مجلس الشورى في المملكة العربية السعودية.
مجلس الشورى هو هيئة استشارية تقوم بدراسة الأنظمة والتقارير المرفوعة إليها من الجهات الحكومية، وتقدم فيها الرأي
النشأة والتطور
مرت الشورى بمراحل كثيرة منذ دخول الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - مكة المكرمة عام 1343هـ / 1924م، حيث دعا آنذاك إلى الشورى، وجعلها ركيزة أساسية في نظام الحكم؛ عملاً بقول الله تعالى: ﮢﮥﯺﮨﭔﮢﰞﯢﱇﮔﰹﭾﱇ ﱌﰟﯣ ﭓﭔﮫﭶﭴﱇﯡﰞﭘ ، وقوله سبحانه: ﮢﮥﭖﮢﭲﱉﯞﰴﮔﰹﭾﱇ ﯺﰵﮡﯢﮥﯤﭣ ﭟﮤﯠﱈﮊﮥﮘﰷﭾﱇ واقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم في مشاورة أصحابه وحث الأمة على التشاور. وقد جاء تأسيس أول مجلس للشورى في 24 / 5 / 1343هـ الموافق 20 / 12 / 1924م، وأطلق عليه المجلس الأهلي الشوري برئاسة الشيخ عبدالقادر بن علي الشيبي، وضم في عضويته 12 عضوًا، ولمَّا كان بناء الدولة لم يكتمل بعد؛ فقد أنيط بهذا المجلس تنظيم مواد أساسية لإدارة البلاد، ولم يكن هناك نظام يحدد عمل المجلس، واستمر هذا المجلس نحو ستة أشهر، ثم قام الملك عبدالعزيز بتوسيع دائرة المشاركة؛ فتم حل المجلس السابق، وصدر أمر تشكيل مجلس آخر في 8 / 1 / 1344هـ الموافق 28 / 7 / 1925م يمثل جميع أحياء مكة المكرمة، وعددها 12 حيًا، يُضاف إليهم اثنان من العلماء، وواحد من التجار، بالإضافة إلى ثلاثة أعضاء يُعيِّنهم الملك عبدالعزيز من أعيان البلد
وقد كان هذا المجلس أكثر تنظيمًا من خلال وجود نائب للرئيس، وأمين للسر. وقد افتتح يوم الثلاثاء 13 / 1 / 1344هـ الموافق 2 / 8 / 1925م، ويعد النواة لنظام مجلس الشورى الذي تأسس فيما بعد على سبع مواد تشمل: تنظيم جميع الأمور وترتيبها في المحاكم، والأمور البلدية، والأوقاف، والتعليم، والأمن، والتجارة، إضافة إلى تشكيل لجان دائمة لحل المشكلات التي يُرجع فيها إلى العرف بما لا يخالف أصلاً من أصول الشريعة الإسلامية
وضمن مراحل التطور التي مرت بها الدولة فيما يتعلق ببناء المؤسسات صدرت الموافقة في 21 / 2 / 1345هـ الموافق 29 / 8 / 1926م على المواد الأساسية لنظام الحكم، ومن ضمن ما يتعلق بمجلس الشورى أشارت هذه المواد إلى مقر المجلس، وتسميته بمجلس الشورى بدلاً من الاسم السابق (المجلس الأهلي الشوري)، وتشكيلة أعضائه الذين بلغ عددهم 12 عضوًا، وتحديد انعقاد جلساته، ومن لهم حق حضور الجلسات، كما أشارت إلى أن مدة العضوية سنة واحدة. وقد حل هذا المجلس في 7 / 1 / 1346هـ الموافق 1927م لصدور النظام الجديد المعدل له في 9 / 1 / 1346هـ الموافق 1927م، وقد تكوَّن المجلس من 8 أعضاء لمدة سنتين، ووفقًا للنظام فإن تشكيل الأعضاء يتم بترشيح 4 منهم باستشارة أهل العلم والخبرة، و 4 تختارهم الحكومة بمعرفتها
ويعد عام 1346هـ / 1927م تاريخ التأسيس الفعلي لمجلس الشورى في عهد الملك عبدالعزيز؛ إذ افتتح الملك عبدالعزيز دورته الأولى في 14 / 1 / 1346هـ الموافق 13 / 7 / 1927م، وعقدت أولى جلساته في يوم الأحد 18 / 1 / 1346هـ الموافق 17 / 7 / 1927م
ونظرًا إلى كثرة الأعمال المنوطة بالمجلس اقتضت المصلحة إجراء بعض التعديلات في نظامه؛ فقد صدر في العام نفسه نظام آخر معدل في 14 مادة، وكانت التعديلات التي تم إدخالها في هذا النظام هي
زيادة عدد أعضاء المجلس إلى 12 عضوًا، بعد أن كان محددًا بـ 8 أعضاء. كما أشارت المادة الثانية إلى تعيين نائب دائم للمجلس من قبل الملك، وأن يُنتخب نائبٌ ثانٍ من قِبَل المجلس. وحددت المادة الثامنة انعقاد جلسات المجلس يوميًا بعد أن كانت مرتين في الأسبوع.
صدر عن المجلس في العام نفسه ملحق للنظام في 7 مواد تمت صياغته ليكون أكثر ملاءمة وتنظيمًا لسير أعمال المجلس، وقد صدر لاحقًا بعد إدخال بعض التعديلات تحت اسم (النظام الداخلي لمجلس الشورى) في 24 مادة
استمر مجلس الشورى بنظامه المذكور دون تعديل، وظل يمارس قدرًا واسعًا من الصلاحيات إلى أن أسس مجلس الوزراء عام 1373هـ / 1953م، حيث جرى توزيع كثير من صلاحيات مجلس الشورى بين مجلس الوزراء والأجهزة الحكومية الجديدة والمطورة وفق أنظمتها، لكن مجلس الشورى ظل يواصل جلساته ويستعرض ما يحال إليه وفق نظامه، وإن لم يكن بالمستوى الذي كان عليه من قَبلُ
وعقد المجلس القديم منذ عهد الملك عبدالعزيز حتى نهاية عهد الملك خالد بن عبدالعزيز - يرحمهما الله - 6222 جلسة، أصدر خلالها 9349 قرارًا، وبلغ عدد دوراته 51 دورة
ثم صدر نظام الشورى الجديد بتاريخ 27 / 8 / 1412هـ الموافق 1992م ليحل محل نظام المجلس القديم الصادر في عام 1347هـ / 1928م، واعتمدت اللائحة الداخلية للمجلس والقواعد الملحقة بها في 3 / 3 / 1414هـ الموافق 1993م، وتكوّن المجلس في دورته الأولى من رئيس و 60 عضوًا، وفي دورته الثانية صار مكونًا من رئيس و 90 عضوًا، وفي دورته الثالثة أصبح مكونًا من رئيس و 120 عضوًا، وفي دورته الرابعة صار مكونًا من رئيس و 150عضوًا من أهل العلم والخبرة والاختصاص
أهداف ومهمات مجلس الشورى
لمجلس الشورى عدد من الأهداف والمهمات يحققها ويقوم بها من خلال لجانه المختلفة على النحو الآتي
دراسة الموضوعات والأنظمة واللوائح ذات العلاقة بالشؤون والجوانب الإسلامية والقضائية وحقوق الإنسان
دراسة الموضوعات والأنظمة واللوائح ذات العلاقة بالشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب، من خلال دراسة ما يرد من موضوعات لها علاقة بوزارة الشؤون الاجتماعية، والرئاسة العامة لرعاية الشباب
دراسة الموضوعات ذات العلاقة بالشؤون الاقتصادية والطاقة، من خلال ما يرد من الجهات ذات العلاقة
دراسة الموضوعات ذات العلاقة بالجهات العسكرية والشؤون الأمنية
دراسة الموضوعات والأنظمة واللوائح ذات العلاقة بالشؤون الإدارية، والموارد البشرية
دراسة الموضوعات والأنظمة واللوائح ذات العلاقة بالشؤون التعليمية والبحث العلمي من خلال ما يرد للمجلس من الجهات ذات العلاقة
دراسة النشاط الإعلامي الداخلي والخارجي، والصحافة المحلية، والمكتبات العامة، والأنشطة الثقافية الداخلية والخارجية، والقنوات الفضائية المملوكة للقطاع العام، والحوارات الفكرية الثقافية، والمكتبات ودور النشر ومحال أوعية المعلومات، وحقوق الملكية الفكرية، والجمعيات والنوادي الأدبية والثقافية، والاتفاقيات الدولية أو الإقليمية أو الثنائية ذات العلاقة بالأمور الثقافية أو الإعلامية، والجوائز التقديرية
دراسة السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي، والعلاقات مع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية، والاتفاقيات والمعاهدات الثنائية والإقليمية والدولية العامة أو الإطارية
دراسة الموضوعات ذات العلاقة بشؤون المياه والكهرباء والزراعة والشؤون البلدية والقروية والمرافق والخدمات العامة
دراسة الموضوعات ذات العلاقة بالشؤون الصحية والبيئة، والصحة العامة، والمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية، والمؤسسات الصحية الخاصة، والأدوية والمستحضرات الصيدلانية والطبية، والتوعية الصحية والغذائية والبيئية، والبيئة والأرصاد الجوية، والاتفاقيات الدولية أو الإقليمية أو الثنائية ذات العلاقة بأمور الصحة والغذاء والدواء والبيئة
دراسة الموضوعات ذات العلاقة بالشؤون المالية، والبنوك التجارية، وحركة الأموال، والأمور التي لها علاقة بالميزانية العامة
والإقراض والإعفاءات والتسهيلات المالية، والمحاسبة والمحاسبين القانونيين، والتأمين، والسوق المالية، والضرائب والرسوم بمختلف أنواعها، والاتفاقيات الدولية أو الإقليمية أو الثنائية ذات العلاقة بالأمور المالية والبنكية والضرائب والرسوم
دراسة الموضوعات ذات العلاقة بشؤون النقل والمواصلات والاتصالات وتقنية المعلومات
وخدمات الهاتف والبريد، ووسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية، والطرق والموانئ والمطارات، والخطوط الحديدية، والخطوط الجوية، ووسائل النقل والشحن البري، والاتفاقيات الدولية أو الإقليمية أو الثنائية ذات العلاقة بأمور النقل والاتصالات وتقنية المعلومات
يبدي مجلس الشورى الرأي في السياسات العامة للدولة التي تحال إليه من رئيس مجلس الوزراء، خصوصًا مناقشة الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإبداء الرأي حولها، ودراسة الأنظمة واللوائح والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والامتيازات من خلال لجان المجلس المتخصصة، واقتراح ما يراه بشأنها، وتفسير الأنظمة، ومناقشة التقارير السنوية التي تقدمها الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى، واقتراح ما يراه حيالها، وترفع توصيات مجلس الشورى إلى الملك، ويقرر ما يحال منها إلى مجلس الوزراء، وإذا اتفقت وجهات نظر مجلسي الوزراء والشورى تصدر القرارات بعد موافقة الملك عليها، وإذا تباينت وجهات نظر المجلسين يعاد الموضوع إلى مجلس الشورى ليبدي ما يراه بشأنه ويرفعه إلى الملك لاتخاذ ما يراه، ويرفع رئيس مجلس الشورى لرئيس مجلس الوزراء طلب تزويد المجلس بما لدى الأجهزة الحكومية من وثائق وبيانات يرى المجلس أنها ضرورية لتسهيل سير أعماله
كما يرفع رئيس مجلس الشورى تقريرًا سنويًا إلى الملك عما قام به المجلس من أعمال وفقًا لما تبينه اللائحة الداخلية للمجلس