مستوطنة ثاج بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
مستوطنة ثاج بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

مستوطنة ثاج بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.

 
هي إحدى أهم المستوطنات التي تعود إلى منتصف الألف الأول قبل الميلاد في المنطقة الشرقية، وتستمر مستوطنة حتى العهد الحاضر، كما تشير إلى ذلك الدلائل التي سوف يأتي ذكرها. وتتمثل أهمية مستوطنة ثاج في كونها ذات مساحة كبيرة عدّها بعضهم أكبر مستوطنة في الجزيرة العربية في عهدها بمساحة قُدِّرت بثمانية كيلومترات مربعة  وفي ضوء الدراسات فإن امتداد آثار موقع ثاج يصل إلى عشرة كيلومترات في اتجاهات مختلفة حول سور المدينة وتُعَدّ ثاج مستوطنة داخلية؛ أي صحراوية بعيدة عن السواحل، حيث تبعد عن الجبيل خمسة وتسعين كيلومترًا إلى الداخل  ؛  ولذا فهي من أهم مستوطنات الواحات في الجزيرة العربية، فهي تقع في وادي المياه الغني بمياهه إلى جانب وجود الآبار الضخمة التي سيأتي ذكرها.
تبعد قرية ثاج عن الظهران 150كم، وعن الجبيل 95كم وعن طريق الكنهري التجاري المشهور 5كم  ،  وإلى الجنوب من سبخة تعرف بسبخة ثاج 
 
وتعرف المنطقة الواقعة جنوبها بالحبل أما المنطقة الواقعة في الشمال والشمال الشرقي منها فتعرف بالردائف ويقع في الشمال الغربي وادي المياه  .  وتبلغ مساحة ثاج 200كم  ، على حين تبلغ أبعاد الموقع المسور الذي يحتوي على بقايا منشآت منازل 1100م طولاً، بعرض 600م، ويحده من الشمال قرية ثاج الحالية.
 
يعود الاهتمام بثاج بوصفها موقعًا أثريًا إلى عام 1326هـ /1908م عندما قدم أحد أبناء البادية تقارير للسلطات البريطانية عن وجود نقوش فيها  ،  ثم زارها أحد الباحثين من سنة 1327 - 1333هـ /1909 - 1915م، وزارها عام 1329هـ /1911م ووجد حجرين عليهما كتابة محفورة كتبت بخط المسند  ،  ثم أُحضر حجر آخر نشر جاك ركمانـز ما عليه من نقوش عام 1356هـ / 1937م  .  وفي ربيع عام 1361هـ /1942م مرّ المعتمد السياسي في الكويت وزوجته بثاج والحناة ونشرا مقالاً في ضوء تلك الزيارة عام 1367هـ / 1948م   
 
وبعد زيارات أولئك الرحالة التي كان لها دور كبير في التعريف بآثار موقع ثاج وتحفيز أولئك الذين أنجزوا أعمالاً لاحقة، قام أحد الباحثين بزيارة الموقع عام 1388هـ /1968م خلال إشرافه على أعمال البعثة الدنماركية في دول الخليج العربي، ونفذ مع جزء من فريقه الأثري الذي كان يعمل في دول الخليج يومذاك مسحًا للموقع، وحفر مجسين، ثم نشر نتائج عمله في تقرير أولي عام 1393هـ / 1973م  
 
وخلال تنفيذ المرحلة الثانية من برنامج المسح الشامل لآثار المملكة العربية السعودية للمنطقة الشرقية كانت ثاج ضمن المواقع الممسوحة  .  وفي عام 1402هـ /1982م كتب دانيال بوتس تقريرًا عن المظاهر الطبوغرافية والآثار البارزة على سطح الموقع  .  وفي عام 1403هـ /1983م بدأت إدارة الآثار والمتاحف التنقيب في الموقع فحفرت بعض المربعات في قلب المستوطنة المسورة نشرت نتائجها في تقرير ظهر عام 1404هـ / 1984م  .  وفي عام 1404هـ /1984م أيضًا أوفدت إدارة الآثار فريق عمل آخر نقب حول السور وبعض أبراجه  ،  ثم قام أحد الباحثين عام 1415هـ /1994م بحفر عدد من المجسات داخل سور المدينة في المنطقة السكنية 
 
وفي عام 1419هـ /1998م قام فريق أثري من وكالة الآثار والمتاحف بحفر تل ركامي، وهو مقبرة  واقعة شرق المدينة الأثرية المسورة على بعد سبعين مترًا تقريبًا من مقر مركز ثاج  ،  واستغرق اكتشاف تلك المقبرة ثلاثة أسابيع نتج منها العثور على قبر فتاة لم تسرق محتوياته، ويعود، من خلال دراسة معثوراته من الحلي الذهبية وغيرها، إلى القرن الأول الميلادي  
 
وفي عام 1420هـ /1999م نفذت وكالة الآثار والمتاحف السعودية موسم تنقيب آخر في موقع ثاج؛ لاستكمال حفرية تل الزاير التي كان موسمها الأول عام 1419هـ /1998م، وللكشف عن تل آخر يقع إلى الشمال من تل الزاير ويبعد عنه نحو 250م  ،  وأطلق عليه التل رقم 2 بالنسبة إلى التلال الواقعة شرق الإمارة (المركز)  .  وحفرت البعثة دوائر حجرية على بعد 1900م في الجهة الجنوبية الشرقية من تل الزاير  .  ويبلغ عدد الدوائر سبعًا، ويصل قطر الواحدة منها إلى 21م  .  وبعد أن حُفرت إلى عمق يزيد على 1.45م وجد مدفن قد تعرض للنبش وبداخله ضرس لآدمي وكسر فخارية  في واحدة منها بقايا الجص ما يدل على أنها كانت تستخدم في إعداد مادة تلييس جدران القبر وأحجار غطائه  
 
وفي عام 1422هـ /2001م دُرست بعض الكسر الفخارية من موقع ثاج من خلال تحليلها ببعض الطرق النووية، وجاءت نتائج الدراسة تؤيد الدراسات الأثرية وبخاصة التأريخ الذي توصل إليه الأثريون لسكنى موقع ثاج  
 
واشتملت المادة الأثرية المنشورة من الموقع على المادة الثابتة التي تمثلت بالمباني السكنية، وسور المدينة، والآبار، والمقابر، حيث يأخذ سور المدينة شكل متوازي أضلاع، يبلغ طول ضلعه الشمالي 725م، وضلعه الجنوبي 675م، وضلعه الشرقي 535م، وضلعه الغربي 590م، على حين يبلغ سمك جداره 4.4م، ويظن أن السور قد بني حول مستوطنة كانت قائمة من قبل، لوجود عدد من الأبراج على امتداد جدران السور، وكما يتضح من الجدار الشرقي، يفصل بين الواحد والآخر 40م تتخللها نتوءات تبرز لمسافة مترين وبعرض متر واحد، وبنيت أساسات السور بحجارة تبلغ قياساتها 90، 20، 30سم، أما البرج فقد بني بحجارة رملية تبلغ قياساتها 30، 15، 15سم، ويُظَنُّ أن تاريخ السور يعود إلى الفترة الاستيطانية الثانية في الموقع؛ إذ وجدت أساساته تغوص في طبقة وجدت فيها كسر فخارية يونانية أتيكية مزججة بالأسود  
 
وتوجد في ثاج مئات المقابر  التي تختلف في أنماطها وأزمنتها؛ فمنها المقابر التلالية التي قد يبلغ قطر الواحدة منها خمسين مترًا وارتفاعها ما يزيد على خمسة أمتار، وقد نقب واحد من أكبر التلال الركامية عام 1420هـ /1999م، وأطلق عليه اسم (تل الزاير)، وبعد اكتشاف المدفن وجد أنه يأخذ شكل المستطيل بطول قدره 210سم، وعرض قدره 102سم، وارتفاع من سطح المدفن إلى الهيكل 125سم. ويتكون غطاء المدفن من سبعة أحجار جيرية، أما المدفن فقد بني بحجارة محلية كبيرة مقطوعة جيدًا على شكل مداميك استخدمت المونة الجصية في تثبيتها ودعمت جدران المدفن من الخارج بحجارة غير منتظمة  .  ويُظَنُّ أن الهيكل يعود إلى فتاة عمرها يراوح بين 9 و 11 سنة، وطولها 120سم  
 
ويوجد نحو عشرين بئرًا جيدة البناء ولكن الماء يوجد في اثنتي عشرة بئرًا منها ومعظم هذه الآبار يلاحظ عليها مرحلتان من البناء  ؛  إحداهما في أسفل البئر التي بنيت بقوالب الكلس الناعمة الجيدة القطع والأخرى في أعلى البئر، وتمثل ما أصلح بقوالب خشنة، ويبلغ عمق هذه الآبار 5 - 6م، كما يبلغ قطر فتحاتها 4م تقريبًا  . 
وعُثر في ثاج على مقابر تلالية تتكون من مجموعتين؛ إحداهما تقع في شمال شرق الموقع والأخرى في غربه  
 
واكتشف اثنا عشر نقشًا في ثاج والحناة القريبة منها؛ محفورة على قوالب من حجر الكلس المحلي وسبعة منها على الأقل نصب قبور نفذت حسب قاعدة ثابتة مع اختلاف أسماء الأشخاص في كل منها، واكتشفت أول النقوش التسعة عام 1356هـ / 1937م  .  وفي عام 1380هـ /1961م اكتشفت جزء من نقش على حجر مبني في أحد جدران القرية الحديثة، وفي عام 1381هـ /1962م وجد نقشان جديدان، وفي 1381هـ /8 فبراير 1962م وجد جزء علوي من نقش، ووجد أول نقش محفور على قطعة نحاس، وفي 1381هـ الموافق 10 مارس 1962م وجد نقش على حجر الكلس مستخدمًا في إحدى الآبار الجافة، وفي 9 مارس عثر على نقش مكون من أربعة أسطر محفور على حجر كلسي محلي، ولا يبدو أنه شاهد قبر، وفي1381هـ /سبتمبر 1962م   عثر على جزء سفلي عليه جزء من السطور الأخيرة، وعثر على مجموعة من النقوش في ثاج عام 1403هـ /1983م، منها نقشان عثر عليهما بين ركامات القبور، وواحد ضمن حجر بئر تقع بين القرية الحديثة والسبخة، ونقشان من ضمن أحجار أحد المنازل في قرية ثاج  
 
ولقد وجدت مجموعة من العملات في موقع ثاج،  منها قطعتان يظهر عليهما هرقليس وزيوس وحرف الألف في القلم المسند الجنوبي واسم "ابيتع" مكتوبًا بخط المسند الجنوبي، ووجد على القطعة الثانية هرقليس وزيوس وكتابة بالآرامية، وعُثر خلال تنقيبات تمت عام 1403هـ /1983م على ثلاث وستين قطعة عملة، ووُجد في الحفرية إحدى وثلاثون قطعة، والبقية وجدت على سطح الموقع، ومن مجموع القطع أربع عشرة قطعة واضحة المعالم، وإحدى وعشرون يمكن قراءة ما عليها أو جزء منه، والبقية تظهر في حالة سيئة. وبعد معاينة القطع اتضح أن بعضها مصنوع من الفضة المخلوطة، وبعضها من البرونـز، كما تبين أن هناك أكثر من رمز وصورة تظهر على القطع؛ ما يوحي أنها تعود إلى فترات مختلفة وعدد من الحكام  
 
ووجدت مجموعة من العملات عام 1420هـ /1999م وهي ذات شكل دائري ويظهر عليها حرف الشين (ش) في الجهة اليسرى، ويظهر الصولجان والنسر أو الصقر على بعض العملات على الجهة اليمنى، كما يوجد رسم تجريدي لرجل جالس على كرسي ونقاط مغلقة أو دوائر مفتوحة  ،  ووجدت في الموقع أيضًا عملات من عهدي الملك (أب يتع) والملك (أب إل) ملكي هجر  
 
ومن المواد الأثرية المنقولة الأواني الفخارية   التي تدل على كثافة بشرية كبيرة احتضنها الموقع في يوم من الأيام؛ حيث عثر أثناء التنقيب في موقع ثاج عام 1403هـ /1983م على عبوة 1200 كيس قماش متوسط الحجم  ،  وتمت دراسة محتويات ما يقارب الخمسمائة كيس، وصنفت محتوياتها بموجب العجينة مرة وبموجب الشكل مرة أخرى؛ فبموجب العجينة ضمت المجموعة الأنماط الآتية: الأحمر الناعم الصنع، والزهري اللون الناعم الصنع والمطلي بالأحمر أو الأبيض، والأحمر، والبني، والبني القرنفلي المطلي باللون الزهري، والرملي، والأسود، والبني المحمر، والكريمي، والمصقول، والمزجج، واليوناني الأتيكي الأسود المزجج، وتقليد الفخار الأتيكي المطلي بالأحمر، والمزخرف بالقالب، والشبيه ببيض النعام في سمكه، والمزخرف بتهشيرات وخطوط متقاطعة رقيقة جدًا، والزهري أو البرتقالي المزخرف بتهشيرات وخطوط متقاطعة وأحيانًا بخطوط متكسرة نفذت بدهان أحمر  .  ومن ناحية الشكل فقد احتوت المجموعة على الأنماط الآتية: زبديات صغيرة ورقيقة، وزبديات جؤجؤية، وزبديات صغيرة مفتوحة وغير عميقة، وزبديات واسعة مفتوحة وغير عميقة، وكؤوس صغيرة أو فناجيل، وزبديات عميقة صغيرة الحجم، وزبديات عميقة كبيرة، وقدور طهي، وجرار صغيرة من دون مقابض، وجرار طويلة وكبيرة، وجرار صغيرة ذات مقابض، وجرار تخزين ثقيلة  
 
وأسفرت الأعمال الأثرية عن اكتشاف كميات كبيرة من الأواني الفخارية في الحفريات التي نُفذت في الموقع عام 1404هـ /1984م؛ فصنفوا الفخار المعثور عليه في الطبقتين الرابعة والخامسة إلى خمسة عشر نوعًا، هي: الأحمر الرقيق، الأحمر الخشن، الأسود البني، البني البيج الداكن المطلي باللون الزهري، الرملي، الأسود، الأسمر الأحمر، البيج، اللامع، المزجج على عجينة صفراء باهتة، الفخار اليوناني الأسود، واليوناني المطلي بالأحمر المعروف بالأحمر المصقول، وقشر البيض بلون كريم، الأحمر المائل إلى البني أو البرتقالي وعليه زخارف هندسية بالدهان الأحمر في خطوط متشابكة، والكريم الرقيق الناعم فيما صنف فخار الطبقة الخامسة من حيث الشكل إلى: أطباق القرابين  ،  والكؤوس الصغيرة، والمزهريات، والمزجج، ومنه المزجج بالأبيض والذهبي على أرضية زيتونية، والمصقول  
 
ومن الحفريات جاءت كمية كبيرة صنفت إلى فخار المرحلة الأولى وفخار المرحلة الثانية، وبعد ذلك وضع فخار كل مرحلة في مجموعات، فجاء فخار المرحلة الأولى في مجموعتين، تضم الأولى الفخار غير المطلي، وصنفت هي الأخرى إلى تسعة أنماط، أما المجموعة الثانية فتضم الفخار المطلي وتضم سبعة أنماط.
 
وقسم فخار المرحلة الثانية إلى ثلاث مجموعات، تضم المجموعة الأولى الفخار غير المطلي وقسمت إلى سبعة أنماط، ثم مجموعة الفخار المطلي وقسمت إلى تسعة أنماط، ثم مجموعة الفخار المزجج وتشتمل على المزجج بالأصفر والأبيض والأصفر الزيتوني والأخضر  
 
وعُثر في المربعين (ث3)، (ث4) في تل الزاير على خمسة وسبعين كيسًا متنوعة الأشكال والأحجام، منها أطباق القرابين، السلطانيات، الزبديات، المزهريات، قدور الطهي، جرار التخزين، الفخار المزجج، الفخار الأحمر المصقول، والفخار الأتيكي المزجج باللون الأسود اللامع  .  وعُثر عام 1420هـ /1999م على 4312 كسرة فخارية في مقبرة  
 
ووجدت مجموعة من الدمى الطينية  على سطح الموقع وفي الحفريات، وصنفوها إلى صنفين: صنف يخرج بعجينة حمراء عليها طلاء أبيض وأغلبها تجسد جمالاً، وفيها خيول، وكلاب، وأسود، ونعام، وتظهر على الدمى زخرفة هي نقاط تصور سرجًا، أو لجامًا، أو شداد جمل، ويصور الصنف الثاني حيوانات أسطورية، مثل: الأسد المتوحش  .  كما عُثر على دمى بشرية صغيرة أغلبها تصور إناثًا في وضع القرفصاء  
 
ولأن الباحثين على يقين أن الأرض تحتضن بداخلها كثيرًا من الآثار فقد تواصلت أعمالهم؛ حيث أسفرت عمليات الحفر عن مجموعة من الدمى الطينية من طبقات حفرية متنوعة في أشكالها، فمنها الآدمية، مثل: تمثال الأمومة، امرأة جالسة، رأس آدمي له عينان بارزتان ومستديرتان، والأنف بارز إلى الأمام وله رقبة طويلة، ورجل له لحية طويلة وشوارب كثيفة. كما عُثر على دمى حيوانية ربما هي لحيات، بالإضافة إلى رؤوس جمال وجمال كاملة في وضع حركة، وحيوان يشبه فرس النهر  
 
وعثر على مجموعة من الدمى الطينية البشرية والحيوانية؛ فالدمى الآدمية تكون عجينتها حمراء وأحيانًا رمادية وعليها بطانة رمادية أو صفراء اللون، وتكون مزخرفة بحلي تحيط بالرقبة وأحزمة تحيط بالخصر، على شكل خطوط أو نقط، ولبعضها آذان مخرمة، أما الدمى الحيوانية فهي لجمال ورؤوس جمال ورقابها، صنعت من عجينة صلصالية حمراء، ويظهر على بعضها بطانة قد تكون بيضاء أو بيضاء تميل إلى الرمادي، إلى جانب كونها مزخرفة بدوائر منقطة بنقاط غائرة، وتظهر على بعضها وسوم على هيئة حروف مسندية  
وجاءت من حفرية تل الزاير عام 1419هـ /1998م ست دمى حيوانية ودميتان بشريتان، كلها مصنوعة من الفخار الخشن، وبعضها مدهون باللون الكريمي   وعُثر عام 1420هـ /1999م على مجموعة من الدمى الطينية لحيوانات وأشخاص وبخاصة النساء  
 
وعثر أثناء الحفر على مجموعة من المجامر المصنوعة من الصلصال بشكل مسطح  ،  فيما جاءت من حفرية أخرى مجموعة من المجامر تظهر بشكل مكعب وعجينة بيضاء أو حمراء، ولبعضها أرجل طويلة، ولبعضها الآخر أرجل قصيرة، وتظهر أحيانًا على السطح الخارجي والقاعدة بطانة لونها أحمر أو أحمر غامق، أو أبيض أو رمادي فاتح، وتظهر زخرفة على المجامر بهيئة أسنان المنجل، ومثلثات غائرة، وصفّ من المثلثات التي تتجه رؤوسها مرة إلى الأسفل ومرة إلى الأعلى بشكل متوالٍ  
 
ومن نتائج حفرية عام 1403هـ /1983م اكتشاف مجموعة من المجامر  المصنوعة من الصلصال ذات الشكل المكعب التي تقوم على أربع أرجل، تظهر على جوانبها زخارف محزوزة بأشكال هندسية، وتظهر على بعضها زخرفة شبكية  .  وعُثر خلال أعمال عام 1420هـ /1999م على بعض المجامر المكتملة وغير المكتملة  
 
وجيء من موقع ثاج بمجموعة من الملتقطات الأثرية اشتملت على مجارش حجرية كبيرة الحجم، وأوعية مصنوعة من الحجر الصابوني، وأوعية منحوتة من الرخام والمرمر  ،  كما عُثر على أقراص مدورة مصنوعة من الحجر الرملي أو الصلصال المشوي مثقوبة من الوسط قد تكون أدوات تثقيل لصيد الأسماك، ومجموعة من الأقراص التي يعتقد أنها كانت تستخدم في أعمال الغزل، وأدوات كروية الشكل ومكعبة ومقعرة مصنوعة من الحجر الرملي أو الجرانيتي ربما كانت تستخدم للطحن أو الدباغة، وغطاء من المرمر مستدير الشكل يتوسطه من أعلى مقبض نصف مثقوب صغير ربما كان يستخدم للتعليق  
 
وتُعَدّ المرفقات الجنائزية التي عُثر عليها في قبر تل الزاير عام 1420هـ /1999م في ثاج من أهم المعثورات وتتكون من:
 
 السرير الجنائزي الذي شُكّل من المعدن والخشب وله أربع قوائم شكلت على هيئة تماثيل لسيدة واقفة بطول 40سم، واستخدمت المسامير المعدنية في ربط الحديد بالخشب، كما عُثر على دلفينين على الصفائح المعدنية 
 قدح وسلطانيتين ومزهرية ورأس صولجان وصولجان مكتمل، بالإضافة إلى قطع مصنوعة من الحديد تشتمل على مسامير ومغاليق وكسر بقايا أوانٍ وصفائح وجزء من رأس أحد التماثيل وملاعق رقيقة وصغيرة بعضها مزخرف الأطراف  
 
 كمية من الجواهر لم يسبق أن عُثر على مثيل لها في المملكة العربية السعودية، اشتملت على: ست خرزات أسطوانية الشكل، وقناع ذهبي به ثقوب على الأطراف للتثبيت على وجه كفن المتوفاة  ،  وعقدين من الذهب أحدهما مزين بأحجار كريمة  من حجر الملاخيت والياقوت وخرز اللؤلؤ، والآخر عقد يتكون من سلسلة ذهبية  مكونة من قلب مطعم بأحجار كريمة من أربع قطع حجرية من الفيروز الأخضر ملاخيت متعاقبة مع أربع خرزات لؤلؤ موزعة بينها على التوالي، ويوجد في وسط القلب فص من الياقوت الأحمر عليه نقش يمثل ربما وجه أفروديت، وعقد ثالث مكون من ثماني عشرة خرزة أسطوانية صغيرة، وسوارين متداخلين أحدهما في الآخر، وأربع رقائق شريطية من الذهب مختلفة الأطوال، وخاتمين من الذهب  مطعمين بأحجار كريمة وبهما نقوش، أحدهما لرأس إنسان والآخر لمعبود  ،  وحلقتين عليهما ثقوب للتثبيت، وكف بطول 15سم وعرض 5سم، وثلاث وثمانين قطعة ذهبية على هيئة أقراص (دوائر) ذات زخارف نباتية تشكل زهرة ذات ثمانين فصًا وهي الوردة الآشورية المعروفة في بلاد الرافدين، وظهر المعبود زيوس على ثلاث قطع  ،  ويظهر النسر واقفًا متجهًا بوجهه ناحية اليسار، وتظهر على واحدة صورة امرأة مرتدية إكليلاً من الأوراق النباتية وشعرها على هيئة ضفائر ربطت من الوسط بشريط  ،  كما عُثر على خمس قطع دائرية بالإضافة إلى أربع قطع دائرية عليها رمز (+) مع إفريز منقط بارز، وتسع قطع ذهبية مربعة الشكل ذات إفريز بنقط بارزة، وثلاثين قطعة أخرى على هيئة أزرار ذهبية شبه محدبة مختلفة الأحجام، وست قطع ذهبية أسطوانية، ومائة وتسعين من الأزرار الذهبية متوسطة الحجم في كل منها حلقة من الداخل للتثبيت، وست وستين قطعة من الأزرار الذهبية الصغيرة المحدبة بحلقة من الداخل للتثبيت، وإحدى عشرة قطعة لؤلؤ صغيرة، ربما كانت تزين ملابس المتوفاة 
ووجدت معثورات معدنية اشتملت على: المسامير، المشاجب، الخرز، والخواتم المفصصة مصنوعة من معدني النحاس والبرونـز، وعُثر على مشغولات من معدن الحديد، منها: رأس سلاح، وقطعة حديد فيها ثقبان في المنتصف تقريبًا  .  وعُثر على مقبض لخنجر مصنوع من الحديد، وأداة حديدية متآكلة ومدببة الطرف  
 
وبالنسبة إلى المواد الخشبية فقد عُثر على: ثلاث قوائم من العاج مصنعة جيدًا، وعدد من الأقراص المثقوبة التي قد تكون خرزًا، ومشط مسنن من الطرفين، وعدد من الملاعق، وقطعتين محفورتين يُظن أنهما عيدان للكحل، وخرز من العظام وملاعق من العظام أيضًا  ،  وأدوات تحزيز من العظم  ،  وجزء من سوار مدبب القطاع ومصنوع من العاج  ،  وجزء من مشط مصنوع من العظم ومسنن على الجانبين، وقرص مستدير مصنوع من العظم مثقوب في الوسط ربما كان يستخدم حلية، وخرزة من العقيق الأحمر الشفاف مثقوبة قد تكون حبة من عقد 
وعُثر في الموقع أيضًا على كمية من الصدف، والودع، والمحار الصغير، وأصداف سمك الحبار بأحجام مختلفة، وعروق اللؤلؤ  .
 
أما ما جاء عن ثاج في المصادر المكتوبة فإنه يدل على أنها استمرت مستوطنة منذ العصر الإسلامي وحتى يومنا هذا؛ فقد جاء في (المفضليات) للمفضل بن محمد الضبي المتوفى عام 168هـ /785م قصيدة لراشد بن قيس بن شهاب اليشكري من بكر بن وائل، وهي قبيلة عرف عنها أنها كانت تقطن شرقي الجزيرة العربية خلال القرون التي سبقت ظهور الإسلام ويرجع تاريخ القصيدة إلى القرن السادس الميلادي وفيما يأتي الأبيات التي قالها راشد لمنافسه قيس بن مسعود الشيباني:
 
بنيـت بثـاج مِجْـدَلاً مـن حجارة     لأجعلـه  عـزًا على رغْمِ من رَغَمْ
أشـمَّ طـوالاً يدحـض الطيرُ دونه     لـه جـندلٌ ممـا أعـدتْ لـه إرمْ
ويـأوي إليـه المستجيرُ من الردى     ويـأوي إليـه المستعيضُ من العَدمْ
ويوحي ما جاء في القصيدة أن راشدًا قد بنى له حصنًا مستخدمًا أحجارًا مما وجد في الموقع، وهي التي نسبت إلى إرم  .
وجاء في نقائض جرير والفرزدق لأبي عبيدة المتوفى سنة 208هـ /823م:
 
ولـولا  حيـاء زدت رأسك ضربة     إذا سـبرت ظلـت جوانبهـا تغلي
بعيـدة أطـراف الصـدوع كأنهـا     ركيـة  لقمـان الشـبيهة بـالدحل
ويقول أبو عبيدة عن ركية لقمان: إنها في ثاج، وإنها مطوية بأحجار يزيد طولها على ذراعين، وثاج في أطراف البحرين، ويبعث بخراجها إلى اليمامة، وكانت لبني قيس بن ثعلبة وعنـزة بن أسد، وكانوا متعادين فيها بائنًا بعضهم من بعض؛ فلهؤلاء مسجد يجتمعون فيه ولهؤلاء مسجد يجتمعون فيه ويرجع هذا إلى العصر الأموي  .  وقد لجأ إليها مالك بن مسمع بعد انهزامه أمام جند عبدالملك بن مروان في الجفرة عام 71هـ / 691م  
وتوصف ثاج بأنها قرية صغيرة فيها بيوت متواضعة من الحجر والطين، بعضها مقار صيفية لنحو 250 رجلاً نصفهم رحل من أفراد الملاعبة والمساحمة من قبيلة العوازم، وتوجد في ثاج بعض البساتين وأشجار نخيل ضعيفة، وتأسست هجرة ثاج عام 1335هـ /1917م وهجرت مع انتهاء حركة الإخوان عام 1349هـ / 1930م  
 
وتفيد نتائج الأعمال الأثرية بأن الاستيطان في الموقع مرّ بأربع مراحل ووضعها بعض الباحثين في خمس مراحل تغطي امتدادًا زمنيًا يبدأ بعام 300 ق.م حتى عام 300م  .  ووفقًا لدراسة قام بها أحد الباحثين فإن استيطان الموقع مرّ بأربع فترات، أرخ الثالثة والرابعة بالقرن الثالث قبل الميلاد، والفترة الثانية بالقرن الثالث قبل الميلاد، أما الفترة الأولى فتعود إلى أقدم من ذلك.
وتدل المادة الأثرية ومساحة المستوطنة على أن ثاج كانت عاصمة لدولة هيمنت على الجزء الشمالي الشرقي لشبه الجزيرة العربية فترة من الزمن.
 
شارك المقالة:
102 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook