إنَّ تربية الولد والبنت من المهام الصعبة على الوالدين، ولكنَّ فَهم الاختلاف بين الجنسين من حيث طريقة التفكير، والاختيارات، والتعامل مع المواقف سيُمكّن الأهل من تربيتهم على أحسن وجه، وسيساهم في منح المجتمع أفراداً يتمتّعون بشخصيّات مستقلّة وقويّة، كما سيجنّب الأهل الوقوع في أحد الأخطاء الشائعة وهي تربية الولد والبنت بنفس الطريقة، وذلك لأن الأساليب المتبعة عند تربية البنت لن تحقق النتائج نفسها على الولد والعكس صحيح، ولكن رغم هذا الاختلاف، يجب أن يحظى كلاهما بمقدارٍ متساوٍ من الرعاية والحب والاهتمام.
تُشيرُ الدراسات إلى أنّ البنات يبدأنَّ بالكلام بصورة مُبكّرة مقارنةً بالأولاد، كما أنّهنّ أسرع في اكتساب المهارات اللفظيّة؛ مما يفسر ميل البنات للحديث والتعبير أكثر من الأولاد، ولا يجب أن يشكّل هذا الأمر قلقاً بالنسبة إلى الأهل الذين يشعرون أنّ طفلهم الولد قد تأخّر في الكلام، أو يعاني من مشاكل لفظيّة، فالولد بطبيعته يميل ومنذ مراحل حياته الأولى إلى الإنخراط في الأفعال، وممارسة الأنشطة الحركية أكثر من الكلام، كما أنه يتعلم من خلال اللعب والحركة، ولمساعدة الطفل الولد على اكتساب المهارات اللفظيّة، والتكلّم بشكلٍ أسرع، يجب أن يحرص الوالدين على التواصل اللَّفظي مع الولد بانتظام وبشكل مستمر، بالإضافة إلى تكرار الكلمات على مسمعه دائماً لتشجيعه على الكلام.
ومن ناحية أخرى، فإنّ الأولاد يتكلّمون بمعدّل كلمات أقل مرتين إلى ثلاث مرات من البنات يومياً، أما البنات فبالإضافة إلى عدد الكلمات فإنّهن يتكلمنَ بشكلٍ أسرع من الأولاد، وللتعامل مع هذا الفارق؛ يجب على الوالدين التحدّث بشكل هادئ وبطيء مع الولد ولكن دون المبالغة في البُطء؛ كالتوقف بعد كل كلمة، أما بالنسبة للبنت فيجب مجاراتها في السرعة بما يتناسب مع قدرتها على الكلام.
تشير العديد من الدراسات إلى أنّ البنات هنَّ أكثر اهتماماً بمشاعر الآخرين، وأكثر قدرة على فهم هذه المشاعر من خلال تعابير الوجه، وأنهنًّ أكثر تأثّراً بتعبيرات الوجه الغاضبة والمخيفة من الأولاد الذين قد لا يبدون أي اهتمام بمثل هذه التعبيرات حتى في مرحلة الطفولة المبكرة، كما وأظهرت إحدى الدراسات أنّ الأطفال الإناث يملن إلى التواصل البصري مع الأشخاص عند التحدث معهم، على عكس الأولاد الذين يتجنبون ذلك ويفضلون التحديق في هواتفهم الخلوية عند التحدث مع الآخرين.
من ناحية أخرى، فإنّ البنات يملن أكثر من الأولاد إلى التعبير عن مشاعرهن بالتحدّث عنها ومناقشتها، بينما يعبر الأولاد عن مشاعرهم من خلال سلوكات جسدية مختلفة مثل الصراخ، أو ضرب الأرض بأقدامهم، ولكن هذا الإختلاف بالمشاعر وطرق التعبير عنها لا يعني أنّ إحساس الأولاد بالمشاعر أقل، لذا يجب الحرص على تعليم الولد كيفية التعبير عن مشاعره والحديث عنها.
في بحث أجراه عالم النفس البريطاني سيمون بارون-كوّين تبين أنَّ العدوانية موجودة عند الأولاد والبنات على حد سواء، لكن التعبير عنها عند البنات لا يكون مباشرًا وجسدياً كما هو الحال عند الأولاد، إذ تميل الفتيات للتعبير عن العدوانية بطرق غير مؤذية مثل الثرثرة، وتجنب التواصل الإجتماعي، والتوقف عن الكلام مع الآخرين، أما العدوانية عند الأولاد فتظهر بشكلٍ جسديّ مثل العراك.
ويؤكّد العلم أنّ كيميائية دماغ الذكر تجعله أكثر ميلاً للمشاكسة والعنف مقارنة بدماغ الأنثى وأظهرت دراسة كندية أن هذا الاختلاف في السلوك الجسديّ والحركيّ بين الجنسين يبدأ والطفل لا يزال جنيناً، حيث تكون حركة الولد أكثر من حركة البنت في رحم الأم، ويستمر الأمر إلى ما بعد الولادة، حيث تفضل البنت اللعب الهادئ مع الدمى والبقاء في المنزل على الخروج وممارسة الأنشطة الحركية، وهذا من شأنه إعاقة عملية النمو ويعزز الخمول لذا فإنّه يجب تشجيع البنات على الخروج إلى اللعب وإشراكهنّ في الأنشطة الرياضيّة المختلفة.
بناء احترام الذات وتعزيز الثقة بالنفس من الأمور المهمة جداً والتي يجب على الوالدين مراعاتها عند تربية البنات والأولاد؛ ويكون ذلك من خلال التركيز على السلوك الجيّد والإطراء عليه، وتشجيعهم عند شعورهم بالتقصير تجاه أمر ما، بالإضافة إلى الابتعاد عن أي طريقة للانتقاد الساخر الذي قد يؤدّي إلى جرحهم أو إشعارهم بقلّة أهمّيتهم، وهذا التعامل الداعم والمُحبّ من شأنه أن يحدد طريقة تعامل الابناء مع مختلف مواقف الحياة بعيداً عن بيئة المنزل المعتادين عليها.
بالنسبة إلى عمليّة التعلّم، فهناك فروقات بين الولد والبنت، إذ إنّ عمليّة تعليم الأولاد تبدو أكثر صعوبة نظراً إلى أنّهم يشعرون بالملل بشكل أسرع، ويميلون إلى الحركة وعدم الهدوء، كما أنهم يفضّلون التعلّم في بيئة صاخبة، ونَشِطة، والتي تحتوي بعض الوسائل البصريّة والحركيّة، بينما تفضّل الفتيات الدراسة في بيئة هادئة؛ مما يمكّنهنّ من الكتابة، والقراءة، والتعلّم بشكلٍ أسرع؛ لذلك يحتاج الولد عادةً إلى المزيد من التدريب العملي والاهتمام أثناء عملية التعليم.
بالرغم من ذلك، يتمتّع الأولاد بمهارات مكانيّة أفضل من البنات، وقدرة أعلى في التعامل مع المسافات، والأحجام، والقياسات، وتشير بعض الدراسات إلى أن هذا الاختلاف يبدأ بالظهور في سنّ مبكرة من حياة الطفل، إذ يمكن للولد بعمر 3-5 سنوات أن يكون قادراً على تصوّر كيف ستبدو الأشياء عندما تتغيّر وضعيتها أو يتم تدويرها، بينما لا يمكن للبنت في نفس العمر تخيّل ذلك،ومن أجل تعزيز مهارات البنت المكانيّة؛ يمكن ممارسة رياضة كرة القدم معها، وإعطاؤها بعض ألعاب البناء أو التركيب، ثم في المراحل العمرية التالية يمكن توجيهها نحو الألعاب التي تعتمد التركز على هدف أو شيء معين.
من الفروقات الأخرى بين الولد والبنت التي يجب مراعاتها عند التربية:
من النصائح التي تساعد على تربية الولد والبنت بشكلٍ أفضل، ما يأتي: