مساكن القرى بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
مساكن القرى بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

مساكن القرى بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.

 
تختلف المساكن في قرى منطقة مكة المكرمة باختلاف طبيعة الموقع الجغرافي للقرية، وهناك ثلاثة أنواع من المساكن القروية، وهي: مساكن القرى الجبلية، والتهامية، والصحراوية، إضافة إلى مساكن البادية. وسيتم استعراض كل من هذه الأنماط السكنية من خلال الشكل الخارجي للمسكن ومواد البناء، والتوزيع الداخلي لحجرات المسكن، ثم الأثاث والأواني المستخدمة كما يأتي
 

أشكال المساكن ومواد البناء في القرى التهامية

 
تتكون المساكن في قرى السهول الغربية لمنطقة مكة المكرمة - ما يعرف بـ (تهامة الحجاز) التي تمتد من الليث شمالاً إلى العرضية جنوبًا - من العشـش ومفـردها (عشة)  ، وتعد العشة النمط الرئيس للمساكن في هذا الجزء من المنطقة
والعشة هي أحد الأنماط السكنية الشائعة في قارة إفريقية، وقد انتقلت إلى الساحل الغربي والأجزاء التهامية السعودية منذ زمن بعيد نتيجة عوامل الاحتكاك الثقافي بين سكان المنطقة والقارة الإفريقية. أما صفة العشة فهي كوخ مخروطي الشكل، يبنى غالبًا من قصب الذرة الذي يزرع في المنطقة، حيث يبنى جدار صغير من الحجارة ليشكل قاعدة للعشة لا يزيد ارتفاعه على متر أو متر ونصف المتر في أكثر الأحوال، ثم توضع مجموعة من الأعمدة من شجر السدر، أو الأثل، أو السلم، أو الطلح بشكل هرمي، وتثبت أطرافها السفلية في أرضية العشة، بينما ترتفع رؤوسها إلى أعلى بشكل مائل لتسمح باشتباك بعضها مع بعض من أعلى مشكلة رأس هرم، وتربط الرؤوس بعضها إلى بعض بإحكام بالحبال القوية حتى لا تسقط، ثم تلف بعد ذلك مجموعة من الحبال بشكل دائري حول الأعمدة بحيث تشكل حلقات دائرية، لتسهيل عملية حشوها فيما بعد بأعواد القصب
وبعد الانتهاء من ذلك يتم وضع أعواد القصب بين الحبال بشكل مائل، مما يسمح بانسياب المياه في أوقات هطول المطر، ويتم وضع أكثر من طبقة من أعواد القصب حتى لا يسمح بدخول الماء في أوقات الأمطار إلى داخل العشة. وبعد الانتهاء من الشكل الخارجي يتم لياسة جدرانها من الداخل بالطين المخلوط غالبًا ببقايا روث البقر لزيادة تماسك الطين، أما أرضيتها فغالبًا ما تترك على طبيعتها، باستثناء بعض الإصلاحات لجعلها مستوية، وقد يعمد بعض الناس إلى رصفها ببقايا الطين الذي استخدم في الجدران
وللعشة باب واحد فقط يرتفع إلى أقل من قامة الشخص العادي، إذ يضطر الشخص أن ينحني حتى يستطيع الدخول، إلا أن بعضها له بابان
وللعشش نمطان من النوافذ، أحدهما جانبية صغيرة لا تتجاوز نافذتين في أغلب الأحوال، وتوضع غالبًا في مستوى الشخص الجالس فوق (القعادة) حتى تسمح بدخول الهواء مباشرة إلى الجالس، بينما هناك نمط آخر لبعض العشش إذ ليس لها نوافذ أو فتحات إلا فتحة الباب
ويزخرف بعض الناس حيطان العشة بالجص الأبيض، كما يزينون الجدران بالأواني وخصوصًا الصحون المعدنية المزخرفة التي يتم ثقبها وتعليقها، بينما يترك بعضهم الآخر جدران العشة من غير تزيين أوزخرفة
 

التوزيع الداخلي للمساكن في القرى التهامية

 
تستخدم العشة لجميع الأعمال اليومية للأسرة؛ لكونها حجرة واحدة، فهي مكان للنوم وخصوصًا في أيام الشتاء الباردة أو الأيام المطيرة، إذ إن سكان العشش غالبًا ما ينامون في فنائها صيفًا نظرًا لحرارة الجو في السهول التهامية، كما تستخدم مجلسًا لاستقبال الضيوف نهارًا، بينما يتم غالبًا استقبال الضيوف ليلاً في فناء العشة، إذ تقوم الأسرة بإخراج (القعايد) ليلاً إلى الفناء للجلوس والنوم عليها، وكذلك لاستقبال ضيوفهم
أما الأسر الموسرة فتقوم ببناء عشتين أو ثلاث، وتستخدم إحداها مجلسًا للضيوف وأخرى لاستخدام الأسرة اليومي. في حين يعمد بعض الناس إلى بناء عريش في فناء العشة يسمى (صبل)، ويستخدم لجلوس الأسرة أو مجلسًا للاستقبال، والصبل: عريش يرتفع عن الأرض قرابة مترين ونصف المتر إلى ثلاثة أمتار، له أربع قوائم، ويسقف من الأعلى بالقش أو قصب الذرة أو بعض الأشجار المنتشرة في المنطقة
 

 الأثاث والأواني في القرى التهامية

 
تتصف المفارش والأواني التي يستخدمها سكان العشش في السهول الغربية للمنطقة بالبساطة، وتتكون غالبًا من أرائك خشبية تعرف باسم (قعادة)  ، والقعادة: أريكة ذات أربع قواعد متساوية في الطول تصنع من الخشب المتين المنتشر في المنطقة، وتُطلى بالقطران ليكسبها اللون الأسود، كما يساعد على حماية الخشب من التآكل ويحميها من الأرضة، ثم توصل القواعد بأربعة أعمدة أخرى ذات مقاسين مختلفين فتأخذ شكلاً مستطيلاً بحيث يجعلها مناسبة لاستخدامها سريرًا أو مقعدًا للجلوس، أما أرضية القعادة فتصنع من الحبال المصنوعة من سعف النخل أو الدوم التي تعرف في اللهجة الدارجة في معظم مناطق تهامة بـ (الطفى)، ويتم نسج الحبال على طبقين بشكل متعامد أفقيًا ورأسيًا بحيث تكتسب متانة وقوة، ويفرش بعض الناس فوق القعادة فرشًا مثل: البطاطين أو الفرش المصنوعة من القطن، أو المحشوة ببعض النباتات المحلية، وأما العامة (وهم يمثلون الأكثرية) فيستخدمونها دون فرش. وتوضع إلى جوار كل قعادة طاولة صغيرة مصنوعة من الخشب أيضًا، وتصنع في بعض الأحيان من الحبال المصنوعة من سعف النخل أو الدوم، وتسمى (طربيزة أوكرويتة)
وتبني الأسرة في أحد أركان العشة التنور الذي يعرف في المنطقة باسم (الميفا) ويستخدم للطهي والخبز في الأيام الماطرة أو الأيام الغبيرة (وهي الأيام التي تهب فيها الرياح العاصفة المحملة بالرمال)، أما الأيام العادية فيتم استخدام التنور والميفا الخارجي الذي يكون غالبًا في فناء العشة
وتصنع معظم الأواني في السابق سواء ما يستخدم منها في الطبخ أم التقديم والتحضير من الخزف والطين، أو الخشب أو الحجارة، إلا أن هناك بعض الأواني المعدنية والنحاسية
 

أشكال المباني وأدوات البناء في القرى الجبلية

 
تمتد القرى الجبلية في منطقة مكة المكرمة على طول جبال السروات من الطائف إلى حدود منطقة الباحة، وتشمل مجموعة من القرى التابعة لبعض القبائل، مثل: قرى ثقيف، وبني مالك، وبني الحارث، وبني سعد، وبعض أفخاذ عتيبة، وهي تتصف بالبساطة، سواء من حيث الشكل الخارجي أم الداخلي، أم الأثاث والمحتويات. وتبنى البيوت غالبًا في تلك القرى من الحجارة والطين الذي يسمى (اللَّبِن)، أما ارتفاعاتها فتراوح بين دور ودورين، وفي بعض الحالات ثلاثة أدوار إلا أنها حالات قليلة، وتُليَّس الدور الجبلية بالطين الأحمر بعد حرقه ويسمى عندئذٍ (الخلبة)، أما الجدران الخارجية للمنـزل فتترك كما هي دون لياسة، ويكتفى بسد الشقوق والفتحات بأحجارصغيرة جدًا لزيادة تماسك البناء والتخلص من الفتحات والشقوق التي يخشى أن تكون مأوى للزواحف والثعابين 
وتتصف النوافذ في تلك المساكن بصغر فتحاتها، إذ لاتتجاوز فتحاتها 30 ×30سم  ؛ وذلك لكيلا يتمكن أحد من الدخول منها، وكذلك لمنع دخول الهواء البارد نظرًا لشدة البرودة شتاء في تلك القرى، أما أبواب الدور فتصنع من خشب  قوي مرصوص بعضه إلى بعض وتربطه عوارض خشبية، وله ضبة خشبية أيضًا، وقفله يتألف من ثلاثة أو أربعة مسامير متحركة يفتحها مفتاح خشبي كبير. ومما تجدر الإشارة إليه أن الأبواب تكاد تكون متشابهة من حيث المتانة والقوة في معظم نواحي المنطقة
وتسقف المنازل في القرى الجبلية بأخشاب العرعر، والسدر، والطلح بعد تهذيبها وتنظيفها وقطعها إلى مقاسات متوازية، ثم ترص الأعواد بعضها إلى جانب بعض بمسافة نصف متر تقريبًا بين العود والآخر، ثم يوضع فوقها بطريقة عكسية أعواد العرعر الصغيرة المعروفة باسم (الشمط) ويوضع فوق ذلك (اللحاء) وهو قشر الخشب، ثم يوضع بعد ذلك التراب المخلوط بالماء والتبن ليساعد على منع تسرب مياه الأمطار بعد أن يجف، وتسمى هذه العملية (الخوضة). ولمنع تسرب المياه تصمم الأسقف بشكل مائل ليساعد ذلك على انسياب المياه عبر (الميزاب) المعمول من الخشب المحفور
 

توزيع حجرات المنـزل في القرى الجبلية

 
يتكون الشكل الداخلي للمنـزل القروي في المناطق الجبلية من الدور السفلي الذي يستخدم لخزن الحبوب والتبن، كما يستخدم مربطًا للبهائم ليلاً، أما الدور العلوي فيكون لسكن الأسرة، ويتألف من غرفة أو غرفتين أو ثلاث حسب حجم الأسرة، إلا أنها مهما اختلفت فإنها غالبًا ما تتكون من الحجرات الآتية
 
1 - المقبس:
 
هو مطبخ في وسطه حفرة لا تزيد مساحتها على نصف متر مربع تسمى (الحوية، أو المثبا)، وتستخدم لإشعال الحطب وإنضاج الخبز، وإعداد القهوة والشاي
 
2 - الداخلة: 
 
تستخدم لخزن المواد الغذائية من سمن وعسل وفواكه مجففة وحبوب، إذ توضع غالبًا في أوعية خاصة تسمى (القفاع) مفردها (قفعة)، وكذلك (الدبا) جمع (دبية)، وكذلك (العكاك) مفردها (عكة). أما الرحى  فتكون غالبًا قريبة من الداخلة
 
3 - الباسط:
 
هو المكان المعد لاستقبال الضيوف، وهو أوسع الغرف، وتزين جدرانه بالنقوش والكتابات والألوان، ونظرًا للاتساع النسبي لهذه الحجرة يوضع في وسطها عمود من الخشب يسمى (الزافر)  ، ويكون من الخشب شديد الصلابة حتى يتحمل ثقل السقف
ويستخدم الزافر كذلك لتعليق أسلحة صاحب المنـزل افتخارًا بها أمام الزائرين، وتعلق أحيانًا في جدار غرفة الاستقبال  
 
4 - الأثاث والأواني:
 
يتصف الأثاث في دور القرى الجبلية بالبساطة، فهو يتكون من (الشملة) وهي نوع من الفرش، و (البسط) وهي جمع بساط، و (الجعد) جمع جاعد وهو مصنوع من جلد الخروف، وبعض السجاد، أما الأدوات المنـزلية فلا تتجاوز في الغالب (المنفاخ) لإشعال الحطب، والهون (الهوند) لدق البن، والقربة  لحفظ الماء، والمجرفة لصنع الخبز، والطشت للغسل، و (المحوقة)  للكنس، و (الشكوة) لصنع اللبن والزبدة، وبعض أدوات صنع الشاي والقهوة من أباريق ودلال، وبعض الأواني البسيطة من قدور ونحوها مما يستخدم في الطبخ
 

أشكال المباني وأدوات البناء في القرى الصحراوية

 
تبنى المنازل في المناطق الصحراوية في السفوح الشرقية لجبال السروات من منطقة مكة المكرمة من الطين، وتتكون من دور واحد أو دورين على أكثر تقدير، ويسمى الأعلى منها (العلية)، ويكون للمنـزل في المناطق القروية الصحراوية بمنطقة مكة المكرمة مدخل طويل لعزل البيت عن الشارع، وينتهي المدخل بمجلس الرجال الذي يسمى (المصباح)، ويستخدم الأثل وجريد النخل لسقف البيت  ، أما الأبواب فتصنع من الخشب المزخرف، ولها قفل من الخشب أيضًا يسمى (الضبة)
 

 توزيع حجرات المنـزل في القرى الصحراوية

 
يتكون المنـزل في القرى الصحراوية من مجموعة من الحجرات على النحو الآتي:
 
1 - المجلس:
 
يسمى أيضًا (المصباح) ويستخدم للجلوس واستقبال الضيوف، ويوجد به (الوجار)  وهو موقد مزخرف مبني من الجص أو اللَّبِن، ويستخدم لصنع القهوة، وتوضع إلى جانبه الدلال وأدوات القهوة، ويتحلق الضيوف حوله للاستدفاء واحتساء القهوة. ويكون للمصباح غالبًا بابان أحدهما للدخول وآخر للخروج
 
2 - الغمية:
 
هي حجرة خاصة بالنوم
 
3 - المطراق:
 
هي حجرة مفتوحة من أحد جوانبها
 
4 - غرفة الأمتعة:
 
تستخدم مخزنًا لحفظ الأمتعة والأغذية وبخاصة التمر
 
شارك المقالة:
145 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook