متلازمة داون، أو البلاهة المنغولية، أو المغوليّة، أو تناذر داون، أو التثالث الصبغي 21، أو التثالث الصبغي G ( بالإنجليزية: Down Syndrome) هي أكثر الاضطرابات الجينية شيوعًا، والتي تتمثل بوجود نسخة إضافية للكروموسوم رقم 21، وبالتالي ظهور العديد من المشكلات العقليّة والإدراكيّة على الشخص المصاب.
يساهم الفهم الدقيق لهذه المتلازمة واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة على تحسين حياة الأطفال والبالغين المصابين بها مما يمكنّهم من التمتّع بحياة مليئة بالإنجازات، وفي الواقع قد نلاحظ أنّ بعض المصابين أصحّاء بينما البعض الآخر يعانون من مشكلات صحيّة خطيرة كاضطراب القلب، فنجد أنّ حدة الإصابة تتباين بين المصابين بين خفيفة أو متوسطة أو شديدة.
يتّسم الرضّع المصابون بمتلازمة داون ببطء نموهم ومعاناتهم من ضعف عام في العضلات، مما ينعكس سلباً عليهم؛ فنجد أنّهم يواجهون صعوبة في الرضاعة وتناول الطعام، بالإضافة إلى صعوبة في إبقاء الرأس ثابتاً مسنداً، ولكن هذه الصعوبة تبدأ بالتلاشي مع مرور الوقت، ومن الجدير بالذكر أنّه عند الولادة يكون حجم هؤلاء الأطفال مساوٍ لحجم الأطفال الطبيعيين تقريباً. وبشكل عامّ فإنّ المصابين بمتلازمة داون من مختلف الأعمار لديهم ملامح وصفات جسدية خاصة، مع استحضار أنّ هذه الصفات الجسدية لا يُشترط أن توجد لدى جميع المصابين بهذه المتلازمة، ومن هذه الأعراض ما يأتي:
على الرغم من أن المصابين بمتلازمة داون يمتلكون هيئة متشابهة إلى حد ما مقارنة بغيرهم، إلا أنّ القدرات العقلية والفكرية تكون أقل بعض الشيء، فنجد أنها تتراوح بين الخفيفة والمتوسطة بشكل عام، وفي حال كانت المشكلة العقلية خفيفة يبقى الشخص المصاب قادراً على ممارسة أنشطته اليومية: كالقراءة، والالتزام بوظيفة بالإضافة إلى قدرته على استخدام وسائل النقل العامة، بينما نجد أنّ أصحاب المشاكل العقلية المتوسطة بحاجة إلى المزيد من الدعم للقيام بتلك الأنشطة. ويمكن تلخيص المشاكل الذهنية والإدراكية التي يعاني منها المصابون بهذه المتلازمة فيما يأتي:
من الجميل أن أصحاب متلازمة داون يكتسبون ويتعلّمون مهارات جديدة طيلة حياتهم، ولا يتطلب تحقيق أهداف مهمة منهم -كالمشي والتحدّث وتطور المهارات الاجتماعية- سوى المزيد من الوقت. وحقيقةً يمتلك الأطفال المصابون بهذه المتلازمة مهارات اجتماعية مميزة تمكّنهم من التواصل مع الآخرين بعيداً عن التواصل الكلاميّ أو اللفظيّ، فهم يعتمدون بشكل أساسي على استخدام الأساليب المرئية، فيتفاعلون مع المعلومات على أفضل وجه إذا تم عرضها عليهم بواسطة الصور والأدوات والاستعراضات التوضيحية؛ فنجد العديد من الأطفال المصابين يتعلّمون قراءة الكلمات بسرعة تفوق توقعات ذويهم و معلّميهم.
رغم العديد من المشاكل والمعيقات التي تؤثر في نمو وتطور أصحاب هذه المتلازمة، إلا أنهم يمتلكون قدرات وإمكانيات عديدة تساهم بشكل كبير في بناء شخصياتهم و نظرة المجتمع لهم، فهم ليسوا مجرد أشخاص يمتلكون كروموسومًا إضافيًا كما ينعتهم البعض؛ فلكل منهم قدرات و إمكانيات تمكّنهم من عيش حياة مستقلة كريمة إذا تم منحهم الفرصة وتلقو الدعم اللازم لذلك؛ فبإمكان الأطفال المصابين بمتلازمة داون ارتياد الحضانات، ورياض الأطفال، بالإضافة إلى المدارس الابتدائية والثانوية كغيرهم ممن هم في نفس العمر، في حين أن البالغين يخضعون بعد الدراسة للتدريب المهني الذي يمكنهم من العمل والانخراط بالمجتمع ليكونوا بذلك أفراد منتجين لديهم حياة مستقلة يضيفون بها قيمة للمجتمعات التي يعيشون فيها.
قد يُجري الطبيب فحوصات معينة أثناء مرحلة الحمل لمعرفة ما إن كان الجنين مصاباً بمتلازمة داون أم لا، وذلك بحسب عوامل الخطر لدى المرأة الحامل وبحسب ما يراه الطبيب مناسبًا، وفي حال أظهرت هذه الفحوصات احتمالية الإصابة بمتلازمة داون يتم التواصل مع الطبيب المختص لإجراء فحص تشخيصي محدد، حيث تُعد مرحلة الحمل المرحلة المهمة للتشخيص في حين أنّ الأعراض تبدأ بالظهور بعد الولادة بفترة قصيرة، وتتم متابعة الرّضع والأطفال المصابين بمتلازمة داون باستمرار عند طبيب مختص، حيث يُشرف الطبيب على الحالة الصحيّة والأعراض المصاحبة للمتلازمة بالإضافة إلى تنظيم موعد زيارة سنوية لمراجعة حالتهم وما يطرأ عليها من تغييرات، ويتم تنظيم هذه العملية بالتنسيق مع العديد من عيادات الأطباء متخصصين بمثل هذه الحالات.