيارة المغارة، إضافةً إلى رئيس الوزراء الإسباني السابق خوسيه لويس ثباتيرو، ووزير خارجيته ميجيل أنخيل موراتينوس.
يمكن للزائر التجول حول المغارة من الخارج ومشاهدة المنحوتات المتواجدة على الصخر، والتي تشبه في مظهرها خريطة القارة الإفريقية، بجانب الدخول إليها للاستمتاع بها، خاصةً وأنها تطل المغارة على أجمل المناظر الخلابة بين المحيط والبحر، م يسمح بالتقاط الصور التذكارية.
كما تتواجد المقاهي والكافيهات بالقرب من المغارة حال الفروغ من التجوال بداخلها، بجانب تناول وجبة خفيفة.
يُعتبر فندق دار طنجة، المُصنف بـ5 نجوم، من أروع فنادق مدينة طنجة بشكل عام، كما يبعد عن المغارة بمدة أقل من نصف الساعة حال استقلال السيارة، وجاء تفضيله من قِبَل النزلاء لنظافته وجودة الخدمات المقدمة، وأسلوب تعامل طاقم العمل.
كما يُعتبر فندق المنزه، الحائز على 3 نجوم، ثاني أقرب الفنادق إلى المغارة، فالوصول إليها منه لا يتعدى الـ40 دقيقة حال استقلال السيارة.
المغارة مفتوحة أمام الزوار طوال أيام الأسبوع، وتبدأ من التاسعة صباحًا حتى الثامنة مساءً بتوقيت المغرب.
يُعتبر دخول المغارة مجاني أمام الزوار، لكن ربما يتطلب الأمر دفع مبلغ رمزي، تبعًا لظروف الموسم السياحي.