يعرف مرض الورديَّة أو العد الوردي أو وردية الوجه أو حب الشباب الوردي (بالإنجليزية: Rosacea) على أنَّه أحد الاضطرابات الشائعة غير المُعدية، والذي يعدُّ من المشاكل المزمنة التي تلازم المصاب لفترات طويلة، ويتمثل بظهور احمرار على الوجه يُسفر عنه احمرار الوجنتين، والجبين، والأنف، والذقن، وأحياناً لا يقتصر ظهور هذا الاحمرار على أجزاء الوجه فقط، فقد تظهر الورديَّة على منطقة الصدر، أو الأذنين، أو فروة الرأس، أو الرقبة، كما قد تصبح الأوعية الدموية الصغيرة أكثر وضوحاً، وفي بعض الحالات قد يؤثر مرض الوردية أيضاً في العينين مسبِّباً مشكلة العد الوردي العيني، وفيه تظهر العينان مُحتقنة بالدم أو مليئة بالدمع، بالإضافة إلى معاناة المصاب من تهيُّجها، وقد يُرافقه أيضاً ظهور شحاذ العين، وتميل هذه الأعراض لأن تكون متذبذبة في شدَّتها خلال فترة الإصابة، وإضافة إلى ما سبق تجب الإشارة إلى أنَّ عدم خضوع المصاب بمرض الوردية للعلاج المناسب قد يكون سبباً لتفاقم المشكلة، وظهور نتوءات صلبة وحبوب قيحيَّة على سطح الجلد.
يعتبر مرض الورديَّة من الحالات الصحيَّة المُعقَّدة التي لم يتمكَّن الأطباء من تحديد السبب الرئيسي الذي يكمن وراء حدوثها، وعلى الرغم من ذلك قد يُعزى سبب الإصابة بالورديَّة إلى اجتماع عدَّة عوامل جينية وبيئية، بالإضافة إلى عدد من العوامل الأخرى المتعلِّقة بالأوعية الدموية، والجلد، والجهاز المناعي لدى الأفراد.
يوجد اعتقاد سائد بأنَّ السبب الحقيقي الذي يكمن وراء حدوث مرض الورديَّة مرتبط بميل الأفراد للإصابة بتوهُّج واحمرار البشرة نتيجة التلف والضرر الناتج عن تعرُّض الجلد لأشعَّة الشمس، إذ تساهم أشعَّة الشمس في إتلاف الألياف الداعمة للأوعية الدموية الصغيرة التي تقع مباشرة تحت سطح الجلد، ممَّا يسمح لهذه الأوعية الدموية بالتمدُّد، وإنتاج عوامل تُحفِّز حدوث الالتهاب، ويسبب تسريب السائل من هذه الأوعية الدموية التالفة عند حدوث التوهُّج ظهور أجزاء مبقَّعة باللون الأحمر على سطح الجلد، بالإضافة إلى أنَّ أشعَّة الشمس قد تلعب دوراً في تحطيم كولاجين الجلد، الأمر الذي يؤدِّي إلى إضعاف مرونة الجلد، وبالرغم من ترافق مرض الورديَّة مع انتفاخ جلد المصاب، إلا أنَّ هذا الانتفاخ لا يكون واضحاً في معظم الحالات، وتتمثَّل أولى الأعراض التي تظهر على المصابين بهذا المرض بظهور حبوب حمراء صغيرة، ورؤوس بيضاء مملوءة بالقيح، أما احمرار البشرة فهو من الأعراض التي تظهر وتختفي باستمرار، وقد ترافقه إصابة الجلد بالتهاب وزيادة حساسيته للَّمس، ومن الممكن أن يظهر نسيج الجلد أكثر سُمكاً وانتفاخاً مع مرور الوقت، وربما يصبح احمرار وانتفاخ البشرة أمراً دائماً في نهاية المطاف.
تشير الدراسات إلى أنَّ فرط نمو أنواع معيَّنة من الكائنات الدقيقة التي تعيش على بشرة الوجه، وبالأخص حشرة الدويدية الجريبية (بالإنجليزية: Demodex folliculorum) قد يساهم في تطوُّر مرض الورديَّة عند الأفراد، إذ إنَّ هذه الحشرة تعيش على جلد الإنسان، ولكن لوحظ بأنَّها تتواجد بكميات كبيرة على سطح الجلد لدى الأفراد المصابين بمرض الورديَّة، إذ تحفِّز هذه الكائنات الدقيقة حدوث استجابة غير طبيعيَّة للجهاز المناعي في الجسم، وتدمير جلد المصاب،إلا أنَّ تواجد هذا النوع من الحشرات على الجلد لا يعني بالضرورة إصابة الفرد بمرض الورديِّة، فالبعض من غير المصابين بالمرض تعيش على بشرتهم أعداد كبيرة من حشرة الدويدية الجريبية.
يمكن أن تكون بكتيريا الملوية البوابية أو المعروفة أيضاً بجرثومة المعدة (بالإنجليزية: Helicobacter pylori) الموجودة في الجهاز الهضمي سبباً للإصابة بمرض الورديَّة على الرغم من عدم وجود دليل يثبت ذلك، وقد يُعزى سبب وجود هذه العلاقة إلى دور جرثومة المعدة في تحفيز إنتاج بروتين براديكينين (بالإنجليزية: bradykinin) الذي يسبِّب تمدُّد الأوعية الدموية، ومن جانب آخر فإنَّ معظم أخصائيِّي أمراض الجلد لا يربطون بين جرثومة المعدة ومرض الورديَّة كونها سبباً لحدوث المرض، ووفقاً لتقارير جمعية مرض الورديَّة الوطنية، فقد أظهرت دراسات حديثة أنَّ عدوى جرثومة المعدة ليست أكثر شيوعاً بين مرضى الورديَّة مقارنة بغير المصابين بالمرض.
يوجد احتمال يشير إلى أنَّ الأفراد قد يرثون جينات مسؤولة عن الإصابة بمرض الورديَّة، فقد وُجد أنَّ العديد من المصابين لديهم أقارب مصابون بمرض الورديَّة، فغالباً ما يكون هذا المرض شائعاً بشكل أكبر بين أفراد العائلة نفسها، وعلى الرغم من ذلك لم يتم التعرُّف على نوع الجين المسؤول عن ظهور المرض، أو معرفة طريقة انتقاله، وهذا في حال كانت الجينات سبباً في ظهور مرض الورديَّة.
يعدُّ الكاثليسدسن (بالإنجليزية: Cathelicidin) جزءاً من طرق الدفاع الطبيعي للجلد ضد الميكروبات والعدوى التي يتعرَّض لها، فهذه البروتينات تعزِّز ترشيح الخلايا المتعادلة في طبقة الأدمة، وتمدُّد الأوعية الدمويةالذي قد يسبِّب احمرار الجلد وانتفاخه، وتجب الإشارة إلى أنَّ احتمالية إصابة الفرد بالورديَّة تعتمد على كيفية معالجة الجسم وتعامله مع الكاثليسدسن.
أظهرت بعض الأبحاث التي أجريت مؤخراً أنَّ تعرُّض الجلد لأحد المحفِّزات الخارجيَّة كالطعام الحار، والأشعة فوق البنفسجيَّة، والتمارين الرياضيَّة، والتوتر، والحرارة، والبرودة، والمشروبات الكحوليَّة خاصة النبيذ الأحمر، قد يكون سبباً في تحفيز أنواع معيَّنة من الجزيئات الموجودة في الجلد تدعى الببتيدات، وقد ينعكس تأثير ارتفاع مستوى الببتيدات على الجهاز المناعي أو جهاز الأوعية الدموية والأعصاب في الجلد، فتنشيط هذه الأجهزة من الممكن أن يرافقه توسُّع الأوعية الدموية واحمرارها والتهابها.
على الرغم من عدم معرفة السبب الأساسي الذي يكمن وراء حدوث مرض الورديَّة، إلا أنَّه توجد مجموعة من العوامل التي تجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة به، ومنها ما يأتي:
يصعب منع الإصابة بالورديَّة والوقاية من حدوثه نظراً لعدم معرفة السبب الحقيقي الذي يكمن وراء الإصابة به، إلا أنَّ ثمَّة العديد من التغييرات في نمط الحياة المُتَّبع والبيئة المحيطة يمكن اتباعها لتساعد على تجنُّب حدوث التهيُّج ونشوب الأعراض،وفيما يأتي توضيح لأهم هذه النصائح: