مدينة الرياض في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
 مدينة الرياض في المملكة العربية السعودية

 مدينة الرياض في المملكة العربية السعودية.

 
تنفرد مدينة الرياض بحجم سكاني خاص ليس على مستوى منطقتها فحسب بل على مستوى المملكة كلها وهو ويمكن تلخيص الثقل الحضري السكاني لمدينة الرياض بما يأتي:
 
 تحتل المركز الأول بين مدن المملكة من حيث عدد سكانها، 4087152 نسمة عام 1425هـ / 2004م، بالمقارنة مع 2724331 نسمة عام 1413هـ / 1992م، و 665504 نسمات عام 1394هـ / 1974م.
 تزداد أهمية مدينة الرياض الحضرية على المستوى الوطني من خلال تزايد نصيبها من إجمالي سكان المملكة، فقد ارتفع نصيبها من نحو 10% عام 1394هـ / 1974م، إلى نحو 16% عام 1413هـ / 1992م، و 18% عام 1425هـ / 2004م، وهذه النسبة لا تماثلها مدينة أخرى في المملكة، ذلك أن نصيب مدينة جدة (ثاني أكبر تجمع حضري في المملكة)   2801481 نسمة عام 1425هـ / 2004م يمثل نحو 12% فقط من إجمالي سكان المملكة.
 اتساع الفارق العددي والنسبي بين مدينة الرياض والمدن التالية لها في الحجم، ومن ذلك:أن الفارق العددي بين مدينة الرياض ومدينة جدة ارتفع من 100 ألف نسمة عام 1394هـ / 1974م إلى نحو 678 ألف نسمة عام 1413هـ / 1992م، وأكثر من مليون وربع مليون عام 1425هـ / 2004م. كما تراجعت نسبة سكان مدينة جدة إلى سكان مدينة الرياض من 84.52% عام 1394هـ / 1974م إلى 75.11% عام 1413هـ / 1992م، ثم إلى 68.54% عام 1425هـ / 2004م.
 تتفوق مدينة الرياض من حيث استحواذها على غالبية سكان منطقتها الإدارية بنسبة 74.92% مقابل نحو 72% عام 1413هـ / 1992م، و 53% في عام 1394هـ / 1974م. ومن المتوقع أن يزداد نصيب المدينة من سكان منطقتها في المستقبل المنظور، ويتوقع أن يبلغوا نحو تسعة ملايين نسمة في عام 1440هـ / 2019م  . 
وتتوزع مراكز العمران الحضري في منطقة الرياض على 19 محافظة بالإضافة إلى مدينة الرياض والمراكز الإدارية التابعة لها مباشرة (عرقة، والحاير، ومرات)، وفيما يأتي موجز لها يتبعه تفصيل عن بعض المدن الكبرى؛ بوصفها أمثلة لأهم مراكز العمران الحضري، وهي على النحو الآتي:
 
- محافظة الخرج:
 
هي أكبر محافظات منطقة الرياض في عدد السكان، يوجد فيها 5 مراكز حضرية مجموع سكانها 256672 نسمة، يمثلون نحو 79% من سكان المحافظة، وهي: مدينة الخرج، ومدينة الدلم، ومدينة الهياثم، وحي القطار، والضبيعة، ويرتبط حي القطار ببلدية مدينة الخرج حيث يمكن عدُّه جزءًا من مدينة الخرج الكبرى.
 
- محافظة المجمعة:
 
تأتي محافظة المجمعة في المرتبة الرابعة من حيث عدد السكان، يوجد فيها 5 مراكز حضرية، مجموع سكانها 75964 نسمة يمثلون نحو 68% من مجموع سكان المحافظة، وهي: مدينة المجمعة، ومدينة حوطة سدير، ومدينة الأرطاوية، ومدينة تمير، ومدينة حرمة.
 
- محافظة الدوادمي:
 
تأتي محافظة الدوادمي في المركز الثالث من حيث عدد السكان بالنسبة إلى محافظات منطقة الرياض ومقرها الإداري، ويوجد فيها مركزان حضريان مجموع سكانهما 64508 نسمات، يمثلون نحو 34% من مجموع سكان المحافظة، وهما: مدينة الدوادمي، ومدينة ساجر.
 
- محافظة الدرعية:
 
تحتل المحافظة المرتبة 9 من حيث عدد السكان، إذ يوجد فيها مركزان حضريان مجموع سكانهما 40432 نسمة، يمثلون نحو 67% من مجموع سكان المحافظة، وهما: مدينة الدرعية، ومدينة العيينة.
 
- محافظة الأفلاج:
 
تأتي محافظة الأفلاج في المرتبة 8 من حيث عدد السكان، إذ يوجد فيها مركزان حضريان مجموع سكانهما 33358 نسمة يمثلون نحو 56% من مجموع سكان المحافظة، وهما: مدينة ليلى، ومدينة البديع الشمالي.
 
- محافظة القويعية:
 
تأتي محافظة القويعية في المرتبة 5 من حيث عدد السكان، إذ يوجد فيها مركزان حضريان مجموع سكانهما 23346 نسمة، يمثلون نحو 22% من مجموع سكان المحافظة، وهما: مدينة القويعية، ومدينة الرويضة.
 
- محافظة حوطة بني تميم:
 
تأتي مدينة حوطة بني تميم في المرتبة 16 بين المراكز الحضرية من حيث عدد السكان، ويوجد فيها مركزان حضريان مجموع سكانهما 21962 نسمة، يمثلان نحو 55% من مجموع سكان المحافظة، وهما: مدينة حوطة بني تميم، ومدينة الحلوة.
 
- محافظة وادي الدواسر:
 
تأتي محافظة وادي الدواسر في المرتبة الثانية من حيث عدد السكان، إذ يوجد فيها مركز حضري واحد يبلغ عدد سكانه 79558 نسمة، يمثلون نحو 86% من مجموع سكان المحافظة. ويتكون التجمع الحضري في وادي الدواسر من مجموعة المراكز العمرانية المتجاورة والملتحمة عمرانيًا، ومن أبرزها: اللدام، والخماسين، والنويعمة، والولامين. حيث تمثل هذه المراكز العمرانية إلى جانب مراكز أخرى منظومة أصبح يُطْلَقُ عليها (مدينة وادي الدواسر). ومع أن مقر المحافظة والإدارات الحكومية للمحافظة تقع في مدينة الخماسين، إلا أنه يوجد في كل واحد من التجمعات أو المراكز العمرانية السابقة مركز إداري خاص، كما تخدمها مع بقية مراكز المحافظة بلدية واحدة من فئة (ب).
 
- محافظة الزلفي:
 
يوجد فيها مركز واحد وهو مدينة الزلفي مقر المحافظة وعدد سكانها 52209 نسمات، يمثلون 83% من سكان المحافظة. وتحتل مدينة الزلفي المرتبة 5 بين مراكز العمران الحضري في منطقة الرياض.
 
- محافظة عفيف:
 
يوجد فيها مركز واحد وهو مدينة عفيف مقر المحافظة وعدد سكانها 39581 نسمة، يمثلون نحو 58% من سكان المحافظة. وتحتل مدينة عفيف المرتبة 7 بين مراكز العمران في منطقة الرياض.
 
- محافظة المزاحمية:
 
يوجد فيها مركز واحد وهو مدينة المزاحمية مقر المحافظة وعدد سكانها 24224 نسمة، يمثلون نحو 68% من سكان المحافظة. وتحتل مدينة المزاحمية المرتبة الـ 11 بين مراكز العمران في منطقة الرياض.
 
- محافظة السليل:
 
يوجد فيها مركز واحد وهو مدينة السليل مقر المحافظة وعدد سكانها 23521 نسمة، يمثلون 67% من سكان المحافظة. وتحتل مدينة السليل المرتبة الـ 12 بين مراكز العمران في منطقة الرياض.
 
- محافظة شقراء:
 
يوجد فيها مركز واحد وهو مدينة شقراء مقر المحافظة وعدد سكانها 22791 نسمة، يمثلون نحو 66% من سكان المحافظة. وتحتل مدينة شقراء المرتبة الـ 13 بين مراكز العمران في منطقة الرياض.
 
- محافظة رماح:
 
يوجد فيها مركز واحد، وهو مدينة رماح مقر المحافظة وعدد سكانها 18086 نسمة، يمثلون نحو 71% من سكان المحافظة. وتحتل مدينة رماح المرتبة الـ 15 بين مراكز العمران في منطقة الرياض.
 
- محافظة ضرما:
 
يوجد فيها مركز واحد وهو مدينة ضرما مقر المحافظة وعدد سكانها 10267 نسمة، يمثلون 52% من سكان المحافظة. وتحتل مدينة ضرما المرتبة الـ 21 بين مراكز العمران في منطقة الرياض.
 
- محافظة حريملاء:
 
يوجد فيها مركز واحد وهو مدينة حريملاء مقر المحافظة وعدد سكانها 8442 نسمة، يمثلون 67% من سكان المحافظة. وتحتل مدينة حريملاء المرتبة الـ 25 بين مراكز العمران في منطقة الرياض.
 
- محافظة الحريق:
 
يوجد فيها مركز واحد، وهو مدينة الحريق مقر المحافظة وعدد سكانها 7304 نسمات، يمثلون 54% من سكان المحافظة. وتحتل مدينة الحريق المرتبة الـ 28 بين مراكز العمران في منطقة الرياض.
 
- محافظة الغاط:
 
يوجد فيها مركز واحد وهو مدينة الغاط مقر المحافظة وعدد سكانها 6960 نسمة، يمثلون 68% من سكان المحافظة. وتحتل مدينة الغاط المرتبة الـ 30 بين مراكز العمران في منطقة الرياض.
 
- محافظة ثادق:
 
يوجد فيها مركز واحد وهو مدينة ثادق مقر المحافظة وفيها 6426 نسمة، يمثلون 42% من سكان المحافظة. وتحتل مدينة ثادق المرتبة الـ 31 بين مراكز العمران في المنطقة.
 
وهنا عرض مختصر لعدد من مراكز العمران الحضري في المنطقة، تم اختيارها لأهميتها وتاريخها أو لحجمها العمراني والسكاني، وهي تمثل مختلف أنماط العمران الحضري في محافظات منطقة الرياض، وبالإضافة إلى مدينة الرياض تم اختيار 12 مدينة أخرى موزعة على النحو الآتي:
 
 أربع مدن من المحور الجنوبي للمنطقة، هي مدن: الخرج، وحوطة بني تميم، وليلى بالأفلاج، ومدينة الخماسين بوادي الدواسر.
 
 أربع مدن من المحور الغربي للمنطقة، هي مدن: القويعية، وشقراء، والدوادمي، وعفيف.
 
 أربع مدن من المحور الشمالي والشرقي للمنطقة، هي مدن: الدرعية، والمجمعة، والزلفي، ورماح.
 
أ) مدينة الرياض:
 
قامت مدينة الرياض على أنقاض مدينة (حجر) ولهذا فإن تاريخ المدينتين واحد  .  وكان موضع حجر بين وادي العرض (حنيفة) ووادي الوتر (البطحاء) وهو أحد روافد وادي حنيفة. وأقدم ذكر لحجر في المصادر التاريخية يرجع إلى سنة 715ق.م، أما اسم الرياض فقد أُطْلِقَ عليها منذ منتصف القرن العاشر، لكنه لم يبرز إلا في القرن الثاني عشر الهجري / الثامن عشر الميلادي، وشمل اسم الرياض ما تبقى من مدينة حجر، وما حولها من أراضٍ، وما تخللها من بساتين 
استوطن بنو حنيفة حجر وما حولها قبل البعثة النبوية بنحو قرنين  ،  ونمت حجر خلال تلك الفترة فانتشر بنو حنيفة في إقليم اليمامة، ونموا وقويت شوكتهم وامتد سلطانهم، ونافست حجر أقاليم الحضارة في جزيرة العرب وغيرها، واتخذها العرب سوقًا لهم، وكانت ترد إليها القبائل وسكان القرى المجاورة. وظلت حجر عشرات القرون قاعدة لإقليم اليمامة، ومركزًا لالتقاء طرق قوافل التجارة التي تجوب أنحاء الجزيرة بين شمالها وجنوبها. وحسب بعض الباحثين فإن مساحتها آنذاك تقدر بنحو 4.5كم  .  وكانت المزارع تحيط بها من ثلاث جهات، أما الجهة الشمالية فكانت أراضي فضاء. لكن حجر طالتها عوامل الضعف تدريجيًا حتى بدأت تفقد أهميتها منذ القرن العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي، وقُسِّمت إلى قرى صغيرة، مثل: العود، والبنية، ومعكال، والصليعاء، وجبرة، ومقرن. وما زالت هذه الأمكنة معروفة يمكن تحديدها على خريطة مدينة الرياض الحديثة 
وعندما قامت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، بدأ يبرز اسم الرياض على خريطة الأحداث التاريخية، وفي أول القرن الثاني عشر الهجري / الثامن عشر الميلادي بنى حاكم الرياض آنذاك (دهام بن دواس) قصرًا للحكم، وسورًا يحيط بالبلدة وما حولها من مزارع نخيل وبساتين. وخلال فترة الدولة السعودية الأولى ظلت الرياض ضمن حدودها العمرانية، نتيجة لانتقال مراكز الثقل السياسي والاقتصادي إلى مدينة الدرعية 
 
- الرياض العاصمة:
 
على الرغم من تعرض الرياض لغزوات كثيرة خلال تاريخها، إلا أنها لم تتعرض للخراب كما حدث للدرعية عند سقوط الدولة السعودية الأولى، وظلت محتفظة بكثير من مقوماتها العمرانية والاقتصادية؛ ما أهَّلها لاختيار الإمام تركي بن عبد الله لتكون عاصمة للدولة السعودية الثانية عام 1240هـ / 1825م. وقد قام الإمام تركي بإعادة بناء قصر الحكم والجامع الكبير وترميم أسوار المدينة 
وفي عام 1279هـ / 1862م زار الرياض الرحّالة الإنجليزي (بلجريف) ورسم ما يعتقد أنه أول مخطط للرياض، وذكر أنها كانت تتكون من أربعة أحياء، تختلف في حجمها واتساع شوارعها ونوعية مبانيها وكثافتها السكانية. كما وصف سورها الطيني المحيط بالأحياء السكنية، وقدَّر ارتفاعه بنحو 30 قدمًا أي نحو 9م وذكر أن له 13 بوابة. كما وصف أسواق المدينة وبعض مساكنها ومساجدها. ويُظْهِرُ مخطط بلجريف أن المدينة كانت صغيرة ومساحتها أقل من نصف كيلومتر مربع  .  وهذا يعني أنها كانت أصغر مما كانت عليه مدينة حجر في أوج اتساعها. ومن أهم معالم الرياض في تلك الفترة الجامع الكبير وقصر الحكم، تحيط بهما الأسواق والمحلات التجارية. وكان في وسطها ميدان واسع تنطلق منه أربعة شوارع رئيسة تؤدي إلى بوابات الأسوار، التي من أشهرها: بوابة الثميري  على الحائط الشرقي للمدينة. لكن المدينة تعرضت - في نهاية القرن الثالث عشر وأوائل القرن الرابع عشر / العشرين الميلادي - للركود وهجرة بعض سكانها ودُمّرت أسوارها، نتيجة للصراع وعدم الاستقرار الأمني وتعرضها للغزوات
 
- الرياض بعد عام 1319هـ / 1901م:
 
شهد عام 1319هـ / 1901م استرداد الملك عبد العزيز - رحمه الله - للرياض، ومنها انطلق لتوحيد المملكة. ويمثل هذا العام مرحلة تاريخية فاصلة في تاريخ الرياض كما هو في تاريخ المملكة. وكان هذا الحدث التاريخي منعطفًا كبيرًا في دور مدينة الرياض وأهميتها، ونموها العمراني والسكاني.
وأصبحت مدينة الرياض، في مجال نموها العمراني والسكاني، تمثل نموذجًا فريدًا لنشأة مدينة عالمية كبرى، في فترة نحو قرن من الزمان، تلك الفترة التي لا تتسع - في عرف نشأة المدن - لكل ما حققته الرياض خلالها من إنجاز عمراني وحضري.
 
وبسبب سرعة التغيرات منذ ذلك التاريخ فقد تم تقسيمها إلى ثلاث مراحل رئيسة، وهي بإيجاز على النحو الآتي:
 
- المرحلة الأولى 1319 - 370هـ / 1901 - 1951م:
 
بعد استرداد الملك عبد العزيز - رحمه الله - للرياض أعاد بناء سورها الذي زُوِّدَ بأبراج دفاعية يرتفع بعضها 12م، وأصبح له 6 بوابات فقط، هي: الثميري، الظهيرة، البديعة، الشمسية، دخنة، المريقب. كما أُعيدَ بناء قصر الحكم، وأضيفت إليه قصور أخرى للضيافة. وتم تحويل قصر المصمك   إلى دار للضيافة وبيت للمال، ثم مخزن للمؤن والعتاد الحربي، ثم اسُتخدم سجنًا فيما بعد  .  أما الآن فهو يمثل أحد معالم وسط الرياض، وقد بقي محافظًا على شكله العام من الرياض القديمة.
 
وفي عام 1357هـ / 1938م تم إنشاء مجمع قصور المربع    خارج أسوار المدينة في جهتها الشمالية، وكان ذلك مؤشرًا للخروج من الأسوار وتوسع المدينة بهذا الاتجاه   ربّما بسبب طبوغرافيته المناسبة وخلوه من العوائق مثل المقابر والمزارع. وبعد ذلك في عام 1358هـ / 1939م تأسست بلدية مدينة الرياض.
 
ونشأت خلال الفترة 1350 - 1370هـ / 1931 - 1951م أحياء جديدة خارج الأسوار، مثل: المربع، والفوطة، والشمسية شمال المدينة، وحلة القصمان، وحي الحلة على الضفة الشرقية لوادي البطحاء، وأحياء أم سليم، والشميسي في الغرب، وحي عتيقة في الجنوب.
وفي نهاية هذه المرحلة بدأ أول عمل تخطيطي منظّم نسبيًا، حيث تم تخطيط حي منفوحة الجديدة في الجهة الجنوبية، وقُسِّم إلى قطع سكنية صغيرة لا تتجاوز مساحة القطعة 90م  ، ولا يزيد عرض شوارعها على 8م، وكانت المباني على النمط التقليدي، مع دخول بعض مواد البناء الحديثة  .  وكان نشوء هذه الأحياء خارج السور تلبية لتوسع المدينة، ولاستيعاب المهاجرين الجدد الذين وفدوا على المدينة من منطقة الرياض، ومن مختلف مناطق المملكة.
وشهدت مدينة الرياض خلال هذه المرحلة بداية دخول وظائف جديدة أو نمو وظائف سابقة إدارية وتعليمية وصحية، من ذلك الخدمات الصحية (بدأت بمستوصف صغير ثم بمستشفى)، والتعليمية عن طريق إنشاء بعض المدارس النظامية. كما دخلت الكهرباء إلى بعض القصور والمباني  ، وقبل ذلك أُقيمت محطة لاسلكية (برقية).
كما دخلت مادة الأسمنت تدريجيًا بوصفها مادةً أساسية في البناء بعد أن كان مقتصرًا على الطين حتى عام 1360هـ / 1941م  ،  ودخلت إلى المدينة التقليدية خدمات وتقنيات جديدة، أهمها: وسائل النقل الحديثة (السيارات) فكانت هناك ضرورة لتوسعة بعض الشوارع القديمة، وظهرت شوارع أخرى أكثر اتساعًا، وأسهمت شبكة الطرق التي تنطلق من الرياض إلى خارجها في جذب العمران، ما أثّر في شكل المدينة ومخططها في هذه المرحلة والمراحل التالية. وكان من نتيجة توسع المدينة، وظهور الأحياء خارج سورها وانتفاء الحاجة إليه أن تقرر في نهاية هذه المرحلة إزالة سور الرياض، ما فتح المجال لنمو المدينة من جميع الجهات.
حافظت الرياض معظم سنوات هذه المرحلة على جزء كبير من شخصيتها وصفتها السابقة بوصفها نموذجًا للمدينة التقليدية المسورة   التي تجمع في مركزها مباني الإدارة والمباني العامة، مثل: قصر الحكم  ، والجامع الكبير، والسوق الرئيس. واستمرت المدينة حتى عام 1350هـ / 1931م محافظة على نمط مبانيها التقليدية، فلم تدخل مواد جديدة في بناء المساكن، كما لم تتغير أشكال المباني وأحجامها ومرافقها كثيرًا. وكان التخطيط ومحاور النمو في هذه المرحلة يتسم بالتلقائية، ويستجيب بشكل مباشر لاحتياجات التوسع واحتياجات المهاجرين الجدد القادمين للعمل في المدينة النامية، بالنظر إلى الظروف الاقتصادية السائدة آنذاك. ولم يكن هناك تنسيق أو تخطيط موجه في ظل غياب أجهزة حقيقية مسؤولة عن ذلك. لكن هذه الفترة تميزت - كما مر - بزيادة سكانية، وظهور أحياء خارج السور، وازدهار النشاط التجاري في المدينة، وتوسع الأسواق السابقة، وظهور أسواق تجارية ومحلات جديدة تحيط بالجامع الكبير ومنطقة قصر الحكم.
وكان من نتيجة الهجرة الداخلية سواء من منطقة الرياض أو من مناطق المملكة الأخرى، وتحسن الأوضاع الاقتصادية أن اتسعت المدينة فوصلت المساحة المعمورة إلى نحو 13كم  ، وزاد سكانها ليصل إلى نحو 83 ألف نسمة في نهاية هذه المرحلة 
 
- المرحلة الثانية: 1371 - 390هـ / 1952 - 1970م:
 
شهدت هذه المرحلة القصيرة عددًا من التغيرات الجوهرية، وكانت البداية الحقيقية لتحول المدينة الصحراوية التقليدية إلى مدينة عملاقة، وعاصمة سياسية مركزية لدولة ذات مساحة شاسعة. وهناك مجموعة من العوامل المهمة، مثل: انتقال الوزارات، والإدارات الحكومية، وتطوير البلدية إلى أمانة، وقيام منشآت جديدة أسهمت في سرعة نمو المدينة وتغير نمط تخطيطها ومبانيها، وفي رسم خريطتها ومحاور نموها، كما رسمت المنشآت الجديدة أنماط استخدام الأرض والنشاط الاقتصادي لهذه المرحلة والمراحل التالية.
ففي عام 1371هـ / 1951م افتتحت محطة خط سكة الحديد الذي يربط الرياض بميناء الدمام، وذلك في شرق المدينة، ما جذب النشاط الصناعي في هذا الاتجاه، وأسهم ارتباطها بميناء الدمام في سهولة جلب البضائع ومواد البناء، وفي ازدهار الحركة العمرانية، والتجارية، والصناعية. وبقي هذا الاتجاه المكان المناسب لقيام المنشآت الصناعية والمستودعات وما يتصل بها من خدمات، حيث أنشئت فيما بعد المدينة الصناعية الأولى.
وفي عام 1372هـ / 1953م شُيدت مباني المطار القديم شمال المدينة، وأصبحت المدينة الصحراوية مرتبطة بالعالم الخارجي. وكانت النقلة الجوهرية والأهم هي انتقال الوزارات والإدارات الحكومية إلى الرياض عام 1373هـ / 1954م، حيث أنشئت لها مبان ضخمة على الجانب الغربي لطريق المطار القديم (طريق الملك عبد العزيز حاليًا). وفي عام 1377هـ / 1957م أنشئ حي الملز الحديث في الشمال الشرقي، وخُطِّطَ الحي على النظام الشبكي بشوارع متعامدة متقاطعة، واشتمل على 754 فيلا سكنية، و 180 شقة  ،  مبنية من الخرسانة المسلحة خُصِّصت لسكن العاملين في القطاعات الحكومية، كما شُيِّد حي آخر مماثل للعاملين في القطاعات العسكرية وهو حي الضباط، ويقع على الجانب الشرقي من طريق المطار (طريق الملك عبد العزيز حاليًا)،. وقد أصبح هذا الطريق شمالاً، وحي الملز في الشمال الشرقي أهم محاور نمو المدينة لفترة طويلة. ويُعدُّ حي الملز بنظامه الشبكي، ونمط فلله السكنية أكثر المشروعات التخطيطية أثرًا في تخطيط المدينة المستقبلي، حيث صار نموذجًا لما تلاه من أحياء.
كما تم في بداية هذه المرحلة بناء حي - أو ضاحية - الناصرية الحديثة في تخطيطها ومبانيها، في الشمال الغربي من وسط الرياض، ما أثَّر في تخطيط الأحياء المجاورة لها وشكلها مثل المعذر وعليشة، اللذين امتازا بشوارعهما الفسيحة وتكامل مرافقهما الأساسية، ومبانيهما الخرسانية الواسعة والحديثة على شكل قصور وفلل  .  وشكلت هذه الأحياء محور نمو للوظيفة السكنية باتجاهها.
وكان تطوير بلدية المدينة إلى (أمانة) سنة 1375هـ / 1955م عنصر تحول مهم في نمو المدينة وتخطيطها، وقد أُنيطت بالأمانة مهمة تخطيط المدينة، وشق الشوارع والميادين... إلخ، خصوصًا أن هذه المرحلة شهدت هجرة واسعة إلى المدينة، وتوسعًا في استخدام السيارات. كما دخلت خدمات جديدة ومرافق، وطُوِّرت خدمات سابقة، مثل: ربط كثير من المنازل بشبكة الماء والكهرباء، وتعبيد شبكة الطرق بالمدينة.
وإلى جانب الوظيفة السياسية والإدارية للرياض فقد تطورت وظائفها الأخرى، وخصوصًا التعليمية والصحية، فقد أسست جامعة الملك سعود 1377هـ / 1957م، وسبقها إنشاء عدد من المدارس والمعاهد والكليات المدنية والعسكرية. كما تم البدء في تعليم البنات بمراحله المختلفة، وظهرت بعض الجرائد التي تُطْبع في المدينة. وصحيًا تم إنشاء عدد من المنشآت الصحية، مثل: مستشفى الشميسي غرب المدينة (مجمع الرياض الطبي حاليًا)، ومستشفى القوات المسلحة شمالها.
وتابعت المدينة نموها بصورة أكبر وزاد سكانها ما أدى إلى توسع مساحتها، والتحم عمرانها بعدد من القرى القريبة منها مثل منفوحة وصياح. وتشكلت أحياء جديدة للمهاجرين من مناطق المملكة على أطراف المدينة في الجهات التي قدموا منها غالبًا. وظهرت نويات أحياء جديدة منفصلة عن كتلة المدينة، مثل: الشفاء في الجنوب الغربي، والعليا في الشمال، والسليمانية غرب المطار، وامتد عمران حي الملز شمالاً وشرقًا. وامتدت الأحياء حول محطة القطار، والمنطقة الصناعية في الشرق، باتجاه الجنوب والجنوب الشرقي على امتداد طريق الخرج.
وفي حين تميزت الأحياء الجديدة في الشمال والشمال الشرقي والشمال الغربي، بتخطيطها الحديث، وشوارعها الفسيحة، ومبانيها الخرسانية الواسعة على شكل قصور وفلل، فإن الأحياء الجديدة في الغرب والجنوب والشرق والجنوب الشرقي كانت الصفة الغالبة عليها صغر حجم القطع السكنية، وضيق الشوارع نسبيًا، وسيادة المباني الشعبية الحديثة.
ومما تميزت به هذه المرحلة أيضًا شق عدد من الشوارع المنطلقة من وسط المدينة إلى أطرافها؛ لتسهيل حركة السير، ولربطها بالأحياء الجديدة، وبشبكة الطرق الخارجية التي تربط مدينة الرياض بما جاورها وبالمناطق الأخرى. وقد شكلت شبكة الطرق الخارجية محاور نمو رئيسة.
وعلى الرغم مما شهدته المدينة من تغيرات جوهرية، إلا أن النمط التقليدي للمباني أو المساكن الشعبية ظل هو السائد مع تطعيمه بمواد بناء حديثة. كما بقيت غالبية المباني والعمارات الحديثة مكونة من دور أو دورين، وقليل جدًا منها متعدد الأدوار وخصوصًا على بعض الشوارع الرئيسة، مثل: طريق الملك عبد العزيز وشارع الثميري، وشارع الملك فيصل (شارع الوزير حاليًا)، وساحة الصفاة (العدل).
لقد تجاوز سكان مدينة الرياض في منتصف هذه المرحلة عام 1380هـ / 1960م 160 ألف نسمة، أي ضعف ما كانوا عليه في بدايتها، كما تجاوز عددهم 350 ألف نسمة في عام 1390هـ / 1970م  .  وكانت غالبية الزيادة ناتجة من الهجرة الداخلية إلى مدينة الرياض من محيطها، ومن مختلف مناطق المملكة.
وشهدت نهاية هذه المرحلة وضع أول مخطط شامل للمدينة عن طريق الاستعانة بإحدى الشركات الاستشارية العالمية، وقد بدأ بإعداد المخطط عام 1388هـ / 1968م وأُنجز عام 1391هـ / 1971م. " وحُدِّد المدى الزمني للمخطط بثلاثين عامًا (يغطي نمو المدينة حتى عام 1420هـ / 1999م)، وافترض أن مساحة المدينة في آخر المدى الزمني للمخطط لن تتجاوز 304كم  ، وعدد السكان في حدود 1400000 نسمة "  ،  لكن المدينة تجاوزته - مساحيًا وسكانيًا - قبل ذلك بكثير.
والخلاصة أن هذه المرحلة تميزت بنمو سكاني وعمراني كبير، وتعدد وتنوع في الوظائف المدنية التي أصبحت الرياض تقدمها على أكثر من مستوى، محلي وإقليمي ووطني.
 
- المرحلة الثالثة: من 1390هـ / 1970م حتى الآن:
 
تبدأ هذه المرحلة مع بداية التخطيط الوطني المنظم، حيث وضعت أول خطة خمسية للتنمية عام 1390هـ / 1970م، وشهدت السنوات الخمس الأولى من هذه المرحلة تغيرات جذرية أثرت في نمو الرياض وتخطيطها، أبرزها: زيادة الدخل الوطني والفردي نتيجة الطفرة النفطية، وإنشاء صندوق التنمية العقارية، وإنشاء الهيئة العليا لتطوير منطقة الرياض.
ومع بداية خطة التنمية الثانية بدأ التطور العمراني في مدينة الرياض يأخذ منعطفًا جديدًا، فقد انطلقت حركة التعمير والبناء في أنحاء المدينة والأراضي المحيطة بها بصورة سريعة، وقام عدد كبير من الأحياء الجديدة، ورافق ذلك تنفيذ مشروعات ضخمة لمنشآت الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية وخدمات الاتصالات والنقل بأنواعه وغيرها، وكذلك تنفيذ مشروعات للطرق والجسور والأنفاق، وإقامة المواقف متعددة الأدوار، والحدائق والمتنـزهات، والأسواق العامة والمراكز التجارية، وغيرها من التجهيزات والمرافق الحديثة.
لقد كان من نتيجة زيادة الدخل، والهجرة الداخلية الواسعة من مختلف مناطق المملكة، وقدوم أعداد كبيرة من الوافدين من مختلف دول العالم للإسهام في عمليات التنمية، أن فاق نمو المدينة توقعات المخططين. كما أن زيادة ملكية السيارات بصورة كبيرة أدت إلى اختناقات مرورية في وسط المدينة ما تطلب هدم غالبية الأحياء القديمة لتوسعة الشوارع، وإنشاء ميادين جديدة ومواقف للسيارات، ومن جانب آخر أسهمت ملكية السيارات في الانتقال والسكن في أحياء أبعد عن وسط المدينة الذي هجره سكانه وانتقلوا منه إلى الأحياء الجديدة، في حين أصبحت غالبية سكان وسط المدينة من الوافدين من خارج المملكة.
ونتج من هدم الأحياء القديمة والتعويضات المالية التي حصل عليها ملاكها، وتشييد مشروعات مدنية عملاقة على مساحات واسعة، وتخطيط مساحات واسعة من الأراضي الخاصة والحكومية، أن ازدهرت تجارة الأراضي وارتفعت أسعارها، وقامت مخططات حديثة في أجزاء متفرقة، بعضها ملاصق للأحياء التي قامت في المرحلة السابقة، وكثير منها على أطراف المدينة
ومع أن المدينة نمت من جميع الجهات، لكن الشمال والشرق كانا أكثر جاذبية. وامتدت مخططات المدينة إلى مسافات بعيدة خارج المدينة. ووصل الامتداد شرقًا على طريق الدمام إلى خشم العان، وغربًا على طريق مكة إلى حافة طويق، وشمالاً على طريق القصيم السريع إلى بنبان، وقامت أحياء ومنشآت بموازاة الجبيلة والعيينة، وجنوبًا على طريق الخرج إلى المدينة الصناعية الثالثة، وفي هذا الاتجاه ظهر محور خاص للنشاط الصناعي. وكان من نتيجة التوسع السريع للرياض أن التحمت بعض المدن والقرى بالرياض، مثل: الدرعية، وعرقة، والحاير، وتوشك أخرى أن تلتحم معها قريبًا، مثل: العيينة، والجبيلة، وبنبان.
وأهم ما اتسمت به هذه المرحلة: انتشار ما عُرِفَ بالاستراحات على أطراف المدينة، وهي قطع أراض بمساحات مختلفة يتم تسويرها، وإقامة بعض المباني والمنشآت المؤقتة، وبعض الزراعات وأشجار النخيل وغيرها، وتستخدم لقضاء إجازة نهاية الأسبوع وللمناسبات، في حين يُستخدمُ بعضها من قبل الأسر أو الأفراد بشكل شبه يومي لقضاء ساعات المساء خارج المنازل. وما يلبث بعضها أن يتحول إلى مساكن دائمة عندما يمتد إليها العمران.
وتختلف أحياء المدينة التي يتجاوز عددها 150 حيًا في بعض خصائصها؛ فالأحياء الشمالية والشمالية الغربية والشرقية غالبيتها حديثة تتميز بمساحة مساكنها الواسعة، وفخامة مبانيها، واتساع شوارعها، وتعدد الأسواق والمجمعات التجارية، كما يوجد فيها كثير من المؤسسات الحكومية والجامعات والكليات، أما الأحياء الجنوبية والغربية والجنوبية الغربية والجنوبية الشرقية فهي أقل من سابقتها، وتتركز في الأحياء الجنوبية والجنوبية الشرقية المنشآت الصناعية والمستودعات. ولكن الملاحظ حاليًا هو إعادة دمج كل الأحياء السكنية لمدينة الرياض وتأهيلها بما يتوافق مع كل المستويات والأوضاع الاجتماعية.
إن زيادة سكان الرياض بمعدلات نمو عالية كان أبرز سمات المدينة ولا يزال، والجانب المسؤول عن بقية مظاهر النمو في القطاعات الأخرى التي تسعى دائمًا إلى مواكبة احتياجات سكان المدينة. لقد قفز سكان المدينة من 350 ألف نسمة عام 1390هـ / 1970م إلى أكثر من 665 ألف نسمة عام 1394هـ / 1974م، ثم إلى أكثر من 2.7 مليون نسمة في عام 1413هـ / 1992م، و 3.5 ملايين نسمة عام 1420هـ / 1999م  ،  وأظهرت نتائج تعداد 1425هـ / 2004م تجاوز سكان مدينة الرياض أربعة ملايين نسمة.
 
ويمكن تلخيص أبرز معالم النمو العمراني وعناصره لهذه المرحلة بما يأتي:
 
 التوسع في منح القروض الميسرة من قبل صندوق التنمية العقارية؛ لبناء المساكن الخاصة والتجارية، ما شكل محركًا قويًا للنمو العمراني، ورفع معدلات الإعمار في المدينة إلى معدلات قياسية، تحولت معه الرياض في مطلع التسعينيات الهجرية / السبعينيات الميلادية إلى مدينة من أكبر المواقع الإنشائية في العالم 
 إعادة تخطيط وسط المدينة، ومن ذلك قصر الحكم والجامع الكبير والأسواق القديمة، ومنطقة مركز الملك عبد العزيز التاريخي في حي المربع وقد أصبحت هذه المواقع من معالم الرياض.
 تشييد عدد من المجمعات السكنية الحكومية في جهات مختلفة من المدينة، وبعضها مدن صغيرة ضمن مدينة الرياض الكبرى. ومن هذه المشروعات: الإسكان العام في المعذر، والجزيرة، وإسكان طريق الخرج، والمجمعات السكنية لمنسوبي بعض الجهات الحكومية، مثل: وزارة الخارجية، والجامعات، والحرس الوطني ووزارةالدفاع... وغيرها.
 تشييد مدن جامعية ضخمة لجامعتي الملك سعود والإمام، الأولى في الشمال الغربي، والثانية في الشمال الشرقي من وسط الرياض، بالإضافة إلى منشآت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والكليات العسكرية.
 تشييد مطار الملك خالد الدولي  على بعد 35كم إلى الشمال الشرقي من وسط الرياض (وهو الآن جزء من مدينة الرياض)، على مساحة قدرها 225كم
 تشييد عدد من المنشآت والمدن الصحية الضخمة على مساحات كبيرة، مثل: مستشفى الملك فيصل التخصصي، والمستشفى العسكري، ومدينة الملك فهد الطبية، ومدينة الملك عبد العزيز الطبية التابعة للحرس الوطني.
 انتقال السفارات والبعثات الدبلوماسية من جدة إلى الرياض، وبناء حي خاص بها سمي (الحي الدبلوماسي)  بمساحة 7كم  ، وذلك على الضفة الشرقية لوادي حنيفة، وعلى بعد نحو 8كم إلى الشمال الغربي من وسط المدينة. وصمم الحي ليستوعب 120 بعثة دبلوماسية، ويتسع لنحو 32 ألف نسمة  .  ويضم الحي الدبلوماسي عددًا من المؤسسات والهيئات الإقليمية والعالمية، كما أن الأجزاء المحيطة بالحي الدبلوماسي قد أصبحت خلال أعوام قليلة من أهم مراكز النمو.
 إنشاء ثلاث مدن صناعية رئيسة على مساحات واسعة في شرق الرياض وجنوبها.
 إنشاء شبكة واسعة من الطرق وعدد من الجسور والأنفاق، ووضع محاور رئيسة لحركة السير في المدينة، مثل: الطريق الدائري، وطريق الملك فهد (شمال - جنوب)، وطريق مكة المكرمة (شرق - غرب).
وتشرف على تخطيط المدينة وتنظيمها كل من: أمانة منطقة الرياض، والهيئة العليا لتطوير منطقة الرياض. وبسبب سرعة نمو المدينة واتساع مساحتها، ولتسهيل عملية الإشراف ومتابعة أعمال البناء والتخطيط والتنظيم والنظافة، فقد تطلب الأمر تقسيم مدينة الرياض إلى قطاعات رئيسة يضم كل منها عددًا من الأحياء، وإنشاء بلدية فرعية في كل قطاع. وكانت البداية 6 مكاتب بلدية صغيرة، ثم طُوِّرت وحُوِّلت إلى بلديات فرعية بعد التوسع الأفقي للمدينة وزيادة حركة العمران، ففي عام 1397هـ / 1977م تقرر تقسيم المدينة إلى عشرة قطاعات كبرى بحيث يُخصَّصُ لكل قطاع بلدية فرعية ليكون المجموع عشر بلديات، ويبلغ عددها حاليًا 17 بلدية فرعية مسؤولة عن إدارة أكثر من 150 حيًا في الرياض   حسب إحصائية عام 1425هـ / 2004م.
أما الهيئة العليا لتطوير منطقة الرياض التي أُنشئت عام 1394هـ / 1974م، فقد جاء إنشاؤها نتيجة لتوسع مساحة المدينة، وزيادة عدد سكانها بصورة فاقت جميع التوقعات، والحاجة إلى وجود جهة عليا ذات إمكانات وقدرات تتولى عملية تخطيط المدينة، ورسم مستقبلها. وقد أُنيطت بالهيئة مهمة رسم السياسات العليا لتطوير مدينة الرياض ووضع المخطط الإستراتيجي الشامل لها، وتحديد نطاقها العمراني، وكذلك مهمة التنسيق والإشراف على مشروعات التجهيزات الأساسية والمرافق العامة. وقد قامت الهيئة ببناء نظام للمعلومات الجغرافية (GIS)، وقامت بسلسلة من الدراسات والمسوحات الميدانية، ووضع الخرائط التفصيلية لاستخدامات الأراضي، وتحديد النطاق العمراني واتجاهات نمو مدينة الرياض، إلى جانب إعداد دراسات عن نمو سكان مدينة الرياض، والتوقعات المستقبلية.
ونلخص ما سبق في أن مدينة الرياض تحوَّلت من بلدة صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها بضعة آلاف في أوائل القرن الرابع عشر الهجري وبقيت حتى عام 1370هـ / 1951م مدينة تقليدية صغيرة محاطة بالأسوار، وغالبية مبانيها من الطين، ولم يتجاوز عدد سكانها مئة ألف نسمة، إلى مدينة عصرية ضخمة يقارب عدد سكانها ستة ملايين نسمة، وتبلغ مساحة نطاقها العمراني بمرحلتيه الأولى والثانية 1782كم  ،  أي ما يزيد على مساحة بعض الدول. ويوجد فيها مختلف المستويات الوظيفية، وكثير منها على المستوى الوطني، فضلاً عن وجود مؤسسات وهيئات دولية، وإسلامية، وعربية، وإقليمية.
وتتبع مدينة الرياض مباشرة من الناحية الإدارية ثلاثة مراكز حضرية، هي:
 
- الحاير:
 
تقع على الأطراف الجنوبية لمدينة الرياض، وهي في الواقع مرتبطة عمرانيًا بمدينة الرياض، كما توجد فيها بلدية فرعية ترتبط بأمانة منطقة الرياض، وفي الحاير مركز إداري (فئة أ) مرتبط بإمارة المنطقة مباشرة، وتأتي في المرتبة الـ 17 بين مراكز العمران الحضري في المنطقة.
 
- عرقة:
 
تقع عرقة على الأطراف الشمالية الغربية لوسط مدينة الرياض، وهي - مثل الحائر - ترتبط عمرانيًا بمدينة الرياض، كما توجد فيها بلدية فرعية ترتبط بأمانة منطقة الرياض، وفيها مركز إداري (فئة أ) مرتبط بمقر إمارة المنطقة مباشرة، وتأتي في المرتبة الـ 20 بين مراكز العمران الحضري في المنطقة.
 
- مرات:
 
فيها مركز إداري مرتبط بمقر إمارة المنطقة مباشرة، وتحتل مدينة مرات المرتبة الـ 24 بين مراكز العمران في منطقة الرياض.
 
ب) الخَرْج: 
 
تشمل الخرج عددًا من البلدان والقرى والهجر. ومدينة الخرج نفسها لم تُعْرَف بذلك في الماضي، ذلك أن نواة المدينة الحالية كانت تُعْرَف بـ (السيح)  ،  ثم طغت تسمية الخرج على السيح، من باب شمول اسم الكل للجزء، ذلك أن السيح غدت هي المدينة الرئيسة في نطاقها، في حين يكاد اسم السيح يندثر على الأقل في الجوانب الرسمية وعلى ألسنة الناس.
 
ونواة مدينة الخرج وما حولها من المراكز العمرانية قديمة النشأة، ويُرْجِعُ بعض الدارسين تاريخ عمرانها إلى العرب البائدة، فيعتقد أنها كانت منازل قبيلتي (طسم وجديس). " أما في الجاهلية فقد كان الخرج (جو اليمامة) منافسًا كبيرًا لحجر (الرياض) فقد كان في الخرج (جو الخضرمة) وهي قصبة المنطقة، ومدينتها العتيدة، وحصنها المنيع... "  . 
 
وكانت الخرج ملتقى طرق رئيسة، حيث يتقاطع عندها عدد من طرق النقل والتجارة القديمة. وقد ورثت أهميتها بعد قيام طرق النقل الحديثة، حيث يمر بها الطريق الرئيس الذي يربط مدينة الرياض بمحافظات جنوب الرياض، ومنها إلى منطقتي نجران وعسير. كما يمر بها خط السكك الحديدية الذي يربط مدينة الرياض بميناء الدمام، وفيها محطة للقطار، وقد أثرت هذه الطرق في نمو المدينة وشكلها واتجاهاتها.
 
وتشمل محافظة الخرج على أراضٍ زراعية خصبة تتوافر فيها المياه الجوفية والعيون التي كانت تسيح على سطح الأرض، فهي تمثل ظهيرًا زراعيًا قريبًا من الأسواق الاستهلاكية  .  وقد أسهمت هذه العوامل في سرعة نموها وزيادة سكانها بالإضافة إلى قربها من مدينة الرياض.
يرى بعض الدارسين أن النشأة الفعلية لمدينة الخرج الحالية (السيح سابقًا) تعود إلى عام 1354هـ / 1935م عندما أمر الملك عبد العزيز - رحمه الله - ببناء قصر (مشرف) الحكومي  الذي عُدَّ النواة الأولى للمدينة الحالية  ،  ثم أخذت المدينة في التوسع السريع لتضم القرى المجاورة لها.
وتتكون الخرج الكبرى - إن جاز لنا تسميتها بذلك - من عدد من القرى الرئيسة التي كان كل منها يشكل كتلة عمرانية منفصلة ما لبثت أن اتصلت فيما بعد، وأبرزها: السيح، واليمامة، والسلمية. وتتشكل المدينة الحالية من كتل عمرانية متقاربة ومترابطة، وقد أثرت طبوغرافية الأرض، وتوافر الأراضي الزراعية، وطرق المواصلات الحديثة - خصوصًا طريق الرياض - في شكل نمو المدينة واتجاهاتها. وتأخذ المدينة الحالية شكلاً مثلثًا؛ قاعدته في الجنوب ويمتد رأسه باتجاه الشمال الغربي، حيث الطريق الذي يربطها بمدينة الرياض.
ومثل بقية مدن المملكة المتوسطة والصغيرة تتكون غالبية المباني من دورين، وهي في معظمها من الأسمنت المسلح، حيث انقرضت تقريبًا المباني التقليدية القديمة، كما تسود الفلل في الأحياء السكنية، والشقق في وسط المدينة وعلى الشوارع التجارية.
وإلى جانب الخرج كثير من المراكز الحضرية الأخرى المجاورة لها، أهمها: الدلم على بعد نحو 25كم إلى الجنوب مع ميل قليل إلى الغرب من وسط الخرج (السيح). وتُوصفُ الدلم بأنها كانت قاعدة إقليم الخرج، أما في الوقت الحاضر فقد تفوقت عليها مدينة الخرج (السيح) وحلّت محلها بوصفها مقرًا لمحافظة الخرج حسب التنظيمات الإدارية الأخيرة. كما يوجد عدد من المراكز العمرانية على الطريق الواصل بين السيح والدلم، مثل: نعجان والمحمدي، ومن المتوقع في حال استمرار نمو المدينتين أن ترتبطا عمرانيًا في المستقبل القريب.
وبالإضافة إلى بعض الآثار والمعالم القديمة قرب مدينة الخرج، مثل: المدافن الأثرية أو (المقابر الركامية)، وقناة عين فرزان ومجرى مائها، وقصر الملك عبد العزيز الواقع في مدخل مدينة الخرج (السيح) للقادم من الرياض، يمثل برج المياه في الخرج الذي ارتفاعه 104م أحد أبرز معالمها الحضارية الحديثة.
وإلى جانب الوظيفة الإدارية لمدينة الخرج بوصفها مقرًا لمحافظتها، فإن فيها عددًا من الوظائف والخدمات الأخرى التي تقدمها لمحافظتها أو للمحافظات الأخرى المجاورة لها، ويزيد من أهميتها موقعها من مدينة الرياض، وتوسطها عددًا كبيرًا من المراكز العمرانية الحضرية والريفية، بالإضافة إلى المزارع المنتشرة في محيطها. وتوجد فيها جميع الدوائر الحكومية المركزية بالمحافظة، ويتوافر فيها معظم الخدمات الأساسية من: مستشفيات، ومدارس للتعليم العام، وكلية للمجتمع، وكلية للبنات، وأسواق ومراكز تجارية، وفيها بلدية فئة (أ) هي الوحيدة من هذه الفئة في منطقة الرياض.
 
ج) الْخَمَاسِين:
 
تقع الخماسين على جانب الجزء المطمور بالرمال من وادي الدواسر، وعلى بعد 630كم من مدينة الرياض باتجاه الجنوب الغربي، ويمر بها طريق الرياض - نجران.
ولا تتوافر معلومات عن تاريخ نشأة الخماسين، لكن المصادر تُرْجِعُ نشأة مراكز العمران في وادي الدواسر إلى نهاية القرن العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي  .  وقد ذكر فيلبي معلومات عن الخماسين عندما زارها سنة 1336هـ / 1918م وعدَّها ضمن المراكز الرئيسة في وادي الدواسر، ولكن تحت اسم (مشرف). ونقطف مما قاله عنها ما يأتي: " مشرف: تسمى - عادة - الخماسين، وهم قسم من الوداعين الذين يشكلون الجزء الأكبر من سكانها 1500 نسمة، ومشرف تنافس اللدام، وهي المركز التجاري الرئيس للواحة، وفيها سوق منتظم، فيه نحو 30 دكانًا. وسورها أحسن حالة من سور اللدام، لكنه متهدم جزئيًا من الجانب الشرقي. ويحتل قصر برزان جزءًا من الفضاء المفتوح بين اللدام ومشرف، وفي جزء منه مقبرة واسعة " 
كتب سعد بن جنيدل عن مدينة الخماسين في نهاية القرن الرابع عشر الهجري الماضي / السبعينيات في القرن العشرين الميلادي، ووصف عمرانها وأسواقها، والخدمات فيها، ما يأتي:
" الخَمَاسين: مدينة نامية تقع في أعلى وادي الدواسر، وهي المدينة الرئيسة في الوادي، ومقر دوائر الحكومة، وفيها تحسن واضح وتوسع في الناحية العمرانية، ويربطها بالرياض طريق مسفلت يمر بمعظم قرى الدواسر تقع هذه المدينة في متسع من الأرض، تحفُّ بها قرية الولامين ونخيلهم من الغرب، وقرية اللدام من الشرق، ومن الشمال تحفُّ بها النخيل ورمل العرق، أما من ناحية الجنوب فإنها محفوفة بالصحراء. شيدت مبانيها القديمة من الطين واللبن، وسقفت بيوتها بخشب الأثل وجريد النخل، وأبوابها مصنوعة محليًا من خشب الأثل، وفيها نشاهد كثيرًا من البيوت الكبيرة الواسعة لبعض أسر الدواسر، وشوارعها القديمة ضيقة، وبيوتها متلاصقة، وقد بدأ يظهر فيها الطراز الحديث في مباني البيوت والمقاهي والدكاكين، المبنية بالحجر والأسمنت أو الأسمنت المسلح، كما أن شوارعها الحديثة واسعة ومنسقة... ويوجد فيها سوق قديمة للبيع والشراء في وسط البلد، دكاكينه صغيرة ذات أبواب ضيقة، ومساحته صغيرة، والطريق إليه ضيق، وقد انتقلت منه حركة البيع والشراء تدريجيًا إلى السوق الجديد.
أما السوق الجديد فإنه يقع في ناحية البلد الجنوبية الغربية، وفيه دكاكين كثيرة، وأبواب المدينة واسعة، ومساحة السوق كبيرة، ويؤتى إليه من عدة طرق كلها واسعة، وتباع فيه جميع أنواع السلع والبضائع والمواشي، إلا أن حركة البيع والشراء لم تكن نشيطة نسبيًا. وقد انتعشت هذه البلاد بعد ارتباطها بالطريق المسفلت بمدينة الرياض، ولا سيما في الزراعة، والعمران، وارتفع ثمن البيوت والأرض. وفي هذه المدينة مركز الإمارة والقضاء... وترتبط بمركزها الحكومي كل بلدان وادي الدواسر " 
تشكل الخماسين مع اللدام   المجاورة لها من الشرق، والولامين المجاورة لها من الغرب، كتلة عمرانية متصلة إلى حد كبير، وهي جزء من شريط عمراني ضيق يمتد شرقًا وغربًا على جانبي طريق الرياض - نجران. وتتصل هذه الكتلة ببقية مراكز الوادي العمرانية الممتدة شرقها وغربها، حيث تفصل بينها مزارع أو فراغات محدودة خالية من العمران.
تتوافر في الخماسين معظم الخدمات الأساسية ومنها: بلدية فئة (ب)، ومستشفى  ، ومدارس التعليم العام، وأسواق تجارية. وتتبع المحافظة مجموعة كبيرة من المراكز الإدارية، وعشرات القرى والتجمعات الصغيرة. وقد شهدت المحافظة في العقود الثلاثة الماضية عددًا من برامج التنمية، وخصوصًا في المجال الزراعي الذي يتركز أيضًا في القطاع المحيط بالوادي وإلى الجنوب الشرقي منه، حيث تتوافر المياه الجوفية. وإلى الجنوب الشرقي من الخماسين تقع قرية الفاو التاريخية الشهيرة بآثارها.
 
د) الدَّوَادمي:
 
قامت نواتها القديمة قرب مورد مياه لسكان البادية، وذلك على الأطراف الشرقية للدرع العربي، في سهل من الأرض، تحفُّها من الشرق صحراء واسعة سهلة، وتحفُّها من الشمال والغرب والجنوب نتوءات صخرية وتلال تتكون من صخور الجرانيت الأحمر والبني. وتعود نشأتها - كما يذكر ابن جنيدل - إلى أواخر القرن العاشر وأوائل القرن الحادي عشر / السابع عشر الميلادي، " وكانت قرية صغيرة مسوَّرة، واقعة على مرتفع من الأرض على ضفة الوادي الشمالية، بقيت محدودة النمو صغيرة تدعى: قصر الدوادمي، وبعضهم يقولون: القصير، تصغير قصر "  
بقيت الدوادمي قرية صغ
شارك المقالة:
75 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم