تُعرّف آلة العود (بالإنجليزية: Oud) بأنّها آلة وترية موسيقية كمثرية الشكل صندوقها عميق، وتحتوي على لوحة نقر الأصابع ولكنها لا تحتوي على دساتين* (بالإنجلزية: Fret)، ظهرت هذه الآلة في موسيقى العصور الوسطى والموسيقى الإسلامية الحديثة، وتعتمد في إصدار الأصوات على نقر ريشة العزف على أوتار الآلة المثبتة والمشدودة في مشط الآلة، وتظهر مفاتيح ضبط النغمات على جانبي صندوق المفاتيح، وتتكون آلة العود التقليدية والشائعة من أربعة أزواج من الأوتار، ولكن هناك أنواع تحتوي على خمسة أو ستة أزواج.
كان لآلة العود القديمة الفضل في نشأة آلة العود الأوروبي (بالإنجليزية: Lute)، والذي يختلف عن آلة العود القديمة بطول رقبتها وانحناء وحِدّة صندوق ربط المفاتيح فيها، أمّا منطقة العزف في آلة العود الأوروبي وآلة الجيتار (بالإنجليزية: Guitar) فهي تشبه آلة العود القديمة، ولكن هنتك اختلاف في النغمات الصادرة عن كلتا الآلتين، وتُعرف آلة العود في دول البلقان باسم العود أو (Uti)، وفي تركيا باسم لاوتا (بالإنجليزية: Lauta)، وفي شمال إفريقيا باسم (kuwītra)، وهي مجموعة متنوعة من آلات العود التي تختلف بطول رقبتها.
يعتقد العديد من المؤرخين وعلماء موسيقى الشعوب أنّ آلة العود ظهرت في مصر القديمة قبل أكثر من 3,500 عام، ويعود تاريخ ظهور آلة العود الطويلة إلى عام 1,300 قبل الميلاد، وعثر المؤرخون على قطعة يُعتقد بأنّها ريشة عزف -صنعت من الخشب- مثبتة على العود بواسطة حبل في مقبرة البضائع في أحد معابد فرعون، ويظهر اهتمام المجتمع المصري بالموسيقى من خلال قيامهم بتكريم الموسيقى، حيث جعلوا لها إلهاً أطلقوا عليه اسم حتحور (بالإنجليزية: Hathor).
وأظهر العديد من الباحثين تحقيقاً في أصل آلة العود وفقاً للأدلة التي وجدوها، ومن ذلك ما اعتقدته الباحثة كاثلين شلينسنجر (Kathleen Schlesinger) بأنّ نشأت العود كانت في بلاد فارس، ثمّ انتقلت إلى العرب مع نهاية القرن السادس، وفي عام 1927م اعتقد الباحث الألماني بنزنجر (Benzinger) بأنّ أول ظهور للعود كان في مصر، وقد عارض هذه الفكرة كل من العلماء: رايمر (Rimmer)، وفارمر (Farmer)، ورييس (Reese)، وكولون (Collon)، وساكس (Sachs)، وتيرنبل (Turnbull)، إذ اعتقدوا بأنّ المصريين هم من أخذوا العود من بلاد ما بين النهرين، واعتقد ساكس بأنّ العود كان سومرياً، وكان يعتقد عالم الموسيقى الألماني ستادور (Stauder) أنّ العود ظهر في وقت سابق في الحضارة الآرية، كما وجدت آلة مشابهة لآلة العود تعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وهناك تشابه كبير بين أوتار الآلتين ومرفقاتهما.
ويعتقد عالم الموسيقى العراقي صبحي رشيد من خلال دراسة مقارنة لمجموعة من الآثار وختم اسطواني بأنّ آلة العود قد ظهرت في العديد من المواقع الأثرية في عدة محافظات عراقية مختلفة، إذ ظهرت لأول مرة في بلاد ما بين النهرين في عهد الإمبرطورية الأكادية، وذلك في الفترة بين 2370-2083 قبل الميلاد، ثمّ ظهرت في إيران في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وينسب العالم صبحي رشيد اختراع آلة العود للقبائل الأكادية التي جاءت إلى العراق بعد هجرتها من شبه الجزيرة العربية، وأظهرت الوثائق البابلية نوعين من آلة العود، أحدهما ذات عنق قصير وصندوق صوت مستطيل الشكل، وأخرى ذات عنق طويل جداً وصندوق صوت صغير، وقد نسب ستة مؤلفين على الأقل منذ القرن التاسع بأنّ الشخص الذي عزف على آلة العود هو لامك بن قابيل بن آدم، وقد ذكر المفضّل بن سلمة ذلك لهشام بن الكلبي.
يعود أصل كلمة العود عند العرب إلى الشجرة التي صنع منها وهي شجرة العود (بالإنجليزية: Oud)، وقام الأتراك بتحويلها إلى كلمة (UD) بالتركية لتوافق لغتهم، وتعرّف الغرب على هذه الآلة أثناء الحروب الصليبية بين القرنين الحادي عشر والقرن الثالث عشر، وأطلقوا عليها باللغة الإنجليزية (Lute)، وباللغة الفرنسية لوث (Luth)، وباللغة الإيطالية (Liuto)، وصرح الموسيقار سنوشين تانريكورور (Cinuçen Tanrıkorur) بأنّ آلة العود ليست آلة عربية على الرغم من أنّ أصل الكلمة عربياً من حيث التسمية، وقد أشار عام 2001م بأنّ العرب رأوا هذه الآلة لأول مرة في بغداد في القرن السابع، بينما كان الأترك يعزفون عليها، إذ جاءت إليهم من خراسان، حيث لم يكن يستعمل العرب حينها من الأدوات الموسيقية سوى الدف والربابة، وهي آلات مشابهة لآلة تركية تدعى قوبوز (بالإنجليزية: Kopuz) والتي استعملها الأتراك في العزف قديماً منذ زمن الهون*.
تتكون آلة العود منذ القدم من عدة أجزاء، وهي:
تنوعت آلالات العود وتعددت حتى تميزت عن بعضها البعض، ومن أنواع آلة العود ما يأتي:
يُعدّ العود العربي (بالإنجليزية: Arabic Oud) من أكثر الآلات انتشاراً، إذ يستخدم في: شبه الجزيرة العربية، والعراق، وفلسطين، ولبنان، والأردن، وسوريا، وشمال إفريقيا، وإيران، ويتميز العود العربي بصوت رومانسي عميق ومتوازن بسبب جسمه الكبير المستدير، ويُصنع هذا العود من أنواع مختلفة من الخشب، ويتراوح طوله بين 61-62 سم من حافة مشط العود إلى أنفه، ويحتوي سطحه على ثقب واحد أو ثلاثة ثقوب صوتية مزينة بأشكال وردية تمر فوقها أوتار من خيوط النايلون المزدوجة، وغالباً ما يكون عددها خمسة أوتار، ووتر لطبقة الصوت المنخفضة، وهناك أنواع تحتوي على 10-12 وتراً، ولكن الشائع هو 11 وتراً.
يتميز العود التركي (بالإنجليزية: Turkish Oud) بصوته الفريد، ويعود هذا النوع من العود إلى سلالة مختلفة، وله بناء مختلف، وقد انتشر استخدام هذا النوع في اليونان، وتركيا، ويتميز بصوته المملوء بالإشراق والحركة، وتكون أوتاره مشدودة أكثر من العود العربي، وسمك لوحة الصوت لديه أرفع، ما يعطي استدامة في الصوت أكثر من العود العربي، ويُصنّع هذا العود غالباً من خشب شجر التنوب، وهو ما يفسر ظهوره بلون فاتح، إذ يبلغ طوله 58.5 سم، وهو أصغر حجماً بقليل من أنواع العود الأخرى، وعادة ما تكون منطقة التقاء لوحة الصوت مع لوحة الأصابع مزخرفة، ويحتوي سطحه على ثلاثة فتحات صوتية أصغر من فتحات العود العربي مزينة بالأشكال الوردية.
يتميز العود العراقي (بالإنجليزية: Iraqi Oud) بصوته الفريد والنقي الذي يشبه الجيتار، وقد استخدام هذا العود في العراق، ويتميز بأنّه يحتوي على مشط عائم كما في آلة المندولين والبزق الإيرلندية (بالإنجليزية: Irish Bouzoukis)، ويحتوي سطحه على فتحات صوتية بيضاوية الشكل دون أي زخارف، وقد تمّ تطوير هذا الشكل من العود في القرن الماضي بواسطة محمد فاضل حسين.
ظهر في إيران نوعان من العود، أحدهما العود العربي، والآخر العود الإيراني الذي يسمى بالفارسية بربط (بالإنجليزية: Barbat)، وهو أكثر رواجاً من العود العربي؛ لأنّه تمّ تحديثه عن البربط القديم الذي استخدِم في إيران قبل الفتح الإسلامي، ويتميز هذا النوع من العود بصوت غليط أكثر من العود العربي، كما يحتوي البربط على 5-6 أزواج من الأوتار، ويتميز جسمه بأنّه أصغر وأعمق قليلاً من العود العربي والتركي ما يسمح بمرور نغمات أعلى على لوحة الأصابع بكل سهولة، ويعتقد الكثير بأنّ العود العربي متطور عن العود الإيراني، بمعنى آخر أن العود الإيراني هو سَلَف العود العربي، وقد قام عدد من صانعي الآلات الموسيقية بإعادة إنتاج هذا النوع من البربط، ومن الأمثلة عليها: غنباري بربط (يالإنجليزية: Ghanbari Barbat) والذي تمّ إعادة صنعه من قِبل محمدي إخوان، وعرفاتي بربط (بالإنجليزية: Arafati Barbat).
يُعدّ العود الإلكتروني من الابتكارات الجديدة التي ظهرت بعدة تصاميم، وصوته قريب من صوت العود التركي، إلّا أنّ صوته لا يضاهي الصوت التقليدي وخصوصاً الصوت العميق؛ بسبب عدم وجود جسم حقيقي ولوحة صوت، مما يجعل الأمر صعباً، ويمكن التحكم بالصوت المُراد من خلال وضع بعض المقابس الإلكترونية في العود، وقد تمكّن أحد صنّاع آلات العود (Dmitri Rapakousious) من صنع نماذج من العود الكهربائي مسطح الظهر الذي يعمل بطريقتين الإلكترونية والتقليدية، والذي يعطي صوتاً أكثر جودة عندما يتمّ عزفه بالطريقتين.
يستخدِم العازف العديد من التقنيات المهمة أثناء عزفه على آلة العود، ومنها ما يأتي:
برزت مدرستان من مدارس تعليم عزف آلة العود في تاريخ هذه الآلة، وهما ما يأتي:
ظهرت المدرسة الأولى أو العثمانية لأول مرة في اسطنبول على يد الموسيقيار علي رأفت كاجاتاي (بالإنجليزية: Ali Rifat Cagatay)، ونيفريس بيك (بالإنجليزية: Nevres Bey)، بعدهما رفيق طلعت ألبمان (Refik Tal'at Alpman)، وسنوشين تانريكورور (Cinucen Tanrikorur)، حيث يعتمد مبدأ المدرسة على تطبيق تقنيات موسيقية في العزف كالانزلاقة الحساسة بأصابع اليد وتقنية الاهتزاز تجعل الصوت الصادر عاطفياً، ويُحدث نقر الريشة على الأوتار اهتزازاً يؤثر في شدة وحجم الرنين ما يبعث شعوراً للتفكر والتأمل.
لقد ظهر دور المدرسة واضحاً في تضخيم صوت العزف؛ وذلك من خلال ضرب الأوتار ضربات ثابتة بالريشة ليصدر صوت قريب من الأغاني المصرية وهو ما يتطلب براعة الأداء في العزف.
ينبغي أن يعتني عازف العود بآلته للحصول على الأداء الجيد، ومن أهمّ الطرق التي تساهم في الاعتناء بآلة العود ما يأتي:
اشتهرت العديد من الشخصيات في فن العزف على آلة العود، ومن هذه الشخصيات ما يأتي:
ولد فريد الأطرش (بالإنجليزية: Farid al Atrash) في سوريا لعائلة درزية من الأمراء، وعاش في الفترة الواقعة بين عامي (1915-1974م)، ثمّ انتقلت عائلته إلى مصر في عشرينيات القرن العشرين، ودرس فريد في مدرسة الموسيقى على يد الأسطورة رياض السنباطي، واشتهرت عائلة فريد بالفن الموسيقي، إذ كانت والدة فريد الأطرش مغنية وتعزف على العود، وكانت أخته أسمهان مغنية مشهورة.
عاش محمد القصبجي (بالإنجليزية: Mohamed al Qasabgi) في الفترة الواقعة بين عامي (1892-1966م) وكان والده مدرساً لعازفي العود، ومؤلفاً للأغاني في ذلك الوقت، ما جعل ابنه محمد محباً للعود، وكان محمد القصجي ملحناً موسيقياً، وعازفاً للعود، وأحد أفضل خمسة ملحنين رائدين في مصر في القرن العشرين، حيث كان يسمى (سيد العود)؛ نظراً لقدراته ومهاراته العظيمة في العزف.
ولد رياض السنباطي (بالإنجليزية: Riyad al-Sunbati) في مدينة دمياط في الفترة الواقعة بين عامي (1906-1981م)، ثمّ انتقل مع عائلته إلى المنصورة في وقت لاحق، كان والد رياض عازفاً للعود ومغنياً مشهوراً، وكان يصطحب معه ابنه رياض في الحفلات؛ حتى يتمكن من تعلم الغناء بشكل جيد، ثمّ تعلّم رياض فن العزف على العود على يد مدرب يدعى محمد شعبان.
اشتهر منير بشير (بالإنجليزية: Munir Bashir) الذي عاش في الفترة الواقعة بين عامي (1930-1997م) بمساهمته الثقافية واختصاصه في نظام المقامات العربي، وكان من أعظم من عزف الموسيقى على مستوى الشرق الأوسط في القرن العشرين، واشتهر بأسلوبه المتميز الذي اعتمد على الارتجال في العزف المستوحى من خبرته في فن النغمات الموسيقية، ومعرفته في الموسيقى الأوروبية والهندية.
ولد نصير شمّه (بالإنجليزية: Naseer shamma) العازف والمؤلف الموسيقي عام 1963م في قرية قرب نهر دجلة في العراق، وبدأ تعلم الموسيقى في عامه الثاني عشر في بغداد، وظهر في حفل موسيقي أمام العديد من الموسيقيين العراقيين المعروفين في عامه الثاني والعشرين ليعزف مؤلفاته التي كتبها، ويُعدّ من أشهر عازفي العود في الجيل الجديد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ