ماهي الأمراض الشائعة بمنطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية.
أ - القرصة (اللدغ):
ثمة تعليمات متوارثة تركتها ثقافة الطب الشعبي في وعي أبناء المنطقة في مثل تلك الحالات، فإذا لدغت الأفعى إصبع أحد العمال، فعليه أن يقطع سيلان الدم في إصبعه بنفسه، أو يستعين بأحد القريبين منه ليعينه على ربط الجزء الذي يعلو مكان اللدغة؛ تفاديًا لتسرب السم بسرعة إلى بقية أجزاء الجسم، ثم يقوم بمص مكان اللدغة لسحب السم، وبصقه على الأرض، وتُكرر عملية سحب الدم من الأصبع حتى يتم التخلص من السم قدر المستطاع، أو يتم شق المكان بسلاح حاد في مكان اللدغة، وعصر العضو الملدوغ بالضغط عليه بالأكف لإخراج السم، ويُشترط أن يكون فم الذي يقوم بعملية المص خاليًا من الجروح.
كما كان يُعَالج ُ الملدوغ عن طريق جرح العضو المصاب بآلة حادة، مثل موسى أو خنجر حتى تنـزل كمية من الدم من العضو المصاب، بعدها يُكوى الجرح بآلة حديدية ساخنة، ويُربط المكان الملدوغ ربطًا محكمًا؛ ليمنع تسرب السم إلى الجسم، ويُعطى الملدوغ نبات (الرمرام) مغليًا لفائدته في هذه الحالات، وكذلك يمنع من شرب الحليب.
ب - عضة الكلب:
يعالج المريض من عضة الكلب بوضع الكبريت في مكان أنياب الكلب، ومن ثَمَّ تُحمى المكاوي بالنار، ويُكوى بها فوق الكبريت، ويُسقى المصاب من طاسة مكتوب عليها آيات قرآنية لمدة أربعين يومًا
ج - الخلال:
كان المعالجون يدخلون مِخْيَاطًا (مسلة) تحت الجلد لمسافة قد تصل إلى 6سم طولاً (بين البطن وصلب الطفل)، ويكون بالمخيط خيط من القنب يعقدون طرفيه، ومن ثَمَّ يحركونه كل يوم، فيلتهب الجرح، ويخرج منه قيح كثير (صديد). وثَمة تحميلة صغيرة من لب الحنظل توضع في شرج الطفل، لعلاجه من الإمساك، وبعدها يحدث إسهال.
وبالنسبة إلى الكبار المصابين بأمراض في المعدة والبطن فيعالجون بشرب ماء غُليت فيه أغصان (الروثة)، أو القيصوم، أو قشور الرمان، بعد إضافة كمية محدودة من لب الحنظل إليه بعد غليها وتبريدها وتصفيتها، ويُشرب بمعدل فنجان قهوة ثلاث مرات في اليوم. أما بذر (بزر) الدود فيُعد أقوى شربة، وفي حال تأخر الشفاء يُكرر شرب القيصوم أو الشيح المغلي.
د - الحمية:
كان المداوي يعتقد أن أشياء بعينها تضر بصحة المريض فيُمنع المريض (أو يحمى) عن أكلها أو عملها مدة معينة. وفي الماضي كان يعزل الشخص المصاب بعيدًا عن الناس لكيلا ينقل المرض إليهم عن طريق العدوى، خصوصًا المصاب بالجدري. كما أن هناك بعض الأمراض التي كان يصعب علاجها؛ لأن مسبباتها لا تُعرف، ومن هذه الأمراض ما يسمى (المولية)
هـ - الرمد:
كان (القرمز) يستخدم في علاج الرمد وهو حبيبات بنية مستوردة تُمزج بالماء فيصبح لونها بنيًا غامقًا، وتُقطر في العيون، أو يوضع بشكل ذرات في فتحة العين. اعتادت الأمهات غسل عيون أطفالهن كل صباح بالماء الدافئ، ويُخلط ملح الطعام بالسمن حتى يصبح كالمرهم، ثم تُكحل به العين، وتُعصب قبل النوم بالنسبة إلى الكبار. أما الصغار فكان يُكتفى بغسل عيونهم بماء دافئ مع ملح
و - شعرة العين:
وتنبت في أحد جفني العين بشكل عمودي فتؤذي الجفن الآخر، وتصبح مصدر ألم وإزعاج للمصاب، ويُصاب بها بعض كبار السن، وعلاجها لقط هذه الشعرة بـ (الملقط).
أما إذا سرى الجدري إلى عيني مريض فيوضع تحت العناية بشكل مكثف، من حيث تطهير طفح الجدري، وغسله بالماء المغلي مع الملح أولاً بأول.
ز - الكسور:
(الجبيرة) علاج حالات الكسور إذ (يُسنف) موضع الكسور بـ (سنايف) من الخشب. وقد اشتُهر بعض أبناء المنطقة بهذا النوع من العلاج؛ لتمكنهم من معرفة شد العضو المكسور، ومن ثَمَّ تركيب الأجزاء المكسورة في أمكنتها .
ح - العمليات الجراحية:
كانت تعتمد على خبرة الطبيب المعالج ومشاهداته الخاصة لفتح البطن وكشف موطن المرض ومن ثم علاجه جراحيًا، كأن يستخرج الطبيب رصاصة من جسد المريض
ترحيل النمل
وجود جحر (مستعمرة) للنمل في مكان ما، يضر كثيرًا بمصالح الناس، خصوصًا إذا كانت المستعمرة التي أنشأها النمل قرب مستودع المؤونة، أو قريبة من المدرس (البيدر)، حيث تتم مكافحته في هذه الحالة بالنار
علاج الإبل
الإبل مصدر دخل كبير وثروة من ثروات المنطقة، فضلاً عن المكانة الاجتماعية التي يحظى بها مالكو الإبل، لذا اهتم أهل المنطقة بكل ما يساعد في علاج أمراض إبلهم، ومن ذلك ما يأتي:
أ - اقترام الرحم:
وهو مرض يمنع اللقاح في الإبل نتيجة التواء العصب في الرحم. ويُعالج بإدخال اليد داخل الرحم، فقد يجد المعالج أعصابًا ملتوية، ويجد بعض حِلَق الرحم واسعة والأخرى ضيقة، والحافظة مختلفة، فينظفها بيده، ويضع عليها ملحًا بوصفه دواء، ويُسمى هذا العلاج (التعذيب)
ب - الإرحام:
قد يخرج رحم الناقة عند الولادة، ويسمى هذا: الإرحام (الترحيم)، فقد يتلوث الرحم بالتراب عند خروجه، لذا يُؤتى بصحن كبير نظيف، ويُوضع تحت حياء الناقة، ويُغسل الرحم الخارج جيدًا بالماء الدافئ، ثم يُدهن بالسمن النظيف، ويُعاد إلى موضعه .
ج - الجدري:
مرض فيروسي شديد العدوى، يظهر على الإبل التي تراوح أعمارها بين ستة أشهر وثلاث سنوات، فتظهر بقع جلدية حمراء اللون تتحول إلى بثور صديدية بنية اللون، حول العينين، وفي الأفخاذ، فيبادر صاحب الإبل إلى عزل المصابة منها، ثم يستخدم بعض الدهانات للمسح على البثور. ويمكن في الوقت الحاضر تطعيم الإبل ضد هذا المرض قبل انتشاره .
د - الجرب:
وهو مرض جلدي شديد العدوى، ينتشر في سائر الجسم، ويظهر غالبًا في فصل الربيع، ويبدأ في الأجزاء الرقيقة من الجلد مسببًا (القرادات) أو (الحلم)، ويصاحب إصابة البعير بالجرب هزال وتشقق في جلده وجفاف. وتعالج الإبل من الجرب بعزلها أو دهنها بالقطران القارة حيث يُطلى بها جلد البعير، أو يُطلى رماد شجر الطرفاء بـ (النورة) ، أو بالدهن المخلوط بالسمن الأصفر، ويعرف أهل البادية أكثر من طريقة لعلاج مرض الجرب، وتختلف الطرق من منطقة إلى أخرى حسب ما توارثوه وجربوه، وما هو متوافر في بيئتهم، فبعضهم يخلط الملح بالماء، وبعضهم يخلط رماد خشب السرح بالماء فيكون على هيئة عجينة، ثم يُدهن به البعير .
هـ - التهاب الضرع (النـزر):
تسببه غالبًا بكتريا التهاب الضرع، وهو مرض شائع في النوق، يُعالجَ بكيِّه بالنار على جميع منطقة المرض، سواء كان في الضرع جميعه أو في جزء منه .
و - الطير:
مرض يصيب - في الغالب - رأس البعير فيأخذ في تحريكه بقوة يمينًا ويسارًا، وكأنه يحاول إزالة ذلك الألم من رأسه، كما يُصاب بارتعاش، ويُعالَج ذلك المرض بفصد - أي قطع، أو جرح - عرق أمام العينين، وبعضهم يعالجه بالكي في الرأس، ومطرقتين على الورك .
ز - الهيام:
قد يكون (الهيام) من الأمراض المستعصية، وهو مرض جرثومي يسبب العطش والحمى، يستمر لفترة طويلة، ومن أعراض هذا المرض التي تظهر على الإبل الهزال، وفقد الشهية، وفقر الدم، وخشونة الجلد. وقد كثر الكلام عند البدو حول المشكلات التي يسببها للإبل هذا المرض فيتوجهون إلى الكي لعلاجه، أو بإعطاء الإبل المصابة بعض الأدوية المستمدة من أعشاب البيئة الطبيعية، أو بمنعها عن رعي بعض الأعشاب التي يشتبه في أنها تدهور حال الإبل.
مظاهر الثبات والتغير
انحسرت طرق العلاج التقليدية كثيرًا بعد التطور الهائل في الخدمات الصحية ، والتقدم الطبي العلمي الذي حسم كثيرًا من اجتهادات المطببين الشعبيين التي قد تصيب وقد تخطئ ثم يذهب المرضى ضحية أخطائها.
لقد أصبحت ثقة المواطن أكثر في المراكز الصحية والمستشفيات التي أنشأتها الدولة، وبدؤوا يعتمدون عليها ويلجؤون إليها حال حدوث أحدث العوارض الصحية لهم.
بيد أن تاريخ العلاج التقليدي لم يذهب بالكلية، فقد بقيت آثاره وذكرياته في محال العطارين، أعشابًا ونباتات ومركبات لها مريدوها الذين لا يزالون يعتقدون في جدواها، وربما أن بعضهم يلجأ إليها تجنبًا لمضاعفات العلاج الكيميائي، أو ثقة في خبرة الآباء والأجداد الذين ظلوا يتداوون بها طويلاً، وثم حالات أخرى طال ترددها على المستوصفات والمستشفيات دون أن يطرأ عليها أي تحسن، فبدأت تطرق، باب الطب الشعبي.
أما العلاج بالقرآن والرقية الشرعية، وما وصى به الرسول صلى الله عليه وسلم كالحجامة، فتلك أيضًا علاجات لها مكانتها الخاصة المستمدة من معتقدات أهل المنطقة، وثقتهم بكونها علاجات ناجعة.