التعرق أثناء النوم (بالإنجليزية: Night sweats)، أو التعرق الليلي، أو التعرّق ليلاً، أو فرط التعرق أثناء النوم، مصطلحات تُطلق على الحالة التي تتمثل بحدوث تعرق عام في الجسم بشكل يفوق الحدّ الطبيعيّ، ويجدر العلم أنّ التعرق أثناء النوم يتراوح في شدته بين الحالات المتوسطة التي يكون فيها التعرق محدودًا والحالات الشديدة التي يكون فيها التعرق شديدًا للغاية لدرجة تسببه بتبلل الأغطية وحتى استدعاء تبديل الفراش، ولفهم موضوع التعرق أثناء النوم والأسباب الكامنة وراء حدوثه لا بُدّ من توضيح معلومة مفادها أنّ الإنسان في الوضع الطبيعيّ يتعرق عند وجوده في بيئة حارة؛ إذ يُحاول الجسم التكيف والتأقلم مع البيئة المحيطة للمحافظة على درجة حرارة الجسم الداخلية ضمن الحدود الطبيعية المقبولة، وذلك بهدف تمكين الجسم من أداء وظائفه على الوجه المعتاد، وعليه فإنّ ارتفاع درجة حرارة الجسم الداخلية يدفع الجسم للتعرق، وذلك لأنّ التعرق يُفقد الجسم الحرارة عن طريق التبخير، وهذا ما يُفسر حدوث التعرق عند التواجد في البيئات الحارة، وعليه فإنّ حدوث التعرق أثناء النوم بسبب الإفراط في استخدام الأغطية أو ارتداء طبقات من الملابس فوق الحاجة لا يُعدّ أمرًا مثيرًا للقلق ولا يدل في الغالب على وجود أي اضطراب صحيّ، حتى وإن تسبب هذا التعرق بإيقاظ الشخص من نومه وسبّب شعوره بالانزعاج، وبالتالي يمكن تلخيص مفهوم التعرق الليلي الذي يُدرج ضمن المشاكل الصحية بأنّه التعرق المفرط الذي يحدث أثناء النوم ويتمثل بحدوث هبات ساخنة تُسبّب بللًا في الثياب وأغطية السرير على الرغم من أنّ درجة حرارة الغرفة وعدد الأغطية المستخدمة مناسب للغاية.
تتعدد الأسباب التي قد تُسبب التعرق الليلي، ويمكن بيان أهمّ هذه الأسباب فيما يأتي:
يُعرّف سن اليأس (بالإنجليزية: menopause) على أنّه العمر الذي تصله المرأة بحيث تكون قد انقطعت عنها الدورة الشهرية لمدة اثني عشر شهرًا متتالية على الأقل، بمعنى أنّ الدورة الشهرية قد غابت لمدة عام كامل متصل، وإنّ معدل سنّ اليأس لدى النساء هو الواحد والخمسون من العمر، وحقيقة يسبق سن اليأس مرحلة انتقالية تُعرف بمرحلة ما قبل سن اليأس، وهي التي تحدث خلال الفترة العمرية تتراوح ما بين الأربعين والخمسين من عمر المرأة، وحقيقة يُعدّ حدوث التعرق أثناء النوم من الأمور الفسيولوجية الطبيعية التي تحدث عند بلوغ سن اليأس وكذلك في المرحلة التي تسبق بلوغه، ويعود السبب في ذلك إلى انخفاض مستوى هرمون الإستروجين أو تغير مستوياته خلال هذه الفترات، إذ إنّ المبايض في مرحلة ما قبل سن اليأس يقل إنتاجها لمجموعة من الهرمونات، وهي الإستروجين (بالإنجليزية: Estrogen)، والتستوستيرون (بالإنجليزية: Testosterone)، والبروجستيرون (بالإنجليزية: Progesterone)، وكذلك يحدث اضطراب وعدم انتظام في الدورة الشهرية، وإنّ تغيرات الإستروجين هي التي تُربط بشكل مباشر بالتعرق الليلي كما أسلفنا؛ فبالاستناد إلى نتائج الدراسة التي نُشرت في عام 2015 م في مجلة (BMC Women's Health) فإنّ أكثر أعراض سنّ اليأس شيوعًا هي الهبات الساخنة والتعرق الليلي؛ إذ تُعاني ما يُقارب 40% من النساء اللاتي بلغن سن اليأس من الهبات الساخنة، وحوالي 17% يُعانين من التعرق الليليّ.
في الواقع إنّ النساء الحوامل يُعانين من التعرق بشكل يفوق الحدّ الطبيعيّ، وخاصة في الثلث الأول والثلث الثالث أو الأخير من الحمل، إضافة إلى زيادة التعرق في مرحلة ما بعد الولادة كذلك، وعليه يمكن القول إنّ شعور المرأة في هذه الحالات بالحرّ والتعرق بشكل كبير مقارنة بمن حولها هو أمر عاديّ للغاية، ويمكن تفسير سبب شعور الحامل بالحرّ المفرط والتعرق بشكل يزيد عن الحاجة بما يأتي:
يُقصد بفرط التعرق مجهول السبب (بالإنجليزية: Idiopathic hyperhidrosis) الحالة التي يحدث فيها فرط في تعرق الجسم في أي وقت وخاصة عند تعرض المصاب للقلق، ويكون التعرق مصحوبًا برائحة كريهة نوعًا ما، مع اشتراط أن يحدث ذلك دون وجود سبب صحيّ معين، لذلك عُرفت الحالة بفرط التعرق مجهول السبب.
يمكن أن تُسبب العدوى والالتهابات ارتفاعًا في درجات الحرارة يكون مصحوبًا بحدوث التعرق، وعلى الرغم من اعتبار العدوى البكتيرية أكثر تسببًا بالتعرق الليلي مقارنة بالعدوى الفيروسية، إلا أنّ بعض أنواع العدوى الفيروسية قد تُسبب التعرق الليلي كذلك، ومن ذلك عدوى فيروس العوز المناعي البشري (بالإنجليزية: Human immunodeficiency virus) واختصارًا HIV الذي يُسبب مرض الإيدز، وأمّا بالنسبة للعدوى البكتيرية فمنها ما يُسبب تعرقًا ناجمًا عن ارتفاع درجة الحرارة الذي يكون غير مرتبط بالليل، بمعنى أنّ المصاب بهذه العدوى قد يُعاني من التعرق في أي وقت من اليوم بما في ذلك النهار أو الليل، ومن ذلك عدوى الإنفلونزا، ويجدر توضيح أنّ هناك بعض أنواع العدوى البكتيرية التي عُرفت بتسببها أكثر من غيرها بحدوث تعرق ليليّ، ومن ذلك عدوى السلّ، والتهاب الشغاف العدوائي (بالإنجليزية: Infective endocarditis) الذي يتمثل بحدوث التهاب في صمامات القلب، وكذلك التهاب العظام (بالإنجليزية: osteomyelitis)، والخُرّاج، والحمّى المالطية (بالإنجليزية: Brucellosis)، فهذه العدوى البكتيرية جميعها قد تُسبب تعرقًا ليليًا.
يُقصد بانخفاض سكر الدم (بالإنجليزية: Hypoglycemia) الحالة التي تتمثل بانخفاض مستوى السكر عن الحدّ الذي يحتاجه الجسم لأداء وظائفه على الوجه المطلوب، وعادة ما تُعرّف هذه الحالة عند انخفاض قراءة سكر الدم عن 70 مغ/دل، والجدير بالبيان أنّ مشكلة انخفاض السكر من الحالات الصحية شائعة الحدوث بين مرضى السكري، وتحديدًا الأشخاص الذين يأخذون الإنسولين، حتى بين أولئك الذين يُنظمون حالتهم بشكل جيد، وإن كانت قليلة الحدوث، وأمّا بالنسبة لعلاقة انخفاض السكر في الدم بحدوث التعرق الليلي؛ فحقيقة إنّ حدوث هذا الانخفاض في الليل يُسبب تعرقًا ليليًا، ويكون في العادة مصحوبًا بالصداع واضطراب النوم وحدوث الكوابيس.
يمكن أن تُسبب بعض أنواع الأدوية حدوث تعرق ليليّ، ومن ذلك بعض أنواع الأدوية المضادة للاكتئاب، فبالاستناد إلى نتائج الدراسة المُجراة في عام 2013 م والمنشورة في مجلة Innovations in Clinical Neuroscience؛ فإنّ نسبة الأشخاص الذين يأخذون مضادات الاكتئاب ويُعانون من التعرق المفرط تتراوح ما بين 4-22%، كما يُمكن أن تُسبب الأدوية الخاصة ببعض الأمراض النفسية الأخرى مشكلة التعرق الليليّ، فضلًا عن الأدوية المستخدمة لخفض الحرارة مثل الباراسيتامول والأسبرين، ومن الأدوية الأخرى التي قد تُسبب التعرق الليليّ ما يأتي:
يُعاني المصابون بالسرطان من مشكلة التعرق الليليّ، وقد يكون ذلك عرضًا للمرض ذاته، أو نتيجة أسباب أخرى سنقف عليها أدناه، ولكن بشكل عام يمكن القول إنّ المصابين بالسرطان يشكون من الهبات الساخنة والتعرق الليليّ ولا سيّما النساء، ومن الأسباب التي تؤدي إلى ذلك ما يأتي:الإصابة بالعدوى والالتهابات، ولعل هذا أكثر أسباب التعرق الليلي شيوعًا لدى مرضى السرطان، وإنّ علاج العدوى يُثبط مشكلة التعرق بالضرورة إذا كانت هي السبب الوحيد.
يمكن أن ينجم التعرق أو الهبات الساخنة عن حدوث اضطراب أو خلل في بعض الهرمونات في الجسم، ومن حالات اضطراب الهرمونات التي تُسبب تعرقًا أثناء النوم نذكر الآتي:
إضافة إلى ما سبق يمكن أن يُعزى حدوث التعرق أثناء النوم إلى أسباب أخرى يأتي بيانها أدناه:
السمنة أو زيادة الوزن.
توجد العديد من الأمور التي تستدعي مراجعة الطبيب إذا رافقت التعرق الليلي، يمكن ذكرها فيما يأتي: