إن وصف تلك الأبراج يكشف الأسلوب العربي في الإنشاء الحربي، الأسلوب الذي يتمثل في التدرج بسمك الأسوار والأبراج للمحافظة على متانة وتوازن إنشائها من جهة، وما يحقق هذا الأسلوب من إمكانية التغلب نسبياً على ما يسمى الزاوية الميتة، والتي يكون في وجودها خطر على أساسات الأسوار والأبراج فلا يمكن من نقبها، والتدرج يمكن أن يكون بأعلى البرج من رؤية من يقترب من أساسه، كما استعملت في هذه الأبراج عناصر الدفاع وهي هيئة ثقوب دائرية لإطلاق النيران، فضلاً عن اشتماله على عنصر الطرمة لإلقاء السوائل الملتهبة على المهاجمين.
بذلك صارت تحصينات تلك القرية كمستوطنة من ذات التحصينات التي عرفتها مناطق المملكة المختلفة، فضلاً عن تميزها بظهور عنصر جديد هو الفصيل المحيط بالأسوار والذي يفصلها عن الدور السكنية، إلى جانب دوره في حمايتها، كما شيدت بمواد من البيئة المحلية شأنها شان كل مناطق المملكة والجزيرة العربية عامة.
وجد نوع ثاني من الحصون داخل المنطقة الجنوبية فهو بيوت عسير القلاعية، وهذه البيوت تسمى الواحدة منها حصناً أو قصبة، وهي مبنية بالطين أو الحجارو أو كليهما، وقد صممت مداخلها تصميمهاً محكماً يجعل من الصعب اقتحامها، وكان الهدف من الحصن أو القصبة السكن أو المراقبة والدفاع، ومنها ما كان يصلح لحفظ الحبوب وعلف الحيوانات، وللحصن قاعدة مربعة أو مستطيلة، وغالباً ما يكون أكبر مساحة وحجماً من القصبة ويقيم أصحابه فيه، فغالباً ما تبنى على المرتفعات وتكون لها قاعدة دائرية.
والقصبة لا تتسع إلا لعدد قليل من الرجال يرابطون فيها مدة قصيرة للمراقبة والدفاع، وكان أهل عسير مثل سكان العراق يعمدون أحياناً إلى إشعال النار وإطلاق الدخان إيذاناً بالخطر، وللحصون والقصبات نوافذ صغيرة للإضاءة والتهوية وتملأ بالأعشاب الشائكة كي لا تمر منها الطيور.
وقد يملك الحصن أو القصبة شخص أو أسرة، وقد يكون ملكاً لأهل القرية، وفي هذه الحالة تستعمل كل جماعة طابقاً من البناء، وبذلك فإن الحصن إما أن يكون مربعاً أو مستطيلاً، ويرتفع إلى عدة أدوار متتالية فوق بعضها مفتوح في جدرانها نوافذ ضيقة للإضاءة والتهوية.