يلجأ الأطفال إلى التعبير جسدياً عن مشاعرهم أو ما يحتاجون إليه عندما لا يستطيعون التعبير عن ذلك بالكلام بسبب قلّة المفردات التي يملكونها، ممّا قد ينتج عنه بعض الحركات العدوانيّة التي يجب على الآباء مساعدتهم لتخفيفها عن طريق اتّباع العديد من الممارسات، وفيما يلي بعض منها:
يميل بعض الأطفال للغضب وممارسة السلوكيات السيئة عندما يجدون صعوبة في فهم مشاعرهم وكيفية التعبير عنها، فمثلاً عندما يكون الطفل حزيناً وغير قادر على التعبير عن ذلك فإنّه قد يلجأ إلى التصرّف بشكل سيئ لجذب انتباه والديه، لذا من المهم مساعدته على تحديد مشاعره وكيفية وصفها من خلال البدء بتعليمه مجموعة من المفردات المتعلّقة بالمشاعر المختلفة كالحزن، والسعادة، والخوف، ثمّ مساعدته على تسمية هذه المشاعر بدلاً منه كقولهم له "يبدو أنك الآن تشعر بالغضب"، ومع مرور الوقت يبدأ الطفل بتعلّم معرفة مشاعره وتسميتها، ثمّ يكون قادراً على تطوير فهم أفضل لها وكيفية التعبير عنها، وهنا يبدأ الوالدان بتعليمه كلمات أكثر تعقيداً مثل خيبة الأمل، والإحباط، والقلق، والوحدة.
يُعدّ مقياس درجة الغضب أداة تقدّم مجموعة من العلامات التحذيريّة التي تساعد الطفل على معرفة درجة غضبه وازديادها في بعض الحالات، ويتمّ إعداده من خلال رسم مقياس كبير على قطعة من الورق مع وضع تدريج للأرقام عليه بدءاً من الصفر في أسفل المقياس وانتهاءً برقم 10 مثلاً في قمّته، إذ تدلّ تلك الأرقام على مستويات غضب الطفل، ويوضّح الوالدان مبدأ ذلك له، فالمستوى صفر يعني عدم وجود أيّ نسبة من الغضب، والمستوى 5 يعني وجود نسبة متوسطة منه، أمّا المستوى 10 فيدلّ على وجود أكبر نسبة من الغضب.
تعبّر العلامات التي يشعر بها الطفل وتظهر على جسده ووجهه عندما يغضب عن مستوى الغضب لديه في ذلك الوقت، فمثلاً قد يظهر على تعابير وجهه الابتسامة عندما يكون مستوى غضبه 0، في حين قد يشعر بسخونة في وجهه عندما يكون في المستوى 2، وقد يبدأ بقبض يديه عندما يصبح في المستوى 7، وفي حال فهم الطفل تلك العلامات التحذيريّة واستطاع إدراكها فإنّه سيتعلّم أنّ عليه أخذ قسطاً من الراحة عند ظهورها حتى لا يصل غضبه إلى المستوى العاشر، وينبغي تعليق مقياس درجة الغضب في مكان واضح في المنزل، وسؤال الطفل بشكلٍ يومي عن مستوى الغضب لديه.
يوجد بعض الإستراتيجيات المناسبة لتهدئة الطفل، والتي يمكن تعليمها له لممارستها عند شعوره بالغضب والانزعاج بدلاً من لجوئه إلى الضرب أو رمي المواد، وفيما يلي بعض من هذه الاستراتيجيات:
يمكن تعليم الطفل الغاضب مجموعة من التقنيات التي تساعده على إدارة غضبه، وتهدئة ذهنه وجسمه، كالتنفس بعمق، والمشي السريع، بالإضافة لمجموعة من المهارات الأخرى المناسبة للتهدئة كمهارة الانضباط الذاتي، والتحكّم في الانفعالات، مع ضرورة تدريب الطفل عليها بشكلٍ كافٍ لمساعدته على ممارستها عند شعوره بالغضب والانزعاج.
يلجأ الطفل أحياناً إلى إظهار نوبات غضب لشعوره بأنّها طريقة فعّالة لمساعدته في الحصول على ما يريد، خاصّةً عندما يستسلم الوالدان لها وينفذّان رغبته من أجل بقائه هادئاً وتجنّب انهياره، ولكن على الوالدان عدم الاستسلام لذلك؛ لأنّه بالرغم من كونها حلّاً مناسباً لتهدئته على المدى القصير، إلّا أنّها ستؤدّي إلى مشاكل سلوكية وعدوانية كبيرة لديه على المدى الطويل.
يساعد الانضباط المستمر الطفل على معرفة أنّ السلوك السيئ أو العدوانيّ غير مقبول في جميع الحالات، وأنّه في حال خالف القواعد الموضوعة بسبب غضبه فإنّه حينها سيتعرّض للعقوبة اللّازمة، ويمكن ذلك من خلال تطبيق العقوبات التأديبية مثل حرمانه من بعض الامتيازات وعدم إعادتها له حتى يصلح الضرر الذي تسبّب به، وتعليمه بضرورة إصلاح ما كسره أثناء غضبه، أو تكليفه للقيام بعمل ما بدلاً من ذلك.
يُعدّ تحقّق الوالدين من مشاعر الطفل ومعرفتهم لها من خلال انتباههم الكامل له أداة فعّالة لمساعدته على الهدوء، ويكون ذلك من خلال التواصل معه والاستماع له لمحاولة فهم شعوره وعواطفه وتقبّلها، ممّا يشجّعه على محاولة التخلّص من المشاعر السلبية، وتجنّب السلوكيات السيئة، والدخول في نوبة غضب، وفي ذلك يوضح الخبراء المختصّون أنّ أهمية متابعة الطفل تكمن في قدرة الوالدين على ملاحظة لغة جسده وتعابير وجهه، وبالتالي محاولة فهم مشاعره من خلالها.
يُعدّ تجاهل بعض سلوكيات الأطفال السئية مثل التذمّر، والجدال، ونوبات الغضب، واستخدام الألفاظ غير اللائقة وسيلة للتقليل من احتمالية تكرارها، وليكون التجاهل ذو فعالية كبيرة فمن المهم أن يرافقه الانتباه التامّ للطفل، فمثلاً عندما يقوم الطفل بسلوكيات بسيطة خاطئة بهدف جذب انتباه والده فإنّه يجب على الأب إدارة وجهه بعيداً عنه أو مغادرة الغرفة بهدف تجاهل هذه التصرّفات، وفي الوقت ذاته فإنّه يجب على الأب مدح طفله والثناء عليه بمجرد أدائه لعمل جيد، ممّا يدفعه للاستمرار في التصرّف بالشكل السليم لجذب انتباه والده مرّة أخرى.
يتعرّض الطفل أحياناً لبعض التحديّات التي قد تُشعره بالقلق مثل الامتحانات المدرسية، ولمساعدته على التعامل معها ينبغي على الوالدين تعليمه استراتيجيات تعتمد على الأفكار الإيجابية بدلاً من السلبية، كما يمكن مناقشة الطفل وتبادل الأفكار معه من أجل إيجاد بعض العبارات التشجيعية التي يمكنه التفكير بها واستخدامها، مثل: "أستطيع القيام بذلك"، أو "أنا قوي".
يستطيع الوالدان إنشاء مكان مخصّص لتهدئة الأطفال في المنزل، وذلك باتّباع الخطوات الآتية:
تشجّع بعض مشاهد العنف والعدوانية التي يمكن أن يشاهدها الطفل على التلفاز ومن خلال الألعاب الإلكترونية على اكتسابه السلوك العدوانيّ، لذا ينصح الخبراء المختصّون بضرورة الحدّ من متابعة الطفل لمثل هذه المشاهد خصوصاً إذا أصبح عدوانيّاً في جميع الأوقات، وفي حال ظهرت إحدى المشاهد العدوانية أثناء مشاهدته للتلفاز فإنّه ينبغي على الأهل تنبيهه بأنّ الضرب وسيلة غير مناسبة لحلّ المشاكل، كما يمكن اختيار مجموعة من القصص المفيدة والبرامج التلفزيونية التي تعزّز مفهوم اللّطف في تعامل وتصرّفات الطفل بدلاً من ذلك.
يُعدّ الضحك أحد أفضل الطرق للتعامل مع الطفل الغاضب، فمثلاً يلجأ أغلب الأطفال إلى تناول وجباتهم بشكل فوضوي، ممّا ينتج عنه اتّساخ ملابسهم والمكان من حولهم، وعندها يمكن للوالدين معالجة الموقف بالضحك بدلاً من الصراخ عليهم، ممّا يشجّع الأطفال على المساعدة في التنظيف وتجنّب الغضب.
يمكن للوالدين اتّباع عدد من النصائح لمساعدة الطفل على الهدوء أثناء نوبة الغضب التي تصيبه، كما يأتي:
يوجد بعض الأنشطة التي تساعد على تهدئة الطفل، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية اختيار الأنشطة التي تناسبه، وذلك بسبب اختلاف شخصية كلّ طفل عن الآخر، ويمكن للوالدين مشاركة الطفل في بعض الأنشطة، وفيما يأتي بعض منها:
تظهر نتائج الغضب على الأطفال بأشكالٍ مختلفة تتمثّل عموماً بالرفض الاجتماعي، وقلّة الأصدقاء من حوله، وبالتالي نقص دعم أقرانه وزملائه له في سنّ الطفولة المبكرة، وغياب العلاقات العاطفية في المستقبل، لذا من المهم تربية الأطفال على الهدوء، وتعليمهم طرقاً لضبط أنفسهم، وتنظيم عواطفهم، والتحكّم بها.
يهدف الغضب الطبيعي عند الأطفال إلى محاولة الوصول لحلول للمشاكل التي تواجههم، ويتميّز الشخص الذي يتّصف به بقدرته على التواصل الحازم مع الآخرين، والتحدّث معهم مباشرة عن التصرّفات التي تسبّبت له بالإزعاج بوضوحٍ وصدق، كما أنّه قد يطلب منهم تغيير أو تعديل السلوك الذي أغضبه بشكل محدّد، وفي حال عدم قدرته على ذلك فإنّه قد يلجأ إلى اتّخاذ قرار واعي يرشده إلى تجنّب مصدر الغضب، أو ضبط مشاعر الغضب لديه، فمثلاً عند تعرّض الطالب لمعاملة غير عادلة من قبل معلم معيّن في المدرسة فإنّه قد لا يملك الجرأة الاجتماعية لمناقشة المعلّم بتصرّفه بصورة صادقة وحازمة، وحينها قد يكتفي بتجاوز هذا التصرّف الذي أزعجه وتقبّله من خلال تجاهله بطريقة ناضجة، أمّا غضب الطفل غير الطبيعي فإنّه يهدف إلى إيذاء الأشخاص من حوله من خلال التصرّفات العدوانية، والإساءة اللفظية، وغيرها من السلوكيات المسيئة