مدارس الوعظ والإرشاد بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
مدارس الوعظ والإرشاد بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

مدارس الوعظ والإرشاد بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.

 
كان يوجد نوع من التعليم يتمثل في مدارس الوعظ والإرشاد الديني المنتشرة في المنطقة، وكان يقوم بتشييد هذه المدارس أثرياء المنطقة وأمراؤها وأعيانها، وللحرص على استمرارية تلك المدارس في أداء دورها كان يُخصص لها أوقاف للصرف عليها في أوجه متعددة مثل الاعتناء بالمبنى، والدفع لمن يقوم بالتدريس فيها، وكذلك صرف إعانات لمن يدرس فيها.
 
وكان التدريس في تلك المدارس يُركز على العلوم الشرعية مثل التفسير والحديث والفقه، وتتم الدراسة فيها أيام الأسبوع - ما عدا الثلاثاء والجمعة - على فترتين صباحية ومسائية، إذ كانت الفترة الصباحية تبدأ من الصباح إلى قبيل الظهر، والمسائية من بعد صلاة العصر إلى قُبيل صلاة المغرب، وقد خُصص يوما الجمعة والثلاثاء ليكونا إجازة أسبوعية إذ يتفرغ الناس يوم الجمعة للعبادة وقضاء الأمور الخاصة، في حين يُعَدُّ يوم الثلاثاء فرصة للمدرسين والطلاب للتنـزه والتنقل بين البساتين والعيون المنتشرة في المنطقة، وكانت الدراسة تستمر طوال العام ما عدا شهر رمضان وعيدَي الفطر والأضحى إذ تُغلق المدارس.
 
ومن الملاحظ أنّ تلك المدارس كان يغلب عليها التخصص المذهبي؛ فهناك مدارس تعتمد المذهب الشافعي مثل مدرسة حي العتبان الشمالية ومدرسة النعاثل، ومدارس تعتمد المذهب المالكي مثل مدرسة الصالحية ومدرسة الرفعة الجنوبية، ومدارس تعتمد المذهب الحنفي مثل مدرسة الشلهوبية.
 
وتتصف القطيف بطابع خاص في نمط التدريس فيها، فقد تأثرت بالنمط المتّبع في المدارس الموجودة في النجف وكربلاء بالعراق، وكان بعض الطلاب بعد أن ينتهي من تلقي دروسه في مدارس القطيف يلتحق بمدارس أو مراكز تعليمية في النجف وكربلاء، وتنوعت الحلقات الدراسية في القطيف إذ تُدرّس فيها علوم اللغة العربية والفلسفة والفقه والأصول، وكان التدريس يتم وفقًا للمذهب الشيعي، وتُعَدُّ القطيف المركز الرئيس الثاني للتعليم بعد الأحساء  . 
 
ومن الأمور الجيدة التي كانت تتبعها مدارس الوعظ والإرشاد وجود حلقتين: إحداهما مفتوحة للجميع من الرجال والنساء؛ حيث يُخصص مكان مستقل للنساء للاستماع، ويُركَّز في هذه الحلقة على الوعظ والتذكير بأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، والثانية تبدأ بعد انتهاء الحلقة السابقة وانصراف الناس إذ يبقى الطلاب الملتحقون بالمدرسة لمواصلة تلقي العلم والتعمق في دراسة الموضوعات، ويكون ذلك باستخدام الأسلوب الفردي إذ يقوم الطالب بالقراءة على المدرس منفردًا، أو الأسلوب الجماعي، إذ يقرأ فيه أحد الطلاب في حضور الجميع عددًا من الصفحات أو يقرأ لوقت معين، ثم يأتي دور غيره بعده... وهكذا حتى ينتهي الوقت المحدد للحلقة.
 
ومما يُميز مدارس الوعظ والإرشاد إتاحتها الفرصة لتعلُّم العلوم الشرعية واللغة العربية للأفراد الذين لم يتسنَّ لهم الالتحاق بالكتّاب من الذكور والإناث، كما أنّها تمنح فرصة للاستزادة من العلوم الشرعية واللغة العربية للراغبين فيها ممن سبق لهم الالتحاق بالكتّاب، وقد تعددت مدارس الوعظ والإرشاد الموجودة في المنطقة خصوصًا في الأحساء؛ حيث انتشرت في أحيائها، ويمكن الإشارة إليها باختصار:  
 
1 - مدارس حي الكوت:
 
أ) مدرسة علي باشا:
 
وقد أُنشئت في الهفوف في عام 1019هـ /1610م، وأُوكل التدريس فيها إلى علماء من أسرة آل ملا.
 
ب) مدرسة مصطفى باشا:
 
وقد تولى التدريس فيها عبدالرحمن بن حمد بن عثمان.
 
ج) مدرسة آل عمير:
 
وقد تولى التدريس فيها طلبة العلم من أسرة آل عمير.
 
د) المدرسة الشلهوبية:
 
وقد أسسها الشيخ أحمد بن شلهوب، وتولى التدريس فيها آل الشيخ أبي بكر الملا.
 
هـ) المدرسة العمرية:
 
وقد تولى التدريس فيها آل الشيخ أبي بكر الملا.
 
و) مدرسة راشد بن دهنين العماني:
 
أسسها عام 1292هـ /1875م، وقد أُوكل التدريس فيها إلى آل أبي بكر الملا.
 
ز) مدرسة آل عبداللطيف:
 
وقد أُوكل التدريس فيها إلى أسرة آل عبداللطيف.
 
ح) مدرسة محمد بن حسن بن خاطر:
 
أسسها عام 1272هـ /1856م، وقد أُوكل التدريس فيها إلى أسرة الهاشميين، وهي أسرة نـزحت من المغرب إلى الهفوف.
 
2 - مدارس محلة النعاثل:
 
أ) مدرسة النعاثل:
 
وقد تولى التدريس فيها أفراد من أسرة المبارك.
 
ب) مدرسة السويق:
 
وقد تولى التدريس فيها أفراد من أسرة العمير.
 
ج) مدرسة النعيم:
 
وقد تولى التدريس فيها أفراد من أسرة النعيم.
 
3 - مدارس حي الرفعة:
 
أ) مدرسة الشريفة.
 
ب) مدرسة الشهارنة.
 
ج) مدرسة الرفعة الجنوبية.
 
وقد تولى التدريس في هذه المدارس أفراد من أسرة آل مبارك.
 
4 - مدارس حي الصالحية:
 
في حي الصالحية كانت توجد مدرسة تُعرف بمدرسة الصالحية أسست في عام 1340هـ /1922م، وقد تولى التدريس فيها أفراد من أسرة المبارك.
 
5 - مدرستا حي المبرز:
 
أ) مدرسة حي العتبان الشمالية.
 
ب) مدرسة العتبان الشرقية (الحضر).
 
وكان يتولى التدريس في المدرستين أفراد من أسرة آل عبدالقادر ممن لهم حظ وافر من العلم.
 

 الأربطة العلمية

 
هناك نوع آخر من أنواع التعليم هو التعليم في الأربطة العلمية، ويتصف الطلاب المنتسبون إليها بأنّ أعمارهم تكون أكبر من أعمار المنتسبين إلى الكتّاب ومُعظمهم ملم بمبادئ القراءة والكتابة، ويميز هذا النوع من التعليم أنّه - بالإضافة إلى وظيفته التعليمية - يتم فيه توفير السكن والمأكل للطلاب الفقراء والوافدين من خارج المنطقة، إذ تزخر الأربطة بالطلاب الوافدين ليس فقط من مناطق الجزيرة العربية والخليج العربي بل من مناطق بعيدة مثل شبه القارة الهندية وقد قدموا إلى المنطقة للتزود من العلم؛ لذا تُعد تلك الأربطة بيئة خصبة لتبادل المعارف والعلوم وتلاقح الأفكار، وقد تستغرق الدراسة في هذه الأربطة العلمية عددًا من السنوات لمن أراد التبحر في العلم أو لمن أراد أن يكون قاضيًا.
 
وكان الميسورون من أهالي المنطقة الشرقية يوقفون بعض الأملاك من مزارع وبيوت ويُخصَّص ريع إيجارها للعناية بالأربطة العلمية وصرف مكافآت لمدرسيها، كما أنّ بعض مُحبي الخير والميسورين يجري الصدقات على تلك الأربطة سواء كانت أموالاً أو مؤنًا غذائية مثل الأرز والتمر، وكان من أشهر الأربطة وأكثرها طلابًا رباط أبي بكر الملا في الهفوف، حيث كان يُخصَّص الدور الأرضي من الرباط سكنًا للطلاب والدور العلوي فصولاً دراسية.
 
 
شارك المقالة:
48 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook