ماهي الأهازيج الشعبية في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
ماهي  الأهازيج الشعبية في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية

ماهي  الأهازيج الشعبية في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية.

 
لقد كانت الحرفة الأساسية في منطقة الباحة تتمثل في الزراعة، يليها الرعي والتجارة والحرف الأخرى، وكان الناس في الماضي يرددون بعض الأهازيج التي تساعدهم على إنجاز أعمالهم، وتُذهب الملل، وتكسر الصمت. وكان لكل مناسبة تقريبًا أهازيجها الخاصة، ولكن يوجد بعض الاختلاف بين السراة وتهامة والبادية، وسوف نورد نماذج لتلك الأهازيج حسب كل إقليم، وحسب كل موقف.
 
أ - السراة:
 
1 - أهازيج الزراعة:
 
يردد كثير من المزارعين عندما يشرعون في إلقاء البذور في الأرض المراد زراعتها قولهم: (اللهم إنه من أيدينا في أيديك، وإنّا متوكلين عليك، وحالنا ما يخفى عليك، اللهم اجعله لنا ولمن شَبَرَه، إلا الشابر اللعين (الشيطان)، ذرينا (بذرنا) لنا وللشابرين (المؤملين أن ينالهم بعض خير الأرض)، وللطيور النافرين)   وعندما يشرع المزارع في الحرث يردد البيتين الآتيين:
 
يـا  اللــه اليــوم يــا ربــي     يــــا  عــــوينٍ لطلَّابـــه
يـــا  الــذي تنبــت الحَــبِّ     يـــابسٍ حـــين نــذرا بــه
وبعضهم يردد:
 
الليـــل هيَّــا والنهــار هيَّــا     يــا راقــدٍ فــي فيحـة الثريّـا
تنــاهبتك الليــل وانــت حيّــا
وعندما ينتهي من الحرث ويبدأ في تسوية المنطقة المحروثة بوساطة (المدمسة) - وتُسمى تلك العملية بـ (الدمس) - يردد الفلاح:
 
إذا  مــا حرثتــه ودققـت دمسـه     صرمتـه  وهـو بـالندى يسـتفيحي
أي إذا حرثت الأرض حرثًا جيدًا وسويتها تسوية جيدة؛ حصدتها وهي لا تزال محتفظةً بالندى في جذورها.
وتتم تسوية المكان المحروث إلى مربعات وبينها أفلاج (فلجان) لسقايتها، وتُسمى المربعات بـ (القصاب)، ويُسمى العمل بـ (التقصيب)، وهذا عمل خاص بالنساء، وعندما يجتمعن ويشرعن في هذا العمل يرددن بعض الأهازيج منها:
 
يا مجنبي يا شَبْشَبْ
يا مجنبي لا تنشب
 
والمجنب هو الأداة التي تُستخدم في التقصيب، وهو قطعة خشبية طولها نحو 40سم وعرضها نحو 20سم، له أسنان من الخشب، وعصا غليظة لتحريكه. ومن تلك الأهازيج:
 
ودهماسٍ بقِرَّار
يصُبّ السمن خَرَّار
ودهماسٍ بضيقه
يبله بالفريقه
 
والدهماس: عملية التقصيب. والمعنى أن جزاء العاملات اللاتي يقمن بالتقصيب بِدِقَّة (بقرّار) هو السمن الكثير، أما اللاتي يقمن به عن عدم رضى (بضيقه) وعدم دِقَّة فجزاؤهن أن يكون الإدام (فريقة) وهو لبن مطبوخ عليه دقيق.
 
وتوجد أهازيج مختصة بالسقاية التي تتم بالسواني والتي تتم أحيانًا قبل الحرث وتُسمى (البغرة) وتعني إيجاد الماء الكافي لنبت الزرع، وغالبًا ما تتم في حالة عدم سقوط الأمطار، وأكثر ما تكون السقاية بعد الحرث حسب حاجة الزرع، ويقوم بالسقاية شخصان: الأول يكون مع السانية، ويرافقها جيئة وذهابًا في مجرى محدد يُسمى (المجرة) ويعادل غالبًا عمق البئر، ولذلك يستدل بعضهم على عمق البئر من مجرتها؛ أما الثاني فيقوم بتحويل الماء من قصبة إلى أخرى، وتُسمى تلك العملية بـ (التحويل؛ أو التحريف)، وعندما يبدأ الساقي مع السانية يقول:
 
علّ يا غريب فرج الله قريب
أقرب من الداعي للمجيب
 
ويقوم بترديد ذلك كلما وصل إلى رأس البئر، وكلمة (علّ) تعني أمر الثيران بالاتجاه إلى نهاية المجرة، والثيران مع طول التكرار تقوم بذلك عند سماع كلمة (علّ). وأثناء سير السواني جيئة وذهابًا يغني الساقي بطَرق الجبل الذي مر بنا سابقًا.
 
2 - أهازيج الحصاد:
 
وفي الحصاد - وبخاصة الذي يتم بطريقة تعاونية جماعية - يردد الذين يقومون به (وهم غالبًا فريق من النساء) مجموعة من الأهازيج منها:  
 
 
غطــــرفي  يــــا حديّـــا     وانـــت  يـــا ذيــب غنّــه
مــــن  تمنــــى لقانــــا     بشّــــــره  بالمجنّــــــة
والمجنّة تعني المقبرة، وبعضهم يردد:
 
يــا اللــه اليــوم يــا اللــه     زرعنــــــا  لا تعوقـــــه
مثلمـــــا عقــــــت زرعٍ     سَــــبَلَه  فــــي حلوقـــه
وفي حصاد قصب الذرة يرددون:
 
القصـــب  مالـــه ضلـــوع     اركِبــــه  حــــدٍّ  يلـــوع
لا  يـــــروعك يــــالخروع     يـــالخروع بـــن الخـــروع
الخــــروع مـــن الرجـــال
والخروع هو الجبان الرعديد.
 
ويردد الفلاحون أهازيج في وقت (الدياس) وهي العملية التي تتم في الجُرُن (جمع جرين)، ويتم بوساطتها فصل الحبوب عن سنابلها وأعوادها، وتتم بوساطة ثورين يجران حجرًا من المرو الأبيض القاسي جدًّا يُسمى (خورمة)، أما بالنسبة إلى سنابل الذرة والحبش فتُفصل الحبوب عن سنابلها بوساطة (المخابط) وهي أعواد من الخشب قد يصل طولها إلى 2م، ويقوم الفلاحون بضرب السنابل بعد جمعها في الجرين بتلك المخابط حتى تتفكك وتخرج منها الحبوب، ومن الأهازيج التي يرددها الفلاحون أثناء الدياس:
 
يـا  ليتنـي يـوم الـدوايس غـايبِ     أرعـى  الغنـم فـي غُمَّـق الشعايبِ
وبعد فترة من الدياس تتوقف الثيران، ويقوم الفلاحون بقلب المحصول (الدياسة) ويرددون أثناء ذلك:
 
جريننــــا ومــــا فيــــه     ومـــا  ضمَّـــت حواشـــيه
البَرَكــــات  اهـــي فيـــه     تصابحــــــه وتمســـــيه
وللشــــابرْ حــــقٍّ فيـــه     نعشِّــــــره  ونوفيــــــه
ولراعيــــه يبـــارك فيـــه
وبعد الحصاد تأتي عملية (الذراة) وهي تعريض ما تم دياسه للرياح لتذروه، إذ يُحمل التبن (أو الرُّفة) بعيدًا، وتسقط الحبوب إلى أسفل لثقلها، وفي أثناء ذلك يردد الفلاحون بعض الأهازيج منها:
 
إذا هبـــتْ ريــاحك فاغتنمهــا     فلا بــدّ الريــاح مــن الركـودِ
ومنها:
 
يــا  اللــه فــي هبـوب ريـح     وحــــظٍّ مــــا يطيــــح
يــا  اللــه فــي هبـوب ريـح     وننتســــــم ونســـــتريح
وفي (الفزعات) مثل القيام ببناء بعض الجدران الزراعية، أو القيام بتطيين المنازل، إذ يكون العدد كبيرًا من الجماعة، يرددون بعض الأهازيج منها:
يا الله يا محيي العظام اللي هشيمه
تقطع الراس الذي ما فيه شيمه
 
ومنها:
 
 
جــات الجميلــه حقنــا فيهــا     اللـــه يخــلي مــن يخليهــا
ومنها أن يقول الفريق الأول:
 
مــا  ســرحنا مـع الفجـر الاول     غــير حشــمه وقــدر الـرفيق
ويردد الفريق الثاني:
 
حــيّ  مـن يهـزَع الصـف الاول     مثــل  هـزع  الـبرَد جـال فيـق
و (فيق) وادٍ في غامد بين الباحة وبلجرشي، تكثر فيه الأمطار والبَرَد، وهو مشهور بمزارعه وفواكهه اللذيذة.
 
ب - تهامة:
 
تختلف المحصولات والمواسم الزراعية بين تهامة والسراة لاختلاف المناخ ودرجات الحرارة ومعدل سقوط الأمطار، إذ توجد محصولات لا تنبت إلا في تهامة مثل الدخن والموز، وتوجد محصولات لا تنبت إلا في السراة مثل الخوخ والرمان. ولمزارعي تهامة أهازيجهم الخاصة بهم، وقد يشتركون في بعضها مع أهل السراة.
 
وعندما يريد المزارع في تهامة الحرث ينثر الحَب في الأرض ويقول: (اللهم اجعله لنا ولمن شبره، وللطير والفيره)   والفيرة: جمع فأر، وعند بداية الحرث يقول:
 
شعَّه شعّ ها لله
ولا إله الا الله (1)
يا الله على بابك
ولا خاب طَلاّبك
 
معاني الكلمات:
 
(1) شعّه: شق الأرض بالمحراث.
 
وفي الحصاد يرددون:
 
ما عاد الا شويَّه
ونكشف المغطَّى
يا تمر يا برنيَّة
على السعف توطَّا
 
وفي (الخباطة) - وهي فصل الحبوب عن سنابلها بوساطة المخابط - يرددون:
 
خبَّاطي سُلِّيمو القفصة ملانه
خبَّاطي سُلِّيمو القفصة ملانه
 
والقفصة: وعاء مصنوع من سعف النخل تُخزن فيه الحبوب.
 
ج - البادية:
 
كان لدى بعض سكان بادية العقيق مزارع نخيل، وكانوا يرددون عند حصاده النشيد الآتي:  
 
البارح البارح
عَلَيَّ الليل ليلين
والليله الليله
عَلَيَّ اربع ليالي
 
وفي هذا النشيد مؤشر على عدم رغبة ساكن البادية في الاستقرار، وأنه يعشق التنقل والرحيل، وفيه مؤشر على حبه للإنجاز، واستعجاله في الأمور. ولم يكن سكان البادية يأتون إلى تلك المزارع إلا وقت الحصاد، وقد تغير الوضع الآن فاستقر جميع سكان البادية تقريبًا، واتخذوا المزارع والمنازل الحديثة بخدماتها المختلفة.
 
شارك المقالة:
235 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook