تشكل اللغة عبر عملية النطق وسيلةً للتعبير عن المشاعر والأفكار وكذلك تشكل وسيلة التواصل الأساسية بين الناس، والنطق هو العملية التي تتمُّ من خلالها اللغة، لغة سليمة ونطق سليم عند الطفل ولاحقًا عند البالغ يتطلبان تداخلًا دقيقًا معقدًا ليس بين أجهزة الجسم نفسها فقط، بدءًا من الجهاز العصبي حتى العضلات المحركة، بل يتطلب ذلك أيضًا تداخلًا مع الوسط المحيط بالشخص، ولاسيما الطفل في مراحل نشأته الأولى، وهناك العديد من الاضطرابات التي تؤدي إلى خلل في لغة الشخص ونطقه، وتنعكس عليه شخصيًا وعلى الوسط المحيط به، وفي هذ المقال سيتمُّ الحديث عن أسباب اضطرابات اللغة والنطق، وشرح البعض منها بإيجازٍ غير مخلٍ.
سيلاحظ لاحقًا في هذا المقال أنَّ أسباب اضطرابات اللغة والنطق متنوعة ولا تنحصر جميعها باضطراب في جهاز واحد، بل إنَّ القائمة تتضمن مجموعة من الأسباب، وخصوصًا أنَّ الحديث في هذا المقال هو عن اضطرابات اللغة والنطق، فاضطراب النطق يؤثر على الطريقة التي ينتج بها الشخص الأصوات، لتشكيل الكلمات التي تشكل اللغة، وهذا يختلف عن اضطراب اللغة الذي يتميز بعدم القدرة على إتقان اللغة المنطوقة، والمكتوبة، والتعبير عن الفهم، ولا علاقة لهذا الاضطراب بمشاكل السمع، وهو شائع عند الاطفال الصغار، ويحدث ذلك في 10-15% ممن تقل أعمارهم عن 3 سنوات، ووفقًا لمركز جامعة ميسيسيبي الطبي، وبحلول عمر 4 سنوات تكون القدرة اللغوية أكثر استقرارًا بشكل عام، ويمكن قياسها بشكل أكثر دقة لتحديد ما إذا كان هناك عجز أم لا، وفيما يأتي تفصيل بعض أسباب اضطرابات اللغة والنطق.
يؤدي ضعف العضلات إلى اضطراب في النطق يسمى الرتة أو خلل النطق التشنجي، وهو مصطلح يطلق على جميع الحالات التي تؤدي إلى ضعف في العضلات التي تسهم في النطق والكلام، وقد يحدث ذلك نتيجة تلف عصبي بسبب سكتة دماغية، أو أذية رضية للدماغ، أو بسبب داء تنكسي في الجهاز العصبي، وتشترك الرتة في العديد من أعراضها مع أنواع أخرى من الاضطرابات العصبية مثل؛ فقدان القدرة على الكلام، عسرة النطق واللاأدائية، أو الأبريكسيا، وهي اضطرابات عصبية في اللغة والنطق تختلف عن الرتة، فالأولى والثانية منها تنجم عن أذى في المراكز العصبية المسؤولة عن اللغة وتؤثر على قدرة الشخص على فهم وإنتاج اللغة، أمَّا الثالثة أي اللاأدائية فهي تؤثر على قدرة الشخص على إنتاج كلمات أي النطق، وتنجم عن خلل في المراكز العصبية المسؤولة عن التخطيط للنطق أو الكلام.
تحدث السكتة الدماغية عند انعدام أو نقص تدفق الدم إلى جزء من أجزاء الدماغ، ممَّا يمنع من وصول الأوكسجين والمواد المغذية لخلايا الدماغ، وهذا سيؤدي إلى بدء تموت خلاياه خلال دقائق، ولذلك فالسكتة الدماغية هي حالة طبية إسعافية، والعلاج الفوري أمر في غاية الأهمية، حيث إنَّ التدبير السريع والمناسب قد يقي من تلف خلايا الدماغ وعقابيل هذا التلف، ولذلك لا بدَّ للشخص أو مرافقيه من مراجعة الطبيب وطلب العناية الطبية في حال عانى من أعراض السكتة الدماغية التي قد تشمل على:
إنَّ ضعف الجهاز التنفسي بسبب عضلي شائع بين المرضى الذين يعانون من مرض عصبي عضلي، ويمكن أن يكون حادًا، فعلى سبيل المثال متلازمة غيلان باريه، أو مزمنًا وناكسًا؛ مثل التصلب المتعدد، والوهن العضلي الوبيل، أو تدريجيًا بدون فترة مثل التصلب الجانبي الضموري، وبغض النظر عن السير السريري فإنَّ ضعف العضلات التنفسية يمثل مشكلة خطيرة بين المرضى الذين يعانون من مرض عصبي عضلي، وتشير التقديرات إلى أنَّ 15 إلى 28 في المئة من المرضى الذين يعانون من الوهن العضلي الوبيل، و 20 إلى 30 في المئة من المرضى الذين يعانون من متلازمة غيلان باري، سيحتاجون إلى تهوية ميكانيكية غازية 3 إلى 5 مرات، وسيموت العديد من المرضى الذين يعانون من مرض التصلب الجانبي الضموري نتيجة فشل الجهاز التنفسي المزمن.
الحبلان الصوتيان هما عبارة عن طيتان صوتيتان في الحنجرة، وهما يسهمان في إنتاج الكلمات، ولهما دور في الوقاية من دخول الطعام والشراب إلى الرغامى فالقصبات الرئيسة، ويعرف شلل الحبل الصوتي بأنَّه عجز في أحد الحبال الصوتية أو كليهما أي الطيات الصوتية عن الحركة، وهذا يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية للمصاب، بما في ذلك العمل، واختيار الوظيفة، والتفاعلات الاجتماعية والأنشطة، ووقت الفراغ، وهو ينجم عن أذى في الأعصاب التي تعصب الحبال الصوتية، وهما العصبين المبهمين بفروعهما، وقد يحدث نتيجة الشلل عدد من المشكلات لدى المريض، من بحة في الصوت، والتعب الصوتي، وانخفاض حاد في كمية الكلام، وألم في الحلق عند الحديث، كما إنَّّ عملية السعال، والعطاس، ومحاولة إخراج المفرزات من السبيل التنفسي تصبح ضعيفة وغير فعالة، مما يؤدي إلى تراكم المفرزات فيه وربما تحدث مضاعفات أخرى نتيجة لذلك كالتهاب الطريق التنفسي، والتهاب الرئة، ويعتمد علاج شلل الحبل الصوتي على عدة طرق منها:
أورام الحبل الصوتي الحميدة أو آفات الطية الصوتية الحميدة؛ هي تنشؤات سليمة غير سرطانية تشمل على العقيدات، والبوليبات، والكيسات، وجميعها يمكن أن تسبب بحة في الصوت، ويمكن أن يترافق مع الفرط في استخدام الصوت، أو رض للحبل الصوتي، وهنا سيتمُّ شرح كل واحدة منها:
التوحد أو اضطراب طيف التوحد؛ هو حالة مرتبطة بتطور الدماغ وتؤثر على كيفية إدراك الشخص للآخرين والتواصل معهم، ممَّا يسبب مشاكل في التفاعل والتواصل الاجتماعي، ويشمل الاضطراب أيضًا أنماطًا محدودة ومتكررة من السلوك، ويشير مصطلح الطيف في اضطراب طيف التوحد إلى مجموعة واسعة من الأعراض والشدة، وهو يشمل على الحالات التي كانت تعد في السابق منفصلة وهي التوحد، ومتلازمة أسبرجر، واضطراب الطفولة التفككي، بالإضافة إلى شكل غير محدد من اضطراب النمو المنتشر، ولا يزال بعض الناس يستخدمون مصطلح متلازمة أسبرجر والذي يُعتقد عمومًا أنَّه شكل مخفف لاضطراب طيف التوحد، وتبدأ اضطرابات طيف التوحد في مرحلة الطفولة المبكرة وتتسبب في النهاية بمشاكل اجتماعية وسلوكية في المدرسة و لاحقًا في العمل، وغالبًا ما تظهر الأعراض خلال السنة الأولى، ويبدو أنَّ عددًا صغيرًا من الأطفال يتطورون بشكل طبيعي في السنة الأولى، ثمَّ يمرون بفترة من الانحدار بين عمر 18 و 24 شهرًا عندما تتطور أعراض مرض التوحد، ورغم عدم وجود علاج لاضطراب طيف التوحد، إلا أنَّ العلاج المبكر والمكثف يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في حياة العديد من الأطفال.
يصف الخرف مجموعة من الأعراض التي تؤثر على الذاكرة، والتفكير، والقدرات الاجتماعية بشدة بما يكفي ليحدث ذلك تداخلًا وتأثيرًا في الحياة اليومية للشخص، وهو ليس مرضًا محددًا، بل يمكن للعديد من الأمراض المختلفة أن تسبب الخرف، وعلى الرغم من أنَّ الخرف ينطوي بشكل عام على فقدان الذاكرة، إلّا أنَّ فقدان الذاكرة له أسباب مختلفة، وهذا يعني أنَّ فقدان الذاكرة وحده لا يعني أنَّ الشخص لديه خرف، ويشكل مرض الزهايمر السبب الأكثر شيوعًا للخرف التدريجي لدى كبار السن، ولكن هناك عدد من أسباب الخرف، وبعضًا منها يمكن عكسه باستخدام بعض العلاجات، وتحدث في الخرف تغيرات في الوظائف المعرفية والنفسية، فتشمل المعرفية في البداية على:
أمَّا التغيرات النفسية فشتمل على:
مرض هنتنغتون هو مرض وراثي يسبب التنكس التدريجي للخلايا العصبية في الدماغ، وله تأثير واسع على القدرات الوظيفية للشخص وعادةً ما يؤدي إلى اضطرابات حركية، ومعرفية، ونفسية، ويبدأ المرض عادةً في الثلاثينيات أو الأربعينيات من العمر، ولكن قد يظهر المرض في وقت مبكر أو لاحق في الحياة، وعندما يتطور المرض قبل سن 20 تسمى الحالة مرض هنتنغتون الشبابي، وغالبًا ما يؤدي ظهور المرض في وقت مبكر إلى ظهور مجموعة مختلفة من الأعراض، ويتطور المرض بشكل أسرع، وحاليًا تتوفر عدة علاجات للمساعدة في تدبير أعراض مرض هنتنغتون، ولكن العلاجات لا يمكن أن تمنع التدهور الجسدي والعقلي والسلوكي المرتبط بالحالة.
يشكل سرطان الحنجرة أحد أكثر أنواع سرطانات الرأس شيوعًا، حيث يصيب حوالي 13.430 من البالغين في الولايات المتحدة كل عام، والرجال هم أكثر عرضة للإصابة بأربع مرات من النساء، وأكثر من نصف المصابين هم في عمر 65 عامًا أو أكبر، حيث قد يتظاهر بالتهاب في الحلق أو سعال لا يشفى على العلاج التقليدي، وقد يحدث ألم في الأذن أو مشاكل في البلع، وفي الحالات المتقدمة قد يحدث تورم في الرقبة أو في الحلق، وبالنسبة للصوت قد يصبح مبحوحًا، وهناك عدة أمور تزيد من خطر سرطان الحنجرة كالتدخين وهو الأهمّ، وكذل التدخين السلبي، وتعاطي الكحول، وتناول نظام غذائي سيء، والعمل في بيئة يتعرض فيها الشخص للأبخرة والمواد الكيميائية لفترة طويلة من الزمن، ولتشخيص سرطان الحنجرة يُجرى أولًا فحص فيزيائي، ثمَّ إجراءات التصوير والخزعة لتبين نوع السرطان، وهناك عدة خيارات للعلاج كالعلاج الشعاعي، والكيماوي، والجراحة.
يشكل سرطان الفم أحد سرطانات الرأس والعنق، ويمكن أن يظهر في أي مكان في الفم، بما في ذلك الشدقين أي باطن الخدين واللثة، ووفقًا لجمعية السرطان الأمريكية ACS يبلغ متوسط العمر عند التشخيص 62 عامًا، ولكن حوالي 25٪ من الحالات تحدث قبل سن 55 عامًا، ومن المرجح أن يصيب المرض الذكور أكثر من الإناث، وفي المراحل المبكرة منه لا توجد علامات، ولذلك يجب على المدخنين ومتعاطي المشروبات الكحولية إجراء فحوصات منتظمة عند طبيب الأسنان، ولأنَّ التبغ والكحول من عوامل الخطر للإصابة بسرطان الفم، وكما إنَّ مراقبة التغيرات في البداية تساعد على كشف سرطان الفم في مراحله الباكرة عندما كون علاجه أسهل، وهناك عدة حالات من الممكن أن تتطور إلى سرطان فم منها: