إنّ عملية شفط الماء من المخ -أو ما يُدعى طبيًا بعملية الشنت الدماغي البيرتواني أو البطيني البيرتواني هي العملية التي تهدف إلى تخفيف الضغط عن الدماغ والبطينات الدماغية عن طريق تخفيف ضغط السائل الموجود فيها، وهي عملية جراحية تُعالج بشكل رئيس الاستسقاء الدماغي، حيث يحدث بهذه الحالة تراكم للسائل الدماغي الشوكي CSF في البطينات الدماغية، مسبّبًا توسّعها والضغط على الدماغ ضمن الجمجمة، وعادة ما يستمر السائل الدماغي الشوكي بالانتقال من هذه البطينات إلى قاعدة الدماغ، ومن ثم إلى الحبل الشوكي وإلى الدم، وعندما يزداد إنتاج أو ينخفض تصريف هذا السائل، فإنّه يتسبّب بأعراض انضغاطية على الدماغ يمكن أن تؤدّي إلى مشاكل خطيرة للغاية تصل إلى الوفاة.
إنّ الاستسقاء الدماغي يحصل عند الأطفال بنسبة أكبر من البالغين، حيث يشير المعهد الوطني للأمراض العصبية والجلطات الدماغية NINDS في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أنّ نسبة 1 إلى 2 بالألف من كل ولادة يمكن أن تكون لطفل مصاب بالاستسقاء الدماغي، ومن الممكن أن يحدث تجمّع السائل الدماغي الشوكي في الدماغ نتيجة للعديد من الأسباب، ومن هذه الأسباب ما يأتي:
وتُعدّ الانسدادات هي أشيع أسباب الاستسقاء الدماغي، كما يمكن للكيسات والأورام وحالات الالتهاب في الدماغ أن تعيق السير السليم للسائل الدماغي الشوكي، وأن تتسبّب بالتراكم غير الآمن لهذا السائل، وتتضمّن أعراض الاستسقاء الدماغي والتي غالبًا ما يُلجأ بسببها إلى عملية شفط الماء من المخ ما يأتي:
ومن الممكن أن تُساعد الاختبارات الشعاعية في تأكيد تشخيص الاستسقاء الدماغي، حيث يمكن القيام بالتصوير بالأمواج فوق الصوتية والطبقي المحوري والتصوير بالرنين المغناطيسي من أجل فحص أنسجة الدماغ، ومعرفة السبب المؤدّي لهذا الاستسقاء، بالإضافة إلى فحص البطينات الدماغية وتحديد وضعها.
من الضروري أن يعلم المريض بالتفصيل حيثيات عملية شفط الماء من المخ والإجراءات المتبعة قبلها والخيارات المتاحة أمامه قبل الإقبال عليها، ولذلك على المريض مناقشة الطبيب بجميع التحضيرات الواجب عليه اتّخاذها، فقد يتحدّث الطبيب بشكل عام قبل العملية عن كلّ مما يأتي:
كما ينصح الطبيب بعدم تناول الطعام بعد منصف الليل في اليوم السابق للجراحة، كما يوضّح الفترات التي يستطيع فيها المريض تناول الماء وكمّية الماء التي يستطيع شربها.
يقوم الطبيب بعملية وضع الشنت الدماغي البيرتواني بعد وضع المريض تحت التخدير العام، وغالبًا ما تستغرق العملية بشكل كامل حوالي 90 دقيقة، وتقوم الممرضة الجراحية بحلق المنطقة خلف الأذن من الأشعار، حيث تُوضع القسطرة في هذه المنطقة، والقسطرة هي أنبوب مرن ورفيع يُستخدم من أجل تصريف السائل الزائد، ويقوم الجراح بإجراء شق جراحي صغير خلف الأذن، كما يقوم بإجراء ثقب في الجمجمة في تلك المنطقة، بعد ذلك يقوم بإدخال القسطرة إلى داخل تجويف الجمجمة عبر الثقب، ويقوم بوضع قسطرة أخرى تحت الجلد خلف الأذن، وتصل هذه القسطرة إلى الصدر ثمّ البطن، حيث تسمح للسائل الدماغي الشوكي بالتصريف ضمن التجويف البطني، حيث يقوم الجسم بامتصاص هذا السائل، كما قد يقوم الطبيب بوضع مضخّة صغيرة جدًّا مربوطة بالقسطرتين خلف الأذن تحت الجلد، وهذه المضخة تقوم بالتفعيل الذاتي من أجل إزالة السائل المتراكم عندما يزداد الضغط ضمن الجمجمة عن الحدّ الطبيعي، كما من الممكن برمجة هذه المضخة لتعمل بشكل تلقائي عند ضغط معين.
يمكن أن تنتج اختلاطات عملية شفط الماء من المخ عن الإجراء الجراحي أو عن بقاء جهاز تصريف السائل لأيام أو سنوات بعد الإجراء، فكلّ حالة تختلف عن الأخرى، ولذلك من الضروري أن يتفهّم الأهل احتمالية حدوث هذه الاختلاطات، والتي تتضمن بشكل عام ما يأتي:
ومن الصعب تقدير الفترة التي يبقى فيها الشنت سليمًا وفعّالًا، إلّا أنّ حوالي نصف عمليات الشنت يتمّ تبديلها أو إصلاحها بعد 6 سنوات من تركيبها.