تُعد الصّدفية المعروفة أيضًا بالصّداف أو داء الصّدف (بالإنجليزية: Psoriasis) مرضاً جلدياً يتمثل بظهور بُقع حمراء على الجلد، مُغطاة بقشور يتراوح لونها بين الفضي والأبيض، وتصنّف الصّدفية على أنها أحد أنواع أمراض المناعة الذاتية (بالإنجليزية: Autoimmune diseases)، بحيث تتطّور هذه الحالة نتيجة مُهاجمة جهاز المناعة أنسجة الجسم السليمة كما لو أنّها أجسام غريبة، مما يؤدي إلى زيادة سرعة إنتاج الخلايا الجلدية؛ بحيث يتمّ ذلك خلال أيّام بدلًا من أسابيع، بمعنى آخر أنّ الخلايا الجلدية تنمو عند المرضى المصابين بالصدفية خلال أيام بدلاً من أسابيع، وهذا ما يؤدي إلى مواجهة الجسم صعوبة في التخلّص من هذه الكميّة من الخلايا، ويترتب على ذلك تراكم هذه الخلايا على سطح الجلد مكوّنةً بقعًا مُتقشّرة، وبشكلٍ عامّ تُعدّ الصّدفية من الأمراض الجلدية المُزمنة التي تُصيب الأطفال والبالغين، وتؤثر في الجلد، والأظافر، والمفاصل، ووفقًا لكتاب Longitudinal Observation of Pediatric Dermatology Patients فإنّ الصّدفية تؤثر فيما نسبته 0.5-2% من الأطفال، فمن الجدير بالعلم أنّ متوسط العمر الذي يبدأ فيه المرض يتراوح بين 7-11 عامًا، ويُشار إلى أنّ الصّدفية تبدأ في مرحلة الطفولة في حوالي ثُلث حالات الإصابة بالصّدفية.
حقيقةً توجد خمسة أنواع لمرض الصدفية الذي قد يصيب الأطفال، وبحسب الدراسة التي نشرت في مجلة دوف بريس (بالإنجليزية: Dovepress) عام 2016 م فإنّ أكثر الأنواع شيوعاً عند الأطفال ما يُعرف بالصدفية اللويحية (بالإنجليزية: Plaque psoriasis) والصدفية القطروية (بالإنجليزية: Guttate psoriasis)، وتجدر الإشارة إلى أنّ العامل الجيني له دور مهم في ظهور هذا المرض، هذا بالإضافة إلى وجود بعض العوامل والمُحفّزات التي تزيد من احتماليّة تطوّر هذا المرض، مثل: الضغط النفسي، أو التعرض للإصابات، أو تناول بعض الأدوية، أو الإصابة بالعدوى؛ خاصةً التهاب البلعوم العقدي المُسمّى أيضًا التهاب اللوزتين بالعقيدات (بالإنجليزية: Streptococcal tonsillitis)، ويجب التنويه إلى أن مرض الصدفية غير معدٍ، وبالتالي ليس هناك حاجة لعزل الأطفال المصابين بالصّدفية عن غيرهم.
وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ تشخيص الإصابة بالصدفية عند الأطفال لا يتم بالاستناد على ملاحظة الأعراض من قبل الأبوين، وإنّما لا بُدّ من التوجّه إلى الطبيب المختص لإجراء الفحوصات اللازمة، وبشكل عام يمكن القول إنّ آلية تشخيص الإصابة بالصدفية لدى الأطفال تتشابه إلى حدٍّ ما مع الآلية المُتّبعة لتشخيص الحالة لدى البالغين، حيثُ يفحص الطبيب الجلد، وفروة الرأس، والأظافر بالإضافة إلى ضرورة الاطّلاع على التاريخ الطّبي للفرد والاستفسار عن عوامل الخطر التي قد تلعب دورًا في تطوّر هذه الحالة، وقد يتطلّب الأمر أخذ عينة صغيرة من الجلد وإرسالها إلى المختبر ليتمّ فحصها بشكلٍ دقيق، وفي حال تشخيص إصابة الطفل بالصدفية لا بُدّ من خضوعه لتلقي العلاج الملائم، وفي الغالب تُستخدم العلاجات الموضعيّة للسيطرة على معظم أنواع الصدفية عند الأطفال، ولكن في الحالات المعتدلة إلى الشديدة يمكن اللجوء إلى استخدام الأدوية الفموية أو العلاج الضوئي.
يتمثل الاختلاف في الصّدفية بين الأطفال والبالغين بالعمر الذي تبدأ فيه أعراض المرض بالظهور، وبشكلٍ عامّ تتشابه الصّدفية لدى الأطفال والبالغين في الأعراض والمُحفّزات، ويُمكن القول إنّ المصابين بالصدفية يمرّون بمراحل من تهيّج الأعراض واشتداد حدّتها، وتُعرف مثل هذه الحالة بالنوبة (بالإنجليزية: Flare-up)، ويمرون بمراحل أخرى تكون فيها الأعراض ساكنة وبسيطة، مثل هذه المراحل تُعرف بالهدأة أو سكون المرض (بالإنجليزية: Remission). ويجدر بالذكر أنّ النوبات قد تبدأ بفِعل المُحفّزات التي تمّت الإشارة إليها سابقًا، وفي سياق الحديث عن الأعراض، يُشار إلى أنّ أعراض مرض الصّدفية عند الأطفال تختلف باختلاف النّوع، ويُمكن بيان الأعراض تبعًا للنّوع فيما يأتي:
تعد إصابة الرّضع بالصدفية أمراً نادراً، وكما هو الحال في الأطفال فإنّ الصدفية اللويحية هي النّوع الأكثر شيوعًا عند الرّضع، وفي بعض الحالات النادرة التي يُصاب فيها الطفل الرضيع بالصّدفية فإنّها قد تتمثل بصدفية الحفاض (بالإنجليزية: Napkin Psoriasis)، إذ يتميز هذا النوع بظهور بقع جلديّة حمراء في منطقة الحفاض؛ خاصّةً الثنايا الموجودة في الأرداف، بحيث تكون البُقع ذات حواف واضحة وُمحدّدة، وقد لا يُصاحب صدفية الحفاض ظهور قشور فضية نظرًا لكون منطقة الحفاض عند الطفل رطبة بشكلٍ دائم، بحيث تتحسّن الأعراض مع البدء بتعليم الطّفل استخدام المرحاض عِوضًا عن الحفاض، وقد تتمثل الصّدفية لدى الأطفال الرّضع بظهور مناطق حمراء صغيرة بحيث تكون مُرتفعة أو بارزة بعض الشيء عن سطح الجلد، وقد يؤثر ذلك في الساقين، والذراعين، والبطن، والظهر، بالإضافة إلى احتمالية ظهور قشور على فروة رأس الطفل، بحيث تكون أسوء من قشرة الرأس (بالإنجليزية: Dandruff)، ويجدر التنويه إلى أنّ إصابة الرضيع بصدفية الحفاض لا تعني بالضرورة أنّه سوف يُصاب بأنواع أخرى من الصدفية مستقبلًا، ولكن قد يُعدّ ذلك مؤشرًا على أنّ الطّفل أكثر عُرضة للإصابة بالصّدفية؛ خاصّةً في حال وجود تاريخ عائلي للإصابة بالصّدفية.
توجد بعض الحالات التي تتطلب مراجعة الطبيب، نذكر منها ما يأتي:
يُمكن بيان النّصائح والإرشادات التي يجدر اتباعها إلى جانب العلاج الذي يتمّ وصفه من قِبل الطبيب للتخفيف من أعراض الصّدفية عند الأطفال على النّحو الآتي:
نذكر من النّصائح والإرشادات العامّة ما يأتي:
يُعدّ الدعم النّفسي أمرًا في غاية الأهمية لمرضى الصّدفية؛ وخاصّة الأطفال منهم، ويُمكن بيان أبرز نصائح وإرشادات الدعم النّفسي على النّحو الآتي:
إنّ الخيار الأول لعلاج الصّدفية لدى الأطفال يتمثل في الغالب بوصف الكورتيكوستيرويدات الموضعيّة (بالإنجليزية: Topical corticosteroids) مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ معظم أنواعها غير مُصرّح باستخدامها للأطفالها، وبشكلٍ عامّ يُلجأ للعلاجات الموضعيّة كخيار أول في السّيطرة على صدفية الأطفال ذات الشدّة الخفيفة إلى المتوسطة، ويتمثل الخطّ الثاني للعلاج بالعلاج الضوئي على أن يكون الطّفل قادرًا على الخضوع لهذا النّوع من العلاجات، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ هذا العلاج فعّال وآمن للأطفال.
يُلجأ للأدوية الجهازية في الحالات الشديدة من الصّدفية، على الرغم من أنّ العديد منها لم تتمّ الموافقة على استخدامه للأطفال، وعليه يجدُر الأخذ بعين الاعتبار الفوائد المرجوّة من استخدامه مُقارنة بالأضرار المُترتبة على ذلك، ويُعتبر أكثرها شيوعًا دواء الميثوتركسيت (بالإنجليزية: Methotrexate)، مع ضرورة إخضاع الطفل للمراقبة الكافية خلال فترة الاستخدام، وقد يُلجأ للعلاجات البيولوجية في بعض الحالات، وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّ إدارة الغذاء والدواء وافقت على استخدام دواء الإيتانيرسيبت (بالإنجليزية: Etanercept) كأول دواء بيولوجي مُرخّص لعلاج الصّدفية اللويحية الشديدة لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4-17 عامًا.