يعرّف مرض شاركوت المعروف أيضاً باسم قدم شاركوت، أو مفصل شاركوت، أو اعتلال شاركوت المفصلي العظمي العصبي، أو اعتلال شاركوت المفصلي، أو اعتلال شاركوت المفصلي العظمي، أو قدم شاركوت السكري على أنَّه إحدى المشاكل الصحيَّة المتمثِّلة بحدوث ضعف تدريجي في المفاصل والعظام، والأنسجة اللينة الموجودة في الكاحل أو القدم، وقد يعزى سبب تطوُّر هذه المشكلة إلى الإصابة بمرض السكري أو غيره من المشاكل العصبيَّة التي يرافقها تعرض القدمين للتلف العصبي أو اعتلال الأعصاب المحيطيَّة، بحيث يفقد المصاب القدرة على الشعور بالألم في قدمه وكاحله، وعليه فإنَّ قدم شاركوت أو مرض شاركوت يعدُّ من المضاعفات الشديدة لمرض السكري.
يهدف العلاج في حالات الإصابة بمرض شاركوت إلى منع حدوث كسور جديدة في القدم، وتخفيف الوزن على القدم المصابة، وعلاج مرض العظام، وغالباً ما تُستخدم ضمادة الجبس، ودواء بيسفوسفونات (بالإنجليزية: Bisphosphonates) لتحقيق ذلك، وفي بعض الأحيان تُستخدم أيضاً أنواع أخرى من المكملات، وهنا تكمن أهمية التشخيص والعلاج المبكر في منع حدوث المزيد من التلف والضرر، والمساعدة على تجنب التشوهات وغيرها من المضاعفات الأخرى المحتملة.
يعدُّ العلاج غير الجراحي الدعامة الأساسية التي يستند عليها العلاج الأولي لمرض شاركوت، وعليه يجب التنبيه إلى ضرورة اتباع الخطة العلاجية التي يضعها الطبيب لعلاج مرض شاركوت، فالفشل في ذلك قد يؤدي إلى حدوث عواقب وخيمة، كفقدان إصبع القدم، أو فقدان الساق، ومن الطرق العلاجية غير الجراحية المستخدمة لعلاج قدم شاركوت ما يأتي:
إنَّ المرحلة الأولى من الإصابة بمرض شاركوت تكون فيها القدم والكاحل المصابة بالمرض هشة، وهو ما يستدعي التركيز على حماية القدم، وتوفير ما يكفي من الوقت الذي يسمح بتعافي وترميم العظام اللينة، ولذلك من الممكن أن يستغرق تعافي العظام عدَّة شهور، بينما قد يأخذ وقتاً أطول عند بعض المرضى، لذا يُطلب من المصاب خلال فترة التعافي تجنب حمل الأوزان الثقيلة، بالإضافة إلى تجنب السير على القدم المصابة إلى أن يأذن الطبيب بغير ذلك، وقد تستخدم بعض الوسائل الطبية كالجبيرة، أو الحمَّالة، أو حذاء السلامة، أو الركيزة، أو الكرسي المتحرك لدعم تعافي القدم المصابة والمساعدة في شفاء العظم.
قد يصف الطبيب أنواع معينة من الأحذية الخاصة للمصابين بمرض شاركوت، إذ تكون هذه الأحذية ملائمة جدّاً لقدم المصاب، بحيث يتم ارتداؤها بعد إزالة الجبيرة عن القدم، والتأكد من تعافي العظام فيها، إذ تُمكِّن هذه الأحذية المصاب من ممارسة أنشطته اليوميَّة، كما تساهم في تخفيف بعض نقاط الضغط المؤثرة في القدم والتي قد تسبب ظهور التقرحات وتعرض القدم للإصابات، إلى جانب أنَّ ارتداء هذه الأحذية الخاصة يمنع تكرار الإصابة بقدم شاركوت، ويقي من احتمالية البتر، وقد يحتاج المصاب أيضاً إلى استخدام الحمَّالة أو الدعامة في بعض الحالات التي يرافقها حدوث تشوهات كبيرة في القدم، وإلى جانب ذلك من الممكن أن يقدِّم الطبيب المشورة والنصائح المختلفة حول أهمية تغيير بعض السلوكيات التي يتبعها المصاب، والتي يسفر عنها إلحاق مزيد من الأضرار بالقدم.
تزيد إصابة إحدى القدمين بمرض شاركوت من فرصة تعرض القدم الأخرى للإصابة بالمرض نفسه، لذا توجد العديد من التدابير التي يجب أخذها بعين الاعتبار لحماية كلتا القدمين من الأذى في حالات الإصابة بمرض شاركوت، وقد يتضمَّن ذلك تعديل مستوى النشاط الذي يمارسه المصاب.
إنَّ في بعض الحالات تكون التشوهات الناجمة عن مرض شاركوت شديدة بما يكفي لجعل الخيار الجراحي ضروريّاً لعلاج المصاب، ومن الخصائص التي تجعل الخيار الجراحي ضروريّاً لعلاج مرض شاركوت المفصلي ظهور البروز العظمي، والذي يصعب السيطرة عليه بالعلاج غير الجراحي، أو التعرض لخلع حاد في المفصل، أو الإصابة بتشوهات شديدة تجعل من المستحيل ملاءمة القدم للدعامة أو الأحذية، وعليه توجد أنواع مختلفة من التقنيات والعمليات الجراحية المستخدمة لعلاج اعتلال شاركوت المفصلي، والتي يعتمد اختيارها على تفضيل الطبيب لنوع الخيار الجراحي، وموقع المرض، والمعاناة مع الحالة المرضية، ومن أنواع الجراحات التي يمكن إجراؤها في حالات قدم شاركوت ما يأتي:
قد يرافق الإصابة بمرض شاركوت مع مرور الوقت حدوث بعض التغيرات في تركيبة عظم القدم، فمن الممكن أن تتحرك العظام من مكانها نتيجة التعرض للكسور المتكرِّرة أو الخلع، ويبدأ الجسم بتكوين مادة عظمية جديدة للتغلب على هذه المشكلة تظهر على شكل نتوءات عظمية تسمى البروزات، والتي يزيلها الطبيب في عملية جراحية تعرف باستئصال البروز العظمي، إذ تساهم هذه الجراحة في استعادة تساوي توزيع الوزن المؤثر في القدم، وتقليل فرصة التعرض لمشاكل وأخطار أخرى.
يعرف الوتر الأخيل بأنَّه ذلك الوتر الذي يربط عضلة الربلة أو بطة الرجل بعظم الكعب، والذي يكون مشدوداً جدّاً في بعض حالات الإصابة بقدم شاركوت، بحيث يتمكَّن المصاب من توجيه قدمه إلى الأسفل فقط، وهذا يعني عدم التمكُّن من وضع الكعب على الأرض أثناء المشي، وربما يتمكن المصاب من المشي في هذه الحالة على أصابع القدمين، أو بوضع الوزن على الجزء الأمامي من القدم أثناء الحركة، وفي مثل هذه الحالة يعدُّ الخيار الجراحي مطروحاً لحل هذه المشكلة متمثلاً بجراحة إطالة الوتر الأخيل، والتي يمكن تعريفها على أنَّها إحدى العمليات الجراحية المستخدمة لمدِّ أو إطالة الوتر الأخيل، والتي تسمح للمصاب بتوجيه قدمه للأعلى وتحريك الكاحل بحرِّية، كما وتمكِّن المصاب من المشي بينما تكون القدم مبسوطة على الأرض، وعند الانتهاء من هذه الجراحة يضع الطبيب جبيرة، أو يصف حذاءً داعمًا لقدم المريض يمكن إزالته، بحيث يرتديه المصاب لمدة تمتد من أسبوعين إلى ستة أسابيع بهدف تغطية القدم والجزء السفلي من الساق، وبعد انتهاء فترة استخدام الحذاء الداعم أو الجبيرة، يوصي الطبيب بارتداء حمالة الساق لعدة أسابيع أخرى أيضاً.
يوصي الطبيب بإجراء جراحة دمج أو لحم عظمتين أو أكثر في القدم بهدف تثبيت المفصل، ومنع حدوث المزيد من التلف والضرر في الحالات التي يسبب فيها تلف المفصل في القدم أو الكاحل عدم ثبات مزمن في القدم، بحيث تتحرك العظام عند تطبيق الوزن على القدم.
تتأثر إحدى القدمين بمرض شاركوت دون الأخرى في معظم الحالات، بينما يعاني بعض المصابين في حالات نادرة من تأثر كلتا القدمين بالمرض، وسواءً كان الضرر في إحدى القدمين أو كلتيهما، فإنَّ إهمال العلاج المبكر لمرض شاركوت مع الاستمرار في استخدام القدم المصابة والمشي عليها قد يؤدي في نهاية المطاف إلى بدء ظهور تشوهات في القدم، والعكس صحيح، فاتباع الخطة العلاجية المناسبة واستخدام الأحذية الواقية وتركيبات تقويم العظم، ومراجعة الطبيب باستمرار، والحرص على الحفاظ على معدل الجلوكوز ضمن معدله الطبيعي، والحد من الوقوف والمشي على القدم لممارسة الأنشطة اليومية، قد يساهم في تحسُّن حالة المصاب بقدم شاركوت مع مرور الوقت، ومن الجدير بالذكر أنَّ ذلك قد يستغرق وقتاً طويلاً قبل استقرار الحالة واستعادة قوة العظام الطبيعية، فربما يبدأ التحسُّن بعد مضي عدَّة شهور من الإصابة بالمشكلة وقد يصل في حالات أخرى إلى سنة أو أكثر، وبالرغم من صعوبة تحديد الموعد الذي تبدأ فيه الحالة الصحية للمصاب بالتحسُّن والاستقرار، إلا أنَّه يمكن الاعتماد على فكرة مقارنة درجة دفء الجلد في كلتا القدمين كونها الطريقة الوحيدة غالباً التي تدل على تحسُّن حالة المريض واستقرارها، إذ لا توجد اختبارات أو طرق أخرى يمكن استخدامها للتحقُّق من استقرار المرض.
وبينما تتعافى القدم المصابة يجدر بالمصاب فحص القدم الأخرى باستمرار للكشف عن وجود أية علامات للتلف أو الإجهاد، فاعتماد المصاب على استخدام القدم غير المصابة يجعلها عرضة للضغط بشكل أكبر أثناء تعافي القدم الأخرى، وبناءً على كمية الضرر الذي لحق بالقدم قد تبدأ بعض التغيرات في الشكل بالظهور، لذا يجب التواصل مع فريق الرعاية الصحية المعني في حالة ظهور أية علامات لوجود تلف في القدم، أو الحاجة لتوجيه تساؤلات حول كيفية العناية بالقدمين.
وعند استقرار مشكلة قدم شاركوت تُستبدل الجبيرة الثابتة بأخرى يمكن إزالتها، مع أهمية المتابعة مع الأخصائي مدى الحياة، بالإضافة إلى إمكانية ارتداء الأحذية مرة أخرى، وزيادة مدة ارتدائها يوميًّا في حالة عدم ملاحظة ظهور علامات للتدهور، وفي أثناء ذلك قد يعاني بعض المرضى من الانزعاج، بينما قد لا يشعر البعض بوجود أي ألم نظراً لحدوث التلف العصبي، ومن جانب آخر تجب الإشارة إلى احتمالية تكرار الإصابة بقدم شاركوت مرة أخرى، أو اشتعال أعراض المرض من جديد.