حسب نتائج تعداد السكان 1425هــ / 2004م توجد في منطقة حائل أربع مدن، يعيش فيها نحو 55% من إجمالي سكان المنطقة، مقارنة مع مدينتي (حائل، وبقعاء) عام 1413هــ / 1992م كان فيهما نحو 45% من السكان، ومدينة واحدة فقط عام 1394هــ / 1974م، وهي مدينة حائل مقر إمارة المنطقة، وكانت تضم نحو 15% فقط من إجمالي سكان المنطقة آنذاك، وما سبق يوضح أن منطقة حائل شهدت زيادة سريعة في التركز الحضري، وخصوصًا في مدينة حائل.

 

وعند تصنيف مراكز العمران الحضري لعام 1425هــ / 2004م حسب حجمها يتضح وجود تباين كبير فيما بينها من حيث الحجم، فالفرق بين حجم المدينة الأولى والثانية كبير جدًا، وبين الثانية والثالثة فارق واسع أيضًا.

 

وعلى حين يتجاوز سكان مدينة حائل 267 ألف نسمة، يقل سكان مدينة بقعاء، مقر محافظة بقعاء، وثاني مدن المنطقة عن 12 ألف نسمة، ثم تأتي مدينة الحائط، التابعة لمحافظة الغزالة في المرتبة الثالثة بنحو ستة آلاف نسمة، ثم مدينة الشنان، مقر محافظة الشنان بالمرتبة الأخيرة بنحو ستة آلاف نسمة أيضًا. وكما هو واضح في (الجدول 27) فهناك مدينة واحدة فقط في كل محافظة من محافظات المنطقة الثلاث إضافة إلى مدينة حائل، وفيما يأتي نبذ مختصرة عن مدن المنطقة.

 

1 - مدينة حائل: 

 

هناك اتفاق على أن هذه التسمية تنسب إلى وادي الأديرع  الذي تقع مدينة حائل على ضفته الغربية، وعندما يجري السيل فيه بقوة فإنه يحول بين تواصل سكان جبلي أجا وسلمى لوقوعه بينهما  ،  ويرى حمد الجاسر أنه لم يرد ذكر لمدينة حائل قبل القرن الحادي عشر، وقد أورد عباس المكي الحسيني الموسوي وصفًا لحائل عندما زارها عام 1131هــ / 1719م بقوله: فأتينا على جبل شمَّر، والكل منا لذيل الانشراح قد شمَّر، وهناك قرية تسمى (حائل)، ضرب الأنس بينها وبين الهموم بحائل، ذات نخيل وأشجار، وعيون وآبار، وطيور وأزهار، وبساتين واسعة الثمار، وكأنها روضة من رياض الجنان، فيها من كل فاكهة زوجان، وأهلها عرب كرام، شمل كرمهم الخاص والعام، لم تلق فيهم غير شجاع عظيم، وجواد كريم  

 

ولقد عرفت منطقة حائل بأسماء متعددة منها: بلاد الجبلين، أو جبلي طيئ، وإقليم شمر، وجبل شمر  ،  وقد جاءت تسمية منطقة حائل على اسم مدينة حائل، كما هو حال تسمية أكثر مناطق المملكة التي سميت على اسم مركز عمراني فيها، غالبًا ما يكون مقر إمارة المنطقة 

 

ولقد رسم وادي حائل بهذا الاسم في خرائط عدد من الرحالة الأوروبيين، ففي الخريطة التي رسمها لمدينة حائل أحد الرحالة الذين زاروا المنطقة سنة 1300هــ / 1883م وضح فيها مجرى الوادي شرق مدينة حائل وسماه وادي حائل  ،  لكن المراجع والخرائط الحديثة تطلق عليه وادي الأديرع.

 

وتقع مدينة حائل   على بعد 630كم تقريبًا عبر الطريق المسفلت، إلى الشمال الغربي من مدينة الرياض، وقامت نواة مدينة حائل إلى الشرق من سفح جبل أجا وتطل قممه على المدينة، ويمر بها وادي الأديرع، وقد أكسبها موقعها الحيوي، وكونها عقدة مواصلات رئيسة يتقاطع عندها عدد من طرق الحج والتجارة القديمة أهمية ومكانة خاصة، فهي تتوسط عددًا من المناطق، وتقع على مفترق الطرق المؤدية إلى الشام والعراق حيث الحضارات القديمة، ونقطة عبور لطرق التجارة والقوافل بين جنوب الجزيرة العربية وبلاد الهلال الخصيب، علاوة على مرور عدد من طرق ودروب الحج القديمة قربها.

 

ولا تتوافر معلومات دقيقة عن تاريخ عمارة مدينة حائل، لكن - كما مر في الحديث عن نشأة العمران في منطقة حائل - هناك كثير من الشواهد والآثار التي تبين أن عددًا من المواضع قرب مدينة حائل قديمة العمارة، ويعود بعضها إلى ما قبل الميلاد، وإلى العصور الإسلامية الأولى.

 

ويرجح أن نواة مدينة حائل نشأت على الضفة اليسرى أو (الغربية) من وادي الأديرع بينه وبين سفوح جبال أجا. لكن هناك بعض الأمكنة العمرانية القديمة قامت على ضفته اليمنى منها السويفلة أو القرية والتي يقال إنها ربما تكون هي الأصل في نشأة مدينة حائل، والسُّوَيِفَلةُ تقع شمال شرق وسط مدينة حائل الحالية، في السفوح الشمالية لجبل السمراء، وعلى الجانب الأيسر من وادي الأديرع، امتد نحوها عمران مدينة حائل. وقد كانت السويفلة قرية منفصلة عن مدينة حائل، ويقال: إنها أقدم من مدينة حائل، حيث يوجد فيها بقايا آبار وآثار قديمة، بسبب كثرة المستنقعات فيها، وذلك لانخفاضها، وانتقل السكان إلى المكان المرتفع الواقع غربيها فنشأت مدينة حائل  

 

وعندما زار أحد الرحالة حائل سنة 1261هــ / 1845م قال عنها: وتقوم حائل في وادٍ مسطح ومنخفض، يمتد تقريبًا من الشرق إلى الغرب في سفح جبل السمراء (سمرا حائل) وفي طرفه الشرقي نبع وحيد، ماؤه فاتر، ضارب إلى الملوحة، ويبدو أن الأكواخ الطينية الأولى بنيت حوله، وهناك آثار منازل مهدمة أحدث منها عهدًا، أما اليوم فالبئر مهجورة، بعد أن انتقل السكان تدريجيًا إلى محلة أعلى باتجاه الغرب  

 

وتوضح بعض الخرائط القديمة لمدينة حائل وجود سور يحيط بها، ويمكن ملاحظة ذلك في المخطط الذي رسمه أحد الرحالة لحائل خلال زيارته لها سنة 1279هــ / 1862م  .  وكذلك المخطط الذي رسمه أحدهم لها في حدود سنة 1330هــ / 1912م  .  كما ذكرت رحالة أخرى في وصفها للمدينة خلال زيارتها سنة 1296هــ / 1879م أنه يحيط بالمدينة سور يصل ارتفاعه إلى أكثر من عشرة أقدام  .  كما أحيطت حائل بأسوار أخرى منها سور أقيم نحو سنة 1328هــ / 1910م  ،  وكان للسور الأخير أربع بوابات، إلا أن اتساع المدينة قضى على السور. وكان لإنشاء صندوق التنمية العقارية الفضل في امتداد حائل أفقيًا حتى بلغت جبل أجا غربًا، ووصلت إلى شمال السمراء الشمالية، وجنوب الوادي (الأديرع)، وجبل الخماشية جنوب شرقي مدينة حائل  

 

يماثل نمط تخطيط مباني مدينة حائل القديمة غالبية مدن وسط المملكة الأخرى، مثل: وجود سوق رئيسة، وقصر الإمارة، ومسجد جامع رئيس في وسط البلدة، ومثل ذلك يقال عن تخطيط المساكن، ونوعية مواد البناء، واستخدام مواد أولية من البيئة المحلية، مثل: الطين، وسعف النخيل، وأخشاب الأثل.

 

ويعد قصر برْزَان الشهير المبني من الطين  ، أشهر مباني المدينة، وكان موقعه على أطراف المدينة الشمالية الشرقية، ولكن العمران تجاوزه، وأصبح داخلها، وقد هدم هذا القصر فيما بعد، وأقيمت سوق مكانه، وكان قصر برزان يمثل مركز المدينة وبجواره المسجد الجامع، والساحة الرئيسة في المدينة القديمة، ويتفرع منها السوق الرئيسة، وعلى جانبي الساحة والسوق تقوم المحال التجارية، ثم تأتي الأحياء السكنية داخل سور المدينة القديمة.

 

ومن أشهر أحياء المدينة القديمة حي (سماح)، ويقع في الجزء الغربي الأوسط من مدينة حائل. وسماح اسم بئر مياهها عذبة، يقع على طرف مدينة حائل القديمة في الجهة الجنوبية الغربية منها، على الطريق القديم إلى بلدة قفار، وحي (لبدة) ويقع جنوب شرق قصر برزان، في الجهة الجنوبية من مدينة حائل القديمة، على الجانب الأيسر من وادي الأديرع، وغرب جبل السمراء. وحي (مُغِيْضَةُ) ويقع شمال شرق حائل وشمال حي لبدة، على الجانب الأيسر من وادي الأديرع، وغرب جبل السمراء  ،  وقد أصبحت الأحياء السابقة حاليًا وسط مدينة حائل.

 

كما أن هناك نويات عمرانية أخرى، ومزارع ومعالم مشهورة شكلت فيما بعد الكتلة العمرانية للمدينة ومنها: (الوسيطاء) وكانت قرية صغيرة منفصلة عن مدينة حائل، تقع إلى الغرب مع ميل قليل ناحية الجنوب من وسط حائل القديم بينها وبين جبل أجا، وذلك على الطريق من حائل إلى عقدة. يقول أحد الرحالة عن الوسيطاء عندما زار حائل سنة 1261هــ / 1845م وهو يتحدث عن توسع مدينة حائل:... وإذا استمر اتساع البلدة اتصلت قريبًا بقرية صغيرة اسمها الوسيطاء، وتبعد عن حائل ثلاثة أرباع الساعة في السهل الأقرب إلى سفح أجا  .  ومثلما قال فقد امتد عمران مدينة حائل إلى الوسيطاء وما بعدها أيضًا، وهناك (الخريمي) ويقع إلى الجنوب الشرقي من وسط حائل، في السفح الشرقي لجبل السمراء، جنوب وادي الأديرع، و (قصر الربيعية) وقد أصبح أحد أحياء مدينة حائل، ويقع في الجهة الشمالية الشرقية من مدينة حائل وهناك من يقول: إن موضع قبر حائم الطائي يوجد في هذا المكان  

 

وقد شهدت مدينة حائل توسعًا مطردًا منذ أن أصبحت قاعدة لإمارة جبل شمر، ومقرًا لحكم آل رشيد الذي امتد إلى مناطق أخرى خارج نطاق جبل شمر، مثل: الرياض، والقصيم، وخيبر، وتيماء، والجوف، ووادي السرحان، حتى مرت بها حقبة من الزمن كانت قاعدة الحكم لكل نجد وشمال الجزيرة العربية، وخلال هذه الفترة زاد الاهتمام بها، وزارها كثير من الأوروبيين  

 

لقد مرت مدينة حائل خلال المئة عام الماضية بفترات تذبذب في نموها العمراني والسكاني، ولكنها حافظت معظم سنوات هذه الفترة على جزء كبير من شخصيتها وصفتها السابقة، بوصفها نموذجًا للمدينة التقليدية ونمطًا لمبانيها الطينية، حيث لم تدخل مواد جديدة في بناء المساكن، كما لم تتغير كثيرًا أشكال المباني وأحجامها ومرافقها، وحتى عام 1360هــ / 1941م بقيت المدينة تنمو ببطء شديد، ولم تخرج عن حدود سورها، ويحدها شمالاً باب غطاط، ومن الشرق وادي الأديرع، ومن الجنوب جبل أعيرف، ومن الغرب سماح  

 

وخلال الفترة التي بين 1360 و 1390هـ / 1941 و 1970م أخذت المدينة في التوسع بصورة تدريجية، خصوصًا مع تطور الوظيفة الإدارية لمدينة حائل، ودخول وظائف جديدة أو نمو وظائف سابقة إدارية، وتعليمية، وصحية. فقد دخلت الكهرباء ووسائل النقل الحديثة إلى المدينة، ومدت شبكات مياه الشرب إلى بعض الأحياء، وشيدت بعض المباني العامة من الأسمنت المسلح، مثل بعض المدارس والمستشفيات  . 

 

وبعد إنشاء بلدية حائل في أوائل العقد التاسع من القرن الرابع عشر الهجري عملت على نـزع ملكية بعض المنازل، وفتح الشوارع والساحات، وإعادة تخطيط وتنظيم الكتلة القديمة من المدينة، وتخطيط الأراضي الخاصة والحكومية في أطراف المدينة، ونتج عن ذلك توسع الرقعة العمرانية وقيام أحياء حديثة.

 

ومنذ بداية تنفيذ خطة التنمية الأولى، وبشكل أكبر بعد البدء في تنفيذ خطة التنمية الثانية، وإنشاء صندوق التنمية العقارية، شهدت حائل توسعًا في عمرانها، وزيادة في عدد سكانها، وأخذ التطور العمراني منعطفًا جديدًا، وانطلقت حركة البناء في أنحاء المدينة بصورة سريعة، وقام عدد كبير من الأحياء الجديدة، رافق ذلك تنفيذ عدد من المشروعات، والمنشآت التعليمية، والصحية، والاجتماعية، ومشروعات للطرق، والحدائق والمتنـزهات، والأسواق العامة والمراكز التجارية، وغيرها من التجهيزات والمرافق الحديثة.

 

وكان من أهم العوامل التي ساعدت على نمو المدينة ومحاور النمو في تلك الفترة الانتهاء عام 1393هــ / 1973م من تنفيذ طريق حائل - بريدة، وهو أول طريق معبد يربط بين حائل والمناطق المجاورة لها  ،  وكذلك تشييد مطار جديد على بعد 7كم إلى الجنوب الغربي من المدينة، ثم ربطت حائل بطريق إقليمي آخر مع منطقة المدينة المنورة، وقد تركز النمو في بداية الفترة باتجاه طريق حائل - بريدة وباتجاه المطار  ،  إلا أن نمو حائل في العقد الأخير تركز باتجاه الشمال والشمال الشرقي نحو طريق متنـزه مشار وطريق بقعاء.

 

وتميزت هذه الفترة بزيادة سكانية ظاهرة، نتيجة استقرار سكان البادية في مدينة حائل، وكانت المنطقة من أكثر المناطق في عدد سكان البادية، وساعد النشاط الزراعي الحديث في المنطقة على الاستقرار وظهور عدد من الخدمات العامة والأنشطة الجديدة التي استقطبت كثيرًا من الأيدي العاملة.

 

وتحاط مدينة حائل بطريق دائري، وتعد من المدن المتناسقة تخطيطيًا، حيث تقع مناطق الفلل على أطراف المدينة، وتقع العمائر والمباني الحكومية، وأسواق الجملة، وسوق الخضار وسط المدينة، كما تتميز بنسيجها الشبكي، أما المدينة القديمة فتنحصر في وسط المدينة، وتتميز بنسيجها التقليدي  ..  وتشرف أمانة منطقة حائل والهيئة العليا لتطوير منطقة حائل على تخطيط مدينة حائل وبقية مدن المنطقة وتنظيمها.

 

لقد قفز سكان مدينة حائل من 40502 نسمة عام 1394هــ / 1974م إلى 176757 نسمة حسب تعداد 1413هــ / 1992م، وإلى 267005 نسمات في عام 1425هــ / 2004م، وإلى جانب النمو الطبيعي فإن نسبة مهمة من الزيادة ناتج من الهجرة الداخلية من إقليم المدينة وبالذات من سكان البادية، إضافة إلى الهجرة القادمة من خارج المملكة خصوصًا في السنوات الأخيرة.

 

وتحتل مدينة حائل المرتبة الثانية عشرة بين مدن المملكة من حيث عدد السكان، وهي العاصمة الإقليمية والإدارية لمنطقتها، وفيها مقر إمارتها، وتتبعها ثلاث محافظات، وعدد كبير من المراكز والقرى والهجر. كما أن منطقتها واحدة من أهم المناطق الزراعية الرئيسة في المملكة، وتتمتع بخصائص طبيعية متنوعة جعلتها من أهم المناطق السياحية في المملكة، وخصوصًا السياحة الصحراوية الشتوية  . 

 

وتنفرد مدينة حائل بحجم سكاني خاص على مستوى منطقتها، حيث تحتل المركز الأول، وتزداد هيمنتها الحضرية من خلال تزايد نصيبها من إجمالي سكان منطقتها، فقد ارتفع نصيبها من إجمالي سكان المنطقة من 15% عام 1394هــ / 1974م، إلى 43% عام 1413هـ / 1992م، وإلى 51% عام 1425هــ / 2004م. كما أن الفارق النسبي بين مدينة حائل والمدينة التالية لها في الحجم يزداد اتساعًا، ومن ذلك: تراجع نسبة سكان مدينة بقعاء إلى سكان مدينة حائل من نحو 5% عام 1413هــ / 1992م إلى 4.4% عام 1425هــ / 2004م.

 

ومن المعالم العمرانية والحضارية في مدينة حائل: قلعة أعيرف، وبعض المنازل الأثرية القديمة بحي السويفلة، ومبنى إمارة منطقة حائل، وبرج حائل  . كما تمثل المتنـزهات الطبيعية والقرى القديمة في محيط مدينة حائل، أو قربها معالم رئيسة، وأحد أمكنة الترويح للسكان والزائرين، من ذلك: جبل ومتنـزه السمراء، ومتنـزه مشار، ومتنـزه المغواة، وقرية عُقْدَة: وهي قرية زراعية قديمة تقع داخل جبل أجا في وادٍ يقع مدخله الرئيس من الناحية الشرقية لسفوح جبل أجا في مواجهة مدينة حائل، يبعد مدخل ريع عقدة عن وسط مدينة حائل نحو 5كم، وتتمتع عقدة بموقع طبيعي جميل داخل جبل أجا، وتنتشر فيها المزارع؛ وخصوصًا النخيل والفاكهة، وترتفع بعض قمم أجا المطلة على وادي عقدة إلى 1500م عن مستوى سطح البحر. وقد تحولت بعض مزارعها القديمة إلى متنـزهات، واستراحات حديثة، وخصوصًا أنها قريبة من مدينة حائل.

 

أما بلدة قفار فهي بلدة زراعية قديمة، تقع على مسافة قصيرة إلى الشرق من أجا، وتبعد عن وسط مدينة حائل نحو 15كم، وقد امتد عمران مدينة حائل باتجاهها في السنوات الأخيرة، كما قامت بينهما بعض المنشآت، من أبرزها: مطار حائل الواقع إلى الشرق من قفار.

 

2 - مدينة بَقْعَاء:

 

والبقعاء في اللغة: السنة المجدبة، وقد يطلق عليها بعض أهلها اسم طيبة  ،  وهناك عدة أقوال في سبب تسميتها بـ (بقعاء)، منها أن أصلها نقعاء بالنون وليس بالباء وهو ما يمثل (منقع) أو مجمع السيول؛ بسبب وجودها في أرض منخفضة تمثل مكانًا لتجمع السيول، وقيل بسبب لون أرضها التي على شكل بقع، ففيها اللون الأبيض، والأحمر، والأسود، لاختلاف طبيعة الأرض والتربة، ويقول بعضهم إنه كان يطلق عليها قديمًا اسم اللواء، وقد يسميها بعض أهلها الصفاء نسبة إلى أرضها الصخرية  

 

وتقع مدينة بقعاء عند تقاطع دائرة العرض 54 َ27 ْ شمالاً مع خط الطول 23 َ42 ْ شرقًا، إلى الشمال الشرقي من مدينة حائل، وتبعد عن وسط مدينة حائل نحو 95كم، وهي على مسافة ليست بعيدة إلى الجنوب من الطرف الشرقي للنفود الكبير، وموضعها في منخفض طولي يمتد من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي، ويشكل المنخفض نهاية وادي الأديرع حيث تصل السيول أثناء هطلان الأمطار الغزيرة، وفي بعض المواسم المطيرة يمتلئ المنخفض بالماء ليصبح بحيرة كبيرة ضحلة مالحة  

 

ويعتقد أن بقعاء قديمة العمارة، وإن لم تتوافر معلومات تحدد تاريخ نشأتها بوصفها مركز عمران مستقرًا، وموضعها الأول قام على ربوة صخرية مرتفعة على جانب منخفض (قاع) بقعاء، وكانت بقعاء من محطات الطرق الرئيسة بين حائل وشمال شرق شبه الجزيرة العربية والعراق، ويمر درب زبيدة إلى الجنوب منها على مسافة غير بعيدة، وتوجد قرب مدينة بقعاء بعض المرتفعات من الحجر الرملي عليها بعض الكتابات، والنقوش القديمة، وبخاصة جبل جلدية.

 

وتنقسم الكتلة العمرانية لمدينة بقعاء إلى قسمين رئيسين يفصل بينهما منخفض (قاع) به رواسب من السباخ يعرف بقاع الملح أو قاع بقعاء، كما يمتد عمران مدينة بقعاء على شكل شريط عمراني من الشمال إلى الجنوب، وقد أثرت طبوغرافية الأجزاء المحيطة بمدينة بقعاء على اتجاهات عمرانها واستخدامات الأرض فيها، ففي الشرق توجد سبخة (قاع) وهي غير قابلة للتنمية، وقد يتعذر البناء عليها، وتوجد في الشمال بعض المزارع الخاصة التي تعد من محددات التنمية العمرانية في المدينة  

 

لقد كان اكتشاف المياه الجوفية العميقة، وتوزيع الأراضي الزراعية والسكنية، وإنشاء مجمع قروي عام 1397هـ / 1977م ثم تحويله إلى بلدية عام 1403هــ / 1983م، وربط بقعاء بمدينة حائل بطريق معبد، يُعَدُّ نقلة كبيرة في تاريخ المدينة الحديث، حيث نتج منها قيام مشروعات زراعية، وانتعاش اقتصادي وعمراني أسهم في استقطاب السكان من أبناء البادية، ومن القرى، والهجر المجاورة، وحدث تطور عمراني كبير، وأعيد تنظيم المدينة القديمة، وتم تعبيد شوارعها، وتوزيع الأراضي على السكان، وحدث تغير كبير في نمط استخدام الأرض.

 

لقد نمت مدينة بقعاء في السنوات الأخيرة، وأصبحت مدينة متوسطة الحجم، وثاني مدن منطقة حائل من حيث الحجم السكاني، ويعزى نموها في السنوات الأخيرة إلى العوامل السابقة، وإلى اتخاذها مقرًا لمحافظة واسعة في الجزء الشمالي الشرقي من المنطقة، واستقرار أعداد كبيرة من سكان البادية التي كانت تنتشر في محافظتها.

 

لم يكن عدد سكان مدينة بقعاء في عام 1394هــ / 1974م يتجاوز 2337 نسمة، أو 0.9% من سكان منطقة حائل، في حين ارتفع العدد إلى 8370 نسمة عام 1413هــ / 1992م يمثلون نحو 2.2% من إجمالي سكان المنطقة آنذاك، ووصل عدد سكانها في عام 1425هــ / 2004م إلى 11818 نسمة أو نحو 2.2% من إجمالي سكان المنطقة، محافظة على مرتبتها الثانية بين مدن المنطقة، يقطنها ما نسبته 30.5% من إجمالي سكان محافظتها، وتقع في المرتبة 115 بين مدن المملكة.

 

وحسب التنظيمات الإدارية الأخيرة أصبحت بقعاء مدينة ومقرًا لمحافظة تحمل اسمها، وتتبعها مجموعة من المراكز والبلدان، والقرى، والهجر، والمزارع، وتقع محافظة بقعاء في النطاق الرسوبي، وهي تمتد عبر مساحات واسعة ذات تكوينات طبوغرافية مختلفة، لكن تغلب عليها التكوينات الرملية. وتكمن أهميتها بأنها أقصى مدن منطقة حائل شرقًا، وتوسطها من نطاق زراعي ورعوي واسع، علاوة على أنها تقع على مقربة من الطرف الجنوبي الشرقي للنفود الكبير؛ مما جعلها مركزًا إداريًا وتجاريًا، ومركز خدمات لعدد كبير من القرى، والهجر، والمزارع، والأراضي الرعوية المنتشرة في محافظتها التي تستمد خدماتها الأساسية من مدينة بقعاء، وفيها جميع الدوائر الحكومية المركزية بالمحافظة، وتتوافر في المدينة الخدمات الأساسية: بلدية فئة (ج)، ومستشفى، ومدارس، ومعاهد للتعليم العام، وأسواق تجارية.

 

ومن المعالم العمرانية والحضارية في المدينة ومحافظتها: مبنى محافظة بقعاء، كما يوجد في المحافظة عدد من المواقع الأثرية التي تدل على قدم استيطان المكان، ومنها: جبل جانين، وجبل جلدية، وفي هذه المواقع عدد من النقوش، والكتابات، والرسوم.

 

ويمر قرب مدينة بقعاء جزء من درب زبيدة الشهير، وفي محافظتها أو في المحافظات المجاورة لها عدد من محطات هذا الطريق، وكذلك بقايا البرك والآبار التي حفرت في العصر العباسي، ومنها بئر زرود.

 

كما أن وقوع بقعاء قرب النفود الكبير، ونفود المظهور جعلها من أمكنة الرعي الرئيسة، فضلاً عن أن تلك الرمال، وما حولها تعد من أمكنة التنـزه الطبيعية لأهالي المحافظة؛ وبخاصة في فصلي الشتاء والربيع، حيث تقام فيها المخيمات، وتكون مقصدًا للمتنـزهين من منطقة حائل، والمناطق الأخرى.

 

3 - مدينة الحائط:

 

مدينة تاريخية قديمة أخذت اسمها من حائط النخل، كانت تشتهر قديمًا وإلى ما بعد صدر الإسلام باسم (فَدَك)، وتقع مدينة الحائط عند تقاطع دائرة العرض 59 َ25 ْ شمالاً مع خط الطول 28 َ40 ْ شرقًا، في منتصف المسافة بين مدينة حائل شمالاً والمدينة المنورة جنوبًا، وتبعد عن مدينة حائل بمسافة تقارب 250كم، وتقع إلى الجنوب الغربي منها.

 

وموضعها في منخفض تحيط به مقذوفات بركانية وجبال، وتنحدر إليه مجموعة من الأودية الصغيرة من حرة خيبر، وجبال الأبيض التي تمثل بعض الروافد العليا لوادي الرمة، وتشتهر الحائط بأنها بلدة أثرية قديمة يكثر فيها النخيل الذي تغطي مساحة كبيرة متصلة منها، وفيها عدد من الينابيع والعيون التي تنحدر من الحرة. وقد تكرر ذكر الحائط (فدك) في كتب السير والمغازي والمعاجم، وقد فصل الشيخ حمد الجاسر الحديث عنها، وذكر أخبارها وخصائصها في كتابه في شمال غرب الجزيرة، ومما قاله عنها:

 

الحائط: كان يعرف قديمًا باسم (فدك) ويضاف إليه الجزء الشرقي من الحرة فيسمى حرة فدك،... وهو واقع في شرقي حرة خيبر، في الحرة نفسها وهو في واد كثير النخل، وشرب أهله من عيون تجري من الحرة، لا يعرفون أقصى مجاريها، وفي الحائط آثار كثيرة من أبنية ومقابر وحصون. ويقع الحائط في وهدة منخفضة في وسط الحرة ينـزل إليه من جميع الجهات، سوى أسفله الذي هو مجرى الوادي، وفيه النخيل والقرية متصلة بنخيله، وموقعه غير صحي، ولعل اسم الحائط نشأ عن كون نخيل ذلك الوادي لتشابكها واجتماعها تشبه الحائط الواحد، أو لأنه يعد حائطًا لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.  

 

يعتقد أن الحائط من أقدم مدن منطقة حائل بل الجزيرة العربية كلها، فقد ورد ذكر اسم فدك من بين أسماء المدن التي احتلها الملك البابلي نيوبونيد الذي حكم في القرن السادس قبل الميلاد  .  كما أن الآثار المتنوعة الباقية فيها تدل على قدم عمرانها.

 

وكانت الكتلة العمرانية القديمة من المدينة محاطة بسور دائري يوجد عليه عدد من القلاع، وتشكل أشجار النخيل غابة كثيفة على امتداد واديها، ويجري ري النخيل والمزارع عن طريق العيون الجارية من الحرة. إلا أن بعض هذه العيون جف أو توقف عن الجريان؛ مما عرض بعض أشجار النخيل إلى الجفاف والموت، وإلى جانب المساكن والقلاع والحصون التاريخية، افتتح بمدينة الحائط في أوائل عام 1426هــ / 2005م مشروع إسكان حديث، أقيم على مساحة إجمالية تبلغ 22840م  ، وهو يمثل المرحلة الأولى من مشروع الأمير سلطان بن عبدالعزيز للمساكن الخيرية بالحائط  ، ويتكون المشروع من مئة وحدة سكنية، مكونة من ثلاثة نماذج من المساكن الخيرية لتلبية احتياجات أكثر من فئة من سكان المدينة. ويضم المشروع مسجدًا يتسع لـ 600 مصلٍ، وهو مزود بخدمات الطرق، وأعمال الرصف، والإنارة، والمسطحات الخضراء، بالإضافة إلى أنه يحوي مدرسة للبنين وأخرى للبنات، ومركزًا صحيًا  

تعد الحائط من المدن المهمة في منطقة حائل، وتكمن أهميتها في بعدها عن مراكز العمران الرئيسة الكبرى، ولموقعها على الأطراف الشرقية لحرة فدك، وتوسطها بين المدينة المنورة جنوبًا، ومدينة حائل شمالاً، وعلاوة على مكانتها التاريخية، وما فيها من آثار قديمة. نجد أنها تتوسط عددًا من القرى والهجر في الحرة، حيث كان يتوافد عليها سكان البادية في وقت الصيف؛ لجني ثمار النخيل والتزود بالتمر واحتياجاتهم الغذائية.

 

وفيها مركز إداري مرتبط بمحافظة الغزالة، ويقع إلى الجنوب الغربي من بلدة الغزالة مقر المحافظة، ويبعد عنها بنحو 150كم، وحسب تعداد السكان 1413هــ / 1992م كان عدد سكان مدينة الحائط 4496 نسمة، أو ما نسبته 5.86% من سكان محافظة الغزالة، وقد ارتفع العدد إلى 6305 نسمات في عام 1425هــ / 2004م، يمثلون نحو 7% من سكان محافظة الغزالة، والحائط هي المدينة الوحيدة في محافظتها، وتحتل المرتبة الثالثة بين مدن منطقة حائل، والمرتبة 182 بين مدن المملكة.

 

ويوجد فيها بلدية فئة (د)، ومدارس للتعليم العام، ومركز صحي، وعدد آخر من الدوائر الحكومية الرئيسة، والأسواق التجارية التي تقدم خدماتها لعدد من القرى والهجر الواقعة في أطراف الحرة.

 

ومن المعالم العمرانية والحضارية في المدينة: بقايا الآثار والحصون والقصور والسور الكبير الذي يحيط بالمدينة التاريخية، وكذلك بقايا أحجار صوانية عليها رسوم وكتابات قديمة، كما أنها غنية بالخصائص الطبيعية المتنوعة، حيث الأودية، والتشكيلات الصخرية، والمقذوفات البركانية.

 

4 - مدينة الشِّنَانُ:

 

تقع مدينة الشنان عند تقاطع دائرة العرض 11 َ27 ْ شمالاً مع خط الطول 27 َ42 ْ شرقًا، على مسافة قصيرة من السفح الجنوبي الشرقي لجبل سلمى  ، وعلى بعد 93كم إلى الجنوب الشرقي من مدينة حائل، وذلك على يمين الطريق المسفلت المتجه من حائل إلى بريدة.

 

وتعد مدينة الشنان حديثة النشأة بالنسبة إلى مدن منطقة حائل الأخرى، أو بالنسبة إلى عدد من المراكز العمرانية القديمة في محافظتها، ولكن مدينة الشنان نمت وتوسعت بسرعة بعد النهضة الزراعية التي حدثت في منطقة حائل منذ نحو ثلث قرن، حيث تتوافر في الجهات الواقعة شرقها وجنوبها الشرقي أراضٍ زراعية خصبة، ومياه جوفية جيدة، وعلى جانبي الطريق الذي يربط بين حائل وبريدة انتشرت في العقود الأخيرة المزارع الحديثة الواسعة، والخاصة بزراعة القمح، والبطاطس والأعلاف وغيرها.

 

وحسب تعداد السكان 1413هــ / 1992م كان عدد سكان مدينة الشنان 3733 نسمة، يمثلون 9.7% من مجموع سكان محافظتها، ثم ارتفع العدد إلى 6139 نسمة في عام 1425هــ / 2004م، يمثلون نحو 17% من سكان منطقة حائل، وتحتل مدينة الشنان المرتبة الرابعة والأخيرة بين مدن منطقة حائل، والمرتبة 184 بين مدن المملكة.

 

وتعد مدينة الشنان المركز الإداري لمحافظتها، وتمتاز بموقعها المتوسط لعدد كبير من القرى والهجر، وساعدت خصوبة أرضها، ووفرة مياهها في تنشيط الحركة التجارية والزراعية، ويوجد فيها مجمع قروي يقدم الخدمات البلدية لها، وللقرى والهجر المرتبطة بها، ومدارس للتعليم العام، ومركز صحي، وعدد آخر من الدوائر الحكومية الرئيسة، والأسواق التجارية التي تقدم خدماتها للمواقع الزراعية، والقرى والهجر التابعة لها.

 

ومن المعالم العمرانية والحضارية في المدينة ومحافظتها: بلدة فيْدُ   التي تعد من أشهر وأقدم مراكز العمران في محافظة الشنان خصوصًا، وفي منطقة حائل عمومًا، وفيد بلدة تاريخية؛ وهي واحدة من أهم المواقع الأثرية بحائل؛ لما تتضمنه من آثار بعضها يعود إلى ما قبل الإسلام ومن أبرزها بقايا قصر خراش، إضافة إلى عدد من الآثار الإسلامية كالآبار، والبرك، وقنوات الري. وفيد واحدة من أشهر محطات طريق الحج (درب زبيدة)، كما أنها تعد واحدة من أشهر محطات الطريق الذي يربط بين شمال شبه الجزيرة العربية ووسطها، وقد اشتهرت فيد بأمرين: أحدهما إضافتها إلى حمى كان من أشهر الأحماء، والأمر الثاني وقوعها في منتصف طريق الحج العراقي من بغداد والكوفة لكن فيد فقدت مكانتها التاريخية فيما بعد، وتفوقت عليها بلدان أخرى أحدث منها.

 

ومحافظة الشنان غنية بالمتنـزهات الطبيعية المتنوعة، ويعد جبل سلمى أبرز المعالم الطبوغرافية الرئيسة في المحافظة، كما هو من أبرز معالم منطقة حائل، وينتشر في محيط الوديان والريعان التي تخترق جبل سلمى عدد من القرى الزراعية القديمة.