مدلول المنهج والتواصل والحوار اللغوي والاصطلاحي

الكاتب: المدير -
مدلول المنهج والتواصل والحوار اللغوي والاصطلاحي
"مدلول المنهج والتواصل والحوار اللغوي والاصطلاحي




مدلول المنهج:

نتناول هنا مدلول المنهج والتواصل والحوار اللغوي والاصطلاحي، وبيان أهمية الخطاب التربوي الإسلامي من خلال السيرة النبوية الموجهة للشباب، وذلك للاقتداء بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في المنهج التواصلي والحواري مع صحابته الكرام انطلاقا من صلح الحديبية عملاً بقوله تعالى وما آتَاكُم الرسولُ فَخُذُوه وما نَهاكُم عنه فَانَتهوا واتَّقُوا اللَّه ن اللَّه شَديد اْلعقابِ[1].

 

يقول ابن منظور عن المنهج: (المنهج أو المناهج جمع مناهج، ويعني الطريق الواضح... ويقال نهج الطريق: أبانه وأوضحه، وانهج الطريق أي: وضح واستبان وصار نهجاً واضحاً بيناً قال الشاعر: (وقد أضاء الطريق وانهجت سبل المكارم والهدى تعدي)

وجاء في المعجم الوسيط: (مصدر للفعل نهج يعني الطريق المستقيم الواضح البين فيقال طريقه ناهجه. أي واضحة بينة)

نخلص مما سبق إلى أن معنى المنهج في اللغة يعني الطريق البين، الواضح المستقيم وهي في مجملها تقود إلى معنى الخطة المرسومة، فلا خطة بدون بيان وتوضيح واستقامة. وهذا يقودنا إلى الوقوف على المعنى الاصطلاحي المنهج.

 

لقد وردت عدة تعريفات للمنهج في الاصطلاح وهذا الاختلاف راجع إلى ما سبقت الإشارة إليه في المقدمة، والمتمثل في حداثة علم الدعوة، وعدم رسوخه بعد. فقد عرفه العلماء والمفكرون والدعاة بالآتي:

1- محمد أبو الفتح البيانوني: (النظام والخطة المرسومة للشيء) .

2- عبد الله حسن رزق: (الطريقة أو المعلومة التي يمكن بواسطتها أن تدرك أو تستخرج المعلومة). وقيل هو: (الطريقة التي توصلنا من العلوم لمعرفة المجهول).

3- وجاء في الموسوعة الفلسفية: إن المنهج يعني: (مجموعة الإجراءات التي ينبغي اتخاذها بترتيب معنى لبلوغ هدف معين)

4- عبد الهادي الفضلي: هو: (الطريقة التي يتبعها العلماء في وضع قواعد العلم وفي استنتاج معارفه على ضوء تلك القواعد)

5- صاحب كتاب المنهج النبوي: (هو وعي على كيفية إنجاز عمل ما، وفهم لطريق الوصول إلى غرض مطلوب وفق ترتيبات واضحة، ومنظمة).

نلخص من التعريفات الآنفة إلى أن المعنى الاصطلاحي للمنهج يدور حول المعنى اللغوي إذ لاحظنا تكرر كلمة الطريق والطريقة في أكثر من تعريف. كما نلاحظ أن التعريفات السابقة - تشير إلى المنهج بصفة عامة سواء كان منهجاً علمياً، أو اقتصادياً، أو سياسياً. ولكن نحن بصدد الحديث عن منهج الدعوة فلا بد من توضيح ذلك في التعريف ليكون تعريفاً جامعاً مانعاً.

 

وبرجوعنا إلى كتاب البيانوني الموسوم: (المدخل إلى علم الدعوة نجد أنه أضاف كلمة الدعوة وقال: (يمكننا أن نعرف مناهج الدعوة في الاصطلاح بأنها: نظُم لدعوة وخططها المرسومة لها).

وهذا التعريف - في تقديري- يحتاج إلى إضافة حتى يتسنى له أن يسع جميع جوانب وأبعاد مناهج الدعوة، ومعلوم أن أنواع مناهج الدعوة أربعة رئيسية هي: من حيث واضعها، وموضوعها، وطبيعتها، وركائزها. فإذا لم تظهر هذه الأنواع في التعريف يعد تعريفاً ناقصاً، وبالتالي يختل فيه الشرط الثاني للتعريف - أن يكون جامعاً - عليه وانطلاقاً من تعريف أستاذنا محمد أبو الفتح البيانوني، واستناداً على التعريفات السالفة أستطيع القول: إن التعريف الذي أراه - في تقديري- هو الأقرب إلى المعنى الاصطلاحي لمناهج الدعوة هو:

مناهج الدعوة:

هي الخطط والنظم المرسومة للدعوة من حيث واضعها، وموضعها، وطبيعتها، وركائزها.

مدلول المنهج الاصطلاحي: لم يتعرض العلماء القدامى إلى بيان معنى المنهج اصطلاحا، لأنه من المصطلحات التي نشأت حديثا.

وقد عرفه المعاصرون بما يلي: هو فن التنظيم الصحيح لسلسلة من الأفكار العديدة إما من أجل الكشف عن الحقيقة حين نكون جاهلين بها، وإما من أجل البرهنة عليها للآخرين، حين نكون بها عارفين[2].

 

تعريف المنهج:

هو الطريقة التي يتبعها الباحث في دراسته للمشكلة؛ لاكتشاف الحقيقة، أو أنه خطوات منظمة يتبعها الباحث في معالجة الموضوعات التي يقوم بدراستها[3].

 

مدلول التواصل اللغوي والاصطلاحي:

مدلول التواصل اللغوي: وصلتُ الشيءَ وَصْلاً وَصِلَةً. ووَصَلَ إليه وُصُولاً، والتَواصُلُ: ضد التصارُمِ. ووَصَّلَهُ تَوْصيلاً، إذا أكثر من الوصل. وواصَلَهُ مُواصَلَةً ووِصالاً. ومنه المُواصَلَةُ في الصوم وغيره. ومَوْصِلُ البعير: ما بين عجزه وفخذه. والمَوْصِلُ: ما يُوصَلُ من الحَبل[4] اتحاد الأشياء بعضها ببعض كاتحاد طرفي الدائرة، ويضاد الانفصال.

 

مدلول التواصل الاصطلاحي:

عرف التواصل نظريا بأنه نشاط شفهي أو كتابي، يتم بتبادل الأفكار والآراء والمعلومات عن طريق الإرسال والاستقبال، بواسطة نظام من الرموز متعارف عليها بين المتخاطبين، وخلال قنوات أو طرائق تربط بين المرسل والمرسل إليه.

وهو وسيلة تشغيل كل القدرات الفكرية والعقلية، من ملاحظة، ووصف، وتحليل، ونقد، وحكم واستنتاج وتقويم...

فالتواصل بين شخصين من أجل الإفهام والإقناع والإفحام يراد بذلك إحقاق الحق ودحض الباطل.

 

مدلول الحوار اللغوي والاصطلاحي:

تكتسب المداخل اللغوية والاصطلاحية أهميتها من كونها أسساً ومبادئ تُبنى عليها العلوم، وقد صارت دراسة المصطلح علماً يُدرس في الجامعات والمعاهد المتخصصة، وكل دراسة جادة لابد لها أن تبدأ من المداخل اللغوية والاصطلاحية لتحديد المفاهيم والمحاور التي ستقوم حولها الدراسة، إن قضية المصطلح تكاد تكون من أدق القضايا في عصرنا، فالمصطلح كما هو معروف مفتاح العلم والثقافة، وبدون القدرة على استيعاب المصطلحات وتوليدها وفهمها لا يمكن استقرار علم ولا فهم...

من هذا المنطلق نؤسس دراستنا لفن الحوار على الدرس الاصطلاحي أولاً، وهذه محاولة لجمع المصطلحات الدالة على الصور الحوارية المتنوعة في العربية ودراستها لغوياً واصطلاحياً.

قال في لسان العرب: الحَوْرُ: الرجوع عن الشيء وإلى الشيء، حار إلى الشيء وعنه حَوْراً ومَحَاراً ومَحارَة وحؤوراً: رجع عنه وإليه [5] وقال أحمد بن فارس: الحاء والواو والراء ثلاثة أصول أحدها لون، والآخر الرجوع، والثالث أن يدور الشيء دوراً.. فأما الأول فالحَوَر: شدة بياض العين في شدة سوادها.. ويُقال: حوّرتُ الثياب أي بيضتها... ويقال لأصحاب عيسى عليه السلام حواريون لأنهم كانوا يحوّرون الثياب أي يبيضونها، هذا هو الأصل ثم قيل لكل ناصر حَوَاري.. وأما الرجوع فيقال: حار إذا رجع، قال الله تعالى ? إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ ? [6] والعرب تقول: الباطل في حور، أي رجع ونقص، وكل نقص ورجوع حُوُر.. وتقول: كلمته فما رجع إليّ حِواراً وحَوَاراً ومَحْوَرة وحَوِيراً.. والأصل الثالث: المحور: الخشبة التي تدور فيها المحالة [7] ويوضح اللسان المعنى الذي يدخل في موضوعنا من مادة حور فيقول: وكلمته فما رجع إليَّ حَوَاراً وحِوَاراً ومُحاورةً وحَوِيراً ومَحْوَرةً.. أي جواباً، وأحار عليه جوابه: ردّه، والمحاورة: المجاوبة [8].

 

ولفظ المحاورة كان مستعملاً عند عرب الجاهلية بمعناه المعروف اليوم، وقد ورد في معلقة عنترة قوله عن فرسه:

فازورّ من وقع القَنا بلَبَانه
وشكا إليَّ بعَبرةٍ وتحمحُمِ
لو كان يدري ما المحاورةُ اشتكى
ولكان لو علم الكلامَ مكلّمي[9]

إن الأصل الدلالي الحسيّ للمادة إذاً يقوم على معنى الرجوع من شيء إلى شيء أو حال إلى حال، ولكن للمادة شبكة معقدة من الدلالات المتوالدة عبر لغة العرب الواسعة الثرية وهذا ما سيتضح من خلال المنهج الذي اتخذه الرسول صلى الله عليه وسيلم مع أصحابه في مكة وفي المدينة.

 

الحوار:

مدخل اصطلاحي: إن الأصل اللغوي وقسماً من استعمالات المادة اللغوية يدلان على أن معنى الحوار أن هناك أقوالاً تدور بين طرفين، ولابدّ لها أن تبدأ من طرف فتنتقل إلى طرف آخر، ثم تحور - ترجع - إلى الأول، وهكذا تقع المحاورة والتحاور.

والمعنى الذي يدخل ضمن المفهوم الاصطلاحي من المعاني المتقدمة هو: الحوار والمحاورة والتحاور بمعنى المرادّة في الكلام والتواصل بين الأفراد، وهو يدل - في الأصل - على وجود طرفين - فردين أو أكثر - في مواجهة، يريد كل منهما إثبات رؤيته أو وجهة نظره حقاً كانت أم باطلاً، هذا الأصل في الحوار، ولكن المصطلح يتسع ليشمل أشياء كثيرة غير هذا، فليس بالضرورة في الحوار أن يكون بين طرفين متعارضين، إنما قد يكون بين أطراف متحدة أو متقاربة في المنهج والرؤية، وذلك لحل قضية أو مسألة أو تعلّم أو استخبار، وهذا كله يعود إلى المحاورة والمرادّة في الكلام[10].




[1] سورة الحشر - الآية 7.

[2] مناهج البحث العلمي وطرق إعداد البحوث (ص: 99).

[3] منهج البحث في العلوم الإسلامية: (ص43).

[4] الصحاح (ج2/ص282).

[5] لسان العرب.

[6] الانشقاق:14.

[7] المقاييس في اللغة 287-288،.

[8] لسان العرب: حور.

[9] شرح المعلقات السبع129.

[10] عالم المعرفة (265).


"
شارك المقالة:
31 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook