ماهي مقومات الحركة الثقافية في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
 ماهي مقومات الحركة الثقافية في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية

 ماهي مقومات الحركة الثقافية في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية.

 
إن من يرصد تطور الحركة الفكرية والثقافية في منطقة الحدود الشمالية يرى أن تاريخها متوزع على ثلاث فترات عامة: فترة ما قبل النفط، وفترة الشروع باكتشاف النفط وإنتاجه، ثم فترة ما بعد النفط. وأيًا كانت الفترة المعنية، فلا بد أن يسبق هذه المسارات الثلاثة عرض لموقع المنطقة وأهميته في كل هذه الفترات. ومهما حاول الباحث عزل هذه الفترات بعضها عن بعض لا يمكنه، لأنها تتداخل ليكمل بعضها بعضًا، وخصوصًا فيما يتعلق بأهمية الموقع والاتصال والتعليم، ودور الدولة في معالجة ما يرتبط بقضايا النفط وقضايا استمرار البناء. ولا يغيب عن الذهن أن الحواضر الفاعلة في منطقة الحدود الشمالية (رفحاء وعرعر وطريف) لم تكن موجودة قبل نصف قرن تقريبًا، وأن ما أُنجز إلى اليوم يكاد يكون معجزة القرن الماضي. هذه الحقيقة تؤكد على الأقل أمرين: أن الجيل الذي عاصر فترة النفط أسس للجيل الحالي سبل الرفعة العلمية والثقافية، ثم إن الجيل المعاصر هو الذي سيعنى بأمور الثقافة والفكر.
 
 أهمية الموقع  
 
إذا أخذنا في الحسبان موقع منطقة الحدود الشمالية، بمحاذاته لجمهورية العراق وامتداده إلى حدود الأردن وسورية، فسندرك مباشرة أنه هيأ لسكانها فرص الاحتكاك المباشر مع كثير من شعوب الدول المجاورة، سواء في بلاد الشام أو في بلاد الرافدين، وكلها أماكن حضارية وثقافية تضرب جذورها في التاريخ. كما أن الموقع نفسه هيأ لأبناء المنطقة الاحتكاك المباشر بمراكز الحضارة في منطقة الجوف ومنطقة حائل ومنطقة القصيم والمنطقة الشرقية، هذا إذا تجاوزنا احتكاكهم اليومي مع العالم الغربي، ممثلاً في موظفي شركة النفط (أرامكو) التي أصبحت فيما بعد شركة (أرامكو السعودية)، وما تفرع عنها مثل مجموعة الشركات المكونة لشركة خط الأنابيب).
 
والمنطقة - بسبب موقعها - أصبحت معبرًا حافلاً بالحركة؛ إذ إنها تقع على طول خط المواصلات الرابط بين دول الخليج العربي وبقية مناطق المملكة من جهة وبين دول الجوار من جهة أخرى. وقد أسهم في تنشيط هذه الحركة الطريق المعبد الذي امتد موازيًا لأنبوب نقل النفط الممتد من المنطقة الشرقية حتى ميناء الزهراني في لبنان. وهكذا فإن كل أبناء دول الخليج أو العاملين فيها من أبناء الدول المجاورة يتخذون منطقة الحدود الشمالية معبرًا لهم على مدار العام. ولعل هذا الموقع وما يستتبعه من تواصل وتثاقف عوض كثيرًا مما قد تحتاج إليه المنطقة في بدايات تشكلها الحضري وما نجم عن نوع السكان الذين انتقلوا من حياة الترحال إلى حياة الاستقرار والمدنية.
 
ونقلاً عن الذين عاصروا إنشاء خط النفط وبدايات شركة خط الأنابيب فإن " الحياة في تلك الفترة... كانت متقدمة جدًا مقارنة بالحياة في المناطق المجاورة بل وبكثير من مناطق المملكة "  .  حيث كانت شركة النفط في المراكز الرئيسة لتقوية الضخ - رفحاء، وعرعر، وطريف - قد " هيأت كل متطلبات الحياة التي كانت متوافرة في تلك الأيام في أرقى الدول، فكانت الكهرباء تضيء منطقة العمل والسكن، والمبرقة تنقل الرسائل... كما أن الماء المقطر والمبرد والمثلج يوفر لساكنيها. " ولعل الأهم من كل ذلك هو تأكيد ما كانت تحتويه مراكز الشركة من وسائل ترفيهية ومواد ثقافية، (من مسرح وسينما) إضافة إلى وجود " مدرسة صغيرة لتعليم اللغة الإنجليزية في كل معسكر، كما توجد مكتبة عامرة بالكتب والمراجع "  .  وإن هذه الشهادة ليست مقصورة على من عاصروا إنشاء هذه المجمعات المدنية، بل إن الغربيين وثقوا كثيرًا بما أشار إليه أبناء المنطقة الذين عاصروا مرحلة التأسيس في نهاية أربعينيات القرن الماضي وبدايات خمسينياته.
 
وهكذا يتضح أن المنطقة قد تعرضت ليس فقط للاحتكاك بما يجاورها من دول، وإنما تعرفت على الحضارة الحديثة في الغرب، وسبل معارفه. فشركة (أرامكو) هيأت لموظفيها سبل المعرفة وإن كانت محدودة بالنسبة إلى السكان في بادئ الأمر، وتعرض السكان للغة الغربية والتعليم الغربي، وأوجدت بيئة اجتماعية مختلفة يقيس عليها أبناء المنطقة مدى غرابتها أو ملاءمتها، وهو أصل قبول الآخر أو نبذه، بل إن سوق العمل التي وفرتها شركتا (أرامكو) أولاً وشركة (خط الأنابيب) ثانيًا وبشكل أساس أسهمت في اختلاط أبناء البلد بأكمله وتفاعلهم، مع العمال والموظفين الأجانب، وعملت هذه المحطات أيضًا على جذب العمال والموظفين من كل أنحاء المملكة العربية السعودية. ويوثق أحد الباحثين هذه الحقيقة في مدينة عرعر حين يقول:
 
" لأن المدينة لم يتم إنشاؤها إلا منذ خمس وأربعين سنة، فإنه قد تجمع فيها من السكان من عدد من القبائل من أنحاء المملكة وغيرها لطلب الرزق ومزاولة التجارة والالتحاق بالوظائف الحكومية، سواء المدنية أو العسكرية، ويوجد في المدينة من القبائل: عنـزة، وعتيبة، وحرب، وشمر، ومطير، وقحطان، والشرارات، والحوازم، والرولة، وغيرهم. ويوجد بها أيضًا من الحاضرة من جميع مدن المملكة وقراها وهجرها من: بريدة، وعنيزة، والبكيرية، والرس، والمذنب، وسكاكا، والجوف، وضبا، والوجه، والبدائع، والخبراء، والأسياح، وعيون الجواء، والقرعاء، والزلفي، وشقراء، وسدير، والقويعية   ".
 
إضافة إلى أن كثيرًا من أهل المناطق الأخرى والقبائل الأخرى كان لهم أيضًا حضورهم البارز، ليس في عرعر وحدها، بل في كل حواضر المنطقة؛ وبهذا يتضح أن حواضر منطقة الحدود الشمالية كانت مراكز صهر وتوحيد بين أبناء الوطن.
 
كما أن إقامة شركات النفط لمدارس تعليم اللغة الإنجليزية قد أتاحت لكثيرين من أبناء البلاد تعلم هذه اللغة، وهذا يعني أن الفائدة لم تكن وحيدة الاتجاه، بل كانت متبادلة بين العاملين الأجانب ومصالحهم من جهة، وبين أبناء البلاد من جهة أخرى، مما أدى إلى ولادة جيل جديد من أبناء المنطقة استجابوا للإشعاع الثقافي الجديد الذي فتحت شركات النفط الأفق أمامه ليمر إلى عقول أبناء المنطقة وحواسهم.
 
الاتصال الخارجي
 
لئن كانت منطقة الحدود الشمالية سابقًا لا تختلف عن غيرها من مناطق المملكة الأخرى من حيث سبل الاتصال والمواصلات، فإن الحال تبدل جذريًا أثناء فترة اكتشاف النفط وبعد هذه الفترة، أي بين أواخر عقد الأربعينيات ونهاية عقد ستينيات القرن الماضي. بل لقد كانت سبل الاتصال بالعالم الخارجي متاحة برًا وجوًا، ناهيك عن الاتصال ببقية أنحاء المملكة العربية السعودية، إذ إن الطريق المعبد الممتد على طول خط الأنابيب من المنطقة الشرقية حتى بيروت في لبنان، مرورًا بالأردن وسورية، سهّل سبل التنقل. إضافة إلى ذلك فإن عربات الشركة كانت في حركة مستمرة على طول هذا الطريق ذهابًا وإيابًا، ما أضاف سهولة التنقل السريع نسبيًا، مقارنة مع الرحلات الجوية التي كان يقوم بها أسطول شركة النفط الجوي. ويروي التقرير المنشور عام 1375هـ / 1956م في مجلة (المهندس النفطي) والمقدم من شركة خط الأنابيب عن النجاح الذي حققته الشركة خلال خمسة أعوام من إنشائه (أي إبان السنوات الممتدة بين 1369 و 1374هـ / 1950 و 1955م) ما يأتي:
 
في أمر المواصلات الحيوي فالشركة - بالتعاون مع (أرامكو) - تدير أسطولاً من طائرات دي سي 3 القوية التي تقوم بمعدل ثلاث رحلات في الأسبوع ذهابًا وإيابًا إلى محطات الضخ المختلفة التي كانت تقوم بصيانة مدارج هبوط من الطراز الأول. وكانت طائرات دي سي 3 التي تخدم محطات الضخ ونقاطًا أخرى تطير في الشهر بمعدل 200 ساعة. وفي الشهر المعتاد تنقل هذه الرحلات جوًا 130 مسافرًا تقريبًا بين محطات الضخ وبيروت، كما تنقل عددًا مماثلاً بين محطات الضخ وإدارة شركة (أرامكو) في الظهران في المملكة العربية السعودية  
 
ليس هذا وحسب، بل إن شركة (أرامكو) في عام 1365هـ / 1946م كانت تمتلك سبع طائرات، تضاعفت إلى اثنتين وعشرين طائرة في عام 1367هـ / 1948م لتبدأ خطًا جويًا دوليًا بين الظهران ونيويورك، وبعض المدن الأوروبية، مثل: روما ولشبونة، كما كانت تسيّر رحلات منتظمة بين مناطق المملكة، مثل: الرياض وجدة. لكنها في المجال الدولي سيَّرت آخر رحلاتها الدولية في مطلع سنة 1381هـ / 1961م  
 
ولإعطاء مساهمة النقل الجوي القدر الذي تستحقه في ربط منطقة الحدود الشمالية بكثير من مناطق المملكة العربية السعودية، وفي توثيق عرى الاتصال الاجتماعي وما يترتب عليه من تبعات ثقافية معرفية وتفاعل، يصف أحد الكُتَّاب   رحلة طائرة (أرامكو) عام 1381هـ / 1961م التي تخدم خط الأنابيب ومحطاته في يوم من أيام الأحد من العام نفسه. ويفتتح المقال بعبارة غاية في الدلالة حيث يقول: " إن رحلة ساعي الحليب هي مشهد محبوب دائمًا في مجتمعات الصحراء التي تعتمد عليها في كل شيء من الأخبار والخضار الطازجة إلى الانتقال (جوًا) على طول خط الأنابيب. "
 
ثم يمضي الكاتب ليؤكد أن الرحلة تبدأ الاستعداد في الظهران بعد السادسة صباحًا، لتقلع وتحط أولاً في النعيرية وتقلع من جديد لتحط مرة أخرى في القيصومة وتقلع مجددًا لتحط في رفحاء ظهرًا. وتقلع مرة أخرى لتحط مجددًا في مطار بدنة (عرعر).
 
ثم ترتفع فوق بلدة عرعر، ذاك المجتمع الذي يبلغ تعداده - كما يقول المقال - 7000 نسمة  ،  لتحل مجددًا في طريف. وقد كانت محطة طريف هي المحطة الأخيرة لمن ليس على سفر إلى الخارج. لكن رحلة (ساعي الحليب) تقلع مرة أخرى في اتجاه العاصمة اللبنانية بيروت، لتحط هناك أخيرًا عند الساعة الخامسة وثلاث وعشرين دقيقة.
 
لم يكن الهدف من تصوير هذه الرحلة مجرد عرض لما كان يجري من أمور المواصلات الجوية في هذه الحقبة الأولى من تاريخ منطقة الحدود الشمالية خصوصًا وتاريخ المملكة العربية السعودية عمومًا، وإنما لنلقي بعض الضوء على ما كان يجري من أمر هذه الطائرة التي تحلق لتحط ذهابًا وإيابًا، وكأنها حافلة تجوب شوارع مدينة يستقلها أو يغادرها الركاب كل حسب حاجته. فالمقال يرصد الأنشطة المصاحبة للرحلة من بدايتها حتى نهايتها حين العودة من بيروت، ثم معاودة الكرة مرة أخرى على مدار أيام الأسبوع ما عدا يوم الجمعة. وفي هذه الصورة يتضح جليًا مدى التقارب والتفاعل بين سكان منطقة الحدود الشمالية وعلاقتهم ببعضهم وبغيرهم من أهل المناطق الأخرى.
 
وفضلاً عن ذلك كله فإن رحلة الطائرة التي تم رصدها بدقة خلال المقال كانت تجسد حالة من انتقال المعارف والثقافات وتلاقحها بين أبناء المنطقة، وقد أدى واقع التجاور والاحتكاك والتعارف والتجانس والامتزاج المعرفي دورًا مهمًا في تحريك سكون العزلة القديمة التي كانت تطبق على أنحاء المنطقة، كما يعكس المقال ولع الكاتب بحركة الطائرة ورحلاتها بوصفها فعالية إنسانية جديدة صنعت واقعًا جديدًا شعاره الانتقال إلى الآخر والتحاور معه.
 
يقول المقال:
 
" كان على متن الرحلة من الظهران سعوديان متجهان إلى بدنة (عرعر)؛ كما أن مساعد الطيار أكد أن مولدًا كبيرًا يزن 3100 رطل يقتضي النقل إلى محطة طريف، إضافة إلى مواد مختلفة منها الغذائي وغير الغذائي، بما في ذلك ملف أشعة سينية مرسل إلى عيادة بيروت. هذا غير ما كان يُلحق بالرحلة أو يُنـزل منها في كل محطة. وهكذا، ففي محطة القيصومة نـزل مسافر سعودي والتحق بالرحلة أحد عشر شخصًا: أمريكيان وتسعة سعوديين، منهم أسرة متجهة إلى رفحاء تتكون من زوج وزوجته وابنته وابنه الرضيع، ما اقتضى إنـزال المولد ليشحن إلى طريف برًا، كي تتاح الفرصة للمسافرين الجدد. كان أحد الأمريكيين جاء لإصلاح عطل أصاب جزءًا من صمامات ضخ النفط.
 
وفي رفحاء نـزلت الأسرة السعودية وأمريكي وأربعة سعوديين غيرهم، وصعد إلى الطائرة عربي يعمل فني مختبرات طبية وأجنبي يعمل كهربائيًا، وهنا يشرح الطيار عما سيحضره من بيروت مثل المواد الغذائية المجمدة والخضار لتوزيعها على المحطات وبعض الأمور الشخصية للموظفين العاملين في محطات الضخ. وفي محطة بدنة (عرعر) التحق بالرحلة أمريكيان يافعان كانا قد جاءا من طريف إلى بدنة للمشاركة في مسابقة للغولف وهما الآن عائدان إلى ذويهما في طريف  
 
هذا النشاط المستمر وما يفرضه من اختلاط وارتحال ومشاهدة كان نواة حقيقية لفعاليات اجتماعية وثقافية قيمة، بل إن مثل هذا الاستيطان والتبدل الجذري الذي نقل حياة البادية من البعير والماشية إلى طائرات الكورمورانت في زمن لم تعرف فيه غالبية العالم العربي مثل هذه التجربة لا بد أن يكون له أثره الفعال في تفتح الذهن وتطلعه إلى المعرفة والعلم. وهنا لا بد أن يتصدر التعليم الأولوية الأولى. وإذا أخذنا في الحسبان عمر المنطقة الزمني، وبداية التعليم العام، فإننا نستطيع أن نرى مدى ما حققته المنطقة من تطور وتقدم، رغم كل العوائق البشرية والمادية.
 
سبل الاتصال المسموع والمرئي والمقروء
 
لم تكن منطقة الحدود الشمالية في فترة ما قبل مرحلة النفط تختلف عن غيرها من المناطق الأخرى. لكنها مع هذه المرحلة تعرضت لنقلة هائلة في سبل الاتصال المسموع والمرئي والمقروء. فالمنطقة عرفت الصحافة المحلية، خصوصًا في مدينة عرعر (مركز المنطقة)، لكنها كانت مقتصرة على موظفي الدولة الرسميين؛ إذ إن محدودية السكان، وندرة القراء لم تكن لتجعلها سوقًا مستهدفة من المؤسسات الصحفية.
 
ومع ذلك فإن المنطقة عرفت الصحافة الغربية والعربية التي كانت تأتي إلى موظفي الشركة، وهنا أيضًا كان الاطلاع محدودًا. ولعل المطبوعة المتاحة لكل من يقرأ أو كان في المدرسة منذ بداية خمسينيات القرن الماضي هي مجلة " قافلة الزيت "  ومجلة " المنهل "، وهما المجلتان اللتان كانتا منتظمتين في الورود إلى مكتبات المدارس في ذلك الزمن الأول.
 
أما سبل الاتصال المسموعة والمرئية فقد كانت متاحة للجميع من أهل الحاضرة سواء كان التقاطهم البث المرسل إلى الشركات النفطية، أو بث إذاعة الدولة، أو الدول المجاورة. وكانت الإفادة محدودة جدًا لأسباب عدة من أهمها صعوبة وجود أجهزة الاستقبال التي لم تكن ذات أهمية لمعظم أبناء المنطقة لأن حياتهم قبلية واهتماماتهم المعيشية مختلفة، وبعضهم يجهل وجود مثل هذه الخدمات، إلاّ من كان منهم على اتصال بشركة نقل النفط أو بشركة (أرامكو) وهم قلة في بادئ الأمر، وكانوا على وعي بوجود مثل هذه الإذاعة ووجود التلفزيون.
 
أما الأمر الذي شد اهتمام الجميع، خصوصًا الذين كانوا على صلة بشركة خط الأنابيب، فقد كان وجود العروض السينمائية والتلفزيونية في ذلك الزمن المتقدم جدًا بالمقارنة ليس فقط مع بقية أنحاء المملكة بل والدول العربية المجاورة؛ فالعروض السينمائية كانت متاحة في المركز الترفيهي لموظفي الشركة في كل محطات الضخ وكذلك كانت البرامج التلفزيونية التي بدأ بثها تلفزيون (أرامكو) منذ عام 1376هـ الموافق 16 / 17 سبتمبر 1957م   وفي هذا التاريخ المتقدم كان تلفزيون (أرامكو) الثاني في العالم العربي قاطبة، إذ جاء بعد محطة تلفزيون بغداد  .  وعلى الرغم من أن إرسال محطة (أرامكو) لم يكن ليصل إلى منطقة الحدود الشمالية، إلا أن آليات إعادة البث المحلي كانت متاحة وتغطي ليس فقط مواقع الشركة وإنما أيضًا محيط البلدة الذي يقع بجوار تلك المواقع. كما أن من تقتضي الحاجة إلى ذهابه إلى الظهران للتدريب أو لغير ذلك يتعرض لهذه التجربة الفريدة.
 
ثم إن محطات البث المحلية قد تطورت فيما بعد في محطات الضخ هذه، وأسهمت في برامج الدراسة وعرضت دوريًا برامج مختلفة في المدارس، خصوصًا البرامج التي تعلقت بتاريخ المملكة العربية السعودية. ويروي الأستاذ عايد بن غانم الرويلي - وهو أحد القلائل الذين يعدون شهودًا على ذلك العصر فقد بدأ دراسته في مدينة طريف وفي مدرسة حطين عام 1376هـ / 1957م وعمل في حقل التعليم أربعة وثلاثين عامًا في المدينة نفسها -، قائلاً: " ولقد كان لشركة التابلاين السبق في إدخال البث السينمائي المصغر إلى المدرسة، حيث تعرض بين الحين والآخر أفلامًا عن البترول أو عن سيرة الملك عبد العزيز، رحمه الله، مثل فتح الرياض وتفقد منشآت (أرامكو) البترولية والمساهمات العمرانية لتلك الشركة. وكذلك بثها أفلامًا صحية إرشادية كان لها الأثر الطيب في حياة المشاهدين "  
 
شارك المقالة:
175 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook