يُطلق مصطلح مرض نقص الخميرة عند عامة الناس على المشكلة الصحية العروفة علمياً بفقر الدمِ الناجم عن عوزِ سداسي فوسفات الجلوكوز النازع للهيدروجين (بالإنجليزية: Glucose-6-phosphate dehydrogenase deficiency) واختصاراً G6PDD، ويُعرف أيضاً عند عامة الناس باسم الفوال أو التفوّل (بالإنجليزية: Favism)، ويمكن تعريف هذا الداء على أنّه نقص في مستوى البروتين المعروف بسداسي فوسفات الجلوكوز النازع للهيدروجين والذي يُشكلل أحد الإنزيمات المهمّة التي تدخل في تنظيم الكثير من العمليات الحيوية والكيميائية في الجسم، وكذلك يُعتبر أساسياً لصحة خلايا الدم الحمراء (بالإنجليزية: Red Blood Cells) لتقوم بوظيفتها بشكل مناسب وتعيش للفترة الزمنية الصحيحة، وإنّ نقص هذا البروتين يتسبّب بتحطيم خلايا الدم الحمراء قبل أوانها خلال عملية تُعرف بالانحلال، ليُعاني المصاب من فقر الدم الانحلالي (بالإنجليزية: Hemolytic anemia). ولكن يجدر التنبيه إلى أنّ عوز هذا البروتين وحده لا يكون كفيلاً بمعاناة المصاب من فقر الدم الانحلاليّ، وإنّما لا بُدّ من تعرّضه لعوامل معينة تُحفز ذلك، سيأتي بيانها في هذا المقال. وفي الحقيقة ينتشر مرض نقص الخميرة في إفريقيا، إذ تُقدّر نسبة المصابين به هناك بما يُقارب 20%، وتُعتبر النساء أكثر عُرضةً للمعاناة منه مقارنةً بالرجال.
كما بيّنا، لا يُعاني المصاب من فقر الدم الانحلالي لمجرد نقص إنزيم سداسي فوسفات الجلوكوز النازع للهيدروجين، وإنّما يُشترط وجود مُحفّزات تتسبّب بذلك، يمكن إجمال أهمّها فيما يأتي:
في الحقيقة لا تظهر على المصابين بمرض نقص الخميرة أيّ أعراض طالما أنّ المصاب يتجنب المُحفّزات، ولك في حال تعرّضه لأيّ من المُحفّزات فإنّه قد يمر بمرحلة بسيطة أو شديدة، ويمكن القول إنّ الأعراض غالباً ما تظهر في الحالات الشديدة لهذا المرض، وتجدر الإشارة إلى أنّه بزوال المُحفّز تزول الأعراض وتختفي في غضون أسابيع قليلة، ويمكن إجمال أهم هذه الأعراض فيما يأتي:[٢]
يقوم الطبيب المختص بتشخيص الإصابة بمرض نقص الخميرة في الحالات التي يشك فيها بمعاناة المعنيّ من هذا الداء، وذلك مثلاً في حال عانى الشخص من ظهور الدم في البول بعد تناوله الفول، وخاصة في حال كان يسكن مناطق ينتشر فيها الداء، وعندها يقوم الطبيب بأخذ معلومات كافية عن المصاب وتاريخه الصحيّ، بالإضافة إلى ضرورة إجراء بعض الفحوصات، كالفحوصات التي تكشف عن نقص الإنزيم المعنيّ مثل فحص بقعة فلورسنت (بالإنجليزية: Fluorescent spot test)، وغيرها. وهناك بعض الفحوصات التي تكشف عن وجود الاضطرابات الجينية التي تتسبّب بنقص الإنزيم المعنيّ، ولكن غالباً ما يقتصر وجود مثل هذه الفحوصات على المختبرات المتخصصة الكبيرة.
يعزى سبب الإصابة بمرض نقص الخميرة إلى حدوث اضطرابات جينية لدى المصاب، إذ ينقل الجين هذا المرض الجينيّ من الآباء إلى أبنائهم، ولكن يجدر التنبيه إلى أنّ هذا الخلل الجيني لا يُحمل إلا على الكروموسوم X، ولأنّ الرجل لديه كروموسوم واحد من X، فإنّ وجود نسخة واحدة لهذا الاضطراب الجيني يكون كفيلاً بإظهار المرض عند الرجل، بينما تحتاج المرأة لنسختين من هذا الجين المضطرب لتُصاب بالداء، وذلك لأنّ لديها اثنين من الكروموسومات X. وهذا ما يُفسر تعرّض الرجال لمرض نقص الخميرة بصورة أكبر من النساء.
في العادة لا يتطلب مرض نقص الخميرة أيّ علاج باستثناء تجنيب المصاب العوامل التي تُحفّز ظهور الأعراض لديه، وعليه يمكن القول إنّه إذا كان المُحفّز هو تناول أحد أنواع الأدوية، فإنّ الحل يكون بالتوقف عن تناوله بعد استشارة الطبيب المختص، وفي حال كانت العدوى هي المسبب فإنّ العلاج يكون بالسيطرة على العدوى وعلاجها، وهكذا. إضافة إلى ما سبق قد يتطلب الأمر في بعض الأحيان تزويد المصاب بالسوائل لمنع معاناته من الجفاف وبالتالي حمايته من الصدمة، وكذلك قد يتطلب الأمر في حالات قليلة نقل الدم إلى المصاب، وغالباً في الأطفال والبالغين. ولعلاج اليرقان الذي قد يُرافق مرض نقص الخميرة يمكن تعريض المصاب لأحد أنواع الضوء المخصصة لهذا الغرض، وفي حال فشل ذلك في تخليص الرضيع من اليرقان، يمكن سحب دم المصاب الملوّث بمادة البيليروين (بالإنجليزية: Bilirubin) المُسببة لليرقان والاستعاضة عنه بدم شخص متبرع نقيّ