مساكن الحضر بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
مساكن الحضر بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

مساكن الحضر بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.

 
يتصف مسكن الحضر في السابق بصغر حجمه مقارنة بالوقت الحاضر، ومع ذلك كان يضم عددًا غير قليل من الساكنين وبالمصطلح العلمي (أُسرة ممتدة)؛ إذ يسكن فيه الأبناء والآباء والأجداد والأعمام، وكان الأبناء حينما يتزوجون يسكنون في بيت والدهم، وكان الذكور يتناولون الوجبات الغذائية وحدهم والنساء وحدهن، وفي كثير من الأحيان لا يرى الزوج زوجته إلا عند النوم.
 
ويتصف تصميم البناء الداخلي - مُعظم الأحيان - باتّباعه طرازًا واحدًا، وتوفر المنازل مساحة عند الباب الخارجي تُمثل مدخلاً يسمح بإقامة منطقة مظللة نصف مفتوحة تظلل الزوار إلى أن يتم دخولهم إلى المنـزل  
 
وكانت معظم المنازل تُبنى من دور أرضي واحد وسطح يبنى الدور العلوي عليه، وتُبنى فيه غرفة أو غرفتان حسب حاجة الأسرة، وهناك بعض المنازل مبنية من دورين: دور أرضي ودور أول، والدور الثاني على سطح المنـزل. ويُشكل السطح أهمية كبيرة لسكان المنطقة؛ إذ يُستفاد منه بوصفه مكانًا للنوم في أشهر الصيف، وتُفرش الأرضيات فوق السطح بطبقة من التراب تليها أخرى من الطين  ،  كما أنّ الغرف تُسقف من سيقان شجر الأثل ومن جذوع النخل مع السعف والجريد، ثم تم استخدام أخشاب مستوردة من الهند تُعرف بـ (الكندل) ويتم طلاؤها بمادة سوداء.
 
وكان بناء المساكن يتم بطريقة تتلاءم مع العادات والتقاليد والثقافة الإسلامية؛ فمجلس الرجال يكون في مقدمة البيت وله باب خاص به، ويوجد باب آخر يستخدمه أفراد العائلة والنساء، وهو باب كبير تتوسطه فتحة صغيرة للاستخدام اليومي تسمى (فرخة)، ويكون لمجلس الرجال نوافذ عادة ما تكون من الخشب تطل على الشارع  ،  ويتصل بمجلس الرجال فناء داخلي (حوش) يُشكل نسبة كبيرة من حجم البيت، ويوجد عدد من الغرف يتوقف على حجم الأسرة ويتكون عادة من ثلاث إلى أربع غرف، وأمام الغرف ردهة مسقوفة تُطل على الحوش من غير جدار فاصل وتُسمى (الليوان)، ويكون هذا الليوان لجلوس أفراد العائلة أو الضيوف من النساء ويُستخدم أيضًا غرفة طعام، وفي أحد أركان المنـزل يوجد مطبخ وحمام.
 
ويكون فناء المنـزل - أو الحوش - في مقدمة المنـزل، وتكون أرضيته مغطاة بمزيج من التراب والحصى صغير الحجم يُعرف بـ (الصبان)، إذ يعمل الحصى على تثبيت التراب وعدم تطايره، كما أنّه يُسهل عملية تنظيف الحوش. ويُوجد في أحد أركان البيت مكان مكشوف يُستخدم لغسل الأواني والملابس، ويُمكن استخدامه للوضوء.
 
ويجدر بنا التنويه إلى أنّ بناء الغرف يختلف من بيت إلى آخر حسب الإمكانات الاقتصادية لصاحب المنـزل؛ فبعض الغرف تُزخرف وتنقش بالجص، وبعضها تكون مبنية من الطين والفروش، ويكون سقفها من خشب (الدنجل)، يعلوه الخشب العريض ثم طبقة من الطين، وهناك غرف يكون سقفها من جريد النخل والحصر والخشب  
 
وتتصف الغرف بوجود نوافذ خشبية تتخللها قضبان حديدية  ، ولها أغطية (دُرف) خشبية تراوح بين اثنتين إلى أربع حسب كبير النافذة، وتفتح هذه الدُرف وتُقفل عند الحاجة، ويُوضع في الغرف رف أو رفان يثبتان على الجدران مرتفعَين لحفظ الأشياء بعيدًا عن متناول الأطفال.
 
وللتأقلم مع جو المنطقة يتم عمل فتحات صغيرة بشكل أفقي في جدران الغرف تُسمى (السلاتيات) تُساعد على تهوية الغرف في الصيف، وعندما يكون الجو باردًا في فصل الشتاء تسد تلك الفتحات بقطع من خشب، ويُحاط المنـزل بسور أو كما يُسمى (الحضار) لحماية البيت وستر أهله.
 
 

التصميم الداخلي للمنازل

 
1 - الدور الأرضي:
 
يشتمل على مدخل المنـزل (الدهليز) وتقع فيه البئر التي تُزوِّد المنـزل بماء الغسيل، إذ إنّ مياه الشرب تجلب من مصادر أخرى، كما يُوجد في هذا الدور عدد من الغرف التي تُستخدم لسكن الخدم، أو لتخزين الحطب. وتستخدم بعض الغرف أمكنة لحفظ التمر كانت تسمى في القطيف (كناديد)، ويُعتنى في بنائها، إذ يشير (المسلم) إلى أن بناء الأرضية يتم على شكل جداول صغيرة يجمعها مجرى واحد يؤدي إلى (الجابية) وهو مجمع الدبس، وتُغطى جدرانه وأرضيته ببساط منسوج من الجريد والحبال ويُعرف بـ (الجدينة) 
 
ويُمكن أن يتضمن الدور الأرضي حظيرة للدواجن والحيوانات، ويوجد أيضًا فناء داخلي يُعرف بـ (العقد)، ويُستفاد منه في الراحة والقيلولة خصوصًا أثناء الرياح الموسمية، وعندما يكون المنـزل من دور واحد وسطح فيه دور علوي تكون غرف النوم في الدور الأرضي، ومن الأمكنة المهمة في الدور الأرضي:
 
أ) المجلس الطالعي:
 
وهو مكان للجلوس وقت الصيف مسقوف بجذوع النخيل وسعفه، وأحيانًا توجد جهة من سقف المجلس مفتوحة لدخول الهواء.
 
ب) الدار:
 
وهي غرفة في الدور الأرضي توجد بها (الجصة) وهي مكان مُعد لتخزين التمر، إذ تُبنى على ارتفاع مترين أو ثلاثة، وتوجد على أحد جوانبها فتحة صغيرة للدخول إلى وسطها لوضع التمر، وفي الأسفل توجد فتحة (مثقب) لخروج دبس التمر.
 
ج) الكيل:
 
وهو غرفة توجد في المنـزل، تُستخدم مستودعًا إذ تُحفظ فيها المؤونة والأواني والأمتعة وما يزيد على حاجيات الأسرة.
 
2 - الدور الأول:
 
وفيه الغرف التي تُستخدم لسكن العائلة، وتُسمى الصالة التي تؤدي إلى الغرف (اللَيوان)، وإذا كانت على شكل مربع تسمى (مربعة)، وتُجمل بأقواس، ويختلف عدد غرف المنـزل تبعًا لعدد أفراد الأسرة وإمكاناتها الاقتصادية.
 
3 - الدور الثاني (العلوي):
 
ويتكون من:
 
أ) السطح:
 
وهو مكان مكشوف يُستخدم للنوم في وقت الصيف، ولتبريد أرضيته يقوم الناس برشه بالماء في المساء قبل فرش المراقد (الفُرُش)، كما يُستفاد من السطح عند خزن التمر إذ يُنظف ويُنشر في السطح، وتتصف جدران السطوح (الوارش) بعلوها حتى لا تكشف مستخدميها وللحفاظ على حرمة الجار.
 
ب) الخلوة:
 
وهي غرفة في السطح يستخدمها ربّ المنـزل للنوم وللاستراحة بعيدًا عن ضجيج الأطفال، ومن الأسر من يستخدمها مجلسًا للرجال، وقد تُستخدم مكتبةً إذا كان رب البيت من أهل العلم، وتُفرش بالزل والطنافس والمساند، وتحتوي الغرفة على صندوق صغير لحفظ الوثائق والأدوات المكتبية يُسمى (بشتختة) أو (سفط).
 
جـ) المصبّح:
 
وهو مكان في الدور العلوي - أي في السطح - أشبه ما يكون بغرفة، إذ يُخصّص ركن من أركان السطح ويُسقف بالخشب وتبقى منه جهتان مفتوحتان، تُوضع فيه الفُرُش وأغطية النوم أثناء النهار لحمايتها من حرارة الشمس؛ لأنّ الناس كانوا يستخدمون السطح للنوم في وقت الصيف كما سبقت الإشارة، أو لإخفاء الفتيات غير المتزوجات عن أنظار النساء وذلك قبيل زواجهن كما جرت العادة  . 
 
د) العشة:
 
وعادة ما تكون في علو المنـزل إذ يتم بناؤها من سعف النخل وخوصه، ويكثر استخدامها في البساتين، وإذا بُنيت جدرانها من الطين سميت (مندبية).
 
4 - مكان إعداد القهوة:
 
اهتم سكان المنطقة بمكان إعداد القهوة؛ إذ يحتل موقعًا مميزًا من المجلس وهو صدر المجلس، فهو أول ما تقع عليه عين الضيف، ويُصمم بشكل غرفة صغيرة مرتبطة بالمجلس ومفتوحة عليه أو ضمن المجلس في أحد أركانه، ويتكون مكان إعداد القهوة مما يأتي:
 
أ) الوجاغ: 
 
وهو مكان إشعال النار، ويُطلق عليه أيضًا (الوجاق) أو (الوجار)، ويُبنى بشكل مستطيل تكون أضلاعه على ارتفاع نحو 15 - 20سم، وعرض كل ضلع نحو 15سم، ويوضع في أحد أركان المجلس، ويكون محاطًا بحجر أو أسمنت مطلي بالجبس ومزخرف، يبدأ طرفه ملاصقًا للجدار الداخلي للمجلس، وطرفه الآخر يمتد ما يقرب من متر ونصف المتر داخل المجلس ويُمثل هذا الطرف رأس الوجاغ. وعادة تتوافر في الوجاغ آلة يدوية للنفخ بهدف إشعال النار.
 
ب) المنفاخ الآلي:
 
وهو أداة يدوية توجد فيها مروحة صغيرة، يُثبت في الوجار، وتكون فوهته تجاه موقد النار (المكان الذي يُوضع فيه الحطب)، ولها يد حينما تُحرك تتحرك المروحة وينبعث منها هواء يساعد على تأجج النار.
 
ج) المنفاخ النقال: 
 
أداة تُصنع من الخشب والجلد، تتكون من قطعتين خشبيتين على شكل فاكهة الكمثرى، يصل بينهما جلد ناعم يمتلئ بالهواء عند سحب الخشبتين، وعند ضغط الخشبتين يخرج الهواء، وينتهي طرفها بأنبوب حديدي ينبعث منه الهواء يبلغ طوله نحو ربع متر، وتُزين الجوانب الخارجية للمنفاخ بمرايا وببعض الزخارف والمسامير النحاسية.
 
د) مكان المعدّ أو صاحب البيت:
 
يكون بين الوجار والجدار القريب منه بعرض نحو متر، وهو معدٌّ لصاحب البيت أو لمن سيقوم بإعداد القهوة.
 
هـ) مكان حفظ أدوات القهوة والضيافة: 
 
أو كما يُطلق عليه (الكمار) أو (الكماز)، ويكون موقعه على الجدار فوق رأس الوجار؛ حيث تُوضع أرفف خشبية لحفظ أدوات القهوة من دلال وعلب تخزين البن والهيل والشاي والسكر، وكذلك المباخر ومرشات العطور، يوجد في نهاية الوجار (الميز) وهو رف خشبي أو أكثر وفي حدود أربعة أرفف، توضع عليها الدلال، وتكون الدلال الكبيرة على الأرفف المرتفعة، وتُعبر كثرة الدلال المعروضة عن المكانة الاجتماعية لصاحب البيت  
 
شارك المقالة:
52 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook