ان العلاج بالمضادات الحيوية لفترة طويلة، هي أفضل وقاية من تكرار نوبات حمى الروماتيزم والمرض القلبي الناجم عنها.
تُعد حمّى الروماتيزم rheumatic fever من المضاعفات الخطيرة التي قد تحدث نتيجة إهمال علاج التهاب البلعوم بأحد أنواع الجراثيم التي تدعى المكورات العقدية من الزمرة الأولى Group A streptococcus
يمكن أن تظهر الأعراض بفترة تتراوح بين أسبوع واحد و5 اسابع بعد الإصابة بالتهاب البلعوم بالمكورات العقدية.
الأعراض:
ألم وتورم المفاصل:
يعتبر ألم وتورم المفاصل من أكثر الأعراض أهمية حيث تحدث لدى ما يقارب 75% من الأشخاص.
يصيب هذا الالتهابُ المفاصل الكبيرة عادةً، مثل الركبتين والكاحلين والمرفقين والمعصمي، وتكون الإصابة ثنائية الجانب غالبا، ويمكن أن يصيب عدة مفاصل معاً.
غالبا ما تزول أعراض التهاب المفاصل خلال 4-6 أسابيع ولا تسبب أضراراً دائمة بشكل عام.
التهاب القلب
يُعتبر التهاب القلب carditis عرضاً شائعاً آخر للإصابة بحمّى الروماتيزم، ويكون خطيرا في بعض الأحيان
يحدث التهاب القلب لدى حوالي 30-60% من المصابين بحمى الروماتيزم، وأكثر شيوعا لدى الأطفال بعمر صغير
يتظاهر التهاب القلب بالأعراض التالية وذلك بسبب صعوبة ضخ الدم:
يمكن أن يستمر التهابُ القلب لفترة تصل لعدة أشهر، ولكنه يتحسن مع مرور الوقت
رقص سيدنهام
تحدث أعراض رقصُ سيدنهام Sydenham’s chorea نتيجة لإصابة الأعصاب وتشمل هذه الأعراض:
تظهر أعراض رقص سيدنهام لدى ما يقارب ربع الأطفال المصابين بحمَّى الروماتيزم، ونادرا ما تصبب البالغين.
تزول أعراض رقص سيدنهام خلال بضعة أشهر عادة، ولكن يمكن أن يستمر لفترة قد تصل لسنتين ولكن بشكل عام، يتم الشفاء بشكل كامل من دون ضرر دائم بالجهاز العصبي.
يحدث الطفحُ الجلدي عند حوالي 10% من الأطفال المصابين بحمّى الروماتيزم، ويطلق عليه بالحُمامى الهامشيّة erythema marginatum، وهي غير مؤلمة ولا تسبب الحكة غالبا، ويمكن مشاهدته لدى الأطفال من ذوي البشرة الفاتحة بشكل أكبر.
تستمر هذه الحمامى بالظهور والزوال لفترة أشهر، ولكنه تزول تماما بعد ذلك.
يفسر معظمُ الباحثون حدوث حمى الروماتيزم نتيجة لردة فعل قوية للجهاز المناعي عند الإصابة بالتهاب البلعوم بالمكورات العقدية. ويفسر بالبعض وجود تشابه بين بنية المكورات العقدية وبعض أنسجة الجسم مثل محفظة المفاصل والقلب والجلد والأعصاب، مما يؤدي لمهاجمتها عن طريق الخطأ من قبل الجهاز المناعي الذي يصنع الأجسام الضدية لمهاجمة المكورات العقدية.
عند إصابة أي عضو من الجسم، ينجم عنه أعراض خاصة مثل:
بينما تفترضُ نظرية أخرى احتمالَ ولادة بعض الأشخاص وهم يحملونَ صفاتٍ وراثية معينة تجعل جهازَهم المناعي أكثر عرضة لحدوث بوظيفته عند الإصابة بالتهاب البلعوم.
نتيجة لوجود عدة أعراض لحمى الروماتيزم، والتي قد تتشابه مع أعراض أخرى، تم اعتمار معايير خاصة، إذا تحقق بعض منها معا، يمكن تأكيد تشخيص حمى الروماتيزم، وهذه الأعراض تدعى معاير جونز “Jones Criteria” وهي:
العلامات والأعراض الرئيسيَّة:
العلامات والأعراض غير الرئيسيَّة:
يمكن تأكيد تشخيص الإصابة بحمى الروماتيزم عادة عند وجود علامتين أو عَرضين رئيسيين على الأقلّ، أو عند ظهور علامتين أو عَرضين غير رئيسيين مع علامةٍ أو عَرضٍ رئيسيٍّ أو أكثر.
يمكن تقييم بعض العلامات والأعراض السابقة من خلال الفحص السريري، إلاَّ أن هناك ضرورة لإجراء اختبارات عند تشخيص بعضها الآخر، مثل التهاب القلب. ويمكن استعمال الاختبارات التالية لتشخيص الإصابة بحمَّى الروماتيزم:
تخطيط القلب الكهربائي ECG
ينبغي إجراء تخطيط القلب الكهربائي Electrocardiogram (ECG) للتحقق من وجود أي اضطراب في نظم القلب، لذلك من الضروري كشف هذه الحالة باكراً لعلاجها بشكل سريع.
الفحوصات الدموية:
يمكن أحراء عدد من التحاليل الدموية ومنها:
يفضل أن يتم علاج الطفال المصاب بحمى الروماتيزم من قبل طبيب الأطفال وغالبا ما يكون العلاج بالعيادات الخارجية والمنزل كافياً، ولكن هناك بعض الحالات التي تحتاج للدخول للمشفى. وضرورة مراجعة المشفى بشكل دوري للتأكد من عدم وجود اختلاطات.
خطَّة العلاج
لم تتوصَّل الأبحاث الجارية حتَّى الآن إلى توفير علاجٍ لحمَّى الروماتيزم، ولكن بعض الإجراءات يمكن أن توفر وتحمي من احتمال حدوث المضاعفات، ومنها:
الأدوية المضادَّة للالتهاب
يمكن استعمالُ الأدوية المضادَّة للالتهاب anti-inflammatory medications لتخفيف ألم وتورّم المفاصل، وللحدّ من أعراض التهاب القلب في الحالات الشديدة.
أما بالنسبة لمضادات الالتهاب غير الستيرويديَّة non-steroidal anti-inflammatory drugs (NSAIDs) مثل مسكنات الألم كالإيبوبروفين، فمن الشائع استعمالها في معالجة التهاب المفصل.
يُستحسن عدم استعمال الأسبرين عند الأطفال دون 16 عاماً من عمرهم، لوجود خطرٍ بسيطٍ في أن يؤدي استعمالها لإصابتهم بمتلازمة راي Reye’s syndrome، وهي حالة قد تكون مُميتةً، لأنها يمكن أن تؤدي لحدوث أضرار بالكبد والدماغ
في حال تم تشخيص وجود التهاب قلب، يكون هناك حاجة للعلاج بالستيرويدات (الكورتيزن) البردنيزولون prednisolone وتستعمل لمدة 2-6 أسابيع عادة ويتم إيقافه بالتدريج.
المضادَّات الحيوية
يهدف العلاج بالمضادات الحيوية للقضاء على أي جراثيم عقدية بالجسم ومنع حدوث أي عدوى بها لاحقا، وذلك لمنع حدوث نوبات أخرى من حمى الروماتيزم للوقاية من حدوث أذية قلبية دائمة.
غالبا ما يتم إعطاء البنسلين على شكل حقن عضلية كل 2-3 أسابيع، وتختلف المدة التي يجب الاستمرار بإعطاء البنسلين بها حسب شدة الحالة كما يلي:
يجب الحرص الشديد على عدم نسيان أي موعد من لتلقي المضادات الحيوية وعند حدوث ذلك، يجب أخذها بأسرع وقت.
كما يجب عدم إيقاف استعمال المضادات الحيوية الوقائية من دون استشارة الطبيب.
الراحة في الفراش
ينبغي أن يرتاح الطفل المصاب بحمى الروماتيزم بالسرير مدة كافية وعدم القيام بجهد كبير، وذلك لأنقاص الجهد على القلب، ومن ثم عند بداية الشفاء، يمكن أن يزيد الطفل من نشاطه بشكل تدريجي.
علاج رقص سيدنهام
يمكن أن يساعد وضع الطفل ببيئة مريحة وهادئة مثل غرفة هادئة ومظلمة، على تجسين الأعراض العصبية التي يعانوا منها وتتظاهر على شكل حركات التوائية باليدين والقدمين.
يوصي بعض الأطباء باستعمال الأدوية في حالات النوبات الشديدة مثل أدوية “الكاربامازيبين carbamazepine وحمض الفالبرويك valproic acid”
يُعتبر مرضُ القلب الروماتيزميّ rheumatic heart disease من المضاعفات الخطيرة الشائعة التي يمكن تحدث عند الإصابة بحمَّى الروماتيزم.
مرض القلب الروماتيزميّ:
يسبب الالتهاب ضررا وتلفا بصمامات مما يعيق التدفق الطبيعي للدم عبر القلب.
تشير الدراسات أن حوالي 33% من الأشخاص الذين لديهم قصة حدوث حمى الروماتيزم سوف يحدث لديهم مرضُ القلب الروماتيزمي
قد تحتاج هذه الأعراض عدة سنوات للظهور بعد نوبة حمى الروماتيزم.
الرجفان الأذيني
قد يؤدِّي مرض القلب الروماتيزمي إلى حدوث الرجفان الأذيني atrial fibrillation، وهو حالة مرضية تسبب عدم انتظام وتسرع بمعدل ضربات القلب
يمكن أن يؤدِّي الرَّجفانُ الأذيني إلى زيادة خطر السكتة الدماغيّة stroke، وغالبا ما تعالج بالأدية المنظمة لضربات القلب وأدوية مضادة للتخثر للحيلولة دون تشكل الجلطات الدموية.
فشل وقصور القلب:
تحدث هذه الحالة لدى المصابون بدرجة متقدمة من مرض القلب الروماتزمي، وبهذه الحالة لا يمكن للقلب ضخ كمية كافية من الدم إلى أنحاء الجسم.
يحدثُ فشل القلب عند الأشخاص، الذين يُعانون من مرض القلب الروماتيزميّ، قد يحتاج لعمل جراحي يتطلب استبدال الصمام التالف أو توسيعه وإصلاحه.
إنذار حمى الروماتزم:
بشكل عام، يستطيع معظمُ الأطفال، الذين يُعانون من حمّى الروماتيزم، أن يعيشوا حياة طبيعية عند تقديم الرعاية المناسبة لهم واستعمال حقن المضادات الحيويّة بانتظام، لأن أهم شيء بالعلاج هو الوقاية من حدوث هجمة أخرى من حمى الروماتيزم. والطريقةُ الوحيدة لتحقيق ذلك هي استعمال حقن المضادات الحيويّة بانتظام.
يعتمد انذار حمى الروماتزم على حجم الضرر الذي أصاب القلب، حيث أن الشفاء لا يكون كاملا في حال إصابة القلب، حيث يمكن أن تستمر أعراض مرض القلب الروماتزمي مثل ضيق النفس والتعب والارهاق عند بذل جهد.
أما في حال لم يتضرر القلب، يمكن لاستعمال المضادات الحيوية للمدة الموصى بها أن تؤدي لمنع حدوث هجمة أخرى من حمى الروماتزم وبالتالي الوقاية من حدوث مرض القلب الروماتزمي.
من النادر جدا حدوث حالاتُ وفاة نتيجة الإصابة بمرض القلب الروماتيزمي في الدول المتقدمة من ناحية الرعاية الصحية.