تُؤثّر البيئة على السلوك البشري وتوفر السياق الذي يتم فيه تنفيذ جميع الأدوار المهنية. حيث يُنظر إلى البيئة على نطاق واسع في الأطر والنماذج البارزة التي توجه ممارسة العلاج المهني (على سبيل المثال، جمعية العلاج المهني الأمريكية). حيث يتفق معظم المؤلفين على أن البيئة لها أبعاد مادية واجتماعية وثقافية ومؤسسية وزمنية يمكن أن تُؤثّر على الأداء والانخراط في المهن على المستوى الشخصي والمجتمعي والاجتماعي.
من الأمور المركزية لنماذج الممارسة هذه المفاهيم القائلة بأن الحواجز البيئية أو العوائق التي تحول دون الأداء المهني للأشخاص ذوي الإعاقة يمكن تعديلها أو إزالتها بسهولة أكبر من معظم التأثيرات السلبية الأخرى والدعم أو العوامل البيئية تعزز المشاركة المثلى في المهن.
ما يجعل تقييم العلاج المهني فريدًا، مقارنةً بالتخصصات الأخرى هو تحليل العلاقة بين الشخص والبيئة والمهنة ((person environment occupational(PEO) ومستوى التطابق في هذه العلاقة أو PEO لأنه يُؤثّر على الأداء المهني. كلَّما كان PEO أفضل، كان الأداء المهني أفضل.
كثيراً ما يُطلب من المعالجين المهنيين تحديد درجة التطابق بين الأشخاص ذوي الإعاقة والمهن والأدوار التي يختارونها والبيئات المختلفة التي يعيشون ويعملون ويلعبون فيها. وبالتالي، فإن تقييم سياق الأداء هو خطوة مهمة للغاية في عملية تقييم العلاج المهني. وفقًا لنموذج الوظيفة المهنية، حيث يقوم المعالج بتقييم ما إذا كانت البيئة تمكن أو تعيق الأداء المهني ويمكن أن توجه نتائج التقييم هذه المعالج لتطوير استراتيجيات لإزالة أو تخفيف الحواجز واستخدام الموارد والدعم لتحسين الأداء المهني. لتقييم البيئة وعلاقة PEO، يجب على المعالج:
توفر البيئة سياق الأداء المهني. وبالتالي، يجب أن يتضمن تقييم سماته أيضًا معلومات حول أولئك الذين سيستخدمون البيئة والوظائف التي سيؤدونها هناك. في ممارسة العلاج الوظيفي، من المهم أن تبدأ هذه العملية مع الشخص.
يعتبر المريض مركزياً لجميع خدمات العلاج المهني وقد كتب الكثير عن الحاجة إلى إشراك المرضى في جميع مراحل عملية العلاج المهني. حيث يبدأ التفاعل بين المريض والمعالج بمقابلة وتقييم حتى يتمكن المعالج من فهم المهنة المهنية للمريض ويتضمن ذلك تحديد الأدوار والمهن التي كان المريض يمتلكها سابقًا وما يريده المريض حاليًا أو يتوقع أن يكون قادرًا على القيام به. كما يُعدّ تحديد الهدف التعاوني مرحلة مهمة في إنشاء علاج مهني يركز على المريض. وبمجرد إنشاء المهنة، يكمل المعالج المهني تحليل الأداء المهني لفهم مهارات وأنماط وتحديات أداء المريض بشكل أفضل، مع الأخذ في الاعتبار السياقات التي سيتم تنفيذ الأنشطة والأدوار فيها. هذا أيضاً عندما يتم إجراء التقييم البيئي.
على سبيل المثال، يمكن للمعالج والمريض التركيز على تنقل المجتمع والوصول إليه لأنه من المهم للمريض مواصلة المشاركة في دور تطوعي في المكتبة العامة المحلية. سيأخذ المعالج في الاعتبار قدرات المريض من خلال تقييم قدرته على الحركة باستخدام كرسي متحرك في بيئة المستشفى وتقييم قدرة المريض على الوصول إلى أنظمة النقل المجتمعية وتقييم إمكانية الوصول إلى المكتبة للتأكد من أن المريض يمكنه التفاوض على المداخل ومناطق العمل والحمامات العامة.
يجب أن يكون المعالج المهني قادرًا على تحديد العوائق والعوامل المساعدة البيئية الرئيسية التي تُؤثّر على تحقيق الأدوار القيمة والأداء المهني للمرضى. في الممارسة السريرية، يتم تحديد الحواجز والعوامل التمكينية على نطاق واسع. ومع ذلك، يناقش الحواجز والعوامل التمكينية في البيئة الخارجية، يتم وصف السياق الشخصي والاجتماعي والثقافي ومدفوعات السداد.
يصنف التصنيف الدولي للوظائف والإعاقة والصحة، العوامل البيئية على أنها بيئات طبيعية وبيئات من صنع الإنسان، المنتجات والتكنولوجيا المساعدة، الدعم والعلاقات، الاتجاهات والخدمات والنظم والسياسات، كما يتم تشجيع المعالج على مراعاة هذه العوامل أثناء التقييم. فعلى سبيل المثال، يمكن للحواجز المادية في البيئة الطبيعية أن تمنع أو تعرقل الشخص المعاق من المشاركة في الأنشطة اليومية، في حين أن الموارد من صنع الإنسان يمكن أن تحسن إمكانية الوصول.
يجب وضع في الاعتبارالتحدي الذي تفرضه السلالم أو المسارات الصخرية على شخص يستخدم كرسي متحرك. حيث يمكن إزالة هذه الحواجز أو تقليلها عن طريق إضافة عوامل تمكين مثل المصاعد أو المنحدرات لاستبدال الدرج والجسر المنحدر عبر الصخور للسماح بالوصول إلى كرسي متحرك.
الوصول الذي يكون تمييزيًا أو غير ملائم، مثل إجبار الأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية على استخدام مصاعد الشحن أو المداخل المنحدرة في الجزء الخلفي من المباني، لم يعدّ يعتبر حلاً قابلاً للتطبيق لإزالة حواجز الوصول، حيث يُفضل تحسين إمكانية الوصول من خلال استخدام التصميم العام والتصميم الخالي من العوائق. هذان المصطلحان متشابهان ولكن ليسا مترادفين. يشير التصميم العام إلى ميزات البيئة المبنية التي تعزز الوظيفة المثلى والراحة للجميع، بغض النظر عن القدرة. ويشير التصميم الخالي من العوائق إلى ميزات البيئة المبنية التي تزيل الحواجز المادية للسماح بإمكانية الوصول الكامل والمتساوي لجميع الأشخاص ذوي الإعاقة، ويمكن أن يشمل التصميم الخالي من العوائق، لكن العكس ليس صحيحًا بالضرورة. لهذا السبب، يُفضل تشجيع استخدام التصميم العام.
العربية
