الاعتقاد السائد لدى معظم الناس أن الإصابة بورم دماغي يعني أن الأيام أصبحت معدودة، ولكن هذا لا يلامس سوى نصف الحقيقة ويجانب نصفها الآخر، حيث أن الأورام الدماغية ( أو التعبير الأفضل الأورام داخل القحف) مثلها مثل بقية الأورام منها الحميد ومنها الخبيث، وحتى النوع الخبيث يقسم إلى قسمين أولي أي يتشكل حصراً في الدماغ، وثانوي أي نقائل دماغية لورم خبيث في عضو آخر من الجسم. وهنالك صفة لاورام الدماغ بأنها لا تنتقل خارج القحف. ولكن ما يحدد خطورة الأورام الدماغية ليس طبيعتها النسيجية أي خبيثة او حميدة وحسب، بل أيضا مكان توضّعها في مناطق الدماغ المختلفة، فقد تتحول الأورام الحميدة إلى أورام خطرة غير قابلة للاستئصال وقد تقود لعجز عصبي كبير والموت اذا توضعت في مناطق حيوية في الدماغ، وغير قابلة للاستئصال الجراحي، وعلى العكس تماما، قد تكون بعض الأورام الخبيثة قابلة للاستئصال بالكامل ولا تترك عجزا عصبيا ، يستطيع معها الشخص العيش لسنوات عديدة بمساعدة العلاجات الدوائية والشعاعية.
وبائيات:
تحتل الأورام الدماغية عند الاطفال المركز الثاني بعد سرطانات الدم.
تحتل عند البالغين المركز الثالث من حيث تواترها في الأمراض العصبية بعد الحوادث الوعائية الدماغية والعته.
تشكل الأورام الأولية الخبيثة تقريبا ثلث الأورام الأولية داخل الدماغ خاصة الأورام الدبقية بدرجاتها المختلفة ونسبتها 30%.
تشكل الأورام الحميدة النسبة المتبقية (70%) خاصة الاورام السحائية ونسبتها 40 بالمئة وأورام الغدة النخامية ونسبتها 10 بالمئة .
خُمس (20%) من الاورام الخبيثة في الجسم تنتقل إلى الدماغ، خاصة تلك المتعلقة بأورام الرئة والثدي، حيث تكون هذه النقائل كاشفة للورم الرئوي في خمس الحالات أيضا.
يعتبر القحف صندوقا محكم الاغلاق بعد السنة الثانية من العمر بعد انغلاق اليوافيخ وتكلس الدروز القحفية، لذلك يؤدي نمو الورم أو حدوث استسقاء في الدماغ (تجمع السائل) بسبب انضغاط مجرى السائل الدماغي الشوكي في الجهاز البطيني بالأورام، إلى ارتفاع الضغط داخل القحف ويتجلى بأربعة أعراض وأهما:
ليس بالضرورة أن تجتمع هذه الأعراض كلها حتى نتحدث عن ارتفاع الضغط داخل القحف، فقد يشتكي المريض من عرض واحد فقط .
يؤدي استسقاء الدماغ عن الاطفال دون سن الثانية إلى كبر حجم الجمجمة بسبب كون اليوافيخ غير منغلقة والدروز القحفية غير متكلسة بعد.
تكون إما نوباي جزئية أو معممة، وتكون هي العرض الذي يكشف الورم في ثلث الحالات تقريبا، خاصة في تلك الأورام ذات التوضع القشري، وبطيئة التطور، مثل الأورام السحائية والأورام الدبقية منخفضة الدرجة.
تحدث بسبب ضغط الورم أو انتشاره في المراكز العصبية المختلفة وتتظاهر طبقا لوظيفة هذه المراكز، فنجد مثلا نقص حس أو ضعف عضلي أو حبسة كلامية أو فقدان للرؤيا، وتتميز بتطورها السريع نوعا ما، وتتفاقم بتشكل الوذمة حولها وتنتشر بما يعرف بنقطة الزيت، أي أن العجز يزداد شدة وحدة بتقدم الأيام.
قد يحدث تخليطا عقليا أو عتها خاصة إذا كانت الأورام منتشرة في أجزاء الدماغ المختلفة. وقد يحدث تناذر الفص الجبهي في الأورام المتوضعة في الفص الجبهي ، وقد يحدث اضطرابا في الذاكرة في الاورام التي تمس جهاز الذاكرة.
ويكون ذلك في حالة الأورام المتوضعة في الحفرة الخلفية من القحف حيث يتواجد المخيخ المسؤول عن التوازن ، وجذع الدماغ حيث تتواجد نوى الأعصاب القحفية. وتعتبر هذه الأورم خطيرة وقد تقود للموت السريع بسبب ضغطها للمراكز الحيوية التي تسيطر على القلب والتنفس، كما أنها تتظاهر سريعا بارتفاع التوتر داخل القحف بسبب ضغطها لمجرى سيلان السائل الدماغي الشوكي.
يحدد لنا التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ بشكل أساسيي، والتصوير الطبقي المحوري مع حقن المادة الظليلة بشكل أقل طبيعة الورم: هل هو حميد (سليم) أو خبيث، وإذا كان خبيثاً، هل هو أولي أو ثانوي وإن لم يكن بشكل حاسم ودقيق.
عند الشك بوجود نقائل دماغية يتم إجراء استقصاءات شعاعية للبحث عن الورم الأولي.
يتم إجراء خزعة من الورم الخبيث غير القابل للاستئصال لتحديد طبيعته، ومن ثم لمعرفة استجابته للعلاج الكيماوي والشعاعي.
يقسم العالج لشقين:
أولا : العلاج العرضي:
الوذمة الدماغية: يستخدم الكورتيزون لتخفيف الوذمة الدماغية المتشكلة حول الورم مما يحسن سريعا في حالة المريض وتخف أعراضه خاصة تلك المتعلقة بارتفاع الضغط دتخل القحف. ولكن هذا العلاج لا يؤثر على تطور المرض لأنه يقوم بتخفيف الوذمة الدماغية فقط.
ثانيا : العلاج السببي
جراحيا باستئصال الورم بشكل كلي في الاورام الحميدة وهذا يعني الشفاء بشكل كلي. ولكن قد يترك عقابيل دائمة إذا كان متوضعا في مناطق حساسة. ولكن يجب الانتباع إلى أنّ هنالك بعد الأورام السليمة غير قابلة للاستئصال خاصة تلك المتوضعة في الحفرة الخلفية والملاصقة لجذع الدماغ أو تلك المتوضعة في عمق الدماغ. ويجب التنويه هنا بأن الأورام السحائية هي أورام داخل القحف وضاغطة للدماغ وليست أوراما دماغية بالخاصة، لذلك تكون نسبة نجاح العملية الجراحية كبيرة.
ويتم الاستئصال الكامل أيضا للأورام الخبيثة المتوضعة في قشر الدماغ إذا كانت بعيدة عن مراكز الحركة والكلام وإلا تركت عقابيل مهمة. وغالبا ما يلجأ إلى الاستئصال الجزئي للورم.
أما بالنسبة للنقائل الدماغية فيتم استئصالها إذا كانت وحيدة التوضع.
العلاج الكيماوي والعلاج الشعاعي، يتم القيام به للأورام غير القابلة لاستئصال أو للنقائل الدماغية من أورام خبيثة في عضو من أعضاء الجسم، أو في بعض حالات استئصال الورم جزئيا.
قد تحدث اختلاطات تعتبر مهددة للحياة حيث تقود إلى تراجع مفاجئ في مستوى الوعي وربما الدخول في حالة سبات وأهمها:
العربية
