متاهات الحب

الكاتب: المدير -
متاهات الحب
"متاهات الحب




في وِرد اليوم وجدتُ آية قيِّمة جدًّا، تفسِّر لنا الكثير من الأحداث التي تمرُّ في حياتنا حاليًّا، وهي قوله تعالى: ? وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ? [البقرة: 165]، والأنداد إذا نظرنا في معاني الكلمات، سنجد أنها لا تنحصر في الأصنام؛ بل أندادًا: نُظراء كالأصنام والأولياء، فالكلمة تشمل أيَّ نظير أو أيَّ أحد غير الله!

 

مشكلة الحب هو أنه في القلب، وبالتالي يَصعُب قياسه بدقَّة، ولكن عندما يتحوَّل إلى أفعال تبدأ الأمور في الظهور، فمثلًا عندما تكون محبًّا لاثنين من أصحابك وكلاهما سيَتنزَّه في اليوم نفسه وفي مكانين مختلفين، تجد نفسك تختار أن تذهب مع مَن تحبُّ منهم أكثر!

 

فمشكلة حبِّ الند أنه لا يظهر إلا عند تعارض أمر لله وأمر للند، عندما يأمر الله بشيء ما ويأمر الند بالعكس، فتستجيب للند، وفي تلك اللحظة يتضح الأمر! والأمر لا يسري على الحب فقط، بل يسري على الخوف أيضًا!

 

انظر في معاني الكلمات ستجد كحب الله: يمنحونهم من التعظيم ما لا يليق إلا بالله!

فعندما يأمرك أحد ما بمعصية لله، وتستجيب خوفًا على مشاعره، أو من أن يؤذيك، فتلك أيضًا مشكلة كبيرة.

نجدها بكثرة الآن في الأب الذي يحب أولاده بفطرته، ولكن هذا الحب قد زاد عن الحد، وفاق حب الله، فأصبح يُطعمهم من حرام!

 

وفي الزوجة التي ترى بأُمِّ عينها طريقة خاطئة في تربية الأولاد من أب في الأساس لا يصلِّي، ومع ذلك تسكت خوفًا على الأسرة.

 

وفي حفل الزفاف الذي على الرغم من أنه مليء بما لا يُرضي الله، فإنا نَحضُره خوفًا على مشاعر فلان!

 

وفي البنت التي لا تُطيق أن تشعر بأنها سلعة للبيع في كل زفاف، ومع ذلك تستجيب لطلب والدتها بضرورة الحضور دَرْءًا للمشكلات.

 

وفي الوظيفة التي تُجبرك على أن تقع في كبيرة من الكبائر؛ حتى لا يُقطَع رزقُك منها!

 

وبالطبع فإن البنت والولد يوقنان أن علاقة الحب تلك لا تجوز قبل الزواج مهما خدعهم الشيطان، أو أقرَّهم الناس، ومع ذلك فإنهما ما زالا مستمرَّيْنِ فيها، مع أن طريق الحلال موجود!

 

والكثير والكثير من الأمثلة الأخرى التي بُنيت على قلبٍ أحبَّ أحدًا، أو خاف من أحد أكثر من الله، فتناسى حديث: ((لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصية الخالق)).

 

وكأن قلوب الناس بأيدينا نُحركها كيفما شئنا، فإذا فعلنا ما يرضيهم فسيَرضون عنا للأبد، وإذا فعلنا العكس فسيَسخطون للأبد، رغم أن النبي صلى الله عليه وسلم قالها بكل وضوح: ((إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله، يُقلِّبها كيف يشاء))، وهي في الأساس تسمَّى قلوبًا؛ لكثرة تقلُّبها وعدم ثباتها على حال!

 

وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: ((مَن التمس رضا الله بسخط الناس، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومَن التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه، وأسخط عليه الناس)).

 

وكأن من يقع في ذلك سيَقدر أن يفعل ما لم يفعله الأنبياء، وهو أن تَرضى الناسُ كلها عنه!

 

يا مَن تقرؤون هذه الكلمات، قلوبكم غالية عند ربها، وخُلقت فقط لأجله! وهو أفضل مَن سيُقدِّر قيمتها ويرعاها ويُطَمْئِنُها، وذلك لو جعلناها بالفعل كما يحب سبحانه وبحمده: ? إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ? [الشعراء: 89]. [1]




[1] مرجع معاني الكلمات: الميسر في غريب القرآن.


"
شارك المقالة:
21 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook