معلومات عن الأنظمة السياسية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
معلومات عن الأنظمة السياسية في المملكة العربية السعودية

معلومات عن الأنظمة السياسية في المملكة العربية السعودية.

 
 
تنبَّه مؤسس المملكة الملك عبدالعزيز إلى أهمية صَهْر القبيلة - بوصفها مؤسسة اجتماعية - في بوتقة الدولة، وشجع القبائل على الاستقرار في الهجر، والتحول من الرعي والتجوال إلى الزراعة والاستقرار. وفي هذا المجال سعى الملك عبدالعزيز إلى التأليف بين قبائل المملكة على أساس المبادئ الإسلامية؛ كي تندثر النعرة القبلية بينها، ولتنصهر في وحدة سياسية شاملة. كما أدت أساليب التحضر والهجرة إلى المدن إلى التخفيف من غلواء الانتماء القبلي القديم.
 
وبقيت المملكة نموذجًا فريدًا يربط الأصول الشرعية للدولة الإسلامية ببعض ملامح مؤسسات الدولة الوطنية الحديثة، مبنية على مكونات اجتماعية مرنة تتغير دائمًا وتدريجيًا، بما يعزز الوحدة الوطنية وقواعد الاستقرار والإصلاح والتطور، ويمكن تناول أبرز الأنظمة السياسية على النحو الآتي:
 
 

النظام الأساسي للحكم في السعودية

 
 
عمدت المملكة منذ إنشائها عام 1319هـ / 1902م على يد الموحد الملك عبدالعزيز إلى اعتماد الشريعة الإسلامية (القرآن الكريم، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم) دستورًا لكل تشريعاتها. وفي ضوء ذلك كلف الملك عبدالعزيز هيئة تأسيسية مكونة من ثلاثة عشر عضوًا لوضع منهاج للحكم في المملكة، يختص بالنظام الأساسي للحكم والإدارة في المملكة، وصدرت موافقة الملك عبدالعزيز على ذلك النظام الأساسي في 21 / 2 / 1345هـ الموافق 30 / 8 / 1926م  . 
 
وكان ذلك النظام يتكون من تسعة أقسام: اشتمل القسم الأول على مواد خاصة بشكل الدولة والعاصمة واللغة، واهتم القسم الثاني بإدارة المملكة وبالأحكام والنيابة العامة ومسؤولية الإدارة، واختص القسم الثالث بتقسيم السلطات التنفيذية للدولة، أما القسم الرابع فقد نص على إنشاء مجلس للشورى في مكة المكرمة، ومجالس للإدارة والنواحي والقرى والقبائل. أما القسم الخامس فقد اختص بإنشاء ديوان للمحاسبات يرتبط مباشرة بالنائب العام للملك، واختص القسم السادس بالمفتشية العامة للإدارات الحكومية، أما القسم السابع فقد اختص بالمأمورين (الموظفين)، وعُني القسم الثامن بالمجالس العمومية للبلديات، واختص القسم التاسع بلجان الإدارة العامة للبلديات  . 
 
ويُلاحَظ على هذا النظام الأساسي الأول ظهور اجتهادات كثيرة فيه؛ فوردت نصوصه دون فصل كامل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، بل لم يتحدث ذلك النظام عن السلطة القضائية البتة، وركز اهتمامه على السلطتين التنفيذية والتشريعية الممثلة في مجلس الشورى. ومع ذلك فقد اهتموا كثيرًا بما يُسمى اليوم بنظام الحكم المحلي، فنصوا على ضرورة إقامة مجالس للنواحي ومجالس للقرى والقبائل يكون أعضاؤها من ذوي الخبرة والاختصاص.
 
كما أنشأ هذا النظام الدستوري نيابة عامة للملك في مكة المكرمة، وأصبحت هذه النيابة بمنـزلة سلطة تنفيذية، وأشرف عليها لسنين طويلة الملك فيصل بن عبدالعزيز قبل انتقال مقر الوزارات إلى الرياض.
 
وقد استمر اعتماد النظام الدستوري في بعض ملامحه التنفيذية، ثم تطورت هذه السلطات تطورًا كبيرًا، أما السلطات الأخرى فلم يبقَ منها إلا سلطة مجلس الشورى  التي ظلت تعمل بشكل رمزي لفترة طويلة، حتى أصدر الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - النظام الجديد الموسوم بـ (النظام الأساسي للحكم) في السابع والعشرين من شعبان عام 1412هـ الموافق 1992م، وينقسم النظام الأساسي الجديد إلى 9 أبواب منظومة في 83 مادة.
 
وقد تطرَّق الباب الأول منه إلى المبادئ العامة للدولة؛ فقد نصت المادة الأولى على أن المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. وتحدثت مواد أخرى من الباب الأول عن عَلَم الدولة وشعارها، وأعيادها، وتقويمها  . 
 
ونصت المادة السابعة من الباب الأول على أن الحكم في المملكة يستمد سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة. ونصت المادة الثامنة منه على أن الحكم في المملكة أُسِّس على العدل، والشورى، والمساواة وفق الشريعة الإسلامية.
 
أما الباب الثاني من النظام فتحدث عن نظام الحكم، ونصت مادته الخامسة على أن نظام الحكم في المملكة نظام ملكي، ويكون الحكم في أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز وأبناء الأبناء، ويُبايَع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وقد تم تعديل المادة (ج) من النظام الأساسي للحكم بموجب تعديل دستوري أقره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في 26 / 9 / 1427هـ الموافق 2006م، وينص على أن" تتم الدعوة لمبايعة الملك واختيار ولي العهد وفقًا لنظام هيئة البيعة، وتسري أحكام هذا النظام على الحالات المستقبلية ولا تسري أحكامه على الملك وولي العهد الحاليَّين".
 
أما الباب الثالث فقد اهتم بمقومات المجتمع السعودي، وركز على دور الأسرة بوصفها نواةً للمجتمع السعودي، وحرص الدولة على توثيق أواصرها، والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية. واهتمت المادتان الثانية عشرة والثالثة عشرة بتعزيز الوحدة الوطنية، وغرس العقيدة الإسلامية في نفوس النشء عن طريق التعليم.
 
وركز الباب الرابع على المبادئ الاقتصادية للدولة، وعالجت موادُّه مسائل منح الامتيازات والاستثمارات، وجعلت ذلك مرتبطًا بالنظام. واهتمت المواد الأخرى من هذا الباب بحقوق الملكية الخاصة، ورأس المال والعمل بوصفهما مقومَين أساسيَّين في الكيان الاقتصادي للدولة. وحظرت المادة التاسعة عشرة مصادرة الأموال العامة إلا بحكم قضائي، ومنعت فرض الضرائب والرسوم إلا عند الحاجة وبموجب النظام، إلا أن المادة الحادية والعشرين أعطت الحكومة حق جباية الزكاة وإنفاقها في مصارفها الشرعية.
 
وتحدث الباب الخامس عن حقوق الدولة وواجباتها، ففرض عليها حماية عقيدة الإسلام، وتطبيق شريعته، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقوم بواجب الدعوة إلى الله. وأوجبت المادة الرابعة والعشرون منه على الحكومة إعمار الحرمين الشريفين وخدمتهما، وتوفير الأمن والرعاية لقاصديهما. ونصت المادة السادسة والعشرون على ضرورة حماية الدولة لحقوق الإنسان وفق نصوص الشريعة الإسلامية. وكفلت المادة السابعة والعشرون حق المواطن وأسرته في حالات الطوارئ والمرض والعجز والشيخوخة، بما في ذلك دعم الحكومة لنظام الضمان الاجتماعي. وتناولت المواد الثلاثون والحادية والثلاثون والثانية والثلاثون إلزام الدولة بالتعليم العام لجميع المواطنين، وتوفير الصحة العامة، والمحافظة على البيئة. ونصت المادة الأربعون على عدم الاطلاع على وسائل الاتصال أو الاستماع إليها إلا في الحالات التي يبينها النظام. وتحدثت المادة الثانية والأربعون عن منح حق اللجوء السياسي إذا اقتضت المصلحة ذلك. كما نصت المادة الثالثة والأربعون على أن مجلس الملك ومجلس ولي العهد مفتوحان لكل مواطن، ولكل من له شكوى أو مظلمة.
 
أما الباب السادس فتحدث عن السلطات العامة للدولة، وقسمها إلى ثلاث سلطات: السلطة القضائية، والسلطة التنفيذية، والسلطة التنظيمية. والسلطتان الأوليتان معروفتان في جميع الأنظمة والدساتير، أما السلطة التنظيمية فيُقصد بها هنا السلطة التشريعية.
 
وتهتم المواد: الخامسة والأربعون إلى الرابعة والخمسين بتنظيم القضاء في المملكة؛ فتنص المادة السادسة والأربعون على أن القضاء سلطة مستقلة ولا سلطان على القضاة في قضائهم. وتنص المادة السابعة والأربعون على كفالة حق التقاضي بالتساوي بين المواطنين والمقيمين في المملكة. وتنص المادة الحادية والخمسون على تكوين المجلس الأعلى للقضاء، وأن تعيين القضاة وإنهاء خدمتهم يكون بأمر ملكي. وتحدثت المادة الثالثة والخمسون عن ترتيب ديوان المظالم واختصاصاته.
 
أما المواد: السادسة والخمسون حتى المادة السادسة والستين فتحدثت عن الصلاحيات العامة للسلطة التنفيذية؛ إذ يكون الملك على رأس هذه السلطة الممثلة بمجلس الوزراء، وهو الذي يعيِّنهم ويعفيهم من مناصبهم. وتنص المادة التاسعة والخمسون على أن نظام الخدمة المدنية هو المعنيّ بتحديد المرتبات والمكافآت وكل ما له علاقة بشؤون موظفي القطاع العام. وتنص المادة الستون على أن الملك هو القائد الأعلى لكل فروع القوات المسلحة، وهو الذي يعيِّن الضباط وينهي خدماتهم وفقًا للنظام، وهو الذي يعلن حالة الطوارئ والتعبئة العامة والحرب، وله الحق في أن يتخذ من الإجراءات السريعة ما يكفل مواجهة أي خطر يهدد سلامة المملكة، ووحدة أراضيها، وأمن شعبها. ويمكن للملك - حسب المادة الخامسة والستين - أن يفوض بعض الصلاحيات لولي العهد بموجب أمر ملكي.
 
أما المواد: السابعة والستون حتى المادة السبعين فتتحدث عن السلطة التنظيمية (أو التشريعية). وتنص المادة الثامنة والستون على إنشاء مجلس للشورى، وتنيط المادة السبعون بالمجلس المصادقة على الأنظمة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والامتيازات التي تصدر، ويتم تعديلها بموجب مراسيم ملكية، وتسمح المادة التاسعة والستون بعقد اجتماعات مشتركة بين مجلس الشورى ومجلس الوزراء بأمر ملكي.
 
ويهتم الباب السابع بالشؤون المالية، إذ تنظم موادُّه الميزانية العامة والحسابات الختامية للدولة.
 
ويهتم الباب الثامن بإيجاد أجهزة الرقابة على المستويين المالي والإداري، وأن ترفع هذه الأجهزة تقريرًا سنويًا عن أعمالها إلى مجلس الوزراء. كما جرى العرف أيضًا - وإن لم يرد نص بذلك في النظام الأساسي للحكم - بعرض هذه التقارير وغيرها من التقارير الواردة من الأجهزة والوزارات الحكومية على مجلس الشورى، ومناقشة الوزير المختص في هذا التقرير أمام المجلس.
 
أما الباب التاسع فيتضمن أحكامًا عامة من أهمها أنه لا يجوز تعطيل أي بند من بنود النظام الأساسي للحكم إلا مؤقتًا في زمن الحرب، أو عند إعلان حالة الطوارئ. كما نصت المادة الأخيرة من النظام على أنه يمكن تعديل أي بند من بنود هذا النظام "بنفس الطريقة التي تم بها إصداره"؛ أي بموافقة ملكية. ويعني ذلك دستوريًا: أن النظام الأساسي للحكم في المملكة يمكن تصنيفه بأنه دستور مرن؛ أي سهل التعديل والتغيير.
 
 

 نظام هيئة البيعة في السعودية

 
 
صدر نظام هيئة البيعة بأمر ملكي في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز في 26 / 9 / 1427هـ الموافق 2006م، ويهتم هذا النظام بالأطر القانونية والإجرائية لولاية العهد، وكذلك للحالات التي لا يمكن فيها للملك أو لولي العهد القيام بأعبائه الدستورية لمرضه، وتتكون هيئة البيعة من:
 
 أبناء الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله.
 
 أحد أبناء كل متوفَّى، أو معتذر، أو عاجز من أبناء الملك عبدالعزيز، يعيِّنه الملك، على أن يكون مشهودًا له بالصلاح والكفاية.
 
 اثنين يعيِّنهما الملك؛ أحدهما من أبنائه، والآخر من أبناء ولي العهد، على أن يكونا مشهودًا لهما بالصلاح والكفاية  . 
 
وإذا خلا محل أي من أعضاء هيئة البيعة، يعيِّن الملك بديلاً عنه.
 
ونصت المادة الثالثة من نظام هيئة البيعة على أن تلتزم الهيئة بكتاب الله تعالى وسنَّة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والمحافظة على كيان الدولة ووحدة الأسرة المالكة وتعاونها، وعلى الوحدة الوطنية، ومصالح الشعب، وعلى أن يكون مقر الهيئة مدينة الرياض، أو أي مقر آخر يحدده الملك. ونصت المادة السادسة من النظام أنه عند وفاة الملك توجِّه الهيئة الدعوة إلى مبايعة ولي العهد ملكًا على المملكة، وفقًا لهذا النظام وللنظام الأساسي للحكم.
 
أما آلية تسمية ولي العهد فقد عالجتها المادة السابعة؛ إذ نصت على أن يختار الملك - بعد مبايعته، وبعد التشاور مع أعضاء الهيئة - واحدًا أو اثنين أو ثلاثة لولاية العهد، وترشح الهيئة - بالتوافق - اسم ولي العهد، ويُعرَض هذا الترشيح على الملك، فإما أن يوافق، أو أن يرشح هو بدوره اسمًا آخر، وفي هذه الحالة يترتب على الهيئة التصويت على المرشحَين، وتتم تسمية الحاصل من بينهما على أكثر الأصوات وليًا للعهد. وتنص المادة العاشرة من النظام على أنه في حال مرض الملك وعدم مقدرته على ممارسة سلطاته فإنه يُشكَّل مجلس مؤقت للحكم مؤلَّف من خمسة أعضاء من هيئة البيعة، ويتولى المجلس إدارة شؤون الدولة مؤقتًا حتى شفاء الملك أو مبايعة ولي العهد ملكًا. وفي جميع الأحوال يجب تكليف لجنة طبية مكونة من ثلاثة عمداء لكليات الطب في المملكة، بالإضافة إلى المسؤول الطبي عن العيادات الملكية، والمدير الطبي لمستشفى الملك فيصل التخصصي لتقدير الوضع.
 
ويرأس هيئة البيعة - حسب المادة الخامسة عشرة - أكبر الأعضاء سنًَّا من أبناء الملك عبدالعزيز، وينوب عنه الذي يليه في السن، وقد عُيِّن لها أمين عام، وتكون اجتماعاتها سرِّية بحضور ثلثي أعضائها، وتُدوَّن محاضر خاصة باجتماعات الهيئة، ولا يحق لأعضائها اصطحاب وثائقها خارج مقر الاجتماعات، ويتم التصويت على قراراتها بالاقتراع السرِّي.
 
 
 
شارك المقالة:
134 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook