معركة الشنانة في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
 معركة الشنانة في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

 معركة الشنانة في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية.

 
بانتهاء معركة البكيرية لصالح الملك عبد العزيز بدأت تتضح معالم المستقبل السياسي لمنطقة القصيم تحت نفوذ الملك عبد العزيز. ففي الجولة التالية من المعركة فضل ابن رشيد أن يدير المعارك من بعيد، لكن قائده سلطان بن حمود الرشيد لم يستطع الصمود فهرب إلى الخبراء فطاردته قوات الملك عبد العزيز هناك حتى معسكر ابن رشيد. في هذه الحالة داخل الخوف ابن رشيد نفسه، فترك الخبراء وعسكر في الشنانة التي تبعد 10كم جنوب الرس. أما الملك عبد العزيز فتقدم إلى الرس ودخلها وجعلها مركزًا لمهاجمة ابن رشيد. استمرت المناوشات أكثر من شهرين لم تسفر عن نتيجة واضحة، بل إن الأمر كان صعبًا في معسكر الفريقين، فمعسكر ابن رشيد تفشى فيه مرض الكوليرا وفتك بجنده، كما بدأ التململ يخيم على جنود الجانبين خصوصًا أن معظمهم من البادية الذين سئموا القتال وتفرقوا عن المعسكرين، فلم يبق مع الملك عبد العزيز سوى الحاضرة، ولم يبق مع ابن رشيد سوى الجنود العثمانيين وبعض قبيلة شمر، كما أن حلول موسم الربيع صرف البقية الباقية من المترددين من كلا الجانبين. ولكي يأخذ الملك عبد العزيز زمام المبادرة في المرحلة القادمة أرسل فهد الرشودي، أحد أعيان بريدة، لمفاوضة ابن رشيد على وقف القتال، والصلح بين الطرفين، وعقد هدنة مؤقتة بينهما. لم تعجب هذه المبادرة ابن رشيد وتمادى في غطرسته وغروره معتمدًا على دعم الدولة العثمانية، حيث رد على رسول الملك عبد العزيز متهكمًا بقوله: "من يبغي حكم نجد لا يتضجر، وهل يصالح من بيده قوة الدولة؟ لا والله لا صلح قبل أن أضرب بريدة وعنيزة والرياض ضربة لا تنساها مدى الدهر. وأنتم يا أهل القصيم لا يغرنكم ابن سعود"  .  ثم وجه حديثه إلى فهد الرشودي قائلاً له: "اذهب لابن سعود وأخبره أنه ليس له عندي جواب غير هذا السيف". عاد فهد الرشودي إلى الملك عبد العزيز وأتباعه حاملاً رد ابن رشيد السلبي الذي يحمل معاني التكبر والغطرسة، فزادهم ذلك حماسًا واستعدوا للقتال حيث لا مناص منه الآن. أما أتباع ابن رشيد فقد غضبوا منه لتفويته الفرصة التي كانوا يتمنونها للذهاب إلى بلادهم، وقد اضطر ابن رشيد أمام هذا الوضع إلى الرحيل من دون علم الملك عبد العزيز، لكن بعض فرسانه عاجلوا ابن رشيد بهجوم مباغت ودارت بين الجانبين معركة استمرت من الفجر حتى المغرب، وأدرك ابن رشيد الخطر فابتعد قليلاً عن الشنانة فطارده الملك عبد العزيز حتى حلول الليل ثم عاد هو إلى الرس للاستعداد لليوم التالي، وقد عهد إلى أخيه محمد بمراقبة ابن رشيد خلال الليل فأكد له أن ابن رشيد مقيم وأنه نصب خيامه، فوثب الملك عبد العزيز وهو على مائدة العشاء وركب فرسه وهو يقول "إنها خدعة نعرفها، لقد رحل ابن متعب ورب الكعبة". وبالفعل وجد الخيام خالية حيث تركها ابن رشيد متجهًا إلى الجوعي، ثم قرب من قصر ابن عقيل، حيث تعسكر الحامية السعودية، وضربه بالمدافع لكن رجال الحامية ردوا بقذائف المدافع. أسرع الملك عبد العزيز بإرسال بعض الخيالة لتعقب ابن رشيد وتتبع أخباره وأوصى قائدهم بقوله: "إن اتجهوا إلى حائل ولم تبق لهم حيلة للحرب فابعث إلي رسولاً على فرسه، وإن جعلوا وجهتهم إلى القصيم، وهذا يعني أن لهم خطة جديدة، فليكن رسولك على حصانك، ولا تخبر الرسول بشيء". وفي ظهر اليوم التالي أقبل رسول القائد يقول: "إن العدو مكسور ومخذول". ونظر الملك عبد العزيز إلى الرسول فإذا به قد امتطى جواد القائد فعرف خطة ابن رشيد وأن وجهته القصيم، وكتم ذلك في نفسه وخرج على رأس جيشه إلى الرس، وفي الطريق أخبرهم أن ابن رشيد اتجه إلى القصيم وأن طريقه يمر على قصر ابن عقيل وأمرهم بالاتجاه إليه حالاً وعندما طلب منه أعوانه استكمال مؤونة الجيش وعتاده اغتنامًا للوقت قال لهم: "لا لنمش الآن، أنا واحد منكم ومثلكم، أنتم مشاة وأنا أمشي، أنتم حفاة وهذا نعلي وهذا ذلولي" ووضع نعله في خرج البعير ثم مشى أمامهم حافيًا مما دفعهم إلى السير معه بحماسة منقطعة النظير حتى وصلوا إلى القصر بعد منتصف الليل، وعندما لاحت لهم خيام ابن رشيد أرادوا الهجوم عليها لكن الملك عبد العزيز منعهم بسبب الإرهاق والتعب والجوع بعد أن ساروا أكثر من عشرين كم على أقدامهم. وعند وصوله دخل القصر مع جنوده وأقفل أبوابه وأخذ معظمهم قسطًا من النوم والراحة، وبقي بعضهم للحراسة ومراقبة ابن رشيد ورصد تحركاته. أصبحت المعركة واقعة لا محالة حيث تحرك ابن رشيد تاركًا القصر بعد أن عجز عن اقتحامه واتجه بجيشه المكون من خمسة عشر ألف مقاتل من العرب والعثمانيين تتقدمه الإبل والمدافع مع كميات من الذخيرة وعسكر تلك الليلة في وادي الرمة واستعد للحرب. أما الملك عبد العزيز فقد خرج في الصباح من القصر على رأس جيشه المكون من ألف رجل من المقاتلين يحملون سلاحهم من السيوف والبنادق، وركبوا خيلهم يتبعهم المشاة متتبعًا ابن رشيد. وفي يوم 18 رجب 1322هـ الموافق 29 سبتمبر 1904م بدأت المعركة، وفي البداية مالت كفة ابن رشيد، وعندما رأى الملك عبد العزيز تراجع جناح جيشه الأيمن هجم بجيشه بقوة وهدم بيوت ابن رشيد فاستبسل الجنود والتحموا في قتال عنيف اشتد فيه الضغط على جيش ابن رشيد رغم كثرة عدده فتفرقوا هاربين وتبعهم ابن رشيد ورجاله تاركين وراءهم عدتهم وعتادهم وأموالهم وقد غنمت القوات السعودية غنائم كثيرة ومنها صناديق الذهب العثماني حيث وزعت على المقاتلين. أما ابن رشيد فقد تراجع إلى النبهانية بعد هزيمته، ثم وصل جنوده في الليل منهكين، ورحل الجميع إلى الكهفة بحالة سيئة جدًا. أما الملك عبد العزيز فقد عاد إلى عنيزة وأقام بها عددًا من الأيام ثم غادرها إلى الرياض  
 
شارك المقالة:
116 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook