تٌعرف متلازمة داون أو التثالث الصبغي 21 أو التثالث الصبغي G أو تناذر داون (بالإنجليزيّة: Down syndrome)، على أنّها اضطراب جيني يحدث نتيجة خلل في انقسام الكروموسوم 21، مما يؤدي إلى امتلاك المُصاب بهذه المتلازمة نسخة إضافية كاملة أو جزئية من الكروموسوم الحادي والعشرين، ويختلف تأثير هذه النسخة الإضافية من مُصاب إلى آخر،والكروموسوم عبارة عن حزمة منظمة من الحمض النووي توجد في نواة الخلية، ويتكوّن جسم الإنسان الطبيعي من 23 زوجاً من الكروموسومات؛ بحيث يتكون كل زوج من هذه الكروموسومات من كروموسوم يأتي من الأم، بينما يأتي الكروموسوم الآخر من الأب، وفي هذا السياق يجدر بيان أنّ الأشخاص الذين يعانون من متلازمة داون يُلاحظ وجود بعض السمات البدنية المشتركة بينهم، فغالبًا ما يكون لديهم أنوف مسطحة وآذان صغيرة، وإضافة إلى ذلك قد يواجه المصابون بهذه المتلازمة صعوبات في التعلم، وقد يتطلبون وقتاً لتعلّم الكلام، المشي، وكيفية الاعتناء بأنفسهم ولكن من ناحية أخرى يجدر القول بأنّ تأثير متلازمة داون متفاوت ومختلف إلى حد ما من طفل إلى آخر، وأنّه وعلى الرغم من المصاعب التي يواجهها الأطفال المصابون بمتلازمة دوان إلا أنّ إيلاءهم الرعاية والمساعدة منذ سنّ مبكر يؤهلهم لعيش حياة سعيدة، وطبيعة، وامتلاك شخصية مستقلة عن الآخرين، ليتمكنوا من الالتحاق بالمدارس، والحصول على وظيفة، وتكوين صداقات، وحياة مستقلة عن الآخرين، بالإضافة للقدرة على الانخراط في المجتمع ليكونوا أعضاء نشيطين وفاعلين فيه.
تتعدّد أنواع متلازمة داون ويمكن بيان كلّ منها على النحو التالي:
يَعرف الباحثون أن متلازمة داون تحدث نتيجة وجود نسخة إضافية كاملة أو جزئية من الكروموسوم 21، لكن لا أحد يعرف على وجه اليقين السبب المحدد لحدوثها أو عدد العوامل المختلفة التي تلعب دورًا في ذلك، ولكنّهم توصّلوا إلى أنّ أهم العوامل التي قد تزيد من خطورة الحمل بطفل مصاب بمتلازمة داون هو عمر الأم، حيث إنّ النساء اللاتي يبلغن من العمر 35 عامًا أو أكثر يكُنّ أكثر عرضة للحمل بطفل مصاب بمتلازمة داون، ومع ذلك، فإنّ النسبة الأكبر من الأطفال الذين يعانون من متلازمة داون يولدون لأمهات تكون أعمارهنّ أقل من 35 سنة، ويعود السبب وراء ذلك إلى ارتفاع معدلات الإنجاب لديهنّ مقارنة بالنساء اللاتي ينجبن بعد الخامسة والثلاثين من العمر، وتجدر الإشارة إلى أنّه يمكن أن تنشأ النسخة الإضافية الجزئية أو الكاملة للكروموسوم 21 الذي يسبب متلازمة داون من الأب أو الأم، ونؤكد مرة أخرى على أنّ سبب حدوث هذا الاضطراب الكرموسومي غير مفهوم بشكل واضح حتى الآن، ولا توجد أي أدلة علمية قاطعة تربط متلازمة داون بأي عوامل بيئية أو حياتية للوالدين، أو أي أنشطة يمارسونها، قبل أو أثناء الحمل بالطفل المصاب بمتلازمة داون.
يمكن أن تؤثّر متلازمة داون على المصابين بها معرفيًا، وسلوكيًا، وجسديًّا، وقد تكون هذه التأثيرات فريدة لكل مصاب، فقد تختلف من مُصاب إلى آخر، وقد لا يظهر بعضها على الإطلاق لدى المصاب، ويمكن بيان كل منها كما يأتي:
يمكن الكشف عن أعراض متلازمة داون من خلال ملاحظة صفات وملامح جسدية مميزة تظهر على الطفل، ويمكن بيان هذه الملامح كما يأتي:
يعدّ الضعف المعرفي والإدراكي أمرين شائعين لدى الأشخاص الذين يعانون من متلازمة داون، ومن الجدير بالذكر أنّ القدرات العقلية والذهنية بين المصابين بهذه المتلازمة تتراوح ما بين خفيفة إلى متوسطة، ونادراً ما تتسبّب متلازمة داون بحدوث ضعف إدراكي شديد، وفيما يأتي نذكر بعض أعراض المشاكل الذهنية والإدراكية التي قد تظهر على المصاب بمتلازمة داون:
يمكن القول أنّ التشخيص الأوّلي للإصابة بمتلازمة داون للأطفال حديثي الولادة يعتمد في الغالب على المظهر الخارجي للطفل، ولكن يمكن أن تتشابه السّمات الشكلية لبعض الأطفال غير المصابين بمتلازمة داون مع الأطفال المصابين بها، لذا قد يُوصي الطبيب بإجراء فحص يُسمى بالنمط النووي الكروموسومي (بالإنجليزيّة: Chromosomal karyotype) لتأكيد الإصابة بالمتلازمة من عدم ذلك، حيث يتم هذا الفحص عن طريق أخذ عينة من دم الطفل حديث الولادة لتحليل الكروموسومات، وفي حال وجود نسخة إضافية من كروموسوم 21 في جميع الخلايا أو بعضها، حينها يُشخّص الطفل بأنّه مُصاب بمتلازمة داون.
يوجد نوعان أساسيان من الاختبارات التي تتيح الكشف عن إصابة الجنين بمتلازمة داون خلال فترة الحمل وقبل ولادة الطفل للراغبين بذلك، وهما: اختبارات التقصّي (بالإنجليزية: Screening Tests)؛ وهي اختبارات آمنة وبسيطة ولكنّ نتيجتها غير قطعية بمعنى أنّ تتيح الكشف عن أنّ إصابة الجنين بمتلازمة داون محتملة أو غير محتملة، دون أن تؤكد ذلك، أمّا النوع الثاني من الاختبارات فتُسمى بالاختبارات التشخيصية (بالإنجليزية: Diagnostic Tests)، لأنّها تُعطي نتائج قطيعة ومؤكدة عن إصابة الطفل بمتلازمة داون أو عدمها، ولكنّها تحمل بعض الخطورة على الجنين والأم، ولذلك إذا رغب الوالدين بالكشف عن إصابة الجنين بمتلازمة داون قبل ولادته فغالباً ما يبدأ الطبيب بإجراءات اختبارات التقصي، وإذا أظهرت هذه الاختبارات أنّ إصابة الجنين بمتلازمة داون محتملة يعرض عليهم إمكانية إجراء أحد الاختبارات التشخيصية لتأكيد ذلك بشكل قطعي أو نفيه، ومن الجدير بالذكر أنّ كلاً من اختبارات التقصّي والاختبارات التشخيصية تساعد على الحصول على تشخيص للإصابة بمتلازمة داون ولكنها لا تتنبّأ بمدى تأثيرها على صحة الطفل.
تعتمد فحوصات التقصي على أخذ عينة دم من الأم وتحليلها وتفحّص منطقة صغيرة خلف عنق الجنين من خلال السونار، وتُقسم هذه الاختبارات إلى ثلاثة أنواع رئيسية؛ أولها الفحوصات المجمّعة في الثلث الأول من الحمل والتي تُجرى في الأشهر الثلاث الأولى من الحمل، وأمّا النوع الثاني فهي الاختبارات المتكاملة التي تجمع نتائج الفحوصات التي تمّ إجراؤها في الثلث الأول من الحمل مع اختبارات إضافية يتم إجراؤها في الثلث الثاني من الحمل، وأمّا النوع الثالث فهو اختبار جديد يُعرف بالاختبار غير الغزويّ ما قبل الولادة، وفيما يلي بيان لكل من هذه الفحوصات:
تتوفر عدة أنواع من الاختبارات التشخيصية المؤكدة للإصابة بمتلازمة داون أو عدمها والتي يمكن إجراؤها إذا أشارت اختبارات التقصي السابق ذكرها لاحتمالية إصابة الجنين بمتلازمة داون، ويمكن سؤال الطبيب عن الوقت المناسب من الحمل لإجراء هذه الاختبارات، ويجدر بالذكر أنّ نتيجة هذه الاختبارات مؤكدة لأنّها تعتمد على تفحّص الحمض النووي للجنين، ويتم الحصول على العينة بشكل غزوي أي مباشرة من المشيمة أو السائل المنوي المحيط بالجنين، وفيما يلي بيان للفحوصات:
من المؤسف القول أنّه لا يوجد علاج شافٍ من متلازمة داون، ولكن يمكن التعامل مع الاضطرابات التي تحدث لدى المصاب بالمتلازمة كأي فرد آخر وعلاجها، ويوصى بتوفير الرعاية الطبيّة والاهتمام للمُصاب من قبل المختصين بالرعاية الصّحية على مختلف تخصّصاتهم؛ ويتضمّن ذلك الأطباء بتخصصاتهم المتنوعة حسب حالة المصاب الصحية، والمعلمين الخاصّون، وأخصائيّي النطق، والمعالجين المهنيون، والمعالجين الفيزيائيون، والأخصائيين الاجتماعيين، فمن الممكن أن يلتحق الأطفال المصابون الذين يعانون من صعوبات تعلم في مدارس متخصّصة للحصول على الدّعم التعليمي، والذي قد يعزز المهارات اللغوية، ويجدر الذكر أنّه يمكن للمتابعة المبكرة للأطفال المصابين بهذه المتلازمة أن يساهم في تحسين وتعزيز مهاراتهم بشكل كبير، إضافةً إلى تجهيزهم للمساهمة بدور فعّال في المجتمع.
ولمعرفة المزيد عن علاج متلازمة داون يمكن قراءة المقال الآتي: (علاج متلازمة داون).
يمكن للأهل والمقربين اتّباع بعض النصائح والإرشادات التالية لمساعدة ودعم طفل متلازمة داون:
يوجد العديد من المشاكل الصحية التي قد يتعرض لها الأطفال على العموم، والتي يُعتبر المصابون بمتلازمة داون أكثر عرضة للمعاناة منها، ويجدر بالذكر أنّ تأثير هذه المشاكل الصحية الناجمة عن متلازمة داون متفاوت مختلف من طفل لآخر، من هذه المشاكل ما يتعلّق بالجهاز الهضمي، والمناعي، والهيكلي، كما قد يُعاني المُصاب بالمتلازمة من اضطرابات بصرية، وسمعية، وسلوكية، إضافة إلى السّمنة، وقصر القامة، ووجود عيوب خَلقيّة في القلب تتطلب عملية جراحية لتصحيحها، وبعض اضطرابات الدّم، والهرمونات، واحتمالية الإصابة بالخَرَف بالاقتراب من الخمسين من العمر، وغيرها.