تعدّ المرارة من أعضاء البطن الدّاخليّة والتي تعمل علة تخزين العصارة الصفراوية، أو ما يُسمى بالصفراء، وهي مادّة سائلة تُساعد على هضم الطعام، وفي الواقع يمكن أن تؤدّي بعض العوامل أو إلى الحاجة لإزالة المرارة، ومن أهم هذه العوامل تشكّل الحصى بداخلها، فإذا كانت المرارة لا تعمل بالطريقة الصحيحة، واختلّ توزان المادّة الصفراء، فستبدأ الأجزاء الصلبة في التشكّل بداخل المرارة، في حين أنّ بعضها قد يكون حجمه صغيرًا ويزول من تلقاء نفسه، إلّا أنّ بعضها الآخر يتطلّب التدخّل الجراحي للتخلّص من هذه المشكلة، فقد يقرّر الطبيب إجراء عملية استئصال المرارة Cholecystectomy بشكلٍ خاص في الحالات التي تكون أعراض الحصى المزعجة قد بدأت بالظهور على الشخص، وتعدّ هذه العملية واحدة من أكثر العمليات الجراحية شيوعًا التي يجريها الأطباء، إذ إنّه سيحتاج حوالي 80٪ من الأشخاص الذين يعانون من حصى المرارة إلى جراحة، وهناك طريقتين لإجرائها إمّا باستخدام المنظار أو من خلال عملية جراحية مفتوحة.
هناك عدّة أسباب تستدعي إجراء عملية استئصال المرارة، ويعدّ السبب الأول للجوء إليها -سواءً باستخدام المنظار أو العملية المفتوحة- هو تشكّل حصوات في المرارة، والتي تتكوّن من المواد التي تتواجد في العصارة الصفراوية، والتي قد تتحوّل إلى مواد صلبة مختلفة الأحجام والأشكال، فقد تكون صغيرةً جدًا بحجم حبات الرمل، أو كبيرة للغاية بحجم كرة الغولف، وتتسبّب بحدوث مضاعفاتٍ خطيرةٍ، فيلجأ الأطباء لإزالة المرارة للتخلّص من تلك المضاعفات، ومن أسباب استئصال المرارة أيضًا ما يلي:
تعدّ عملية استئصال المرارة كباقي العمليات الجراحية الأخرى، ممّا يعني أنّها تتطلّب لإجراء تحضيرات معيّنة قبل الشروع بقيامها، ويجب على الطبيب إخبار المريض بها عند تحديد موعد العملية، وتتعلّق هذه التحضيرات بالأطعمة والأدوية التي يتناولها المريض وبأمور أخرى أيضًا، كالآتي:
وقد يطلب الطبيب من المريض إجراء بعض الاختبارات والفحوص المخبرية قبل إجراء العملية، وذلك لمعرفة تأثير الحصى المتشكّلة في المرارة على صحة المريض، والتي قد تشمل الاختبارات ما يأتي:
وهي عبارة عن عملية جراحيّة يقوم الطبيب من خلالها بإزالة المرارة، وتتم بإجراء عدّة جروح أو شقوق صغيرة بدلاً من جرح واحد كبير، ويتم إدخال منظار البطن من خلال أحد الجروح، وهو أنبوب ضيّق مزود بكاميرا، ممّا يسمح للطبيب برؤية المرارة على الشاشة، ومن ثمّ تتم إزالة المرارة من خلال شق صغير آخر، وتعدّ هذه الطريقة هي الأكثر شيوعًا لإزالة المرارة، وتحتاج إلى إخضاع المريض للتخدير العام، وفيما يأتي سيتم ذكر خطوات إجرائها بالتفصيل:
وعادةً ما يفضّل الأطبّاء والمرضى أيضًا هذه الطريقة لاستئصال المرارة، إذ إنّها تسبّب آلامًا أقلّ ما بعد الجراحة، ويقلّل ذلك من الحاجة إلى تسكين الآلام التي تحدث بعد العملية، كما تقلّ فترة الإقامة في المستشفى من أسبوع إلى أقل من 24 ساعة، ويعود المريض إلى نشاطه الكامل في غضون أسبوع واحد فقط، وذلك مقارنةً للعملية الجراحية المفتوحة لإزالة المرارة.
تختلف الجراحة المفتوحة لاستئصال المرارة عن استئصالها بالمنظار، بأنّ الأولى يتم فيها فتح البطن بشقّ كبير واحد للسماح بإزالة المرارة، ويتم اتّباع هذه الطريقة لأكثر من 100 عام، وهي طريقة آمنة وفعّالة للتخلّص من حصوات المرارة التي تسبب أعراضًا مزعجة ومضاعفات خطيرة، وفي الجراحة المفتوحة، يتم الجسّ المباشر للمرارة والقناة الصفراوية والقناة الكيسية والأوعية الدموية، والقيام بالتشريح الآمن والدقيق ومن ثمّ إزالة المرارة، وبالإضافة إلى ذلك يتم استخدام تصوير الأقنية الصفراوية أثناء العملية بشكلٍ مختلف كعامل مساعد لتسهيل هذه العملية، وتعدّ المضاعفات الرئيسة للجراحة المفتوحة لاستئصال نادرة الحدوث، ولكن يمكن أن تشمل إصابة القناة المشتركة وحدوث النزيف والإصابة بعدوى ما، وتعدّ هذه الطريقة هي المعيار الذي يجب مقارنة العلاجات الأخرى بهه، وتظلّ دائمًا بديلاً جراحيًا آمنًا، ولكن تبقى عملية استئصال المرارة بالمنظار هي الأفضل والأكثر أمانًا، ولكن يتم اللجوء للعملية المفتوحة، عندما تكون عملية المنظار غير ممكنة أو لا يمكن إكمالها بأمان، يمكن أيضًا إجرائها كجزء لا يتجزّأ من عملية أخرى، على سبيل المثال، استئصال البنكرياس و الإثنا عشري أو عند اكتشاف مشكلة ما في المرارة بالمصادفة عند إجراء عملية أخرى في الجهاز الهضمي كاستئصال جزء من القولون.
تختلف فترة التعافي بعد عملية استئصال المرارة باختلاف الطريقة التي تمّت بها العملية إمّا باستخدام المنظار أو عن طريق الجراحة المفتوحة، ويتم الشفاء التام بشكلٍ تدريجي، وهناك بعض الملاحظات حول هذه المرحلة، وسيتم شرحها على الشكل الآتي:
سيبقى المريض بعد العملية الجراحية، إلى أن يكون متيقّظًا ويعود للتنفّس بفاعلية، وتكون علاماته الحيوية مستقرّة، وعادةً ما يستغرق ذلك ساعة أو ساعتين، وقد يُصاب بالتهاب في الحلق إذا تم وضع أنبوب في القصبة الهوائية لديه أثناء الجراحة، ولكن عادةً ما يكون ذلك مؤقتًا، وسيعود المريض إلى المنزل عندما يمكنه السيطرة على آلامه وتحمّل الطعام الذي يتناوله، ولكن قد يتطلّب استئصال المرارة بالمنظار إقامة لليلة كاملة في المستشفى، وذلك اعتمادًا على أسباب الجراحة وصحة المريض العامّة، يحدث الشفاء التام بالتدريج، كما ويختلف وقت التعافي باختلاف الإجراء ونوع التخدير والعمر وعوامل أخرى أيضًا، ويمكن العودة إلى النشاط الروتيني في غضون 10 - 14 يومًا، ومن الأفضل تجنّب رفع الأثقال وممارسة التمارين الرياضيّة الشاقّة لمدة شهر تقريبًا.
سيقرّر الطبيب إخراج المريض من المستشفى بمجرد استقرار علامات جسمه الحيوية دون مضاعفاتٍ تذكر، وعادةً ما تكون الإقامة في المستشفى أطول بعد الجراحة المفتوحة، كما سيقوم الطبيب بالتأكّد من عدم وجود أي نزيف أو غثيان أو ألمٍ مفرط، وسيتم مراقبة المريض للتحرّي عن حدوث أي عدوى، بالبحث عن علامتها، كالحمّى أو القيح المتشكّل في مكان الجراحة، وعادةً ما يبقى المريض إلى ما يصل إلى ثلاثة أيام في المستشفى إلى حين بدء التعافي، ويمكن أن يستغرق الشفاء الكامل من جراحة المرارة المفتوحة حوالي 4-6 أسابيع، ويمكن اتّباع التعليمات الآتية لمنع حدوث مضاعفات خطيرة:
تكون النتائج المنتظرة من إزالة المرارة معتمدة على دواعي إجرائها، إذ يمكن لاستئصال المرارة أن يخفّف الألم والانزعاج الناتج عن الحصوات المتشكّلة في المرارة، ولا يمكن للعلاجات البديلة، كإجراء التعديلات الغذائية على النظام الغذائي المتّبع، لا يمكنها عادةً منع حصوات المرارة من التكرار، ولكن لا تعود الحصوات للتشكّل بعد استئصالها، ومن المتوقّع ألّا يعاني معظم الأشخاص من مشاكل أو اضّطرابات في الجهاز الهضمي بعد استئصالها، إذ إنّ المرارة ليست ضرورية للغاية للهضم الصحيّ، ولكن قد يعاني بعض الأشخاص من براز رخو عرضي بعد العملية، والذي يزول بمرور الوقت، ويجب إخبار الطبيب أي تغييرات تحدث في الأمعاء أو في حال ظهرت أعراض جديدة بعد العملية ومن الضروري التأكّد من أنّه يمكن للمريض اتّباع نظام غذائي صحّي وعيش حياة صحية تلائم الجسد بدون المرارة، وفي بعض الأحيان، يمكن أن يكون لدى بعض الأشخاص براز أكثر سلاسةً وتكرارًا بعد استئصال المرارة، ويتم زوال هذه المشكلة عادةً بعد شهر تقريبًا من الجراحة بمجرّد أن يتكيّف الكبد مع عدم وجود المرارة لتخزين العصارة الصفراوية التي تصنّعها.
تنطوي عملية استئصال المرارة على مخاطر قليلة تتمثّل ببعض المضاعفات، بما في ذلك تسرّب العصارة الصفراوية وحدوث نزيف، والتقاط عدوى ما، وإصابة الأعضاء أو الهياكل المجاورة للمرارة، مثل القناة الصفراوية والكبد والأمعاء الدقيقة كما قد تنطوي أيضًا على مخاطر التخدير العام، كتشكّل جلطات الدم والإصابة بالالتهاب الرئوي، وتتمثّل الآثار الجانبية لاستئصال المرارة بالأمور الآتية: