ماهو مفهوم التمويل متناهي الصغر ومسؤولية الجهات المانحة

الكاتب: وسام ونوس -
ماهو مفهوم التمويل متناهي الصغر ومسؤولية الجهات المانحة

 

 

ماهو مفهوم التمويل متناهي الصغر ومسؤولية الجهات المانحة

 

من المؤكد أن مفهوم التمويل متناهي الصغر ليس حديثًا ولا وليد العصر الراهن؛ إذ إنه من الممكن رصد عمليات تمويل على هذا النحو في القرن الثامن عشر.

يُعزى أول ظهور لمفهوم التمويل متناهي الصغر إلى نظام صندوق القروض الأيرلندي، الذي قدمه جوناثان سويفت؛ وسعى إلى تحسين ظروف المواطنين الأيرلنديين الفقراء. وبعدها أصبح مفهوم التمويل متناهي الصغر، في شكله الحديث، شائعًا على نطاق واسع مع بداية السبعينيات.

ومن السهل معرفة السبب الكامن وراء قِدم مفهوم التمويل المتناهي الصغر وعراقة هذه الممارسات؛ طالما أدركنا أن الفقر مشكلة تؤرق العالم منذ زمن بعيد، والهدف من هذه الممارسة التمويلية هو مد يد العون، وإيصال الخدمات المالية لغير القادرين على الاقتراض أو الحصول على التمويل في شكله المألوف والمعتاد.

ويقدّر البنك الدولي أن أكثر من 500 مليون شخص استفادوا بشكل مباشر أو غير مباشر من العمليات المتعلقة بالتمويل متناهي الصغر.

وتذهب مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، وهي جزء من مجموعة البنك الدولي الأكبر، إلى أنه اعتبارًا من عام 2014 استفاد أكثر من 130 مليون شخص بشكل مباشر من العمليات المتعلقة بالتمويل متناهي الصغر. إلا أن هذه العمليات، ومع ذلك، متاحة فقط لما يقرب من 20% من ثلاثة مليارات شخص مؤهلين ليكونوا من بين فقراء العالم.

ما هو التمويل متناهي الصغر؟

ثمة الكثير من التعريفات لمفهوم التمويل متناهي الصغر؛ إذ يعرف، على سبيل المثال، بأنه نوع من الخدمات المصرفية المقدمة للأفراد أو المجموعات العاطلين عن العمل أو ذوي الدخل المنخفض الذين لن يكون لديهم وصول آخر إلى الخدمات المالية.

والهدف من التمويل الأصغر هو، في نهاية المطاف، إعطاء الفقراء فرصة لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

إنه باختصار توسيع/ تمديد فلسفة التمويل التقليدية، وذلك من جهتين: الأولى، من جهة الفئة المستهدفة ذاتها؛ فلم يعد الأمر مقتصرًا على تمويل بعض صغار رجال الأعمال أو الساعين إلى الاستثمار.

وهو ما يدفعنا إلى الحديث عن الجهة الثانية التي يتم من خلالها توسيع فلسفة التمويل؛ حيث إن مفهوم التمويل متناهي الصغر ينهض أساسًا على تقديم الدعم المالي لأشخاص لا تقتصر أهدافهم على الاستثمار فحسب.

فمفهوم التمويل متناهي الصغر لا يتعامل مع أنشطة كسب المال فقط، وإنما تقدم هذه البرامج أيضًا المساعدة في شكل تكاليف المعيشة الأساسية أو النفقات الطبية أو التعليمية.

التمويل متناهي الصغر والمسؤولية الاجتماعية

لا يمكننا الحديث عن مفهوم التمويل متناهي الصغر من دون التطرق إلى الاقتصادي الرائد المؤسس في هذا المجال، وهو البروفيسور محمد يونس؛ والذي أشاع وساهم في نشر هذا المفهوم (مفهوم التمويل متناهي الصغر)؛ إذ يحاجج الرجل أنه من خلال مقولة «الأعمال الاجتماعية» والنهوض بكل ما يقتضية مفهوم وفلسفة المسؤولية الاجتماعية يمكن فعلًا الوصول إلى عالم بلا فقراء.

تتمثل أطروحة «يونس» الأساسية، إذًا، في مقولة “الأعمال الاجتماعية Social Business”، ليس الأمر متعلقًا بالتبرع، ولا بمنح الدعم والمعونة لهذه الفئة المهمشة والفقيرة أو تلك؛ أي ليس بإعطاء الفقير سمكة وإنما تعليمه كيف يصطاد.

يقول البروفيسور محمد يونس:

“إن مفتاح التخفيف من الفقر لا يكمن في الغالب في صنع “وظائف” -أي العمل بأجر لأصحاب العمل من الشركات الكبيرة- بل بالأحرى تشجيع العمل الحر لجميع الأفراد”.

ومن ثم فإن مفهوم التمويل متناهي الصغر منظورًا إليه من هذه الزاوية هو أكثر من مجرد مساعدة، ولا التخفيف من حدة الفقر أو المعاناة التي ترزح تحت نيرها هذه الفئة أو تلك، وإنما هو سعي حثيث إلى دفع الناس نحو العمل الحر وريادة الأعمال.

وبالتالي فإن مفهوم التمويل المتناهي الصغر ليس اشتغالًا مكثفًا على تفعيل مفهوم وفلسفة المسؤولية الاجتماعية، ولكنه، وفي الآن ذاته، دفع إلى تعزيز ثقافة العمل الحر.

فريادة الأعمال والعمل الحر، بشكل عام، من حيث العمق، عملا على تحسين حياة الناس، والدفع بهم قدمًا.

 

شارك المقالة:
96 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook