ماهي مراحل خلق الإنسان في القرآن الكريم.

الكاتب: حنان حوشان -
ماهي مراحل خلق الإنسان في القرآن الكريم.

ماهي مراحل خلق الإنسان في القرآن الكريم.

 

خَلْق الإنسان

 
حبا الله -سُبحانه وتعالى- الإنسان حينما خَلَقَه أوّل مرّةٍ بنعمة العقل، الذي يتمكّن به من إدراك الأمور، والتفكير في ما حوله من الآيات الكونيّة، والمعجزات الربانيّة، ولذلك كان الإنسان بسبب تلك النعمة من أكرم الخَلْق، حيث مدح الله في كتابه من يُعمل عقله بالتفكّر في خَلْق الله؛ فالإنسان بسبب ذلك التفكّر والتذكّر يزداد علمه بقدرة ربّه على الخَلْق والتدبير، فتزداد خشيته من ربّه بذلك، ويعظُم إيمانه، قال الله -تعالى- واصفاً عباده المُؤمنين: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)،[] وقد بيّن الله في كتابه العزيز حال العلماء من عباده؛ بأنّهم أعظم خشيةً؛ بسبب زيادة علمهم بالله، وكثرة تفكّرهم، وبحثهم في مظاهر خَلْقه وتدبيره، قال -تعالى-: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)،[] ومن الآيات الربانيّة في الخَلْق، والتي تدعو للتأمّل والتفكّر؛ مراحل خَلْق الجَنين في بطن أمّه، فكلّ مرحلةٍ من تلك المراحل تعدّ آيةً في حدّ ذاتها، يجدر التفكّر في مدلولاتها العظيمة، وإشاراتها الدقيقة التي أثبتت إعجاز القرآن الكريم في الحديث عن مسألةٍ علميّةٍ.[]
 
 
 

مراحل خَلْق الإنسان في القرآن الكريم

 
مراحل خَلْق آدم عليه السلام
 
ابتدأ الله -سُبحانه وتعالى- خَلْق آدم -عليه السلام- من تراب الأرض، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ)،[] ثمّ أُضيف إلى ذلك التراب الماء، حتى أصبح طِيناً، والطين في أصله: ترابٌ أُضيفت إليه الماء، قال -تعالى-: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ)،[] ثمّ أصبح الطِينُ لازباً؛ أي ملتصقاً بعضه ببعض، ومُتماسكاً، قال -تعالى-: (فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ)،[] ثمّ تغيّر الطِين إلى اللون الأسود، حتى صار كالحَمَأ المَسنُون، ثمّ تعرّض للرِّيح حتى أصبح صلباً كالفخّار، قال -تعالى-: (وَلَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ مِن صَلصالٍ مِن حَمَإٍ مَسنونٍ)،[] ثمّ نفخ الله -تعالى- في آدم من رُوحه، فدبّت الحياة فيه، ثمّ خَلَقَ الله من ضِلْع آدم زوجته حوّاء، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً).[][]
 
 
 

مراحل خَلْق الإنسان بعد آدم عليه السلام

 
خَلَقَ الله -تعالى- آدم -عليه السلام- على الصورة التي ذكرها في كتابه العزيز، ثمّ خَلَقَ ذريّته من بعده من نُطفةٍ، أيّ من ماء الرَّجُل الذي وصفه الله -تعالى- بالماء المَهِين، الذي يستقرّ في الرَّحِم، ليلتقي بالبويضة، ويتكوّن الجَنين بعد ذلك، قال -تعالى-: (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ)،[] وقال في آيةٍ أخرى: (ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ).[]
 
 
 

مرحلة النُّطفة

 
ذكر الله تعالى في كتابه العزيز أُولى مراحل خَلْق الجَنين في بطن أمّه، وهي: مرحلة النُّطفة، وتبدأ بالتقاء ماء الرَّجل مع ماء المرأة، لتنشأ النُّطفة باختلاطهما، قال -تعالى-: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا)،٥] وقد وصف الله -سُبحانه- النّطفة بالأمشاج؛ لأنّها تكوّنت من اختلاط ماء الرَّجل بماء المرأة، فالأمشاج جمع مَشِج؛ أيّ كلّ شيئَين مُختلطَين.
 
 
 

مرحلة العَلَقَة

 
ورد ذِكْر مرحلة العَلَقَة في القرآن الكريم كإحدى مراحل خَلْق الجَنين في بطن أمّه، وهي مرحلةٌ تعقب مرحلة النُّطفة كما جاء في خمسة مواضعَ من كتاب الله،[] وتُعرّف العَلَقَة بأنّها: الدَّم الجامد، وتتعلّق العَلَقَة بجِدار الرَّحم، وتستمر تلك المرحلة حتى الدخول في طَوْر المُضغة، قال -تعالى-: (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّـهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ).[]
 
 
 

مرحلة المُضْغَة

 
يُشير معنى المُضْغَة في اللغة للقدر من الطعام، أو غيره، الذي يكون قابلاً للمَضْغ أو اللوك باللسان، وقيل إنّ المُضْغَة هي القَدْر البسيط من الشيء، أو المادة، ولذلك يُقال للأمور الصغيرة، والحوادث اليسيرة: مُضّّغ الأمور؛ أي يسيرها، وصغيرها،[
] وتأتي مرحلة المُضغة بعد مرحلة العَلَقَة، وتشتمل على مرحلَتَين؛ الأولى: المرحلة التي تكون فيها المُضَغْة غير مُخلّقةٍ؛ أي أنّ الجَنين يكون غير واضح المعالم، ثمّ يتحوّل الجَنين إلى المُضغة المُخلّقة في المرحلة الثانية، حيث يظهر التغيير الحقيقيّ على خَلْق الجَنين، فيظهر شكل الأعضاء، وتنضج الخلايا، ليكون الإنسان في أحسن تقويمٍ، قال الله -سُبحانه وتعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ).[
]
 
 
 
مرحلة نموّ الجَنين
تكون آخر مرحلةٍ من مراحل خَلْق الجَنين في بطن أمّه بخَلْق العِظام، وتصلّب البَدَن، وتمييز الأعضاء عن بعضها البعض، فيُعرف الرأس من البَدَن، ثمّ تُكسى العِظام باللحم، ليكتمل خَلْق الجَنين، ويُجعل في أحسن صورةٍ وهيئةٍ، قال -تعالى-: (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّـهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)،[١٨] وقال الإمام الشوكانيّ في ذلك: "أي أنبت الله -سُبحانه- على كلّ عظم لحماً على المقدار الذي يليق به ويُناسبه".[٢١]
 
 
 
شارك المقالة:
135 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook