مدينة بدر في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
مدينة بدر في المملكة العربية السعودية

مدينة بدر في المملكة العربية السعودية.

 
تقع بدر إلى الجنوب الشرقي من ينبع، وإلى الشرق من الجار، في نهاية وادي الصفراء، قبل مصبه في البحر الأحمر. ونظرًا لوجود مياه عذبة بها كانت بدر منذ القدم موطنًا لبعض القبائل العربية التي عاشت على الزراعة ورعي القطعان
 
وأشارت النقوش اللحيانية التي كتبت على واجهات جبال عكمة شمال شرقي العلا  إلى موقع بدر  ،  فقد تكرر فيها ذكره أكثر من أربع وعشرين مرة، ومن المرجح حسب المكتشفات الأثرية والتاريخية المعروفة حتى الآن، أن موقع بدر في النقوش اللحيانية ربما يكون هو نفسه موقع بدر الحالي غربي المدينة المنورة. وتشير معطيات هذه النقوش إلى أن ثمة جالية لحيانية كانت تستوطن في بدر إبان ازدهار الدولة اللحيانية في منطقة دادان، وكانت على علاقة وثيقة بوطنها الأم في دادان (العلا حاليًا)، فمضامين النقوش تتحدث عن قيامهم بتقديم قرابين متنوعة لمعبودهم (ذو غيبة)، وتحتوي النقوش نفسها على إشارة مهمة إلى أسباب قيام أولئك بتقديم القرابين، وأن مسوغه دَفْعُ عشور عن ممتلكاتهم في بدر التي راوحت بين النخيل والمزروعات الأخرى، وهذا ما يعزز من أن بدر كانت خلال القرون الخمسة السابقة قبل الميلاد مستوطنة عامرة ويعمها نشاط زراعي كثيف.
 
فضلاً عن ذلك فقد كانت بدر قبل الإسلام منهلاً من مناهل المياه على طريق التجارة إلى الشام ومحطة لقوافل قريش الراتبة في رحلة الصيف إلى الشام، في ذهابها وعودتها؛ فقد كانت تلك القوافل ترد مياهها وتتزود منها للسفر، ومن المرجح أنه كانت تعقد فيها سوق مؤقتة ترتبط بأيام راحة هذه القوافل في موقع بدر.
 
وقد أصبحت مكانًا مشهورًا عند جميع المسلمين بعد أن وقعت على أرضها معركة بدر الكبرى  في السنة الثانية للهجرة. ولم تلبث أن تحولت إلى بلدة عامرة استفادت من موقعها على طرق الحج القادمة من الشام ومصر، وعلى طريق وادي الصفراء الذي يربط المدينة المنورة بميناء الجار. واستمر الاستيطان بها طوال فترات التاريخ الإسلامي، وكانت محل اهتمام الحكام المسلمين، لوجود مآثرها الإسلامية المتعلقة بغزوة بدر، ومنها مسجد الغمامة الذي شيد على الموضع الذي وقف به الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء المعركة يدعو ربه بالنصر، وكذلك مقبرة شهداء بدر، والعدوتان، وتوجد في بدر حاليًا نقوش تذكارية وتأسيسية تشير إلى تجديد الحكـام المسلمين المساجـد، كمـا في مسجد الغمامة حيث يوجد نقشان أحـدهمـا من حكم السلطان المملوكي قانصوه الغوري مؤرخ في عام 921هـ / 1515م، والآخر من حكم السلطان العثماني أحمد خان الثالث مؤرخ بعام 1131هـ / 1719م، وتشير تلك النقوش إلى ما أنشأه هؤلاء الحكام من المباني برسم خدمة الحجاج، كما توجد في الموقع قنوات لعين بدر القديمة، وبقايا البركة التي أمر ببنائها السلطان المملوكي قانصوه الغوري  ،  ومسجد السوق الذي بناه الشريف أبو نمي بن بركات في القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي)، بالإضافة إلى بقايا بلدة بدر القديمة.
 
وقد ورد وصف لهذا في بعض كتب الجغرافيين المسلمين الأوائل، وفي كتب الرحالة الحجاج الذين مروا بها خلال العهدين المملوكي والعثماني، منهم الجغرافي المقدسي الذي قال عنها   في نهاية القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي): " بدر مدينة صغيرة من حيث الساحل جيدة التمور، ثم عين النبي صلى الله عليه وسلم، وموضع الموقعة، ومساجد بناها ملوك مصر ".
 
شارك المقالة:
44 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook