ماهي المؤلفات المخطوطة في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية.
لا يمكن تحديد تاريخ دقيق لبدايات حركة التأليف في منطقة الباحة في العصر الحديث في ظل عدم توافر المعلومات الدقيقة حول هذا الموضوع، كما أنه لم يجر أي مسح شامل للوثائق والمؤلفات المخطوطة التي يمتلكها بعض الأسر العلمية في المنطقة أو بعض الأفراد المهتمين بجمع هذا التراث العلمي. ومع ذلك، فالمخطوطات التي ظهرت أو ظهر خبرها مؤخرًا، تؤكد أن تاريخ التأليف في المنطقة يعود، في الواقع، إلى كثيرًا. فمن أقدم الكتب المخطوطة التي ألفت في المنطقة ووصلت إلينا، تاريخ الشيخ محمد بن عبدالله بن أحمد المنصوري، الذي سجل تاريخ المنطقة خلال ما يقرب من قرن. فقد بدأ "تسجيل الحوادث منذ عام 1211هـ/1796م، بل سجل حادثة واحدة قبل ذلك في عام 1193هـ/1779م، إلى عام 1321هـ/ 1903م ". وقد حقق الدكتور إبراهيم الزيد هذا التاريخ وملحقه الذي كتبه الشيخ عبدالعزيز بن محمد المنصوري، بعد أن قدم لهما بدراسة شاملة.
ومن الكتب المخطوطة المهمة الأخرى تاريخ أو (مذكرات تاريخية) للفقيه الشيخ مسعود بن حجر، ومذكرات الشيخ يحيى بن صالح بن أبلج. وهذان الكتابان يرويان بعض الأحداث التاريخية والوقائع التي شهدتها المنطقة خلال النصف الأول من القرن الثالث عشر الهجري وبعده بقليل. وقد نشر الأستاذ إبراهيم الحسيل بعض هذه الأحداث التاريخية المروية في الكتابين
ويذكر أحد الباحثين أن للشيخ أحمد بن محمد بن سعيد "جعّاث" كتابًا مخطوطًا يؤرخ للمنطقة من عام 1112هـ/1700م إلى عام 1340هـ/1922م، وهو موجود ضمن مقتنيات مكتبته. ويُرجَّح أن هذا الكتاب قد كان ضمن مقتنيات مكتبة الشيخ حسن الأبلجي الذي أكمله بعد وفاة صاحبه ، كما أن لجعاث مصحفًا بخط يده. وثمة مخطوطات أخرى تنتظر التحقيق والدراسة، فللشيخ أحمد بن عائض الزهراني - على سبيل المثال - رسالة مخطوطة، في الفقه ، وللشيخ عيظة بن ضحوان الزهراني مخطوطات في بعض المسائل الشرعية التي تهم الناس في عهده ، وللشيخ عبدالله بن سعدي الغامدي خمسة مؤلفات مخطوطة، أربعة في العلوم الشرعية والخامس في التاريخ
وقد ذُكر أن للشيخ أحمد بن خضران الزهراني عددًا من "المخطوطات التي كان يكتبها بخط يده فضلاً عن المواعظ، والخطب والدروس التي كان يدرسها لطلابه ويلخصها لهم، وبعض الرسوم والوسائل الإيضاحية التي كان يستخدمها " وأورد الحريتي نماذج مصورة منها في كتابه
أما الأستاذ محمد ربيع وهو أحد المهتمين بجمع المخطوطات في المنطقة، فقد ذكر أن بحوزته مجموعة أوراق من مخطوطات (يبدو أنها مذكرات تاريخية) تصف بعض قرى منطقة الباحة للشيخ أحمد بن سعيد الزيداني، أحد فقهاء المنطقة خلال القرن الحادي عشر الهجري. وقد نشر الأستاذ ربيع القسم الثاني من هذه الأوراق الذي يصف مدينة بلجرشي وموقعها وسكانها وأعمالهم في موقع قبيلة غامد الإلكتروني "مجالس الصقور". كما ذكر الأستاذ ربيع أن للزيداني مؤلفًا في فقه الزكاة لا يزال مخطوطًا. وذكر في سيرته التي أرسلها للباحث أيضًا أن بحوزته مؤلفًا مخطوطًا للمؤرخ محمد بن جلال يتضمن بعض المذكرات التاريخية لأحداث القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجري، ومخطوطة "فتوح وادي السيسبان" مجهولة المؤلف التي تتحدث عن دخول الإسلام إلى بلاد غامد وزهران وما جاورهما، ومخطوطة ترصد الأعراف والعادات القبلية "أو العوائد الداركة العاركة" المتبعة في غامد وزهران قبل العهد السعودي، وهي مجهولة المؤلف أيضًا.
ومن خلال هذه المعلومات الموثقة وغيرها، يتضح لنا أن المخطوطات كانت معروفة في المنطقة على الأقل ابتداءً من القرن الحادي عشر وما بعده، وأن الكتاب المخطوط قد أدى دورًا مهمًا في الإبقاء على جذوة العلم والفكر مشتعلة في المنطقة أثناء هذه الفترة من التاريخ.