يجدر بنا القول، قبل الإسهاب في بيان مهام المدير المالي، إن الصحة المالية للمؤسسة مرهونة بهذا المنصب الوظيفي، كما أن إدارة الأموال، ووضع الخطط طويلة الأمد والتخطيط للاستحواذ، وبيان أفضل الطرق لاستثمار رؤوس الأموال التي تم الحصول عليها كلها أمور تقع على عاتق المدير المالي.
يعمل المدير على المستويين الداخلي والخارجي معًا؛ فهو دائم الحضور في البنوك والمؤسسات التمويلية الأخرى، كما أنه كثيرًا ما يعقد الاجتماعات مع المدراء والمختصين في شركته؛ ليناقش معهم أمرًا ما، أو يعرض عليهم خطة معينة، أو ليوجههم للسير في اتجاه بعينه.
ويتطرق «رواد الأعمال» إلى بيان مهام المدير المالي بشكل مفصّل، وذلك على النحو التالي.
يقوم المدير المالي بتعيين الاحتياجات المالية للعمل، فهو المسؤول عن تحديد مقدار المال المطلوب للحصول على أصول مختلفة، كما أنه يبين الطريقة المناسبة لشراء مثل هذه الأصول الثابتة، وكيفية تلبية احتياجات رأس المال العامل.
لكن ليس هذا هو كل شيء، فهو غير مُكرّس للحاضر فقط، ولكنه يفكر في المستقبل، ومقدار المال الذي ستحتاجه على المستويين القريب والبعيد، كما يقوم بتحديد كيفية الحصول على هذه الأموال، وطرق استثمارها.
لا تتوقف مهام المدير المالي عند التخطيط أو التنبؤ المالي، أي أنه لا يقوم بالتخطيط على المستوى النظري المجرد، ولكنه يساعد المؤسسة في الحصول على المال كذلك.
هناك عدد من المصادر المتاحة لتوفير الأموال، فقد تكون هذه المصادر عبارة عن أسهم، وسندات، ومؤسسات مالية، وبنوك تجارية.. إلخ.
اختيار المصدر المناسب مهمة حساسة؛ إذ قد يؤدي اختيار مصدر خاطئ للأموال إلى صعوبات في مرحلة لاحقة؛ لذلك يجب تحليل إيجابيات وسلبيات المصادر المختلفة قبل اتخاذ القرار النهائي.
هناك قرارات مفصلية لا يجب أن تأخذها الشركة بمعزل عن المدير المالي، مثل قرارات الاستحواذ، فحين تقرر الشركة الاستحواذ على شركة أخرى يجب أن تخضع هذه الشركة (المراد الاستحواذ عليها) لعملية تقييم شاملة.
ومن مهام المدير المالي أن يساعد الإدارة في عملية التقييم تلك؛ لذا فإن من الواجب عليه أن يفهم الطرق المختلفة لتقييم الأسهم والأصول الأخرى حتى يتم الوصول إلى القيم الصحيحة. بهذا المعنى نفهم أن دور المدير المالي يتخطى مجرد التفكير في الأمور ذات الصلة برؤوس الأموال فحسب، وإنما أن يفكر فيما بعد ذلك أيضًا، أي كل ما يحافظ على سلامة المؤسسة من الناحيتين الاستراتيجية والمالية على حد سواء.
حين تواجه الشركة أزمة في السيولة أو حتى حين تتعثر في إدارة التدفق النقدي الخاص بها فإنها، في هذه الحالة، تكون أمام مشكلة كبيرة؛ نقص السيولة الذي يهدد باختفاء الشركة من الأساس.
وهذه السيولة (النقد الجاري) مطلوب من أجل تلبية الاحتياجات اليومية، وشراء المواد الخام، ودفع أجور العمال، وتغطية المصاريف الأخرى وغير ذلك.
ومن مهام المدير المالي تحديد الحاجة إلى الأصول السائلة، ثم ترتيب هذه الأصول ذاتها بطريقة تضمن عدم وجود ندرة في المال، وقيام الشركة بالوفاء بكل ما عليها من مستحقات.
من بين مهام المدير المالي أيضًا أن يعمل على إدارة فائض الأرباح الذي حصلت عليه الشركة، فيمكنه على سبيل المثال أن يقترح توزيع بعض منها على المساهمين، غير أن هذا الأمر (توزيع الفائض) مرهون بالوضع المالي للشركة؛ فإذا كانت في طورها الجنيني فمن الواجب على المدير المالي أن يلجأ إلى الاحتفاظ بهذه الأموال واستخدامها في التوسع أو الاستحواذ على أصول أو شركات أخرى.
الأمر مرهون بالظروف المالية العامة للشركة، لكن المدير المالي هو المخول بالتعامل مع هذا الوضع، وتحديد أفضل الخيارات وأكثرها ربحية للشركة على المدى الطويل.
المدير المالي هو الرقيب على كل أموال الشركة، ومن الواجب عليه جمع الأموال في الوقت المناسب، وضمان إتاحتها بسهولة عند الحاجة، ووضعها في المكان المناسب أيضًا.
ويجب عليه كذلك إخضاع كل اقتراح منافس للفحص الدقيق قبل تخصيص الأموال، ولا ينبغي أن تكون الربحية العامل التوجيهي الوحيد؛ إذ من المهم أخذ قضايا السلامة والسيولة بعين الاعتبار. ومن مهام المدير المالي تحقيق التوازن الصحيح بين المخاطر والعائد أثناء تقييم مقترحات الاستثمار المختلفة.
العربية
