تُعرَف حساسية الأنف بحُمَّى القشِّ أو حُمَّى الكلأ (بالإنجليزية: Allergic rhinitis)، وهي التهاب يحدث داخل الأنف تُسبِّبه مادَّة مثيرة للحساسيَّة، مثل: حبوب اللقاح، أو العفن، أو الغبار، أو قشور من جلود بعض أنواع الحيوانات، وتُسبِّب أعراضاً وعلامات تشبه أعراض وعلامات نزلات البرد، مثل: حكَّة العيون، وسيلان الأنف، والاحتقان، والعُطاس، وحدوث ضغط في الجيوب الأنفيَّة، ولذلك فهي تؤثِّر في أداء الشخص في العمل أو المدرسة، أو في الحياة بشكلٍ عام، وليس من الضروري تحمُّل هذه الأعراض المزعجة، بل يمكن تعلُّم كيفيَّة تجنُّب المواد المثيرة لهذه الحساسيَّة والحصول على العلاج الصحيح.
وفي الحقيقة أشارت دراسة نشرتها مجلة Asia Pac Allergy في عام 2018م إلى أنَّ حساسيَّة الأنف تُعدُّ مشكلة صحيَّة عالميَّة، إذ تُقدَّر نسبة انتشارها بما يتراوح بين 15-25%، كما تُعتبر إحدى الحالات الأكثر شيوعاً لدى أخصائيِّي الأنف والأذن والحنجرة، إذ تؤثِّر هذه المشكلة بشكلٍ كبير في الأطفال واليافعين والشباب، فهي االفئات العمريَّة الأكثر تأثُراً بهذه المشكلة، بالإضافة إلى أنَّ الأعراض الأنفيَّة لهذه المشكلة تزداد حدَّتها بما نسبته 28.85% في فصل الخريف، وبما نسبته 51.92% في فصل الربيع. وتجدر الإشارة إلى وجود علاقة أو رابط بين التهاب الجيوب (بالإنجليزية: Sinusitis) وحساسيَّة الأنف، إذ إنَّ حساسيَّة الأنف تتسبَّب في انسداد الأنف وبالتالي انسداد الجيوب، ويُعرَف التهاب الجيوب على أنَّه التهاب يصيب البطانة الداخليَّة للجيوب الأنفيَّة، وقد يكون الالتهاب إمَّا مزمناً أو حادّاً.
هناك نوعان مختلفان لحساسيَّة الأنف، وهما حساسيَّة الأنف الدائمة التي يُسبِّبها بشكلٍ عام عثُّ غبار المنزل، وشعر أو وبر الحيوانات الأليفة، والعفن أو الصراصير، إذ يعاني المصابون بهذا النوع من حساسيَّة الأنف من أعراضها على مدار العام، وينبغي التنبيه إلى أنَّه من النادر أن تُسبِّب حساسيَّة الطعام أو أيَّة حساسيَّة أخرى الأعراض الأنفيَّة للحساسيَّة الدائمة، أما النوع الثاني فهي الحساسيَّة الموسميَّة، إذ يعاني المصابون بهذا النوع من الحساسيَّة من أعراضها في فصل الربيع أو الصيف أو بداية فصل الخريف، إذ إنَّ سبب حدوث هذا النوع يعود غالباً إلى التحسُّس تجاه حبوب لقاح الأشجار والأعشاب والحشائش، أو أبواغ العفن المنقولة بالهواء، وفي هذا السياق يجدر العلم أنَّه قد يعاني بعض الأشخاص من نوعي حساسيَّة الأنف السابقتين، إذ تزداد أعراض الحساسيَّة الدائمة سوءاً في الفصول التي توجد فيها حبوب اللقاح بشكلٍ خاص.
ومن الجدير بالذكر أنَّ التصنيف السابق لحساسيَّة الأنف ذو قيود وحدود، إذ إنَّ فصول انتشار حبوب اللقاح تعتمد على المنطقة الجغرافيَّة والحالة المناخيَّة للمنطقة، فقد يكون انتشار حبوب اللقاح على مدار العام كما هو الحال في المناطق الاستوائيَّة، وعليه يكون من الصعب التمييز بين الأعراض التي تثيرها حبوب اللقاح والأعراض التي يُسبِّبها العثُّ، ولذلك تم تصنيف حساسيَّة الأنف إلى تصنيفات أكثر دقَّة بناءً على عوامل أخرى، مثل: مدى تكرُّر الحساسيَّة، فهناك الحساسيَّة المستمرَّة والحساسيَّة المنقطعة، ومن العوامل أيضاً مدى شدَّة الأعراض، فهناك الحساسيَّة الشديدة والخفيفة.
يُعزى حدوث حساسيَّة الأنف إلى إفراز جهاز المناعة مواد كيميائيَّة إلى مجرى الدم مثل الهستامين عند التعرُّض للمواد المنقولة بالهواء مرَّة ثانية، إذ يتعرَّف جهاز المناعة على المواد المنقولة بالهواء عند التعرُّض لها لأوَّل مرَّة على أنَّها أجسام ضارَّة، فيبدأ الجهاز بإنتاج أجسام مضادَّة لهذه المواد، وعند التعرُّض لهذه المواد مرَّة ثانية تُحفِّز الأجسام المضادَّة الجهاز المناعي على إفراز مادة الهستامين وغيرها من المواد الكيميائيَّة التي تتسبَّب في حدوث تفاعلات تؤدِّي إلى ظهور أعراض وعلامات حساسيَّة الأنف، وخلاصة القول أنَّ خلايا الجسم تتفاعل تجاه المواد المهيِّجة والمثيرة للحساسيَّة، وهي مواد تثير الاستجابة التحسُّسية وتُسبِّب التهاب الأنف من خلال إفراز مادة الهستامين وغيرها من المواد الكيميائيَّة، ويجدر التنبيه إلى أنَّ حساسيَّة الأنف تنتشر في العائلات، إذ تزداد احتماليَّة إصابة الشخص بحساسيَّة الأنف في حال إصابة كلا الأبوين بها أو بغيرها من أنواع الحساسيَّة، وتزداد احتماليَّة الإصابة بشكل أكبر في حال إصابة الأم بالحساسيَّة.
وفي هذا السياق يجدر العلم أنَّه توجد محفِّزات موسميَّة تثير أعراض الحساسيَّة أو تزيدها سوءاً، وتتضمَّن هذه المحفِّزات ما يأتي:
كما توجد بعض المواد المُسبِّبة لحساسيَّة الأنف، إلا أنَّها لا تُعتبَر من المواد المثيرة للحساسيَّة، ويتضمَّن ذلك المواد المهيِّجة، مثل: دخان السجائر وغيره من الأبخرة والغازات، ومواد التنظيف، والعطور، وغيرها من الروائح القويَّة والنفَّاذة.
ولمعرفة المزيد عن أسباب حساسية الأنف يمكن قراءة المقال الآتي: (ما أسباب حساسية الأنف).
تتراوح شدَّة أعراض حساسيَّة الأنف بين الخفيفة والمتوسِّطة التي لا تؤثِّر في أداء الأنشطة اليوميَّة، والشديدة التي تؤثِّر في أداء الأنشطة اليوميَّة، وفي الحقيقة عادةً ما تظهر أعراض الحساسية بعد التعرُّض لمثير الحساسيَّة بشكلٍ مباشر كما إنها تظهر في أوقات مختلفة من العام، وذلك اعتماداً على نوع المادة التي تثير الحساسيَّة لدى الشخص، فقد يعاني بعض الأشخاص من حساسيَّة الأنف طوال العام، بينما يعاني آخرون من حساسيَّة الأنف لبضعة أشهر فقط، وذلك لأنَّ ما يُسبِّب لهم الحساسيَّة يكون موجوداً في بعض الفصول دون غيرها، مثل: حبوب لقاح الأشجار والأعشاب، وعلى الرغم من أنَّ حساسيَّة الأنف تُسمَّى بحُمَّى القشِّ فهذا لا يعني معاناة الشخص من الحُمَّى أو الحساسيَّة تجاه القشِّ، إذ إنَّ الحُمَّى لا تُعدُّ من أعراضها، كما أنَّ مادة القشِّ من الصعب أن تكون مادة مثيرة للحساسيَّة،وقد تظهر هذه الأعراض المرافقة لحساسية الأنف عادةً بشكلٍ مباشر بعد التعرُّض لمثير الحساسيَّة، وقد يعاني بعض الأشخاص من حساسيَّة الأنف طوال العام، بينما يعاني آخرون من حساسيَّة الأنف لبضعة أشهر فقط، وذلك لأنَّ ما يُسبِّب لهم الحساسيَّة يكون موجوداً في بعض الفصول دون غيرها، مثل: حبوب لقاح الأشجار والأعشاب.
توجد مجموعة من الأعراض التي تظهر بعد التعرُّض للمواد المثيرة للحساسيَّة بوقت قصير، وتتضمَّن ما يأتي:
وأما الأعراض التي قد تظهر في وقت متأخِّر فهي تتضمَّن ما يأتي:
ولمعرفة المزيد عن أعراض حساسية الأنف يمكن قراءة المقال الآتي: (أعراض حساسية الأنف).
يعتمد تشخيص حساسيَّة الأنف غالباً على المحفِّزات المحتملة للحساسيَّة، وعلى الأعراض التي يعاني منها الشخص، وقد يُلجأ إلى إجراء فحص الحساسيَّة للمريض في حال عدم التأكُّد من معرفة المُسبِّب للحساسيَّة لديه، ولكن يمكن الاستناد إلى التاريخ الصحِّي وحده في تشخيص حساسيَّة الأنف، ومما ينبغي التنبيه إليه أنَّ الفحوصات التشخيصيَّة لا تُجرى بشكلٍ روتيني، كفحص تفاعل الجلد تجاه حبوب اللقاح الموسميَّة، أو الصراصير، أو وبر الحيوانات، أو براز عثِّ الغبار، أو العفن، أو غيرها من مولِّدات الضدِّ السنويَّة، إلا في حال عدم تحسُّن المريض بعد خضوعه للعلاج بشكلٍ تجريبي، إذ إنَّ هذا الفحص يمكن استخدامه في إرشاد الطبيب وتوجيهه لوصف علاجات إضافيَّة.
ومن الجدير بالذكر أنَّ فحص الجلد يُسمَّى باختبار وخزة الجلد (بالإنجليزية: Skin prick test)، ويُوخَز فيه جلد المريض في منطقة الذراع أو أعلى الظهر بكميَّة صغيرة من إحدى المواد المحفِّزة للحساسيَّة، ثم ينتظر أخصائيُّ الحساسيَّة الذي يُجري عادةً هذا الاختبار حتى ظهور تفاعل تحسُّسي، إذ يدلُّ ظهور بثرة منتفخة أو شرية (بالإنجليزية: Hives) في موضع الوخز على أنَّ المريض يعاني من الحساسيَّة تجاه المادة التي تم وخزها.
وبالإضافة إلى ما سبق قد يلجأ الطبيب إلى إجراء فحص للدم يساعد على تحديد ومعرفة المواد المُسبِّبة للحساسيَّة لدى المريض، مثل: اختبار الممتز الأرجي الإشعاعي (بالإنجليزية: radioallergosorbent test) واختصاراً RAST، إذ يُمكِّن هذا الاختبار الطبيب من معرفة الأجسام المضادَّة في دم المريض والتي يمكن من خلال تحديدها معرفة المواد المثيرة للحساسيَّة لدى المريض، إذ إنَّ ذلك يساعد الطبيب على اختيار العلاج المناسب، كما قد يساعد إجراء فحص الدم الكامل على تشخيص الحساسيَّة من خلال بيان عدد الخلايا الحمضيَّة أو اليوزينيات (بالإنجليزية: Eosinophil).
يعتمد وصف الطبيب للدواء المستخدم في علاج حساسيَّة الأنف على الأعراض التي تظهر على المريض ومدى شدَّتها، وعُمر المريض وحالته الصحيَّة، أي يُؤخَذ بعين الاعتبار الحالات الصحيَّة الأخرى التي يعاني منها المريض مثل الربو، وفي الحقيقة يُلجأ إلى استخدام الأدوية التي تحتاج إلى وصفة طبيَّة أو المتاحة دون وصفة طبيَّة في علاج حساسيَّة الأنف في حال لم تكن الوقاية من مثيرات الحساسيَّة كافية في علاجها، فقد تزول الأعراض الأنفيَّة للحساسيَّة وتختفي بشكلٍ كامل بمجرَّد التخلُّص من مُسبِّب الحساسيَّة أو علاج الحساسيَّة، ولكن تنبغي استشارة الصيدلاني أو مقدِّم الرعاية الصحيَّة حول الخيار المناسب للمريض في علاج حساسيَّة الأنف، ويمكن بيان الأدوية المستخدمة في ذلك كما يأتي:
ولمعرفة المزيد عن علاج حساسية الأنف يمكن قراءة المقال الآتي: (كيف تتخلص من حساسية الأنف).
تُعدُّ مراجعة الطبيب ضروريَّة في حال كانت أعراض حساسيَّة الأنف شديدة جدّاً وتؤثِّر في أداء الشخص لأنشطته في الحياة، أو إن لم تُجدِ العلاجات المنزليَّة نفعاً في معالجة الحساسيَّة، إلا أنَّ حساسيَّة الأنف البسيطة عادةً ما يتم التخلُّص منها ذاتيّاً وفي المنزل، وفي الحقيقة إنَّ أفضل طريقة لمنع حدوث أعراض حساسيَّة الأنف هي تجنُّب أو تقليل التعرُّض للمواد المثيرة للحساسيَّة، ويمكن ذلك من خلال اتباع بعض النصائح التي تساعد على تجنُّب هذه المواد، ومن هذه النصائح يمكن ذكر ما يأتي: