مامعنى الإسراء والمعراج.

الكاتب: حنان حوشان -
مامعنى الإسراء والمعراج.

مامعنى الإسراء والمعراج.

 

 

رحلة الإسراء والمعراج

 
في بداية السّنة العاشرة للبعثة النبويّة بلغ الكرب برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أيّما مبلغٍ؛ فمكّة -بلده وأهله قد ضاقت عليه، وشعر أنّ أهلها لن ينفكّوا عنه، بل سيوجدوا كلّ جديد للتضييق عليه، وعلى دعوته، فخرج إلى الطّائف يدعوهم ويعرّفهم بالدّين الجديد، لكنّهم استقبلوه أسوء استقبالٍ؛ حين استهزؤوا به، وأرسلوا غلمانهم وأطفالهم خلفه يلقون عليه الحجارة، وقد كان وفاة عمّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وهو حاميه وداعمه أمام قريش من جهة، ووفاة زوجته المؤمنة المصدّقة له من أول يوم خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- من جهةٍ أخرى، كان لذلك عظيم الأثر في الضيق والهمّ الذي اعترى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وفي خضمّ كلّ هذه الظروف الصعبة التي أحاطت بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، كتب الله -تعالى- له أن يعيش رحلة الإسراء والمعراج؛ تنفيساً لكروبه، وذهاباً لهمومه، وتسليةً له، وإيناساً، وتذكيراً له أنّ الإنسان الداعية يواجه الصعوبات والعراقيل، لكنّ الله -تعالى- لا شكّ راضٍ عنه، ويحبّه، فإن ضاقت عليه الأرض وأهلها، فإنّ السّماء وأهلها ترحّب به، وتحبّه، وتشتاق إليه
 
 
 

المقصود بالإسراء والمعراج

 
يأتي معنى لفظي الإسراء والمعراج لغةً واصطلاحاً كما يأتي:
 
الإسراء لغةً: أسرى يُسري فهو مُسري، وتأتي بمعنى السّير ليلاً.
المعراج لغةً: هو المصعد والسلم.
الإسراء اصطلاحاً: هي الرحلة بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من مكّة المكرّمة إلى المسجد الأقصى في فلسطين ليلاً.
المعراج اصطلاحاً: هي الرحلة التي تبعت رحلة الإسراء، وكانت من بيت المقدس، إلى طبقات السماوات العلا.
فكانت رحلة الإسراء والمعراج أنّها انتقال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من مكّة إلى المسجد الأقصى، ثمّ عروجه إلى السّماء؛ وذلك تكريماً له، ورفعةً لماكنته، وتسليةً له عن الأحزان والمصائب التي واجهها في سنته تلك، وقد ورد شيءٌ من تفاصيل حادثة الإسراء والمعراج في القرآن الكريم في سورتي الإسراء والنّجم.]
 
 
 

أحداث رحلة الإسراء والمعراج

 
تعدّدت الأحداث التي عاشها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في رحلة الإسراء والمعراج، في الآتي ذكرٌ للقصّة بالتّرتيب الذي ذكره النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في حديثٍ طويلٍ له يصف ليلته تلك:
 
أتى آتٍ من الملائكة إلى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وهو نائمٌ فأيقظوه، ثمّ أخرجوا قلبه فغسلوه بماء زمزم، وطهّروه، وحشوه حكمة وإيماناً.
أُتي النبيّ بدابّة بيضاء هي البراق، أكبر من الحمار ودون البغل، فركبها، وهي تخطو الخطى السريعة، حيث تقع خطوتها أينما بلغ نظرها، فوصلت بهم إلى بيت المقدس، فربطها نبيّ الله عليه السلام، ونزل.
دخل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- المسجد الأقصى، فإذا بالأنبياء جميعهم موجودون، فصلّى بهم ركعتين.
خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأتاه جبريل يخيّره بقدحين فيهما خمر ولبن، فاختار النبيّ اللبن، فكان قد اختار الفطرة كما أخبره جبريل عليه السلام.
عرج نبيّ الله -صلّى الله عليه وسلّم- وجبريل إلى السماء، فاستفتحوا ففتح لهم آدم عليه السلام، مُرحّباً بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
استفتح جبريل السماء الثانية، ففتح لهم، فرأى النبيّ عيسى ويحيى عليهما السلام، فرحّبا به.
استفتح جبريل -عليه السلام- بعد ذلك كلّ سماء، فوجد النبيّ في الثالثة يوسف عليه السلام، وفي الرابعة إدريس عليه السلام، وفي الخامسة هارون عليه السلام، وفي السادسة موسى عليه السلام، ثمّ عرج به إلى السّابعة فإذا هو بإبراهيم عليه السلام، مُسنداً ظهره إلى البيت المعمور، وهو بيتٌ يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه.
وصل بعد ذلك رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى سدرة المنتهى، فتغيّر حالها عندما غشيها من أمر الله ما غشيها، فما أحدٌ يستطيع وصفها لجماله، وهناك فرض الله -تعالى- الصلوات الخمس، وقد فُرضت أوّل مرة خمسين، ثمّ خفّف الله -تعالى- على عباده حتى وصلت إلى خمسة فروض في اليوم والليلة.
 
 

دلالات من رحلة الإسراء والمعراج

 
كان لرحلة الإسراء والمعراج دلالاتٌ وعبرٌ عديدةٌ، منها:
 
ورد الربط بين المسجدين؛ المسجد الحرام والمسجد الأقصى؛ وذلك دلالةً على أهميّة المسجد الأقصى، ومكانته في الإسلام، فلا بدّ أن يشعر المسلمون بأهمّيّته، وقدسيّته فلا يفرّطوا فيه.
جاءت رحلة الإسراء والمعراج في وقتٍ كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فيه مهموماً، مكروباً وهو يدعو إلى الله تعالى، فكانت دلالة الرّحلة أنّ الداعي إلى الله الصابر المحتسب له جزيل الأجر والثواب من الله سبحانه؛ إذ إنّه لا يُضيع أجره، بل يجزله له، ويرفعه عنده.
دلّت صلاة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بالأنبياء مجتمعين في بيت المقدس، أنّ الرسالات السماويّة كلّها واحدة، تصبّ في غاية عظمى واحدة، وهي توحيد الله سبحانه، وأنّ الإسلام هو مكمّلٌ لتلك الأديان كلّها، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (والذي نفسُ محمدٍ بيده، لا يَسْمَعُ بي أحدٌ مِن هذه الأمةِ يهوديٌّ ولا نصرانيّ، ثمّ يموتُ ولم يُؤْمِنْ بالذي أُرْسِلْتُ به، إلّا كان مِن أصحابِ النارِ).
إنّ في فرض الصلوات الخمس في تلك الرّحلة العظيمة دلالةٌ على أهميّة الصّلاة ومكانتها؛ حيث فُرضت في السماء، حيث يسمع صريف الأقلام، وقد فرضت خمسين ثمّ خُفّفت إلى خمسة، فهي من أعظم الفرائض وهي عمود الدّين كما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
تضمّنت الرحلة تبشيراتٍ للمؤمنين وتحذيراتٍ كذلك، فإبراهيم -عليه السّلام- بعث بسلامه لأمّة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حين قابله، وأخبره بجمال الجنّة ونعيمها، وكذلك فإنّ النبي -عليه السّلام- رأى صنوفاً من العذاب أخبر عنها أمّته؛ حتى يبغضوا ما يوصل إليه من القبيح الفعل.
 
 
شارك المقالة:
111 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook