البتر Amputation هو عبارة عن إزالة جزء من طرف أو كامل الطرف من أطراف الجسم متضمنًا ذلك الجلد أيضًا، وتختلف أسباب ودواعي البتر وتتنوّع، فقد يحدث نتيجة للتعرّض لحادث ما، أو لهجوم أحد الحيوانات، أو غير ذلك، ممّا يؤدّي لتلف الطرف والقيام ببتره من خلال إجراء عمليّة جراحيّة، يقوم بها طبيب جرّاح مختصّ، أو قد يتم إجراؤه لمنع انتشار الغرغرينا التي تتنج عن بعض الأمراض التي تُضعف الدورة الدموية، كمرض السكّري، أو لمنع انتشار سرطان العظام، أو للحدّ من فقدان الدم في حال حدوث تلف شديد لا يمكن إصلاحه في أحد الأطراف، وعند إجراء البتر، يقوم الطبيب بقطع المنطقة المريضة أو المصابة بحيث يبقى جزء من الأنسجة السليمة لتبطين العظام، وقد يعتمد اختيار موقع قطع الطرف جزئيًا في بعض الأحيان على مدى ملاءمته لتركيبه مع طرف اصطناعي، وسيتم الحديث في هذا المقال عن معلومات تخصّ البتر، وأسبابه ودواعي اللجوء إليه.
يمكن تصنيف أنواع البتر عمومًا إلى نوعين، بتر الأطراف العلوية، وبتر الأطراف السفلية، وهناك عدّة مستويات للبتر، سواءً كان ذلك في الأطراف العلوية أو السفلية، ويتم تحديد تلك المستويات اعتمادًا على حالة الطرف وإمكانية تركيب طرف صناعي أيضًا، وفيما يأتي سيتم الحديث عن أنواع البتر بالتفصيل:
هناك العديد من مستويات بتر الأطراف العلوية، وكلّ منها يكون بطريقة مختلفة بهدف إعادة تأهيل المريض وشفائه من البتر، بالإضافة إلى إمكانية تركيب الأطراف الاصطناعية، وهناك عيادات متخصّصة لذلك، ويمكن أن يشمل هذا النوع بتر اليد الجزئي أو الكامل، بما في ذلك الآتي:
ينطوي ذلك أيضًا على مستويات تختلف من حالة لأخرى، فقد يتم بتر الساقين من الورك أو الركبة أو الكاحل أو القدم، ويمكن أن تختلف إعادة التأهيل بعد البتر بشكلٍ كبير اعتمادًا على نوع البتر الذي خضع له المريض، وبعدها يقوم أخصائيّوا العلاج الطبيعي بتقييم ومعالجة الأشخاص الذين تم بتر ساقهم أو أرجلهم، وتكون مستويات بتر الأطراف السفلية على الشكل الآتي:
تختلف أسباب ودواعي البتر من حالة إلى أخرى، حيث سيقوم الطبيب بتقييم حالة المريض، ودراسة إمكانية الإبقاء على الأجزاء التي يمكن أن تساعد في المستقبل على تركيب الأطراف الاصطناعية، وفيما يأتي سيتم التعرّف على الحالات التي يتم اللجوء فيها إلى البتر:
هناك بعض التحضيرات التي لا بدّ من إجرائها قبل الشروع بجراحة البتر، والتي غالبًا ما تكون مرتبطة بنفسية المريض، إذ يجب عليه، إن أمكن الأمر ولم تكن الحالة إسعافية، إجراء مناقشة مع كل فرد من أعضاء فريق الجراحة وإعادة التأهيل، ويجب أن يشمل هذا الفريق الجرّاح وأخصائي التخدير والمعالج الفيزيائي وأخصائي الأطراف الاصطناعية وأخصائي التأمين، كما يجب تزويد المريض بالمعلومات الكافية حول الأطراف الاصطناعية وإمكانية تركيبها في حالته، ويجب عليه أيضًا أن يطلب أن يناقش الجرّاح وأخصائي الأطراف سويًا، لمعرفة كيفية هيكلة البتر بهدف تحقيق أقصى قدر من نجاح تركيب الطرف الاصطناعي، على سبيل المثال، معرفة أفضل طول لبقايا الطرف والتقنية الجراحية، بالإضافة إلى تقنيات تقليل الوذمة بعد الجراحة التي يجب استخدامها، وفيما يأتي بعض الموضوعات الهامة التي يجب مناقشتها:
عندما يقرّر الطبيب القيام بعملية البتر، فيجب أن يسعى لتحقيق هدفين أساسيين، وكلاهما يعدّ حاسمًا لنجاح الإجراء، الهدف الأول، هو إزالة الجزء المصاب أو التالف من الطرف، والهدف الثاني هو إعادة ترميم الطرف المتبقي، ويجب عليه أن يعزز إعادة التئام الجروح الأولية أو الثانوية وكذلك إنشاء العضو الحسي والحركي الأمثل، ويعتمد نجاح كل عملية بتر على التوازن بين هذين الهدفين الرئيسين، ويجب على الطبيب الجرّاح أن يفهم المبادئ الجراحية، بالإضافة إلى جميع جوانب الشفاء وإعادة التأهيل ووظائف الأعضاء المتبقية وطبيعة بدائل الأطراف الاصطناعية.
كما يمكن إجراء جراحة البتر باستخدام البنج أو التخدير العام، حيث يكون المريض فاقدًا للوعي، أو باستخدام مخدّر فوق الجافية أو مخدر شوكي، وكلاهما يخدر النصف السفلي من الجسم، ويمكن للمريض اختيار نوع المخدر المُستخدم، وتنطوي معظم عمليات البتر على إزالة جزء من أحد الأطراف بدلاً من الطرف بأكمله، وبمجرد بتر جزء من الطرف، يمكن استخدام تقنيات إضافية للمساعدة في تحسين وظيفة الجزء المتبقي من الطرف وتقليل خطر حدوث مضاعفات بعد الجراحة، وتشمل تلك التقنيات تقصير وتنعيم العظام في الجزء المتبقي من الطرف بحيث يتم تغطيتها بما يكفي من الأنسجة الرخوة والعضلات، ويقوم الجرّاح بعد ذلك بربط العضلات بالعظام المتبقية للمساعدة في تقوية الجزء المتبقي، وبعد القيام بالبتر، سيتم غلق الجرح بغرز أو دبابيس جراحية، وسيتم تغطيته بضمادات مناسبة، ويمكن وضع أنبوب تحت الجلد لتصريف أي سوائل زائدة إلى خارج الجسم، ويجب إبقاء الضمادة بضعة أيام لتقليل خطر العدوى المحتملة.
بعد الانتهاء من جراحة البتر، عادةً ما يتم إعطاء المريض الأكسجين من خلال القناع المخصّص لذلك، وكذلك السوائل الوريدية في الأيام القليلة الأولى أثناء التعافي في المستشفى، وقد يتم وضع قسطرة بولية في المثانة أثناء الجراحة لتصريف البول، ممّا يعني أنّ المريض لن يحتاج إلى النهوض من السرير للذهاب إلى المرحاض في الأيام القليلة الأولى بعد العملية، وقد يتم إعطاؤه أدوات مخصّصة للتخلّص من البراز دون الحاجة إلى النهوض من السرير، وقد يكون موقع العملية مؤلمًا، لذا سيتم إعطاؤه مسكّنات للألم عند الضرورة، كما يمكن استخدام أنبوب صغير لإجراء التخدير الموضعي للأعصاب الموجودة في الطرف المبتور للمساعدة في تقليل الألم، بالإضافة إلى ذلك، سيقوم أخصائي العلاج الطبيعي بتعليم المريض بعض التمارين للمساعدة في منع تجلّط الدم وتحسين تدفق الدم أثناء التعافي من الجراحة في المستشفى.
كما سيتم إعطاء المريض ملابس ضاغطة بعد التئام الجرح بهدف تخفيف التورّم والوذمة التي يمكن ملاحظتها على الطرف المبتور بعد الجراحة، وقد يقلل ذلك أيضًا من الألم الوهمي، الذي يبدو أنّه يأتي من الطرف المفقود، وتساعد الملابس الضاغطة في دعم الطرف أيضًا، ويجب ارتداؤها كل يوم، ولكن يتم خلعها في وقت النوم، ويجب إعطاؤه لباسين على الأقل ويجب غسلهما بانتظام.
يتمثّل الهدف من إعادة التأهيل بعد البتر في مساعدة المريض على العودة إلى أعلى قدر ممكن من الوظائف والاستقلالية التي يمكن أن يتمتّع بها، مع تحسين نوعية الحياة بشكلٍ عام، على المستويات الجسدية والعاطفية والاجتماعية، ومن المهم التركيز على تشجيع وتعظيم قدرات المريض في المنزل وفي المجتمع، إذ يساعد التعزيز الإيجابي على التعافي بشكلٍ أمثل من خلال تحسين احترام الذات وتعزيز الاستقلال، ويعتمد نجاح إعادة التأهيل على العديد من المتغيّرات، بما في ذلك مستوى ونوع البتر، نوع ودرجة أي عاهات وإعاقات ناتجة عنه، الصحة العامة للمريض والدعم الأسريّ له، وللمساعدة في نجاح ذلك يمكن اللجوء إلى الأمور الآتية:
لا يلجأ الأطبّاء الجرّاحون إلى عملية البتر، إلّا عندما يكونون على يقينٍ تام من أنّ الفوائد المرجوّة منه أكثر بكثير من تلك التي سيتم الحصول عليها في حال لم يتم البتر، وترتبط فوائد البتر كثيرًا بالأسباب والدواعي التي تمّ ذكرها سابقًا، وفي الواقع قد يكون البتر الجراحي إجراءً منقذاً للحياة لأولئك الأشخاص المصابين الذين يعانون من فقدان الدم بشكل كبير أو الذين يكونون معرّضين للعدوى المهدّدة للحياة، على سبيل المثال، الأشخاص المصابين بالغرغرينا أو مرض السكّري، حيث قد يكون البتر هو الطريقة الوحيدة لمنع انتشار الغرغرينا، وللأشخاص الذين يعانون من أورام خبيثة في الأنسجة الرخوة أو العظام.
تعدّ جراحة البتر كباقي العمليات الجراحية، أي أنّها تنطوي على خطر حدوث مضاعفات عديدة، كما إنّها تنطوي على خطر حدوث مشاكل إضافية تتعلّق مباشرة بفقد أحد الأطراف، وإنّ خطر حدوث مضاعفات خطيرة أقل في عمليات البتر المخطّط لها مقارنة ببتر الطوارئ، وتشمل تلك المضاعفات ما يأتي:
يمكن تجنّب التعرّض لبتر الأطراف من خلال منع حدوث المسبّبات، ولا يمكن الوقاية من الحوادث المؤدّية للبتر والتي تحدث بشكلٍ مفاجئ إلّا باتّخاذ أساليب الحماية الخاصّة لكل موقف، ولكن يمكن تجنّب البتر الناتج عن التقرّحات التي تؤدّي إلى الغرغرينا، كالتي تنتج عن مرض السكّري أو التي تنتقل لها عدوى ما، حيث تتطوّر القرحة لدى 25٪ من مرضى السكري طوال حياتهم، وكلما بقيت القرحة مفتوحة ولم تلتئم، زادت احتمالية إصابتها بالعدوى، وغالبًا ما تؤدّي قرح القدم المعقدة بسبب العدوى إلى بتر الأطراف، وهناك مراكز متخصّصة للعناية بتلك القروح، ويكون المركز محتويًا على فريق من أطباء الأقدام الجراحيين وأخصائيي الأوعية الدموية، والذين قد تدرّبوا على إجراءات إنقاذ المرضى من عمليات البتر الرئيسة، ويسمح هذا الفريق المتخصّص بتقديم آراء سريعة عن الأوعية الدموية والبدنية فيما يتعلق بعلاج العدوى، والاستجابة لحالات الطوارئ.
قد يتمكّن بعض الأشخاص من تركيب أطراف صناعية, إذ إنّها لا تكون مناسبة لكل من خضع لبتر بسبب الحاجة إلى برنامج كبير من العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل، كما ويتطلّب التكيّف مع الحياة باستخدام أحد الأطراف الصناعية قدرًا كبيرًا من الطاقة لأنّه يجب تعويض فقدان العضلات والعظام في الطرف المبتور، ويعد ذلك هو السبب في أنّ الأشخاص الضعفاء أو أولئك الذين يعانون من حالة صحية خطيرة كأمراض القلب، قد لا يناسبها الطرف صناعي، فإذا كان قادرًا على الحصول على طرف اصطناعي، فسيعتمد نوع الطرف الموصى به له على الأمور الآتية:
عادةً ما يكون التأثير النفسي لبتر أحد الأطراف، ويشير العديد من الأشخاص الذين عانوا من ذلك إلى العواطف مثل الحزن والاكتئاب والقلق والتوتّر والميول للانتحار، وبالتالي، فإنّ التعامل مع التأثير النفسي لعملية البتر لا يقلّ أهميةً عن التعامل مع المتطلبات الجسدية، وتعدّ الأفكار والمشاعر السلبية شائعة بعد البتر، وينطبق هذا بشكل خاصّ على الأشخاص الذين خضعوا لبتر مفاجئ لأنّهم ليس لديهم الوقت للاستعداد النفسي لذلك، وتعود أسباب التأثير النفسي الكبير لما يأتي: