مساكن المدن في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
مساكن المدن في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

مساكن المدن في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية.

 
يسود المدن الصحراوية طراز البيوت الطينية، ويماثل هذا الطراز النموذج المعماري السائد في نجد على وجه العموم، وفي منطقة حائل على وجه الخصوص، بل يمكن عدُّه امتدادًا لطراز العمارة في منطقة حائل؛ لتشابه الظروف الجغرافية والمناخية للمدن التي يوجد فيها مع تضاريس منطقة حائل ومناخها.
 
ويسود هذا الطراز في مدينتَي تيماء وتبوك، ويمتاز باستخدام مادة الطين والأخشاب المحلية في البناء، وتُبنى بهذه المواد المنازل، والقصور، والمساجد، والأسواق، والقلاع، والمناظر (الأبراج)، وأسوار المدن. وتتشابه الخطوط العامة للنسيج العمراني في المدن المبنية بهذا الطراز مع النسيج العمراني لبقية مدن المنطقة، إذ يشكل السوق الرئيس والمسجد الكبير قلب المدينة ومركز النشاط الاقتصادي والاجتماعي فيها. كما تقوم محطة طريق القوافل - التي نشأت عليها هذه المدن أساسًا - بدور الميناء في المدن الساحلية، فتؤمِّن الاتصال بالعالم الخارجي.
 
وتختلف المدن الصحراوية في المنطقة عن المدن الساحلية من حيث وجود مصدر دائم للماء العذب في مركزها، ويمثل هذا المصدرَ بئرُ هداج في مدينة تيماء  ، وعين السكر في مدينة تبوك، كما أخذ النسيج الداخلي لكل مدينة شكلاً مختلفًا عن الأخرى؛ ففي تبوك كانت أجزاء المدينة متَّصلاً بعضها ببعض، في حين كانت الأحياء متباعدة في تيماء؛ بسبب وجود جزء من المزارع داخل أسوار البلدة، وبناء بعض الناس بيوتهم داخل مزارعهم، وفي كلتا الحالتين بُنيت منازل الحي الواحد بشكل متراص على أزقة ضيقة ومتعرجة  . 
 
البيوت الطينية: 
 
وهي البيوت السائدة في تيماء قديمًا، وتكون أساساتها من الحجارة التي تزخر بها الأجزاء الواقعة في حافَّتَي تيماء الجنوبية والغربية، ويتم بناء الجدران بـ (اللَّبِن) الذي يتم عمله من الطين وذلك بعد خلطه بمادة التبن لتقويته، ثم يُوضع في قالب من الخشب على شكل صندوق مفتوح من الجهتين ويُسمى (الملبن)، وبعد أن يجف تمامًا يقوم البنَّاء بصفِّ قطع اللَّبِن بشكل عرضي مع وضع (مونة) الطين بينها.
 
أما المواد المستخدمة في السقف فهي خشب الأثل، ويُوضع فوقه جريد النخل الذي أزيل سعفه، ويُترك السعف ليُوضع فوق الجريد، ثم يُوضع الطين المخلوط بالتبن.
 
بعد ذلك تتم عملية اللياسة بالطين المخلوط بالتبن أيضًا، وتتم اللياسة باليد وتُسمى محليًّا (المرخ). بعد ذلك يتم تركيب الأبواب التي يصنعها النجارون من خشب الأثل أو من جذوع النخل  ، إذ تُوضَع قطع الخشب بشكل طولي بجوار بعضها، ويتم تثبيتها بقطع من الخشب تُوضع بشكل عرضي، وتكون مثقوبة ليصل بينها وبين خشب الباب قضيب من الحديد بحجم كبير، ويكون بشكل دائري من جهة ومدبب من الجهة الأخرى ليتم ثنيه لتثبيت الخشب.
 
أما القفل فهو نوعان: نوع يُستخدم داخل غرف المنـزل واسمه (مزلاج)، ويتم فتحه وقفله من الداخل. والنوع الآخر يُسمى (مجرى)، وهذا القفل يُركَّب على الباب من الداخل، ويتم فتحه من الداخل والخارج إذ تُترك فتحة بالجدار بجوار الباب من جهة القفل، وهذه الفتحة تسمح للشخص بإدخال يده حتى تصل إلى القفل؛ حيث يُفتح بوساطة مفتاح حديدي ذي أسنان تقوم بدفع قطع الخشب الصغيرة المعروفة بـ (السراقة) إلى الأعلى، وبعد رفعها يقوم الشخص بسحب خشبة القفل ليتم بعد ذلك فتح الباب.
 
وقد استمر البناء على هذا النمط حتى نهاية الثمانينات الميلادية، ثمَّ استُخدم الأسمنت على نطاق ضيق، إما لتبليط أرضيات المنـزل، أو لتلييس الجزء السفلي من الجدار ويُسمى (الونار) الذي يصل ارتفاعه إلى متر واحد على الأكثر  
 
أما تخطيط المنـزل في مدينتَي تيماء وتبوك القديمتين فهو يختلف من منـزل إلى آخر، ولكن الطابع السائد هو أن يتكون المنـزل من قسمين متصلين؛ أحدهما يشكل واجهة المنـزل، ويحتوي على مجلس كبير يُسمى (القهوة) وأمامه فناء وغرفة تُسمى (المشب) وبداخلها وجار وكمار لتحضير القهوة، كما يحتوي هذا القسم - الذي يُخصَّص لاستقبال الرجال - على مرحاض مستقل. ويلي قسمَ الاستقبال قسمٌ خاص بسكن صاحب البيت، يتكون من فناء أوسط محاط بعدد من الحجرات  إحداها مفتوحة على الفناء بكامل واجهتها وتُسمى (الليوان)، كما يحتوي هذا القسم على مرافق للخدمة، ودرج يصعد إلى السطح. وكان بعض المنازل في تيماء وتبوك يُبنى من طابقين، إذ تُضاف غرف تُسمى (السقايف) فوق وحدات الطابق الأرضي.
 
ويحتوي سطح المنـزل على ستارة مبنية بارتفاع قامة الإنسان. أما واجهات المنازل فكانت تُزيَّن بعنصرين من عناصر الزخارف المعمارية المألوفة في عمارة نجد ومنطقة حائل هما:
 
 الشرفات:  وتُستخدم على نطاق واسع في جميع الواجهات الخارجية، وتُبنى مدرجة أو مثلثة فوق مستوى ستارة السطح.
 
 الفتحات المثلثة: وتُستخدم على نطاق محدود في الواجهات الخارجية، وعلى نطاق أوسع داخل المنـزل؛ وذلك بغرض التهوية والتبريد.
 
وفي واجهات القصور والقلاع والمناظير يُضاف إلى العنصرين السابقين عنصران آخران هما: الطرمة (القوتالة) والمزاغيل.
 
وتُلاحَظ زيادة استخدام الزخارف المعمارية في مباني تيماء الطينية عنها في مباني مدينة تبوك  . 
مظاهر الثبات والتغير:
 
شهدت المباني في جميع أنحاء المنطقة - مثل غيرها من مناطق المملكة - عددًا من التغيرات في أشكال المباني، سواء الأشكال الخارجية أم الداخلية، إذ شهدت المدن الحضرية في بداية التسعينيات الهجرية من القرن الماضي / السبعينيات الميلادية - ومع بداية الخطط التنموية - هجرة واسعة من القرى والهجر سواء من داخل المنطقة نفسها أم من مناطق أخرى، وقد ظهرت أنماط أخرى من المساكن الحديثة سواء في المدن أم القرى لم تكن معروفة في المجتمع من قبل وهي ما يُعرف بـ (الفلل) والعمارات السكنية، فقد ظهرت الشقق في المدن، وهي أحد الأنماط المستحدثة للسكن والتي لم تكن مألوفة من قبل. كما تغيرت أيضًا المواد المستخدمة في البناء، إذ ظهرت مواد جديدة مصنعة محليًّا أو مستوردة، وأصبح الطوب الأحمر و (البلك) المصنع من الأسمنت الأكثر استخدامًا في مواد البناء. أما الأبواب والنوافذ فقد أصبحت تُصنع من مواد مختلفة يدخل فيها الزجاج، والألمنيوم، والحديد. وانتشر استخدام الحديد والأسمنت ضمن المواد الرئيسة في بناء الفلل والعمارات السكنية.
 
كما لعب صندوق التنمية العقارية دورًا كبيرًا في إحداث تطوير مهم في حركة العمران والبناء وتوفير عدد من الوحدات السكنية التي أسهمت في تلبية حاجات المواطنين السكنية ورفع مستوى معيشتهم، واتساع رقعة المساحات المبنية في المدن، وتطوير نوعية المساكن ومستواها مما أسهم في تحقيق الرخاء الاجتماعي والصحي للمواطنين، إذ يقوم الصندوق بإقراض مواطني المملكة بشروط ميسرة وبسيطة وسهلة التسديد على مدى خمسة وعشرين عامًا.
 
 
شارك المقالة:
64 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook